الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

كيف تتفاوض حول راتبك القادم؟ (مع دراسات حالة)

6 دقيقة
التفاوض على الراتب

ربما يكون التفاوض على الراتب عملية غير مريحة، إذ تصعب الموازنة بين رغبتك في الحصول على ما تستحقه وعدم إزعاج مديرك المستقبلي أو التسبب بنفوره. وتزداد هذه العملية تعقيداً في سوق عمل شديدة التنافسية، حيث تقلّ فرص العمل ويكثر الباحثون عن عمل. في هذه الحالات قد تشعر بدافع لقبول أي عرضٍ يُقدّم لك، ولكن يندر أن يكون ذلك أفضل خيار؛ إذاً كيف تفاوض على راتبك؟

ما يقوله الخبراء؟

التفاوض على الراتب ضروري بغضّ النظر عن حالة سوق العمل. تقول كاثلين ماكغين، أستاذة إدارة الأعمال في كلية هارفارد لإدارة الأعمال ومؤلفة مشارِكة لكتاب "متى يكون النوع الاجتماعي مهماً في التفاوض؟" (?When Does Gender Matter in Negotiation): "يجب ألا توافق ببساطة من دون تفاوض"، فالحصول على وظيفة أو منصب جديد هي فرصة لزيادة راتبك لا تتكرر كثيراً. يقول جون ليز، وهو خبير استراتيجي في مجال التطور المهني ومؤلف كتاب "كيف تحصل على عمل ستحبه؟" (How to Get a Job Youll Love): نادراً ما يحصل الموظف على فرصة ثانية للتفاوض على شروط العمل قبل مرور عامين.

مبادئ التفاوض على الراتب

يمكنك الإعداد لحوارك القادم حول الراتب عن طريق اتباع المبادئ التالية:

اعرف البدائل المتاحة

يقول داني أرتيل، الشريك المؤسس لشركة فينتدج بارتنرز (Vantage Partners, LLC) لاستشارات التفاوض في بوسطن، ومؤلف مشارِك لكتاب "هدف الاتفاق: كيف تتفاوض عندما لا تكون الموافقة كافية" (The Point of the Deal: How to Negotiate When Yes is Not Enough): "كانت النصيحة التي سمعتها عند تخرجي في الجامعة هي أن أضمن ثاني أفضل عرض يصلني بينما أتفاوض على العرض الأول". بالطبع لن يكون هذا سهلاً في بيئة توظيف أصعب؛ إذ سيكون موقفك أضعف بكثير عندما لا تتوفر البدائل (سواء عروض أُخرى أو عمل حالي) ، تقول ماكغين: "عليك أن تكون مبدعاً في توضيح القيمة التي ستضيفها  إلى الشركة". على سبيل المثال، عليك أن تشرح لمسؤول التوظيف ما يجعلك الشخص المثالي لهذه الوظيفة وتوضح مهاراتك وخبراتك ذات الصلة، وأنك لست مجرد مرشح قوي. تضيف ماكغين: "عندما تنخفض معدلات البطالة يبحث أصحاب العمل عمن يشغل الوظيفة فحسب، أما عندما تزداد البطالة فيبحثون عن الأفضل لشغلها".

احرص على إجراء البحث اللازم

يحدّد مسؤولو التوظيف الرواتب بناء على ما يدفعونه حالياً لمن يشغلون وظائف مشابهة وما تدفعه الشركات المنافسة لموظفيها، وتكون لديهم ميزانية معينة أو مجال محدد سلفاً. لذلك ستشكل معرفة المعلومات قوة لك في التفاوض، وكلما ازدادت معلوماتك كان أفضل. ننصحك بأن تجري بحثاً معمقاً عبر المواقع الإلكترونية مثل (salary.com) و(vault.com) و(payscale.com) لجمع المعلومات عن الشركة والرواتب فيها، وعبر منصات فيسبوك ولينكد إن أيضاً للوصول إلى أشخاص لديهم فكرة جيدة عن الراتب المناسب للمنصب الذي تتقدم إليه، وقد يكون منهم شخص تثق به ضمن الشركة نفسها أو موجه مهني أو مستشار في مجال الأبحاث أو شخص من معارفك يعمل في المجال نفسه. كما أنه ليس من المقبول أن تطرح سؤالاً مباشراً على أصدقائك أو معارفك الذين يعملون في مناصب مشابهة عن رواتبهم، ويمكنك بدلاً من ذلك أن تقول "ما الراتب الذي تعتقد أن الشركة ستدفعه لهذه الوظيفة؟"، ثم قارن الأجوبة والاقتراحات التي تحصل عليها. ولكن لا تعتمد على معلومة أو مصدر واحد، بل اجمع هذه المعلومات لتحديد الراتب الذي تتوقعه والذي يتوقع مسؤول التوظيف أن تطلبه؛ إذ سيسألك مسؤول التوظيف الفعال عن الراتب الأساسي الذي تطلبه، وحينئذ يمكنك أن تجيب صراحة، فمن الضروري أن يعلم مسؤول التوظيف  إذا ما كان الراتب الذي تطلبه ضمن المجال المحدّد لديه كي لا يضيع وقته أو وقتك. وإذا كنتَ أفضل مرشّح للوظيفة فسيكون غالباً على استعداد لفعل ما بوسعه للوصول إلى الرقم الذي يرضي الطرفين.

عندما يكون الراتب المعروض قليل جداً

إذا كان الرقم المبدئي الذي حُدّد لك أقل من التوقع المنطقي الذي وضعته لنفسك، فلا تتردد في رفضه باحترام، تقترح ماكغين أن تقول شيئاً مثل: "ربما لم أوضح لكم القيمةَ التي أعتقد أنني سأضيفها للمؤسسة، فهذا الرقم يبدو لي مناسباً لشخص مبتدئ أو يعمل في دور مختلف أو خبرته أقل"، ثم ادعم قولك بالمعلومات التي جمعتها. حتى وإن أعجبك العرض المبدئي، ينصح ليز بالتفاوض على جانب آخر من الوظيفة غير الراتب؛ فمعظم مسؤولي التوظيف يتوقعون ذلك، يقول ليز: "إذا لم تطلب أي شيء فستفوتك فرصة عظيمة".

ركّز على مصالح الطرفين

انتبه إلى أسلوبك في مخاطبة مسؤول التوظيف أو المدير، يقول إرتل: "يجب ألا يرى أنك تقدّم قائمة من المطالب، بل تقدم حلولاً تلبي احتياجاتك واحتياجات الشركة معاً". لذلك استخدم لغة إيجابية وأوضح أنك متقبل لأي عروض تختلف عن عرضك. هذه موازنة صعبة فعلاً، إذ عليك أن تضغط بالدرجة الملائمة؛ فتقول ماكغين: "يجب ألا تبالغ في التفاوض كي لا يسأم مسؤول التوظيف منك حتى قبل يومك الأول في الشركة". يكمن السر في معرفة ما تريده أنت والتمسك به؛ هل هو الراتب أم جانب آخر من الوظيفة؟.

تفاوض على جوانب أخرى تتعدى الراتب

تقول ماكغين: "يخطئ معظم المرشحين إذ يفاوضون على الراتب لا على الوظيفة نفسها، إذ يركّزون على الراتب عادةً لأنه شيء ملموس، ولكن المبلغ المحدد للمنصب ليس وحده ما يجعله مميزاً". فكّر في جوانب الوظيفة الأُخرى التي تجعلك راضياً عنها: فرص التقدم والمهام الممتعة وفرصة العمل مع كبار التنفيذيين وما إلى ذلك، وتقترح ماكغين أن تسأل نفسك: "كيف يمكنني تحديد الدور الوظيفي الذي يلبي  اهتماماتي وأهدافي كلها؟"، ثم تفاوض مع مسؤول التوظيف على هذه العناصر غير المادية بالإضافة إلى الراتب. تقول ماكغين: "بمجرد استلامك للمنصب سيكون من الصعب التفاوض على الجوانب الأساسية من وظيفتك، فهذا التفاوض لا يكون إلا عند استلام وظيفة جديدة".

المبادئ التي عليك تذكرها

ما يجب فعله

  • تواصل مع أشخاص (أصدقاء أو زملاء) ليعطوك فكرة عن الراتب المتوقع من الشركة.
  • حدد الراتب المقبول لديك على نحو منطقي وصادق مع نفسك ومع مسؤول التوظيف.
  • قدّم حلولاً تلبي احتياجاتك واحتياجات الشركة معاً.

ما يجب تفاديه

  • التفاوض على الراتب فقط؛ فالجوانب الأخرى غير المالية من عملك هي التي توقع الأثر الأكبر على قناعتك بالوظيفة غالباً.
  • قبول العرض المبدئي على الفور حتى وإن لم تتوفر البدائل.
  • التفاوض انطلاقاًً من قائمة مطالب.

دراسة حالة رقم 1: تعرّف على ما خلف الكواليس

كانت سوزان تعمل مع شركة للتكنولوجيا بموجب عقد خارجي عندما طرح عليها مديرها فكرة أن تنتقل إلى العمل في وظيفة  ثابتة براتب شهري. فبعد أن  أنجبت طفلها الأول قبل 3 أعوام، تعاقدت مع الشركة لأنها أرادت عملاً بدوام جزئي وجدول أعمال مرن، ولكنها الآن أصبحت مستعدة للعمل بدوام كامل، وأخبرت مديرها أنها قد تكون مهتمة بالخيار الثاني بناءً على العرض الذي سيقدمه. وبهذا التغيير، لن يتغير الوصف الوظيفي لعملها ولكنها ستعمل بدوام كامل.

شعرت سوزان أنها في موقع يسمح لها بالتفاوض لأنها أثبتت نفسها فعلاً، ولأنها محبوبة في فريقها ولدى فريق القيادة. ولكنها مع ذلك توقعت عرضاً براتب منخفض، تقول: "علمت أن راتبي سينخفض لأنني سأحصل على مزايا أُخرى مثل الإجازات والرعاية الصحية". ولكن الراتب الذي عرضه مدير العمليات في الشركة، سالم، كان أقل بكثير مما توقعته سوزان فأحبطت؛ إذ أوضح أن عملها السابق كان يتضمن إدارة فريق بينما يمثل هذا المنصب دوراً فردياً، فطلبت وقتاً للتفكير في العرض.

وذهبت سوزان بعد ذلك لتطلب نصيحة المدير التنفيذي للمعلومات في الشركة، آدم، تقول: "لم أعمل مع آدم مباشرة إلا أنه كان معروفاً بأنه رجل طيب السمعة ونزيه، وكنت أعلم أنه يحترمني". أخبرها أنّ عليها ترك العواطف جانباً والتركيز على ما تحتاجه الشركة، ونصحها بالابتعاد عن الصياغات التي تتضمن الحديث عن نفسها حتى لا تظهر وكأنها متطلّبة، كما أخبرها عمّا يحصل وراء الكواليس بأنهم يريدونها فعلاً لتعمل في هذا المنصب وأنّ المدير التنفيذي للمعلومات من المحتمل أن يوافق على طلباتها إذا كانت معقولة.

وضعت سوزان هذه المعلومات نصب عينيها وحددت راتباً شعرت أنه مقبول، وهو أعلى من العرض المبدئي بعشرة آلاف دولار، وعرضته فعلاً على المدير سالم وأوضحت أنه على الرغم من أنّ المنصب الجديد لا يتضمن إدارة لأشخاص آخرين، فالقيمة التي تُضيفها إلى الشركة الآن أصبحت أكبر من السابق، بالإضافة إلى أن بعض المزايا التي يتضمنها العرض ليست مهمة بالنسبة لها.

على سبيل المثال، فيما يخص الرعاية الصحية، كانت تحصل على هذه الخدمة فعلاً من عمل زوجها، لذلك أوضحت لسالم أن هذا البند ليس ميزة مغرية لها.

وافق مدير العمليات على أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار وطلب مهلة قبل أن يعلمها بقراره، ثم أخبرها بقبول عرضها الذي قدّمته بعد يومين. ومع أن الرقم النهائي كان أقل من الرقم الذي وضعته في البداية، فقد رأت أنه مناسب، تقول: "كنت مستعدة لتقديم بعض التنازلات مقابل الأمان الوظيفي، فقد كنت أعلم أن العقد الخارجي قد يُلغى في أي لحظة".

دراسة حالة رقم 2: كن صريحاً حول البدائل المتاحة لك

انتقل كمال إلى مدينة أخرى وأراد الحصول على وظيفة جديدة، كان المنصب الأول الذي عُرض عليه في إحدى المؤسسات الحكومية في المدينة كان متحمساً ومحبطاً في الوقت نفسه بسبب الراتب المبدئي المعروض، يقول: "إنها حالة تقليدية من التوقعات الخاطئة".

كان كمال قد تقدّم إلى الوظيفة بمساعدة صديق له، لا عن طريق إعلان يوضح الراتب المخصص لها. وفي أثناء الاستعداد لمقابلة العمل كان يبحث عن وظائف أخرى في مؤسسات المدينة الحكومية بمسميات وتوصيفات وظيفية مشابهة، وافترض أنه سيتمكن من مقارنة الرواتب المعروضة، ولكن اتضح أنه لم يكن هناك أي ارتباط بينها؛ فقرّر أن يطلب راتباً أعلى، يقول: "لم يكن لدي عروض رسمية ولكني كنت أعلم أني أحد أفضل مرشّحَين في وظيفتين أخريين، كما كنت على اطّلاع بمجال الرواتب". وشرح لمسؤول التوظيف أنه كان يتوقع عروضاً أُخرى مغرية أكثر.

يقول: "كان علي التحدث بحذر ولم أرغب بالكذب. ولهذا كنت صريحاً ومباشراً. أخبرت مسؤول التوظيف أني متحمس لطبيعة العمل، ولو كانت رواتب هذا الدور في المؤسسات الأخرى متساوية لفضلت الانضمام إلى فريقه، ولكن بسبب هذا التفاوت أصبح القرار صعباً فعلاً". بعد ذلك اقترح كمال راتباً أعلى بنسبة 15% من العرض المبدئي، وإذا وافقت المؤسسة على اقتراحه فسيقبل الوظيفة. ووافق مسؤول التوظيف على أن ينقل طلبه إلى الموارد البشرية، وبعدها بفترة بسيطة أخبره أن الموارد البشرية وافقت على عرضه.

يقول: "عندما استذكر الموقف أرى بوضوح أنه كان من الممكن أن أتلقى عرضاً أعلى من العرض المبدئي الذي تلقيته في بداية المحادثة حول الراتب، ولكنني راضِ عن النتيجة".

إذا اتبعت المبادئ المذكورة أعلاه، ستنجح في التفاوض على راتبك وتحقق نتائج ملموسة.

اقرأ أيضاً: عشر خرافات حول التفاوض على راتبك الأول.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي