عندما يختلف كبار الرؤساء التنفيذيين وكبار المُحللين، يضع السوق ثقته في المُحللين

4 دقائق
كبار الرؤساء التنفيذيين والمحللين
shutterstock.com/KELENY

ما الذي يهم المستثمرون عند تحديد قيمة الشركة، هل هو سمعتها أم سمعة رئيسها التنفيذي؟ وماذا عن سمعة محلل الأسهم الذي يغطي أسهم الشركة؟ وماذا أيضاً عن كبار الرؤساء التنفيذيين والمحللين؟

في 11 يناير/كانون الثاني من عام 2008، عندما كانت الأسواق الكبرى تتأثر بنسبة 0.75% فقط، انخفضت أسعار أسهم شركة "أميركان إكسبريس" (American Express)، بقيادة الرئيس التنفيذي الأسطوري كين تشينولت (Ken Chenault) بنسبة 10%، وذلك عندما خفضت محللة شركة "أوبنهايمر" (Oppenheimer) للسمسرة والأوراق المالية، ميريديث وايتني (Meredith Whitney) تقييمها للشركة. وفي اليوم نفسه، انخفضت أسعار أسهم شركة "دريم ووركس" (Dreamworks) بنسبة 3% عندما خفضت جيسيكا ريف كوهين (Jessica Reif-Cohen)، المحللة في شركة "ميريل" (Merrill)، تقييمها للشركة التي يقودها "جيفري كاتزنبرغ" (Jeffery Katzenberg)، النجم اللامع في مجال الترفيه.

بناء السمعة القوية للشركات

تنفق الشركات ملايين الدولارات لبناء سمعة قوية لأنها تعتقد أنها ترتبط مباشرةً بقيمتها السوقية في المجمل، لكن سمعة الشركة ليست العامل الوحيد الذي ينظر إليه الأشخاص عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار أو عدمه، فهناك أيضاً سمعة الرئيس التنفيذي والمحلل. أردنا أن نفهم الطرق التي تؤثر فيها كل من هذه العوامل على الشركات، وكيف يتصرف السوق أمام الكثير من مصادر المعلومات الموثوقة.

لكي نستكشف أي نوع من السمعة له أثر أكبر، استخدمنا قواعد بيانات كبيرة تحوي معلومات عن الشركات والأسواق وبيانات مالية جُمِعت على مدار 13 سنة. درسنا أثر المحلل والرئيس التنفيذي وسمعة الشركة على حجم رد فعل السوق على انخفاض وارتفاع تقييمات المحللين. بمعنى آخر، هل سيرتفع أم سينخفض سعر السهم بعد أن يصدر المحلل توصيته بشأن شراء سهم شركة أو الاحتفاظ به أو بيعه؟

قِسنا سمعة الرئيس التنفيذي باستخدام عدد من جوائز القيادة الممنوحة للرؤساء من قبل سبع مجلات ريادية في مجال الأعمال، وذلك خلال فترة السنوات الخمس السابقة لسنة القياس. وقِسنا سمعة المحلل باتباع الطريقة المعتادة: أي المحللين اختير ضمن "التشكيل المثالي لفرق المحللين الأميركيين" (All-American Teams) التي تنشرها مجلة "المستثمر المؤسسي" (Institutional Investor) سنوياً. وقيّمنا سمعة الشركة باستخدام قوائم الشركات الأكثر تقديراً ومكانةً. درسنا في المجمل قرابة 19,500 حالة انخفاض و17,400 حالة ارتفاع في أسعار أسهم الشركات خلال الفترة بين 1996 حتى 2008، ونُشرت نتائجنا حديثاً في "مجلة أكاديمية الإدارة" (Academy of Management Journal).

على الرغم من هذا الكم الهائل من الأبحاث التي أجريت عن القيادة وما تنفقه الشركات الأميركية سنوياً لتعليم القيادة، الذي يبلغ تقريباً 14 مليار دولار، كان من المتوقع أن تطغى أهمية سمعة الرؤساء التنفيذيين على أفضل المحللين، إلا أن دراستنا أسفرت عن نتائج مختلفة.

وجدنا أن خفض التقييم من جانب محلل كبير يتسبب في تغييرات هائلة في تقييم السهم لا تعوّضها السمعة الجيدة للرئيس التنفيذي. بمعنى آخر، فيما يتعلق برد فعل المساهمين، طغت سمعة المحللين الكبار على سمعة الرؤساء التنفيذيين الخاضعين لتقييمهم، حتى عندما خفض كبار المحللين تقييمهم للشركات التي يديرها كبار الرؤساء التنفيذيين. وقد وجدنا تحديداً أن التقييم المنخفض من جانب محللين كبار يتسبب في زيادة رد الفعل السلبي في السوق بنسبة 40%، مهما كانت سمعة الرئيس التنفيذي. لذا، عندما يصدر المحلل الكبير تقييماً منخفضاً، لا يكون لسمعة الرؤساء التنفيذيين أي أثر على رد فعل السوق.

سمعة الرئيس التنفيذي مقابل سمعة المحلل

إلا أن هناك تبايناً ملحوظاً، إذ تحدث سمعة الرئيس التنفيذي توازناً في رد فعل سوق الأسهم على التقييمات المنخفضة من جانب المحللين العاديين. فقد أحدثت السمعة القوية للرئيس التنفيذي انخفاضاً بنسبة 3% في أثر التقييم المنخفض من جانب محللين ليسوا من كبار المحللين. لذا نجد أن سمعة الرئيس التنفيذي تؤثر في رد فعل السوق على التقييمات المنخفضة فقط إذا صدرت هذه التقييمات المنخفضة من محللين غير كبار.

وجدنا كذلك نمطاً مماثلاً في حالات ارتفاع أسعار الأسهم، حيث حقق التقييم المرتفع لشركة من قبل كبار المحللين أكبر أثر على السوق، بأن ازدادت نسبة رد الفعل الإيجابي من جانب السوق بنسبة 42%.

ماذا يعني هذا كله؟ تشير نتائجنا إلى أنه لا شك في أهمية السمعة، لكن لا تؤخذ كلها في الاعتبار بالقدر ذاته. فعندما تصطدم السمعات المختلفة، تكون أهمية بعضها أعلى من غيرها. ويميل المستثمرون عند اتخاذ القرار إلى اعتبار خبرة المحللين بدرجة أكبر من غيرهم. نعتقد أن السبب في هذا هو أن المستثمرين ممن يشترون ويبيعون الأسهم يرون أن سمعة المحلل هي الأوثق صلةً بالقرارات العاجلة. أما سمعة الرئيس التنفيذي والشركة، فتعتمد على عوامل أقل ارتباطاً مباشرة بالقرار المحدد المتعلق بالبيع أو الشراء في أي وقت. إلا أن هذه النتيجة كانت مفاجئة نوعاً ما بالنظر إلى العديد من الدراسات الأخرى التي استنتجت آثاراً إيجابية كبرى لسمعة الرئيس التنفيذي والشركة.

يظهر السيناريو المتمثل في تقييم العديد من السمعات في كثير من المواقف الأخرى، بدءاً من الأسواق وانتهاءً بمنتجات المستهلك. على سبيل المثال، فإن الجامعات والأقسام الجامعية وحتى الأساتذة الجامعيين لهم سمعة كبيرة. وبالمثل، يضطر المستهلكون غالباً إلى اتخاذ قرار عندما تتعدد السمعات، فتكون هناك سمعة المنتج نفسه وسمعة العلامة التجارية، إلى جانب سمعة المتجر الذي يبيع المنتج. لذا، من الضروري فهم أي سمعة هي الأهم على الأرجح. فإذا كانت الشركات ستكرّس وقتها ومواردها لبناء سمعتها والحفاظ عليها، فمن الضروري أن تفهم متى تكون السمعة مهمة، ومتى لا يكون لها أهمية.

تتساءل الشركات غالباً حول مدى فاعلية علاماتها التجارية، أو ما تحققه سمعتها فعلياً، وتركز في معظم الأحيان على عدة نقاط في الوقت نفسه. وتشير دراستنا إلى أن الأشخاص قد لا يوازنون بين المصادر المتعددة للمعلومات، بل قد يعتمدون عوضاً عن ذلك على مصدر واحد للسمعة يشعرون أنه الأوثق صلة بقراراتهم. وعندما تصطدم السمعات المتعددة، تكون السمعة الأهم هي الأكثر ارتباطاً بالعملية المعنية والأقرب للشخص الذي يتخذ القرار. فإذا كان المستهلك، على سبيل المثال، أكثر اهتماماً بموثوقية المنتج، فمن المحتمل أن يعتمد على سمعة المنتج أكثر من سمعة المتجر. أما إذا كان ما يبحث عنه هو خدمة ما بعد البيع، فعلى الأرجح ستكون سمعة المتجر هي الأكثر تأثيراً.

علينا أن نطرح السؤال ذاته كمستهلكين ومستثمرين عند الحديث عن كبار الرؤساء التنفيذيين والمحللين، لا بالنيابة عن شركاتنا فحسب: هل نهتم بالمصادر الصحيحة للسمعة عند اتخاذ القرارات؟ ونظراً لأهمية السمعة في كثير من النتائج، يجب أن تعمل الدراسات المستقبلية على تأكيد ما إذا كانت الآثار الموضحة أعلاه ستصمد عملياً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي