لطالما سمعنا القادة يتحسّرون على غياب التعاون والتنسيق في مؤسساتهم. والمتهم الحقيقي في ذلك غالباً ليس عدم استعداد الموظفين إلى تقديم يد العون إلى الآخرين –المشكلة هي أن الناس ببساطة لا يميلون إلى طلب المساعدة من الآخرين.
لماذا؟ أولاً، لأن طلب المساعدة من الآخرين يُنظر إليه على أنه علامة على الضعف أو الجهل، وكأنه يعني ضمناً أن الشخص الذي يطلب المساعدة لا يستطيع إنجاز العمل المطلوب منه بمفرده. الحاجز الثاني الشائع هو القلق من الالتزامات الاجتماعية التي ستترتب على ذلك، إضافة إلى الاضطرار إلى سداد هذا الدين لمن يساعدون – "ماذا أدين لهذا الشخص الآن؟" ثالثاً، وفي حالة العمال الأميركيين تحديداً، فإن القيم الشخصية قد تقف حجر عثرة. فالاتكال على الذات هو واحد من القيم الأساسية العشر التي وثقتها في أربعة مسوح وطنية أميركية، صحيح أنها ميزة مثيرة للإعجاب، بيد أنها تشكّل عائقاً ذاتياً. ففي مؤسسات اليوم، ليس بوسعك أن تكون ناجحاً إذا لم تطلب ما تحتاج إليه.
طلب المساعدة من الآخرين
وبالتالي، كيف يمكنك تسهيل طلب المساعدة من الآخرين؟ فيما يلي خمسة دروس مهمة، تستند إلى أبحاثي الحديثة مع نات بولكلي المبتكر الأساسي في شركة "إنوفيشن بليسز" (Innovation Places)، الذي لديه سنوات من الخبرة في استعمال ما يُسمّى "خاتم تبادل المعروف والجميل" (Reciprocity Ring)، وهو عبارة عن عملية منظمة لطلب المساعدة في الشركات وفي الدورات التعليمية المخصصة للمدراء التنفيذيين.
1. حاول كسب تجاوب الآخرين مع طلباتك للمساعدة من خلال أخذ زمام المبادرة لتقديم يد المساعدة السخية لهم قبل أن تطلب منهم المساعدة
فإذا بنيت سمعة إيجابية بوصفك شخصاً يساعد الآخرين، فإنهم سيرغبون بمساعدتك –حتى أولئك الذين لم تساعدهم أنت مباشرة. لكن تذكر دائماً أن التأثيرات المرتبطة بالسمعة لا تدوم طويلاً: فسمعتك القديمة بأنك شخص مفيد لا تجعلك تحصل على أي شيء. بل يتعيّن عليك أن تواصل تجديد سمعتك من خلال مساعدتك المنتظمة للآخرين.
2. اعلم ما الذي ستطلبه بالضبط
قد يبدو هذا الأمر بديهياً، ولكنني لاحظت أن العديد من الناس يعانون في أثناء مهمة تحديد طلبهم. وواحدة من الشكاوى الشائعة هي التالية: "لطالما كنت أرغب بأن أكون في غرفة واحدة مع أشخاص واسعي الاطلاع والصلات، وأن أتمكن من طلب أي شيء منهم. ولكن عندما يحصل هذا الأمر لا أستطيع التفكير في أي شيء." وإليك شيئاً تستطيع فعله استعداداً لهذه الحالة: ركز على مشروع حالي وأكتب أهدافك الخاصة به. خذ الهدف الأهم، وضع قائمة بالخطوات الإجرائية والموارد المطلوبة لتحقيقها – سواء المواد أو المعلومات أو البيانات أو النصائح. بهذه الطريقة سيكون لديك سلسلة من الاحتياجات التي بوسعك طرحها على هيئة أسئلة، وستتمكن من طلب المساعدة من الآخرين.
3. عبّر عن طلبك بطريقة واضحة
العديد من الطلبات تطرح باستعمال كلمات غير مناسبة وبطريقة تصعّب الأمور على الشخص الراغب في المساعدة. وبالتالي، فإن الطلب المصاغ جيداً يجب أن يتمتع بالصفات الخمس التالية التي تسمى باللغة الإنجليزية (SMART): أن يكون محدداً، وله مغزى (لماذا تحتاجه؟)، ويركز على طلب تنفيذ مهمة محددة، وأن يكون واقعياً وحقيقياً وليس شيئاً مختلقاً، وأن يكون له إطار زمني محدد (أي قل متى تريده). إن الطلب الذكي الذي يتمتع بهذه المواصفات يكون التجاوب معه أسهل من أي طلب يفتقر إلى واحدة أو أكثر من هذه الصفات الخمس المتعلقة بموضوع فن طلب المساعدة أو فن الطلب من الآخرين.
4. لا تفترض بأنك تعرف ماذا يعرف الناس الآخرون ومن يعرفون
فالواقع يظل بأنك لن تعرف أبداً ما الذي يعرفه الناس أو كيف بوسعهم تقديم يد العون حتى تطلب منهم ذلك.
5. اخلق ثقافة يعتبر طلب المساعدة فيها أمراً يحظى بالتشجيع
حاول أن تسهل على الناس طلب المساعدة من الآخرين أو أن يقدّموها لهم من خلال تحديد المعايير والممارسات والأساليب في بيئة عملك.
وفي نهاية الحديث عن فن طلب المساعدة، تذكّر أن رد الجميل ومعاملة المعروف بمثله هما طريق باتجاهين. الأخذ والعطاء أمران أساسيان للنجاح الفردي والثقافات الإيجابية. فإذا كنت شخصاً يعطي فقط ولا يطلب المساعدة، فتذكر بأن الناس ترغب برد الجميل والمعاملة بالمثل. وبوصفك قائداً، حاول أن تجعل طلب المساعدة من الآخرين وتقديمها من الممارسات المنتظمة.
اقرأ أيضاً: