رسالة من قارئة: سأبدأ عملي الجديد قريباً، ومنذ البداية كان مقرراً أن يكون عملاً عن بعد، لكن من المفترض أن أقوم بإجراءات الإعداد للالتحاق بالعمل في مقر الشركة، وكنت أتطلع للقاء فريقي شخصياً، فأنا أرغب ببناء علاقتي مع أفراده قبل البدء بالتعامل معهم عبر الإنترنت. لكن الآن نظراً لتدابير التباعد الاجتماعي بسبب انتشار فيروس كورونا، سأضطر لتنفيذ برنامج الإعداد للالتحاق بالعمل عبر الإنترنت، وهذا يقلقني لأنه يضعني في موقف ضعيف حول كيف أعمل عن بعد بشكل جيد. لقد عملت عن بعد من قبل وكنت ناجحة في عملي، لكني لاحظت أن التعرف على الزملاء يستغرق وقتاً أطول مما لو كنت أعمل معهم في مكان واحد. وإذا لم أتمكن من الذهاب إلى المكتب من أجل الإعداد للالتحاق بالعمل، فسيكون التعرف على زملائي أصعب. سؤالي هو:
كيف سأتمكن من البدء بالعمل على النحو الصحيح في هذا العمل الجديد الذي سيكون عبر الإنترنت بالكامل منذ بدايته؟
يجيب عن هذا السؤال كل من:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
شيفان أوماهوني (Siobhan O’Mahony): أستاذة في كلية "كويستروم" للأعمال بجامعة بوسطن.
شيفان أوماهوني: أول ما تبادر إلى ذهني هو أننا عندما ننظر إلى الأبحاث حول العمل عن بعد والعمل اللا مركزي، أول ما يبرز أمامنا هو أنه إذا كان الموظفون يعملون في مكان واحد، فبعضهم يعمل في مقر الشركة، والبعض الآخر في الفرع، والبعض في الطريق مثل مندوبي المبيعات، ويعمل البقية في المكتب. بالنسبة لوضع صاحبة الرسالة، أقول لها أولاً: حاولي الاسترخاء، فالجميع يعملون عن بعد، وهذا يجعل الميدان متساوياً نوعاً ما بالنسبة للجميع.
اقرأ أيضاً: الملابس المناسبة للوظيفة التي تعمل بها عن بعد
دان ماغين: هذه نقطة سليمة، وهذا ما أفكر به مع كل هذه الاجتماعات التي نعقدها عبر اتصال الفيديو. كنت فيما مضى أتوتر بشدة إذا ما حدث شيء أثناء الاتصال، كمرور شخص من ورائي أو بدء الكلب بالنباح، وما شابه. أما الآن فجميعنا نعيش الوضع ذاته، ويبدو أن الجميع أصبحوا يتقبلون كل هذه الأمور ويتعاملون معها بصبر وتفهم.
أليسون بيرد: أنا أقول إن هذه الأزمة شكلت فرصة فريدة من نوعها للجميع لرؤية منازل الآخرين من الداخل. فقد تمكنت من أخذ فكرة عن الحيوانات الأليفة التي يربيها زملائي، وترتيب منازلهم، وأماكن جلوسهم، ومن يهوى القراءة منهم نظراً لوجود مكتبة كبيرة خلفه. وأعتبر هذا الأمر مبعثاً للسرور، لذا يمكن لصاحبة الرسالة استخدام هذه النقطة لصالحها.
شيفان أوماهوني: ويمكنك التفكير بطريقة تساعد الآخرين على التعرف عليك أكثر، بعيداً عن وضع صورة جميلة على الملف الشخصي في منصة "زووم" أو وضع خلفية مثيرة للاهتمام خلفك في اجتماعك عبر اتصال الفيديو.
أليسون بيرد: يصعب دائماً بناء العلاقات مع الآخرين عندما لا يمكنك التعامل معهم وجهاً لوجه، ولا يمكنك التعرف على المؤسسة بأكملها وعلى طريقة تعامل الموظفين فيما بينهم. لذا، أشجعها على التعرف على صديق يرافقها في إجراءات الالتحاق عبر الإنترنت. وأتساءل عما إذا كان بإمكانها العثور على أحد ما في المؤسسة ليساعدها، ربما يمكن أن تطلب من مديرها اقتراح شخص ما، يمكنها أن تسأله: "هل هناك أحد من زملائي يستطيع توجيهي في عملية الالتحاق بالعمل؟ على من سأطرح أسئلتي فيما يخص العمل؟".
شيفان أوماهوني: هذه بداية جيدة، فمن الممكن أن تكون هناك مجموعة موظفين جدد يبدؤون العمل معها. لذا عليها التواصل مع الآخرين والتعرف على هذه المجموعة وإعداد شبكة معارف وتواصل من نوع ما، وليس من الضروري أن يكون تواصلها معهم وفق مواعيد رسمية، وإنما بإمكانها استخدام محادثة على منصة "يامر" (Yammer) مثلاً أو "واتساب" أو "سلاك" وقول: "نحن جميعاً حديثو العهد بالعمل هنا، فلنتبادل النصائح ونتعلم معاً". هناك مجموعة أسئلة يمكنها طرحها على هذه المجموعة قد يصعب طرحها على مجموعة موظفين يعملون مع المؤسسة منذ زمن طويل.
اقرأ أيضاً: 5 طرق لضمان عمل فريقك الذي يعمل عن بعد بكفاءة وأمان
دان ماغين: قد ترغب في هذا الوضع بإجراء مجموعة مقابلات فردية مع جميع زملائها من أجل محاولة البدء بهذه المحادثات وإنشاء العلاقات معهم، هل هذه استراتيجية جيدة في هذه البيئة؟ أم أن هناك خطورة أن تبالغ فيها؟ هل لديك أي اقتراحات فيما يتعلق بترتيب لقاءات فردية للتعرف على الزملاء؟ وماذا عن سؤالها كيف أعمل عن بعد بشكل فعال؟
شيفان أوماهوني: هذا سؤال ممتاز لأن إدارة الأزمات أو الطوارئ أو الكوارث، تتألف من الاستجابة والتعافي، لكن الشركات لا تزال في مرحلة الاستجابة، ولا نعرف كيف ستكون طريقة التعافي فيما بعد. لذا، لن يكون من المناسب أن تطلب من زملائك الخروج لتناول القهوة في الوقت الذي تعمل المؤسسة فيه على حل مشكلة. لذا، يجب أن تراعي صاحبة الرسالة هذا الأمر كثيراً، ويجب عليها أولاً أن تتعرف على أفراد فريقها المباشر جيداً وأن تبدي ثقتها بنفسها أمامهم قبل أن تبدأ بالتواصل وبناء شبكة المعارف مع الفرق والمؤسسات المجاورة.
أليسون بيرد: أتفق معك تماماً، شيفان، فهي لا تعرف الضغط الذي يعاني منه الآخرون، ويمكن أن يقدم المدير نصائح قيمة في هذا الخصوص، وتقع على عاتقه مسؤولية مساعدتها على الإعداد للالتحاق بالعمل. وهي لن تحمله أعباء إضافية إذا طلبت منه إجراء لقاء فردي معه للتحدث عن أولويات العمل وتغير أهدافه بحسب تغير البيئة، وعن أهم شخص يتعين عليها التحدث معه والتعرف عليه بصورة مباشرة مع مراعاة أن الجميع يعيشون في ضغط هائل في هذه الفترة.
دان ماغين: نعمل ضمن بيئة أزمات في كثير من المؤسسات، هل يتسبب ذلك في نشوء ضرورة ملحة لتحقيق نجاحات مبكرة؟ هل ترين خطورة بسبب سعي الجميع للتعامل مع تراجع الطلب، لدرجة تجعل الموظف الجديد يشعر بضغط كبير لتحقيق إنجاز مهم بسرعة شديدة؟ وهل نحن بحاجة إلى موازنة ذلك بطريقة سليمة؟
أليسون بيرد: أعتقد أن هذه فرصة عظيمة للمشاركة. وربما كانت الفرصة متاحة لها الآن لتحقيق نجاح مبكر مع تخبط الجميع من حولها وحاجتهم إلى المساعدة. والمشاركة في أي عمل يجب القيام به نتيجة لهذه الأزمة ستكسبها خبرة عملية وتبني علاقاتها مع الآخرين على نحو يحمل قيمة أكبر في نهاية المطاف.
اقرأ أيضاً: أفكار لتوثيق الروابط بين العاملين عن بعد
شيفان أوماهوني: بناء على ما قلته، إذا كنت بحاجة إلى الالتحاق بعملك الجديد والتعرف على فريقك عن بعد، فيجب ألا تعتمدي على المدراء لأنهم على الأرجح يرزحون تحت ضغط كبير ومنشغلون جداً بالاستجابة للأزمة. لذا، سيكون عليك حمل مسؤولية أكبر في وظيفتك. لا أود استخدام تعبير "الإعداد للالتحاق بالعمل"، ما هي أهداف التعلم في الأيام التسعين الأولى التي تحدث عنها مايكل أتكنز في نهجه المسمى "الأيام التسعين الأولى" في هذه الظروف؟ ما هي الأشياء التي يجب عليك تعلمها أو تطبيقها؟ أين يجب عليك المساهمة؟ وبالعودة إلى سؤال دان، ثمة أمور كثيرة تحدث في عملية الإعداد للالتحاق التي تتم في مقر العمل، ويجب أن تتذكر صاحبة الرسالة أن كثيراً من هذه الأمور تبقى غائبة في إعداد الموظف للالتحاق بالعمل عبر الإنترنت، لذا يجب عليها المبادرة وحمل مسؤولية التعلم بنفسها. وهذا ليس أمراً سيئاً، بل هي فرصة لها لتثبت نفسها وجدارتها.
دان ماغين: إن التفكير بأن هناك كثير من الموظفين الذين تتم إقالتهم في كثير من الشركات في مختلف القطاعات أمر محزن ومقلق، ما هي أفضل طريقة للتعامل مع الخوف والتفكير بأنها الموظفة الجديدة، ولا أحد يعرفها، وما إذا كانت هذه الوظيفة ثابتة وآمنة أم لا، بما أن الشركة تعمل على تخفيض نفقاتها. أتفكر بهذه الأمور أولاً؟ أم يجب ألا تفكر بها في الوقت الراهن؟
شيفان أوماهوني: وهذا ما نصحت به أخي الأسبوع الماضي عندما قلت له: "يجب أن تصبح الشركة غير قادرة على الاستغناء عنك في أسرع وقت ممكن". الخلاصة هي أنه عندما يتعلق الأمر بإثبات نفسك، تذكر أنك إذا حصلت على وظيفة جديدة الآن، فلا بد أن هذه الشركة راسخة وناضجة، ويجب أن تظهر براعتك في العمل، وأن تشارك وتظهر ثقتك بنفسك وتبين اختلاف أسلوبك عن الأساليب المعتادة في المؤسسة. لذا يجب أن تتوصل صاحبة الرسالة إلى طريقة للتعلم تمكنها من إضافة القيمة، عن طريق إثبات مهارتها بأسلوب غير مباشر والتميز عن المعتاد.
أليسون بيرد: جميعنا نعمل بطرق تختلف عما اعتدنا عليه، وربما يؤدي ذلك إلى تغيرات على المدى الطويل. ولكن ما نراه في هذه الفترة الجنونية قد لا يعكس حقيقة طريقة عمل الشركة قبل الأزمة وبعدها. هل يمكن أن تمنحنا هذه الأزمة صورة حقيقية عن ثقافة الشركة؟
دان ماغين: من المثير للاهتمام أنك ستحصلين على نسخة محرفة عن الواقع إذا ما حاولت استخلاص كثير من الاستنتاجات مما يجري الآن.
شيفان أوماهوني: الثقافة حية، وثقافة الاجتماعات عبر الإنترنت لا تزال في طور النشوء، وهناك أسئلة كثيرة تدور حولها: هل تعقد الاجتماعات في الموعد المحدد؟ هل تسير وفق جدول أعمال معين؟ هل تنتهي في الوقت المحدد؟ هل يشغل الموظفون كاميراتهم أم يطفئونها دائماً؟ لكن هذه الأسئلة تتعلق بالوقت الحالي فقط، ولا تتعلق بالثقافة التي تنشأ حالياً، ولا بالثقافة المؤسساتية الحية التي ستنشأ وتتطور لاحقاً.
أليسون بيرد: في نهاية المطاف، سيعود جميع زملائها الذين يعملون في مقر الشركة إلى مكاتبهم، في حين تستمر هي بالعمل عن بعد كما هو مقرر. هل ينبغي عليها عندئذ أن تذهب إلى المكتب وتجري اجتماع الإعداد للالتحاق بالعمل والترحيب الشخصي الذي كان مفترضاً أن تجريه الآن؟
دان ماغين: وسيكون من الأفضل أن تذهب إلى المكتب في أقرب فرصة، ونحن الآن بانتظار قرار الحكومات بالسماح للشركات بفتح أبوابها لموظفيها.
أليسون بيرد: قد يكون هناك جانب مشرق في كل هذا، فبما أن الجميع يعملون عن بعد الآن، قد يكون تعامل زملائها معها فيما بعد أفضل وستشعر بالانتماء إليهم على المدى الطويل.
شيفان أوماهوني: وبناء على هذه الفكرة، أرى أنها إذا أتيحت لها فرصة الذهاب إلى المكتب، يمكنها القيام بتجربة التعاون بينها وبين زملائها، وأن تبحث معهم عن طرق لجعل تعاونهم أفضل، وأن يحددوا أهداف تنمية الفريق عند العمل على مشاريع العملاء، وتحديد طريقة السعي لتحقيق الربح للطرفين وعدم الاكتفاء بالعمل بكفاءة، بل السعي للوصول إلى ذروة الفاعلية.
أليسون بيرد: إذاً، ستتمتع اجتماعاتها المؤجلة بقيمة أكبر لأنها ستكون قد خاضت بعض التجارب مع زملائها وستتمكن من إجراء محادثات أغنى من أجل تحسين العمل. وليس البحث في طريقة العمل فحسب كما لو أنها أجرت هذه المحادثة في أول يوم لها أو أول أسبوع من بداية برنامج الإعداد لالتحاقها بالعمل.
دان ماغين: إذن ما هي خلاصة الإجابة عن سؤال كيف أعمل عن بعد بشكل فعال؟
أليسون بيرد: أولاً، نقول لصاحبة الرسالة أن تهدأ وتسترخي من أجل معرفة إجابة سؤال كيف أعمل عن بعد لأن الجميع يعملون عن بعد الآن، ويبذلون جهداً أكبر من أجل إبداء التفهم والإنسانية في تعاملهم مع الآخرين. نرى أنه يمكنها في الخطوة الأولى أن تعثر على مجموعة من الموظفين الجدد الآخرين وأن تعدّ لإجراء محادثة عبر الإنترنت معهم، أو أن يدلها مديرها على صديق يرافقها في مرحلة الإعداد للالتحاق بالعمل ويساعد في توجيهها. ويجب أن تتذكر أن هذه نسخة محرفة عن الواقع، وستؤثر طريقة عمل المؤسسة حالياً على طريقة عملها في المستقبل. ربما شعرت برغبة في إجراء لقاءات فردية مع زملائها في الفريق، لكننا نرى أن ذلك غير محبذ في ظل الأزمة التي يعاني الجميع منها. يمكنها التحدث مع مديرها عن أهم الزملاء الذين ستعمل معهم بصورة مباشرة. ثمة فرص ذهبية لها لتحقق نجاحات مبكرة وتثبت نفسها، فهناك كثير من العمل ويمكنها المشاركة والمساعدة، وهذه طريقة رائعة لبناء سمعتها وعلاقاتها من خلال التعاون، بدلاً من إجراء المحادثات. نريد منها أن تكتسب أهمية لدرجة تجعل الشركة غير قادرة على الاستغناء عنها في أقرب وقت ممكن، وذلك عن طريق إبراز كفاءتها وقدرتها على التعلم وإضافة قيمة على المدى الطويل. وعندما يعود العمل في الشركات إلى سابق عهده، يمكنها الذهاب إلى المكتب، ليس بالضرورة من أجل القيام بإجراءات الإعداد للالتحاق بالعمل التي كان من المفترض أن تقوم بها الآن، وإنما لإجراء محادثات مهمة مع زملائها حول طريقة تقدمهم بالمؤسسة معاً. وعندها ستعلم إجابة سؤال: كيف أعمل عن بعد بشكل جيد؟
اقرأ أيضاً: توقفوا عن تجاهل الموظفين العاملين عن بعد