يعتبر الأداء المتواضع دون المستوى أحد أبرز المشاكل التي يواجهها المدراء في مؤسساتهم. صادفت على مر السنين مدراء تنفيذيين يتحدثون علناً حول تطوير أداء الفريق والحاجة إلى "المساءلة" و"الأداء المرتفع"، ويشكون سراً ودون انقطاع من ضعف أداء واحد أو اثنين في فرقهم من دون إجراء ما يلزم لتحفيزهم على تطوير أدائهم.
اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على الروح المعنوية العالية للفريق عقب مغادرة أحد أفراده المفضلين؟
هل أنت متأكد من أنك تفعل كل ما يلزم لدفع الآخرين إلى تحقيق أداء مرتفع؟ ماذا تفعل عندما يكون لديك موظف واحد جيد الأداء فقط؟ كم عدد الموظفين لديك ممن أداؤهم ليس سيئاً بما يكفي لصرفهم من الخدمة، لكنك تتمنى لو أنك لم توظفهم؟ لسوء الحظ، إذا كنت تأمل في الحصول على حل سحري لمواجهة الأداء الضعيف، فهذا لن يحدث، والأسوأ من ذلك هو أن الرداءة المزمنة تدل على قيادة غير فعالة، أكثر منها سوء أداء الموظف.
كيفية تطوير أداء الفريق
لكن الخبر السار هنا هو أن الأداء المتواضع يمكن أن يتحول إلى أداء رائع، حتى في أكثر الحكومات بيروقراطية، وبإرادة جادة يمكن تحويل الأداء من متواضع إلى متميز في غضون أشهر إذا توفرت الإرادة وأربع ممارسات قيادية سنذكرها في الأسطر التالية:
أولاً: أَظهر عواقب الرداءة
مهمتك الأولى بصفتك قائد هي التأكد من أن كل شخص يعرف ما يفعله ولماذا يفعله. تكون الرداءة في العادة دليلاً على عدم معرفة الشخص لعواقب رداءة عمله في المقام الأول.
بدأ مدير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات – الذي يدير 3 آلاف مهندس للبرمجيات – في وضع معايير أداء جديدة لمهندسيه عبر جعلهم يعملون في قسم خدمة العملاء ويتلقون مكالمات العملاء ليوم كامل باستخدام البرمجيات الرديئة التي كانوا يصنعونها. عاد أولئك الذين مروا بهذه التجربة إلى زملائهم المهندسين وتحدثوا لهم عن البؤس والمشاكل التي عانوها بسبب تلك البرمجيات. أدى ذلك إلى امتلاك المهندسين رؤية جديدة تجاه عملهم، إذ عرفوا ما كانوا يفعلونه وسبب أهميته. لم يعد الأمر بالنسبة إليهم كتابة أسطر برمجية، بل تقديم أدوات موثوقة تساعد على خدمة زملائهم في مركز خدمة العملاء.
اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على الاندماج والتعاون بين فريق العمل العابر للحدود؟
ابحث عن طرق لتعريض الأشخاص لتجارب ومشاعر وآثار أدائهم الجيد والسيئ، وحافظ على ذلك عبر سرد القصص التي توضح ما قد يحدث إذا تم إنجاز العمل على نحو جيد أو سيئ. تجنب اللغة غير الشخصية (البيروقراطية) عند الحديث عن الأداء، واستخدم مصطلحات أكثر إنسانية لشرح العمل المطلوب في كل مرة تكون فيها قادراً على ذلك.
ثانياً: تحدّث عن تدابير وإجراءات ملموسة
غالباً ما تكون الرداءة ناتجة عن تدابير غائبة أو غامضة أو غير محددة. في المقابل، تُبرز التدابير الهادفة والمحددة الأداء الضعيف إلى النور بشكل مؤلم. قللت إلين جونسون سيرليف (Ellen Johnson-Sirleaf)، رئيسة ليبيريا، كثيراً من البيروقراطية الحكومية الضخمة عندما حددت أهدافاً ذات مغزى وقابلة للقياس، وذلك نظراً لوجود إطار يمكن من خلاله مساءلة الموظفين الحكوميين واكتشاف التقصير. خلال فترة ولايتها، حددت هي وحكومتها علناً الأهداف التالية:
• توظيف 6 آلاف شاب للعمل على مشاريع صيانة الطرق وتنظيف الشواطئ.
• إنشاء 150 كيلومتراً من الطرق الفرعية، وربط 30 مجتمعاً محلياً يعيشون في مقاطعتين.
• افتتاح 150 مرفقاً صحياً جديداً.
• إنشاء 75 بئراً مجتمعياً في ثلاث مقاطعات.
كانت الأهداف محددة بوضوح وذات مغزى. وكانت تفسر أيضاً سبب العمل اللازم ولماذا يجب على الجميع العمل الجاهد. إذا لم تكن قد فعلت هذا، ووضعت أهدافاً غامضة وغير مسبوقة لقياسها، فلم تكن لتتمكن من معرفة النجاح أو حتى تحقيقه نظراً لعدم وجود القدرة على معرفة متى يكون الأداء ناجحاً.
ثالثاً: ترسيخ أن أفراد الفريق يحاسبون بعضهم عن الأداء الضعيف
غالباً ما تكون الرداءة أيضاً علامة على وجود رقابة قوية. قد يبدو ذلك مفاجئاً، بالتالي عليك التركيز قليلاً على هذه الفكرة. وجد بحثنا أنا وزملائي التالي:
• لا تتعرض الفرق الأضعف إلى أي مساءلة.
• تتعرض الفرق الرديئة إلى المساءلة من قبل المشرفين على الفريق.
• يحاسب أفراد الفريق ضمن الفرق عالية الأداء بعضهم.
يواجه أفراد الفرق ذات الأداء المرتفع بعضهم على الفور وباحترام عندما تنشأ المشاكل. لا يمكن حتى لأقوى المشرفين رؤية ومعالجة كل فجوات الأداء، وكلما حاول أكثر، ساعد على زيادة رداءة العمل.
اقرأ أيضاً: كيف تتنبّأ بحالات ترك العمل في فريق مبيعاتك؟
ساعد الفريق على اكتساب المعرفة العميقة لما يفعلونه ولماذا يفغلونه، وضع تدابير هادفة، ثم اعمل على بناء ثقافة مساءلة الأقران والتي يمكن فيها يمكن لأي عضو في الفريق مناقشة تصرفات باقي الأفراد إن كان ذلك في صالح العمل. يمكن أن توفر المراجعات الأسبوعية المنتظمة فرصاً لإرساء المساءلة بين الأقران وتحسين العمل.
شاهدت مجموعة من رائدات الأعمال في بنغلاديش يسألن بعضهن أسئلة صعبة حول الخطوات الضرورية، التي قد لا تكون مريحة عاطفياً، الواجب عليهن اتخاذها لتوسعة أعمالهن. تعمل السيدات المخضرمات منهن على تفسير قواعد الاجتماع ووجوب إجراء الأعضاء المناقشة وتحدي أفكار بعضهن، وكان يجري تحدي العضوات الجدد بسرعة إن لم يتمكن من تحدي أقرانهن. لقد تمكنت النساء في هذه الثقافة الداعمة والمتطلبة من توسعة أعمالهن التجارية جيداً.
رابعاً: مواجهة الخطوب
يجب أن تدافع دائماً عن الأداء الرفيع وتجعله المعيار الأساسي. هناك حتماً لحظات سيتعين عليك فيها تقديم تضحيات شخصية للدفاع عن ذلك، ويكون ما ستفعله في تلك اللحظات علامة أمام فريقك تؤكد فيها على التزامك بالأداء المرتفع والجدارة التي تطالبهم بها. فيما يلي أبرز ثلاث لحظات قد تصادفك:
• هناك مشكلة كبيرة كامنة في الفريق. بصفتك مدير للفريق، تحتاج إلى معالجتها (خصوصاً عندما لا يفعل ذلك البقية). إذا كانت المبادرة التي طرحتها الشركة ستؤدي إلى فشل محقق، سيرى فريقك ما إذا كانت لديك النزاهة للإشارة إلى مكامن الخلل فيها علناً.
• فشل رئيسك في الإيفاء بوعوده لإنجاح عمل فريقك. ستكون كل العيون عليك لرؤية كيفية مواجهتك لهذا.
• تُصادف موظفاً ذي أداء ضعيف يمثل عقبة واضحة أمام الفريق. ستسمح كيفية تعاملك مع هذا الوضع لفريقك بمعرفة ما إذا كانت أعلى قيمك الحفاظ على الوئام أو متابعة المهمة. إذا كنت تحاول تجنب المشكلة أو تأخرت في معالجتها، لن تخسر مساهمة ذي الأداء المتواضع فحسب، بل سترسل رسالة إلى الجميع حول قيمك.
اقرأ أيضاً: كيف تدفع فريقك لخوض التجارب والمخاطر؟
عندما تطلب من مجموعة الارتقاء إلى مستوى أداء عالٍ، فإنك تدعوهم إلى بؤرة توتر عليهم العمل فيها أكثر، وذات احتمالية لمصادفة حالات فشل، وإمكانية حدوث صراعات شخصية. هناك الكثيرون ممكن أن يحاولوا إيجاد أعذار لتجنب بيئة كهذه والبقاء في مكانهم الآمن بدل الدخول في هذا المكان غير المريح. إن كيفية تعاملك مع هذه اللحظات الحاسمة سيساعدك إما على تكبير نفوذك بين أعضاء الفريق أو القضاء عليه.
وفي نهاية الحديث عن تطوير أداء الفريق، من الأسهل معالجة مشكلات الأداء الفردي إذا كنت قد أنشأت معياراً للتميز. إن تلك الممارسات الأربع بسيطة، لكنها مهمة ويمكنها تشكيل توقعات المجموعة بسرعة وبعمقىبطريقة تؤدي إلى نتائج أفضل وتجربة عمل أكثر جدوى للجميع.
اقرأ أيضاً: كيف تدفع فريقك لتحقيق ما وعدك به خلال الاجتماعات؟