3 طرق تساعدك على فهم مشاعرك بشكل أفضل

4 دقائق
كيف أفهم مشاعري

التعامل الفعال مع المشاعر مهارة قيادية أساسية. وتسمية مشاعرنا –ما يطلق عليه علماء النفس اسم الإيسام- خطوة أولى مهمة في التعامل معها بفعالية. لكنها ليست مهمة سهلة، كثيرون منا يعانون في تحديد ما نشعر به بالضبط، وفي أغلب الأوقات لا تكون السمة الأوضح هي الأكثر دقة. إذاً كيف أفهم مشاعري بشكل أفضل؟

أسباب عديدة تقف وراء هذه الصعوبة: لقد دُربّنا على الاعتقاد بأنه علينا كبح جماح مشاعرنا القوية. ولدينا أيضاً قواعد تنظيمية واجتماعية معينة (غير معلنة أحياناً) ضد التعبير عنها، أو ربما لأننا لم نتعلم أبداً لغة تصف مشاعرنا بدقة. تأمل هذين المثالين:

سهى في اجتماع مع ممدوح الذي يضايقها باستمرار. بالإضافة لمقاطعته المتكررة لها، يعيد تذكير الجميع بذلك المشروع الفاشل الذي عملت عليه. هي الآن غاضبة جداً ولا تعلم كيفية فهم المشاعر التي تنتابها.

يصل رامي إلى بيته بعد يوم طويل ويطلق تأوهات طويلة بينما يعلّق معطفه. تسأله زوجته ما إذا كان كل شيء على ما يرام. "أنا فقط منهك" يجيبها بينما يسحب حاسوبه المحمول ليكمل أحد التقارير.

الغضب والتوتر أحد المشاعر الأكثر شيوعاً في المكاتب – أو على الأقل هما المصطلحان الأكثر استخداماً. ومع ذلك، فإنهما غالباً ما يخفيان مشاعر أعمق يمكننا ويجب علينا وصفها بمزيد من الدقة والتفاصيل من أجل التقدم إلى مستويات أعلى من الرشاقة العاطفية، وهي مقدرة حيوية تُمكننا من التفاعل مع أنفسنا ومع العالم بنجاح أكبر.

نعم، قد تكون سهى غاضبة، لكن ماذا لو كانت حزينة أيضاً؟ حزينة لأن مشروعها فشل، وربما تخشى أيضاً أن يطاردها الفشل في حياتها المهنية. وما يجعل شعورها مبرراً أكثر أن ممدوح يكرر مقاطعتها. لماذا لم ينجح المشروع؟ وماذا سيحدث لعملها الآن؟ كل هذه المشاعر تغذي غضبها، لكنها أيضاً مشاعر منفصلة يجب عليها تحديدها ومعالجتها.

وماذا لو كان ما وراء شعور رامي بالإنهاك، شعوره بعدم اليقين من أنه اختار المسار الوظيفي الصحيح، لكن ماذا يعني ذلك؟

تفتح هذه الأسئلة المتعلقة بكيف ندير مشاعرنا عالماً من الاستفسارات المحتملة والإجابات لكل من سهى ورامي. نحن أيضاً مثلهما، نحتاج إلى مفردات أكثر دقة للتعبير عن المشاعر، ليس فقط بغرض الدقة وحدها لكن أيضاً لأن التشخيص الخاطئ للمشاعر يجعلنا نستجيب بطريقة خاطئة، فطريقة تعاملنا مع الغضب عندما نشعر أنه يتملكنا تختلف عن تعاملنا مع الإحباط أو التوتر – أو ربما نختار عدم التعامل مع هذه المشاعر.

تبيّن أنه عندما لا يعترف الناس بمشاعرهم ولا يعالجونها، تسوء صحتهم الجسدية وتزيد إصابتهم بالأعراض الجسدية للتوتر، مثل الصداع. لتجنب المشاعر تكلفة كبيرة إذاً. ومن ناحية أخرى، فإن امتلاك المفردات المناسبة يمكّننا من رؤية المشكلة الحقيقية أمامنا- مشكلة عويصة، نفهمها بوضوح أكثر، ونبني خريطة طريق للتعامل معها في سبيل فهم المشاعر.

كيف أفهم مشاعري؟

إليك هنا 3 طرق لتحصل على فهم أفضل وأدق لمشاعرك:

وسّع من مفرداتك العاطفية

الكلمات مهمة. عندما تراودك مشاعر قوية، خذ لحظة للتفكير فيما يمكنك تسميتها. لكن لا تتوقف عند هذا الحد: فور تحديدها، حاول الخروج بكلمتين أخريين تصفان مشاعرك. قد تُفاجأ من مدى اتساع مشاعرك – ولعلك تستخرج شعوراً عميقاً مدفوناً تحت ذلك الشعور الأوضح.

هنا قائمة بالمفردات التي تصف مصطلحات المشاعر، يمكنك العثور على المزيد بالبحث عن أي منها في "جوجل".

سعيد محرَج جريح متلهف حزين غاضب
ممتن منعزل حسود خائف خائب الأمل متجهّم
مطمئن خجول مخدوع متوتر محزون خائب الأمل
مرتاح وحيد منعزل ضعيف متحسر منزعج
راضٍ يشعر بالدونية مصدوم مرتبك مكتئب مدافع
متحمس مذنب محروم حائر مشلول حاقد
منفرج يشعر بالخزي ضحية متشكك متشائم نافذ الصبر
متحرر مكروه مضطهد قلق باكٍ مشمئز
جذل مثير للشفقة معذب حذر مروَّع ساخط
واثق محتار مهجور متوتر مخذول مغتاظ

وبنفس الدرجة من الأهمية يجب وسم المشاعر "الإيجابية" وليس" السلبية" منها فقط. ستساعدك مثلاً قدرتك على قول إنك متحمس حيال العمل الجديد (وليس "متوتراً" فقط) في ضبط مشاعرك لتتوافق مع الدور أو العلاقة بطريقة ستؤدي إلى النجاح على الأغلب.

لاحظ مدى قوة المشاعر

من السهل القفز لوصوف مثل "غاضب" أو "متوتر" حتى عندما تكون مشاعرنا أقل حدة. كان لدي عميل اسمه مسعود يعاني في زواجه. كان يصف زوجته بأنها "غاضبة" على الدوام وهو الأمر الذي كان يغضبه هو الآخر. لكن كما يتكشف من مخطط المفردات فإن لكل شعور نكهات متنوعة. عندما تحدثنا مع مسعود عن كلمات أخرى تصف مشاعر زوجته، رأى أن هناك أياماً كانت فيها منزعجة أو ربما نافذة الصبر. أدى هذا التحليل لتحول في علاقتهما لإدراكه فجأة أنها ليست دوماً غاضبة منه. وقد عنى هذا أنه يمكنه في الواقع الاستجابة لمشاعر ومنغصات معينة دون أن يغضب هو أيضاً. وبالمثل، من المهم في تقييمك لنفسك أن تعرف ما إذا كنت غاضباً أو متجهماً فقط، حزيناً أو خائفاً فقط، فرحاً أو راضياً فقط.

تذكر أيضاً تقييم مشاعرك من 1 إلى 10. ما مدى عمق مشاعرك؟ ما مدى إلحاحها أو قوتها؟ هل معرفة هذا يجعلك تختار مجموعة مختلفة من الكلمات؟

اكتبها

أجرى جيمس بينبيكر 40 بحثاً عن الروابط بين الكتابة ومعالجة المشاعر. أظهرت تجربته أن الناس الذين يكتبون عن وقائع مشحونة عاطفياً يشعرون بتحسن واضح في صحتهم الجسدية والعقلية. بالإضافة إلى هذا، وجدت دراسة أجريت على العمال المسرحين حديثاً أن أولئك الذين ينقبون بعمق في مشاعر الإهانة والغضب والتوتر ومتاعب العلاقات الاجتماعية كانوا أكثر عرضة لإعادة توظيفهم بثلاث مرات من نظرائهم في مجموعات المراقبة.

كما أظهرت هذه التجارب أن من يكتبون عن مشاعرهم يتطور لديهم بمرور الوقت رؤى حول ما تعنيه هذه المشاعر (أو ما لا تعنيه)، باستخدام عبارات مثل "تعلمت أن" و"فاجأني أن" و"السبب هو" و"الآن أدرك" و"أنا أفهم". لقد مكنتهم عملية الكتابة من تشكيل منظور جديد عن مشاعرهم وفهمها وفهم إسقاطاتها أفضل.

تدريب كتابي لمعرفة كيفية إدارة مشاعرنا

إليك هنا تدريباً كتابياً. على الرغم من أنه يمكنك تأديته يومياً، فإنه مفيد خاصة عندما تمر بأوقات عصيبة، أو انتقالات كبيرة، أو عواطف جياشة – أو إذا مررت بتجربة صعبة ترى أنك لم تتعامل معها جيداً.
• اضبط مؤقتاً لعشرين دقيقة
• استخدم مفكرة أو حاسوباً، واكتب عن مشاعرك التي عايشتها خلال الأسبوع أو الشهر أو السنة الماضية.
• لا تقلق بشأن جعل ما تكتبه مثالياً أو يمكن قراءته، اذهب أينما يأخذك عقلك.
• وفي النهاية، لست بحاجة للاحتفاظ بالمستند، الفكرة من الموضوع هي أن هذه الأفكار قد غادرتك الآن وأصبحت على الصفحة.

يمكنك أيضاً استخدام هذه الطرق الثلاث –توسيع مفرداتك، ملاحظة مدى قوة أحد مشاعرك، وكتابتها- في محاولة فهم مشاعر شخص آخر. كما رأينا في ذلك المثال عن مسعود وزوجته، من السهل أن نُخطئ نحن أيضاً في وسم مشاعر شخص آخر تماماً مثلما نُخطئ في وسم مشاعرنا، مع ما يترتب على ذلك من عواقب معقدة. لهذا فإن فهماً أكبر وأكثر دقة لمشاعرك سيحسسك بمقدرة أكبر على الاستجابة بطريقة أكثر إنتاجية.

حالما تفهم ماهية مشاعرك، سيكون بإمكانك التعامل معها بطريقة أفضل والتعلم من المشاعر الموصوفة بدقة. (إن أردت تقييم رشاقتك العاطفية، إليك هذا الاختبار). تعامُل سهى مع الحزن والأسف الذي ينتابها من فشل مشروعها – ومع كل ما يحمله من توتر- أهم من محاولة تحديد كيف تتعامل مع غضبها من ممدوح. ولو يستطيع رامي التنبّه لقلقه على مساره المهني لأمكنه وضع خطة متأنية لمستقبله - بدل إغراق نفسه في المزيد من نفس العمل كلما عاد إلى منزله في الساعة الثامنة. إذا ابتعت الخطوات الموضحة أعلاه، فستتمكن من الإجابة عن السؤال الشائع وهو: كيف أفهم مشاعري بشكل أفضل؟

اقرأ أيضاً: هل يمكنك الاعتراف بشعورك؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي