كيف تدير حلقة نقاشية ناجحة؟

4 دقائق
كيف تدير جلسة نقاش

هل تريد معرفة كيف تدير جلسة نقاش؟ كلما تقدمت في حياتك المهنية وقَوي حضورك في ساحة مجالك وتخصصك، كان من المرجح أن تأتيك دعوة للمشاركة في حلقة نقاشية ما. تعتبر هذه الحلقات طريقة قوية لمشاركة أفكارك وإثبات حضورك، ولكن لا شك أن الاستعداد للتحدث في فعاليات ضمن مجموعة أشخاص على المنصة نفسها قد يكون أمراً مرهقاً، لذا عليك أن تحدد ما تريد أن تقوله بدقة، كما عليك أن تتمرن قبلها على الإيجاز، ويتبقى القلق بشأن التداخل مع زملائك في المقام الأخير

لكن الأمر الأكثر قلقاً هو عندما يُطلب منك إدارة الحلقة النقاشية نفسها. فكيف تدير جلسة نقاش بشكل فعال؟

كيفية إدارة الجلسات النقاشية

لمعرفة كيف تدير جلسة نقاش، وقتها عليك إدارة مجموعة من الغرباء لتعمل على توحيد وجهات نظرهم المتباينة بدرجة ما للخروج بنقاش له مغزى. كمتحدث محترف، أشارك كل عام في أكثر من 50 لقاء تنظمه شركات ومؤتمرات، باعتباري متحدثاً رئيسياً أو ضمن متحدثين آخرين في حلقات نقاشية. أما فيما يتعلق بتنسيق وإدارة الحلقات، فقد وضعت أربع استراتيجيات للتأكد من توافر الظروف المهيئة لتبادل ثري في الآراء هي كالتالي:

أولاً: ضرورة إعداد المتحدثين مسبقاً

وهو أمر هام لتعرف كيف تدير جلسة نقاش، ولكي تكون توقعاتهم موافقة لما سيجري ويُحضّرون أنفسهم على هذا الأساس. في أحد المؤتمرات الذي عقد مؤخراً وكنت فيه متحدثاً في إحدى الحلقات النقاشية، لم يتصل بي المشرف إلا في صباح يوم الحلقة. كتب لي الآتي: "للأسف لم أتمكن من العثور على عنوان بريدك الإلكتروني في صندوق البريد الخاص بي، ولم أستطع الحصول عليه من منظمي المؤتمر. لقد كانوا مشغولين إلى حد ما في الأيام القليلة الماضية. لكن (زميلي في الحلقة النقاشية) أعطاه لي هذا الصباح، وهذه هي الخطوط العريضة التي سنتحدث فيها. أخبرني إن كان الوضع مناسباً. أراك اليوم في وقت لاحق!".

شخصياً، وبالحديث عن إدارة الحلقات النقاشية، أجد راحة في الارتجال على المنصة، لذا لم أجد في ذلك الوضع مشكلة، ولكن بالنسبة لأي متحدث آخر في الحلقة النقاشية قد يرغب في التحضير المسبق قبل تقديم عرضه التقديمي، يمكن أن يُسبب له هذا الوضع بعض الذعر. لا يتطلب الأمر الكثير منك كمشرف للبقاء على تواصل جيد مع المتحدثين في حلقتك النقاشية، لا يتطلب سوى مكالمة جماعية تسبق الفعالية، ورسالتين بالبريد الإلكتروني تسألهم فيهما عن أفكارهم حول الموضوع محل النقاش، أو حتى تشاركهم مسودات أسئلتك مقدماً. سيكون هذا كافياً. لكن إجبارهم على الذهاب إلى الحلقة النقاشية دون أي تحضير مسبق، وليس أمامهم سوى ساعتين فقط لإعداد مادتهم، هو تقصير من جانب المشرف بكل صراحة.

ثانياً: اعلم أن مهمتك الوحيدة هي ضمان تجربة رائعة للجمهور

بصفتك مشرفاً، فإن أحد أصعب التحديات التي ستواجهها وأكثرها تكراراً هو معرفة كيف تدير جلسة نقاش، واتخاذ قرار التدخل لقطع أحد المتحدثين لإسهابه في الحديث، وكيف يمكنك أن تفعل ذلك بلباقة. إن مقاطعة شخص أثناء حديثه أمر مربك، خاصة إذا كان المتحدث صاحب حظوة في مجالك، وقد يقلقك بطبيعة الأمر الإساءة إليه. ولكنه قرار لا بد منه.

ليست المسؤولية المقدسة للمشرف على الحلقة النقاشية في تهدئة الشعور بـ "الأنا" لدى المتحدثين، بل في الوقوف كمناصر للجمهور، وطرح الأسئلة التي سيرغبون في طرحها إن سنحت لهم الفرصة، وضمان مناقشة ثرية مفيدة. يجب ألا تجعل الحلقة النقاشية تتحول لساحة تلميع شخصي يُسهب فيها أحدهم الحديث دون أن يكون لحديثه معنى أو قيمة. إذا رغب المنظمون أن يطيل أحدهم الحديث، لكانوا أعطوه الكلمة الرئيسية في الفعالية بدلاً من وضعه في حلقة نقاشية ضمن آخرين. إنما فعلوا ما فعلوا للحصول على وجهة نظره في إطار محادثة جماعية، وقد تم اختيارك لدعم هذا الغرض والإشراف على تنفيذه.

إذا خطر ببالك أن هناك أحد المتحدثين يتحدث بشكل متقطع ويهمهم كثيراً، فمن المحتمل أن يكون الجمهور قد لاحظ ذلك أيضاً. من المهم ألا تنسى أن الجمهور يعتمد عليك في إيقاف أي اعوجاج يطرأ على الحلقة. إحدى الطرق التي اكتشفتها لمساعدة ذلك المتحدث الذي يسهب في حديثه على حفظ ماء الوجه هي قطع حديثهم بعبارة إيجابية. يمكنك حينها جذب انتباههم بحركة يد مع التدخل لفظياً، وقول شيء من قبيل: "هذه نقطة رائعة يا أحمد، وأحب أن أسمع كيف ستعلق نادية عليها". إن التدخل لقطع الحديث أفضل بكثير من الاكتفاء بالجلوس مع إظهار عدم الراحة، أو بذل محاولات مضنية لجذب انتباه أعين المتحدث الزائغة.

ثالثاً: لا تخف من استخدام السلطة التي حصلت عليها

لا يشعر العديد من المشرفين على الحلقات النقاشية بارتياح لاستخدام الصلاحيات التي تم منحها لهم في إطار مسؤولية الإشراف على الحلقة النقاشية، ويتبعون نهج عدم التدخل بالمقاطعة. ستجدهم، على سبيل المثال، "يقذفون" بأسئلتهم إلى المتحدثين في الحلقة ككل دون توجيه الحديث لأحد، فتسود حالة من الصمت المحرج يحاول فيها المشاركون في الحلقة الاتفاق على من سيتحدث أولاً، أو ربما تحدث فوضى كاملة يسيطر فيها العضو الأكثر إقداماً على النقاش. قد يحدد المشرف ترتيباً معيناً للمتحدثين، لكن عليه تفادي الترتيب حسب الجلوس مثلاً حتى لا يتنبأ به الجمهور في الدور الثاني من الأسئلة لتجنب الشعور بالملل.

بدلاً من ذلك، عليك معرفة كيف تدير جلسة نقاش، وتوجيه أسئلتك إلى المتحدث الذي سيكون الأقدر على الإفادة، ما يعني أن عليك البحث في خلفيات المتحدثين مقدماً لمعرفة ما يكفي من المعلومات عنهم لتحديد أي الموضوعات هم الأكثر دراية بها. إذا ذكر المتحدث الأول أمراً مثيراً حول المؤسسين التكنولوجيين، وأنت تعرف أن المتحدث الثالث أطلق شركته التكنولوجية الناشئة في العام الماضي، فلا تنتظر تعليق المتحدث الثاني فقط لأن دوره في الحديث قد حان، بل تابع الحديث واقفز للمتحدث الثالث مباشرة وأدر النقاش بشكل مناسب.

كمشرف على الحلقة النقاشية، لا شك أنك تريد أن تكون منصفاً فلا تسمح لشخص واحد بالهيمنة على النقاش على حساب الآخرين. لكن العدل لا يعني المساواة بالضرورة، فإذا تلقى المتحدث الثالث خمسة أسئلة على سبيل المثال وكان موضع اهتمام خاص بشكل يُثري النقاش فعلياً، فيما تلقى الآخرون ثلاثة أسئلة فقط، فإنها ليست نهاية العالم.

رابعاً: تَذكّر أن المشرف يحتاج إلى تبني دور المحاور كذلك والاشتراك في الحديث

عندما يذكر المتحدثون شيئاً مثيراً للاهتمام، أو شيئاً مربكاً، عليك القفز إلى النقاش والمتابعة بالقول على سبيل المثال: "أخبرني أكثر عن هذا الأمر" أو "ماذا تقصد بذلك؟" أو "هل يمكن أن تشرح ذلك بمزيد من التفصيل؟"، تساعد هذه التعليقات على إضفاء العمق والثراء على النقاش، بعيداً عن النقاط الحوارية النموذجية للمتحدثين بما يؤدي إلى حصاد مزيد من الثمار.

وفي نهاية الحديث عن كيف تدير جلسة نقاش، يمكن أن يُشكّل الإشراف على حلقة نقاشية تحدياً حتى بالنسبة للمهنيين من أصحاب الخبرات. صحيح أنك لا تجيب فيها عن أي أسئلة بنفسك، كما أنك تعرف جميع الأسئلة مسبقاً، ولكن لا تزال هناك عناصر غير متوقعة. يجب عليك إدارة اللوحة الفنية بالكامل بدءاً من تفاعل الشخصيات القيادية من ذوي الآراء، وإبقاء الجميع على مسار موضوع النقاش دون انحراف، إلى استكشاف رؤى أعمق وأثرى. إذا طبّقت الخطوات المذكورة سالفاً لإدارة الحلقات النقاشية ولتصميم تجربة رائعة للجمهور بشكل استباقي، بدلاً من الجلوس وتمني أنها ستسير على ما يرام، فسوف تميز نفسك كمشرف ومفكر فريد لأنك عرفت كيف تدير جلسة نقاش بشكل ناجح.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي