دليل متكامل لكتابة بريد إلكتروني مُتقن في العمل

5 دقيقة
كتابة بريد إلكتروني

يرسل جميعنا، في الغالب، رسائل البريد الإلكتروني بوتيرة سريعة طوال النهار (وطوال الليل أحياناً). وهو ما يعني أن من يتلقون رسائلك الإلكترونية يفعلون الأمر نفسه. لا توجد، بوجه عام، إجابة شافية عما إذا كان في هذا الروتين نفع لنا أم ضرر. وإلى أن نحسن التعامل مع فيض رسائل البريد الإلكتروني بمهارة أعلى، يبقى السؤال: كيف تطمئن إلى أن ما ترسله من رسائل يكون محل قراءة واهتمام؛ لأسباب أخرى خلاف انتباه القارئ إلى خطأ طباعة مؤسف وقعت فيه سهواً؟

نبدأ بالأساسيات. وهي أساسيات ربما تبدو واضحة، ولكن نسيانها سهل.

النص

- انتبه لطريقة كتابة الأحرف وللمسافات بين الكلمات. قد تساعد التفاصيل الصغيرة، مثل طريقة كتابة الأحرف وإجادة استخدام علامات الترقيم، في لفت الانتباه إلى رسائلك في صندوق بريد مليء بالمختصرات والجمل الناقصة والأخطاء الإملائية. يقول خبير الكتابة في مجال الأعمال، بريان غارنر: "إن كتابة رسالة واضحة في المرة الأولى تستغرق زمناً أقل مما تستغرقه متابعة ما قصدت قوله".

مع ذلك، هناك مواقف يجدر بك فيها استخدام رمز تعبيري أو تعمّد الوقوع في خطأ طباعة. يقول طالب درجة الدكتوراة في كلية هارفارد للأعمال، أندرو برودسكي، إن طباعة وجه مبتسم وسيلة فعالة إذا كنت ترغب في محاكاة أسلوب من تراسله، على سبيل الدعابة. وقد يكون خطأ الطباعة المتعمد لمحة ذكية إذا كانت رسالتك تتطلب درجة عالية من الأصالة (لجعل الأمر يبدو وكأنك لا تصوغ رسالتك باعتناء)، خاصة إذا كنت في موقع قوة. لكن، قبل أن تضغط على زر الإرسال (كأنك تقول له: انظر ماذا فعلت في الرسالة؟) تأكد من أن تسأل نفسك إن كان "من المهم في الموقف أن تبدو أكثر أصالة من الناحية العاطفية (من خلال ارتكاب أخطاء) أو أكثر كفاءة (بعدم ارتكاب أخطاء)"؟

- هل تختار خط طباعة سهل القراءة؟ على الأرجح لا. تذكّر أن رسالة البريد الإلكتروني، بخلاف أنها وسيلة تواصل، فهي تجربة مُصممة. فيمكن لخط طباعة مشتت للانتباه، أو استخدام أكثر من ثلاثة أنواع من خطوط الطباعة، أن ينتقص من فعالية رسالتك (أو أن يدفع متلقيها إلى تجاهلها وحذفها). ومن خيارات خطوط الطباعة المناسبة: Arial وHelvetica وLucida Sans وPalatino وVerdana، وفقاً للمبادر الاجتماعي، دان بالوتا.

- تذكّر أن تكتب في خانة الموضوع عنواناً وصفياً قصيراً. إذا كنت تريد من المستلم أن يتصرف وفق محتوى رسالتك، فاكتب عبارة واضحة تحثّه على اتخاذ إجراء.

طول الرسالة

- يقول بالوتا إنه لن يقرأ أحد نصاً بالغ الطول. وتنصح الشريكة في ذا بريدجسبان غروب (Bridgespan Group)، كاتي سميث ملواي، بتقسيم النص من خلال تمييز رسائله الرئيسية بصرياً، أو الالتزام بقاعدة عدم تجاوز حجم النص مساحة شاشة واحدة، أو أقل.

- كما ينبهك غارنر على عدم حذف المعلومات والبيانات المهمة عند العمل على اختصار نص الرسالة. "اقرأ رسالتك كأنك أنت من يتلقاها. وتذكّر أنهم ليسوا على دراية بمشروعك بقدر إحاطتك به، والأرجح أن لديهم العديد من الشؤون الجارية الأخرى. فذكرهم بالموقف الآخر منذ آخر رسالة مستجدات أرسلتها إليهم، وصف لهم ما جرى منذ ذاك الحين".

- أهم شيء هو أن تدخل سريعاً في صلب الموضوع. لا داعي لأن تطيل الثناء لأي موظف (لكن لا مانع من بادرة مجاملة صادقة بين السطور) من أجل إنجاز المهمة.

مراجعات

نعم، لها قواعد. يقول المؤلف ديفيد سيلفرمان إن مرات المراجعة تتحدد بوجه عام بعدد مستلمي رسالتك:

  • 1 إلى 5 مستلمين = 2 إلى 4 مراجعات
  • 5 إلى 10 مستلمين = 8 إلى 12 مراجعة
  • الرسالة إلى عموم الشركة أو إلى اللجنة التنفيذية = من 30 إلى 50 مراجعة

إن نصيحته الجوهرية هي عدم إرسال رسالة البريد الإلكتروني دون مراجعتها. كما يوصي سيلفرمان بحذف أي كلمة أو جملة كتبتها في خضم انفعالك، أو تبدو "ظريفة" أو "متحذلقة" دون داعٍ، ثم الصبر على رسالتك يوماً قبل إرسالها؛ فمن يدري، ربما تُحل المشكلة التي تناولتها في رسالتك دون الحاجة إلى تدخلك. (تعتقد ملواي أن من شأن ضبط إعدادات إرسال البريد الإلكتروني، بحيث ترسل الرسالة بعد دقيقتين من ضغطك زر الإرسال، أن يحدث فرقاً).

التوقيت

النصيحة العامة هنا هي أن تتجنب إرسال رسائل البريد الإلكتروني في نهاية يوم العمل أو في أثناء عطلة نهاية الأسبوع  (هناك استثناءات بالطبع، وسأتناولها بعد أسطر)، أو في توقيت تعلم أن مستلمي الرسالة سيكونون منشغلين فيه عن قراءتها والرد عليها.

مستلمو الرسالة

تنطبق القواعد المعتادة: يقول غارنر: "لا تدرج أي موظف قد يكون غير معني بموضوع رسالتك، وتجنب استخدام خاصية النسخة المخفية الوجهة إلا إذا كنت متأكداً من ضرورة ذلك. بتصرف كهذا، تترك انطباعاً لديهم بأنك غير كتوم".

أما عندما تستلم رسالة، فحاذر من أن ترد عليها مستخدماً زر "الرد على الجميع"، فتصبح أنت الملوم عن بدء متوالية رسائل لا تنتهي.

بخلاف النصائح الأساسية، هناك مجموعة كاملة من نصائح استخدام البريد الإلكتروني التي تنطبق على مواقف بعينها. أقدّم لك بعضها، لتستعين بها في المواقف الصعبة.

في حالة التضارب أو خبر مزعج

عندئذ، من الأفضل أن يكون تعاملك شخصياً، في أغلب الأحوال. مع الاعتراف بكفاءة البريد الإلكتروني وفعاليته في بعض الأمور، فإنه ليس وسيط التواصل المناسب للتعامل مع مسألة حساسة، فمن الصعوبة بمكان أن تتوقع تفسير المستلم لمضمون رسائلك. يحدد أندرو برودسكي سببين لذلك؛ أولهما، أن المرء يتفاعل حسياً مع الرسالة التي يتلقاها فيصبغها بمشاعره، بعيداً عن المقصد الحقيقي لمرسلها؛ والسبب الثاني هو الدور الذي يلعبه العديد من عوامل السياق (منها: مدة معرفتك بموظف ما، على سبيل المثال).

ويقول إن عليك أن تضع نفسك موضع مستلم رسالتك، قبل أن ترسلها. وقد يفيدك أن تعبّر عن مشاعرك بوضوح لتغلق باب التخمين المنفعل أمام مستلم الرسالة.

يدعوك المؤلف جوزيف غريني إلى أن تطرح السؤال الآتي على نفسك قبل التفكير في كتابة رسالة بريد إلكتروني حول نزاع أو تضارب أو خبر مزعج: "هل يمكنني فعل ذلك بكفاءة دون أن أرى وجهها، ودون أن ترى هي وجهي؟". ويشير إلى أننا نجمع معلومات مهمة من تعبيرات الوجوه، ونميل إلى أن نكون أكثر التزاماً بالقيم الأخلاقية ونبدي مشاركة وجدانية عندما نقف أمام الشخص وجهاً لوجه.

رسالة البريد الإلكتروني مقبولة عندما تجمعك بمستلمها علاقة طويلة وتتفهم مشاعره جيداً. لكن عليك المبادرة بتوضيح قصدك قبل الدخول في مضمون الرسالة وأن تغيّر وسيط التواصل إن تطرّق نص الرسالة إلى جوانب عاطفية. الجأ إلى الهاتف أو إلى سكايب عندما يتوتر الموقف.

عندما تتردد في كيفية الرد

تلقينا جميعاً رسائل بريد إلكترونية صعبة عن "تفاوض معقد، أو موقف حساس سياسياً. أو ربما هي مجرد رسالة من شخص يثير أعصابك"، كما يكتب الرئيس التنفيذي، أنتوني تجان. فإن أول ما يوصي به هو التمهل، إما بالرد بعبارة قصيرة مثل "لقد تلقيت رسالتك" وإما بعدم الرد لـ 24 ساعة ("عدم الرد هو رد في حد ذاته، ويمكن أن يصب في صالحك في كثير من الأحيان").

ثم يقترح الاستعانة بما يسميه "العناصر الأربعة" عندما تفكر في كيفية الرد: السياق، والمحتوى، وجهة الاتصال (المستلم)، وقناة الاتصال.

عندما تراسل مسؤولاً كبيراً

قد تخشى إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى مسؤول تنفيذي رفيع المستوى في أي شركة؛ أو ربما الرئيس التنفيذي في شركتك. ولكن الكاتب ورائد الأعمال بيتر سيمز يرى أنها فكرة جيدة أحياناً. يقول إن غالبية مسؤولي المناصب العليا ينشدون آراء مسؤولي المكاتب الأمامية في شركاتهم وأفكارهم. ومع أن عدم تلقيك أي رد احتمال قائم وقوي، فإن هناك حالات موثّقة لرسائل بريد إلكتروني أرسلها موظف إلى مسؤول رفيع المستوى من دون سابق علاقة فكانت سبباً في بداية حوار مثمر أو إحداث تغيير حقيقي داخل الشركة. بدوره، يقدم سيمز نصائح حول أنسب وقت للتواصل مع مسؤول تنفيذي مشغول، والقواعد العامة للمثابرة على ذلك.

بطبيعة الحال، تنطبق نصائح عديدة سبق أن ذكرناها في هذا المقال، منها أن تكون الرسالة مختصرة وفي صلب الموضوع.

وفي النهاية، تذكّر أن: إرسال رسائل البريد الإلكتروني مهمة نؤديها باستمرار، وعليك أن تؤديها وعقلك متيقظ وحاضر دائماً. البريد الإلكتروني ليس وسيلة التواصل الوحيدة في متناولك، حتى لو كان الوسيلة الأساسية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي