المقابلة الحوارية أم المنظّمة: ما هو الأسلوب الأمثل لإجراء مقابلات العمل؟

5 دقيقة
طرائق مقابلات العمل
pixabay.coma/katielwhite91

ملخص: من المهم أن تتجنب الشركات العبء المالي الناتج عن تعيين موظف غير ملائم للوظيفة، ويبدأ تحقيق ذلك من مقابلات العمل. في الواقع، ثمة نهجان لإجراء المقابلات يوفر كل منهما رؤى مختلفة حول المرشح، وهما المقابلة المنظّمة والمقابلة الحوارية. تسهّل المقابلات المنظمة مقارنة إجابات المرشحين وتساعد المحاورين على تغطية جوانب مختلفة من مهاراتهم دون تكرار الأسئلة نفسها؛ ومع ذلك، قد لا تكشف هذه الطريقة عن أسلوب التواصل لدى المرشح وقدرته على التكيّف مع التغيرات في البيئة العملية الفعلية. في المقابل، توفر المقابلات الحوارية فرصة فريدة لفهم المرشح من خلال إشراكه في مناقشة حول مشكلة حقيقية تواجه المؤسسة أو واجهتها في الماضي، لكنها قد تفتح المجال أيضاً أمام احتمالات أكبر للتحيّز في عملية التقييم. وإليك الجوانب التي تكشفها كل طريقة مقابلة عن المرشح والوقت الأمثل لاستخدامها.

لا تقتصر مقابلة المرشح على تقييم مهاراته الفنية والشخصية فحسب، بل من المهم التفكير أيضاً في أسلوب المقابلة لكسب فهم شامل حول مدى توافقه مع الفريق والشركة على المدى الطويل. تعرفتُ خلال فترة عملي في مجال الموارد البشرية على موظفين جدد يمتلكون تجارب وخبرات واسعة لكنهم واجهوا صعوبة في التكيّف، ما جعل هذا الوضع غير مجدٍ لهم أو للشركة في النهاية. ينجم عدم التوافق عادة من الاختلاف بين قيم المرشح وبيئة الشركة ومبادئها، إضافة إلى عدم فهم مدير التوظيف طموحات المرشح ودوافعه على المدى الطويل.

وقد يؤدي عدم التوافق في النهاية إلى ظهور نزاعات تعوق بناء العلاقات الشخصية بين الموظفين، وتسفر عن تراجع الإنتاجية، وتكلّف الشركات مبالغ طائلة. تقدّر جمعية إدارة الموارد البشرية (Society of Human Resources Management) أن تكلفة تعيين موظف تبلغ 4,700 دولار تقريباً في المتوسط، وبحسب منصة إنديد (Indeed)، قد تصل تكاليف التوظيف إلى 20,000 دولار إذا استعانت الشركة بمورّدين خارجيين للتوظيف. لذا، من المهم أن تحرص الشركات على تجنب العبء المالي الناتج عن قرار تعيين موظف غير مناسب.

يعتمد الاختيار الموفّق للموظف على أسلوب المقابلة. وفي الواقع، ثمة نهجان لإجراء المقابلات يوفر كل منهما رؤى ثاقبة مختلفة حول المرشح، وهما المقابلة المنظّمة والمقابلة الحوارية. وإليك الجوانب التي يكشفها كل نهج وقيوده والوقت الأمثل لاستخدامه.

المقابلات المنظمة

تهدف المقابلة المنظمة إلى استخلاص معلومات متعمّقة حول سيرة المرشح الذاتية من خلال حثّه على تقديم إجابات محددة حول مسؤولياته الوظيفية السابقة، وتجاربه وخبراته ذات الصلة. ويركز المحاورون عادة على موضوع محدد، مثل الخبرة الفنية، أو إمكانية توافق المرشح مع ثقافة الشركة، أو مهارات القيادة، ويستخدمون مجموعة الأسئلة نفسها مع كل مرشح.

المزايا

يسهّل هذا النهج مقارنة إجابات المرشحين، ويساعد المحاورين على تغطية جوانب متعددة من مهارات المرشح دون تكرار الأسئلة نفسها، ويتيح التعمّق في مواضيع مهمة من سيرته الذاتية.

على سبيل المثال، تكون الإجابة عن السؤال المباشر: "هل تعرف برنامج بايثون؟" نعم أو لا عادة، في حين أن طرح سؤال مفتوح مثل: "كيف ستحسّن أداء برنامج بايثون؟" سيشجع الموظف على تقديم إجابة مفصّلة، ويُظهر مدى توافق منهجية المرشح مع نهج الفريق في حل المشكلات وتحقيق الأهداف.

وبالمثل، فإن أسئلة متعلقة بالسلوك مثل: "أخبرني عن حادثة واجهت فيها نزاعاً في العمل وكيف تعاملت معه" تساعدك على فهم كيفية تعامل المرشح مع النزاع بناءً على تجاربه السابقة. كما أن طرح أسئلة افتراضية مثل: "كيف ستتصرف عند تضارب أولوياتك؟" تساعدك على فهم كيفية تفكير المرشح في التعامل مع سيناريوهات العمل الشائعة.

أوجه القصور

قد تبدو المقابلات المنظمة محدودة وجامدة وتقيّد المحاورين الذين يجدون صعوبة في طرح أسئلة إضافية. وقد يزيد الطابع الرسمي لهذه المقابلات من قلق المرشحين بالمقارنة مع محادثات أخرى غير منظمة، ما يقيّد الحصول على رؤى ثاقبة مهمة حول مهارات المرشح الشخصية ونقاط قوته التي قد لا تكون مطلوبة في الوصف الوظيفي، لكنها قد تضيف قيمة كبيرة للفريق. وعلى الرغم من أن هذا النمط الرسمي للمقابلة، الذي يتمثل في طرح الأسئلة وتدوين الإجابات، يضمن الاتساق والإنصاف، فقد يفشل في الكشف عن أسلوب التواصل لدى المرشح وقدرته على التكيف مع التغييرات في بيئة العمل الفعلية.

المقابلات الحوارية

في المقابل، توفر المقابلات الحوارية فرصة فريدة لفهم المرشح من خلال إشراكه في مناقشة حول مشكلة حقيقية تواجه المؤسسة أو واجهتها في الماضي. يشجع هذا النهج على إجراء محادثات طبيعية تتيح للمرشح والمحاور التعاون معاً على إيجاد حلول، وقد يشمل ذلك استخدام أدوات مثل السبورة البيضاء أو أدوات التعاون الافتراضي للعصف الذهني والتصوير البصري. على سبيل المثال: "نعمل على دمج نظام جديد لتتبع مقدمي الطلبات. وشكّل هذا المشروع تحدياً لنا بسبب المواعيد النهائية الصارمة، والمشكلات الكبيرة في ترحيل البيانات، والمقاومة التي شهدناها من أفراد الفريق الذين اعتادوا العمل على النظام القديم. هل لديك أي أفكار حول كيفية التصرف في مثل هذه الظروف؟" يُتيح هذا النوع من الأسئلة بناء علاقة مع المرشح وفهم ما يثير شغفه، كما أنه يُسهم في تخفيف شعوره بالقلق والتوتر ويضمن له التعبير عن رأيه باطمئنان خلال عملية المقابلة.

المزايا

توفر المقابلة الحوارية رؤى ثاقبة حول المجالات التي تُثير فضول المرشح ومهارات الاستماع لديه. وقد تساعدك الأسئلة المطروحة خلالها في فهم كيفية استيعاب المرشح للمعلومات ومدى قدرته على اتباع مسار من التفاعل والاستكشاف للوصول إلى إجابات. فإذا طرح المرشح أسئلة قبل اقتراح الحلول، فيشير ذلك إلى قدرته على التوصل إلى استنتاجات بالاستناد إلى المعلومات المتاحة والظروف الماضية بدلاً من الاعتماد الكامل على خبرته والأساليب التي يتبعها في التفكير في المشكلات واتخاذ القرارات. تختار غالبية الشركات الموظفين الذين يتمتعون بمهارات التفكير التحليلي والقدرة على تكييف أساليب حل المشكلات بما يتناسب مع ثقافة الشركة، بدلاً من المرشحين الذين يطبّقون استراتيجيات الشركات الأخرى دون تعديل.

ستوفر لك المقابلة الحوارية معلومات قيّمة أيضاً عن مهارات المرشح الشخصية، وعن شخصيته، ومدى تواضعه. ويمكنك عندما يعرض أفكاره تقييم قدرته على التأثير بفعالية وكيفية استجابته للتحديات التي تعترض طريقه في عملية التفكير. أخيراً، إذا أضفت حقائق جديدة إلى السيناريو، فيمكنك تقييم مدى قدرة المرشح على تغيير مسار تفكيره بسرعة نحو أفكار بديلة أو مدى جمود تفكيره؛ وذلك هو الاختبار النهائي لتمتعه بمهارة حل المشكلات والقدرة على التحمّل.

أوجه القصور

القيد الرئيسي لهذا النوع من المقابلات هو المحاور نفسه. إذ يتطلب بدء حوار مفتوح أن يحافظ المحاور على لهجة داعمة ولغة جسد إيجابية خلال المقابلة، إضافة إلى استخدام أسلوب القيادة الموجّه؛ أي يجب أن ينطوي هدفك على تمكين المرشح من الإسهام في حل المشكلات، بدلاً من خلق جو تنافسي. وإذا كنت غير متسق في استخدام هذا الأسلوب، فقد تخلق تجربة رائعة لأحد المرشحين وتجربة مُحبطة لآخر.

خصص وقتاً لتجهيز كل عضو في لجنة المقابلة، بما في ذلك إعداد قائمة بالمهارات الشخصية والفنية الرئيسية والسمات التي يجب على كل محاور الاستفسار عنها خلال المقابلة. إذ يُسهم تزويد كل محاور بجدول تقييم منظّم يتضمن المهارات الشخصية والفنية الضرورية لنجاح المرشح في المنصب في تحقيق اتساق في عملية التقييم وتقليل التحيزات الفردية.

اتخاذ قرار بشأن أسلوب المقابلة الأمثل

ينطوي كل من أسلوبي المقابلة المنظمة والحوارية على مزايا وعيوب محددة. توفر المقابلات المنظمة معلومات محددة ومتسقة وقابلة للمقارنة حول مهارات المرشح وخبراته، ما يساعد على ضمان الإنصاف وتقليل التحيزات؛ ومع ذلك، قد لا يزودك هذا النهج بالمعلومات التي تحتاج إليها حول شخصية المرشح وقدرته على التكيف.

من جانب آخر، تُسهم المقابلات الحوارية في تيسير التفاعل الطبيعي، ما يتيح للمحاور فرصة كسب فهم أعمق حول مهارات المرشح في حل المشكلات، وأسلوبه في التواصل، ومدى توافقه مع ثقافة الشركة؛ لكنها قد تكون أقل اتساقاً وأكثر تأثراً بوجهات النظر الشخصية، ما يفتح المجال لظهور تحيزات في عملية التقييم.

تجمع عملية التوظيف الفعالة غالباً بين الطريقتين، وذلك بالاعتماد على أقدمية الدور. بعبارة أخرى، يمكن استخدام المقابلات المنظمة مع المرشحين المبتدئين لتقييم مهاراتهم ومعرفتهم بالمجال وفهمهم لكيفية تطبيق تلك المهارات في سياق العمل؛ في المقابل، يمكن استخدام المقابلات الحوارية مع المرشحين الأكثر خبرة الذين يتوقع المحاورون منهم التمتع بالذكاء الاستراتيجي من خلال تقييم مهارات التفكير الاستراتيجي لديهم. ومع ذلك، قد ترغب في حالة المرشحين الأكثر خبرة في دمج نوعي المقابلة لضمان قدرتك على تقييم مهاراتهم وخبراتهم المهمة، والحصول على فهم أعمق وأشمل حول طموحات كل مرشح ودوافعه وتحديد مدى توافقه مع مسار الشركة. ويساعدك هذا النهج المتوازن على اتخاذ قرارات توظيف تتسم بالإيجابية والشمولية.

باختصار، إن توفير تدريب لكل محاور على ديناميات الفريق والاحتياجات غير الملموسة سيساعده على التركيز على المهارات المطلوبة ومدى توافق المرشحين مع ثقافة الشركة إلى جانب الحفاظ على الحيادية في الوقت نفسه، سواء استخدمت نمط المقابلة المنظمة أو الحوارية، أو جمعت بين النمطين. كما أن استخدام نهج المقابلة المتوازن مع توفير التدريب المناسب يتيح تحديد هوية المرشحين الذين يمتلكون المهارات الصحيحة وأولئك الذين يمتلكون القدرة على الازدهار والإسهام في الثقافة المؤسسية على المدى البعيد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي