ملخص: يمكن أن يعاني أي شخص من قلة الثقة بالنفس، خاصة في الاجتماعات. قد يبالغ الأشخاص في استجابتهم لردود أفعال الآخرين أو يقارنون أنفسهم بما يرونه منهم. ونتيجة لذلك، فإنهم يعدلون إسهاماتهم ويحرمون أنفسهم وفريقهم من أفكارهم ويخفون مشاعرهم الحقيقية، ما يؤدي إلى زيادة شعورهم بالشك والاستياء. ولكن يمكنك من خلال اتباع بعض الطرق تجنب الشعور بضعف ثقتك بنفسك في لحظة حدوث الموقف، وجعل إسهاماتك مثيرة لاهتمام الحضور في الاجتماعات. أولاً، طالب بمساحة لإسهاماتك من خلال الإعلان عنها. ثانياً، أعطِ اسماً لوجهة نظرك، سواء لنفسك أو للفريق، لتحديد أفكارك على نحو أفضل. ثالثاً، اشرح فكرتك وسبب أهميتها في الوقت الحالي. وأخيراً، اطلب من الآخرين إبداء تعليقاتهم، حتى يتمكنوا من فهم ما شاركته للتو والتفكير فيه بعمق أكبر.
حصلت رباب على ترقية مؤخراً لتشغل منصب مديرها السابق، وهي غالباً ما تقارن نفسها بزملائها الجدد، وتعتبر 5 زميلات تحديداً مثلها الأعلى. تتساءل رباب عما إذا كانت تستحق أن تكون ضمن كبار المسؤولين التنفيذيين، ولكن ليس لدى مديرها أي شك في مؤهلاتها. وهي حاصلة على درجة الدكتوراة، وفازت بجوائز في مجالها، وأسست فريقاً قوياً، وتحظى بحب عملائها. ومع ذلك، فهي تعاني من قلة الثقة بالنفس بدرجة كبيرة. وإذا لم تسيطر على أفكارها، فإنها يمكن أن تتحول إلى أفكار كارثية.
اقترحت رباب مؤخراً فكرة جديدة خلال اجتماع لفريق القيادة. ولكن لم يستجب أحد لها. وانتقلت المحادثة إلى تناول محاور أخرى. لكن رباب لم تتجاوز الأمر، قائلة لنفسها أشياء من قبيل إنها لم تكن ذكية بما فيه الكفاية، وفكرتها كانت تافهة، وهذا هو ما يحدث في كل مشاركاتها التي لا تتصف بأنها مثيرة للاهتمام أو استراتيجية بما يكفي لتلفت انتباه زملائها. وقد جعلتها مثل هذه الأفكار صامتة لبقية الاجتماع وترددت في التحدث بعد ذلك.
يخفي العديد من عملائي، وهم مسؤولون تنفيذيون ناجحون يشغلون مناصب ذات سلطة، شكوكهم ومخاوفهم الداخلية. وغالباً ما يكون جلدهم لذاتهم نتيجة للتقييم المفرط لردود أفعال الآخرين أو في كثير من الأحيان مقارنة أنفسهم بما يرونه من الآخرين. ونتيجة لذلك، فإنهم يعدلون إسهاماتهم ويحرمون أنفسهم وفرقهم من أفكارهم ويخفون مشاعرهم الحقيقية، ما يؤدي إلى زيادة شعورهم بالشك والاستياء.
الاستراتيجيات الناجحة للتغلب على قلة الثقة في النفس
يمكن أن يعاني أي شخص من ضعف الثقة بنفسه، ولكن هناك استراتيجيات ناجحة في مواجهة هذا الشعور بغض النظر عن السبب أو السياق. بناءً على عملي مع رباب وعملاء آخرين، حددت 4 طرق استراتيجية لتفادي الشعور بضعف الثقة بالنفس في لحظة حدوث الموقف وجعل إسهاماتك مثيرة لاهتمام الحضور في الاجتماعات.
طالب بمساحة لإسهاماتك من خلال الإعلان عنها
من السهل ألا يلاحظ أحد شعورك بضعف الثقة عندما يكون الجميع متحمساً لموضوع ما. بسبب قلة ثقة رباب بنفسها، فإنها تبدأ في التحدث إما بهدوء شديد أو بسرعة كبيرة، وبالتالي فإنها تفقد اهتمام جمهورها قبل أن تكمل جملتها الأولى. لتجنب هذا المأزق، أعلن عن إسهامك قبل الدخول في موضوعك. على سبيل المثال، يمكنك طرح أسئلة من قبيل "هل يمكننا التمهل والنظر إلى هذا الأمر من منظور العميل؟" أو "لنرجع خطوة إلى الوراء ونفكر على المدى الطويل في هذه المقاييس" أو "كيف يمكننا أن نفكر على نحو مختلف في إجراءاتنا إذا نظرنا إليها في سياق توجهات السوق الصغيرة؟". يجب أن نعلن أولاً عما سنتناوله؛ فهذا يوجه انتباه الأشخاص إلينا وبذلك لن تفوتهم العبارات الأولى التي سنوضح بها فكرتنا. من خلال صياغة الفكرة، فنحن لا نطالب بمساحة لإسهامنا فحسب، بل نساعد أيضاً في الحفاظ على ما تركز عليه المناقشة.
أطلق اسماً على فكرتك
قبل مشاركة أفكارك، أعطِ وجهة نظرك اسماً. لأن رباب لم تكن مقتنعة بقيمتها، كانت تحجم عن محاولة إفساح مجال لنفسها للمشاركة في الاجتماعات؛ فلغة جسدها، وندرة تعبيرها عن رأيها، وقلة كلماتها جعلت وجودها غير ملحوظ. اعتمدت رباب منذ ذلك الحين أساليب لتسمية أفكارها، على سبيل المثال، من خلال مراجعة نقاط الاجتماع بحثاً عن أنماط. فقد كانت رباب تبحث عن الموضوعات الأساسية وتحاول أن تبتكر اسماً مختصراً أو أن تتلاعب بالألفاظ في عبارة شائعة. وخلال اجتماع عُقد مؤخراً، سمحت لها عبارات، مثل "أميركا الشمالية فقط" و"العمى الثقافي" و"الأسواق عالية النمو" بتسمية فكرتها الأساسية بحروف مختصرة. استخدم هذه الاسم لزيادة ثقتك بنفسك، أو شاركه مع الآخرين إذا أردت ذلك. تحدث بصوت عالٍ، وإذا تلاعبت بالألفاظ في عبارة شائعة، فاعرض جملتك مع قليل من الفكاهة لتخفيف شعورك بالتوتر. ليس من السهل دائماً فعل ذلك في لحظتها، ولكن تسمية أفكارك ستجعلها محددة بشكل أفضل، وتعطيها ثقلاً أكبر، وستجعلها تشغل مساحة أكبر في الاجتماع.
اشرح فكرتك
وضِّح مخطط اقتراحك بمجرد أن تعلنه وتسميه. فهذا المخطط يركز انتباه جمهورك حيث تريده أن يكون، مثلما يفعل الإطار الموضوع حول الصورة. بعد ذلك، في أثناء التحدث عن الفكرة بالتفصيل، اشرح سبب أهميتها بالعموم وفي الوقت الحالي بالخصوص. إذ إن كل فكرة ستشغل حيزاً في جداول مواعيدنا. ففي ظل جداول المواعيد المزدحمة، لماذا يجب أن نهتم بهذا الموضوع؟ تتعلق إحدى أفكار رباب، التي لم توضحها بعد، بالعودة إلى بيئة العمل الهجينة. تناقش شركتها العديد من الخيارات، وإذا تم اتخاذ أي إجراء بشأن إسهاماتها على الفور، فإنها ستعالج شاغلاً مشتركاً لدى الموظفين. فمن دون مراعاة حسن التوقيت، توقع أن يصفق الجمهور لفكرتك ولكنها لن تكتسب زخماً. وعندما يقتنع جمهورك أنه بحاجة إلى اتخاذ إجراء الآن، فإن اقتراحك سيحظى بمزيد من الاهتمام.
استقبل تعليقات الحضور
عندما نفقد الثقة بأنفسنا، فإننا نتأثر بتلميحات زملائنا إذا بدا أنهم لم يتابعوا ما قلناه. وهذا ما كان يحدث بالضبط مع رباب. عدم استجابة الآخرين لما تقوله أكد أسوأ مخاوفها: لم تكن اقتراحاتها مثيرة للاهتمام ولم تكن ذكية بما يكفي. قبل الإذعان لآراء الآخرين، ثمة حيلة يمكنك اتباعها لإشراكهم في الحديث. اطلب صراحة الحصول على تعليقات الجمهور باستخدام أسئلة، مثل "من منكم يراوده هذا الشعور؟" أو "ما أفكاركم حول هذا الموضوع؟" أو "ما الذي يجذب انتباهكم؟". عندما توجّه دعوة للحضور من أجل معرفة تعليقاتهم باستخدام سؤال إجابته مفتوحة، ستمنحهم فرصة لفهم ما شاركته للتو والتفكير فيه بعمق أكبر.
عندما طبّقت رباب هذه الاستراتيجيات، تفاجأت بالنتيجة. حتى قبل فحص مخاوفها الكامنة بعمق أكبر، تقول إنها أصبحت تستطيع التعبير عن رأيها. ولا تخشى الآن اقتراح الأفكار والمشاركة في الاجتماعات، وتكون أكثر نجاحاً عندما تفعل ذلك. فمن خلال تطبيق هذه الأساليب للتعبير عن وجهات نظرها، وجدت دليلاً مباشراً على أن المشكلة لم تكن في أن أفكارها تفتقر إلى الترابط، بل في طريقة عرض أفكارها بسبب عدم ثقتها بنفسها. وبعد تغيير طريقة عرض أفكارها، تمكنت من تقدير ذاتها بقدر أكبر. وبمجرد أن تقبَّل الزملاء مقترحاتها، أصبحت بطبيعة الحال أكثر ثقة بنفسها.
عندما يراودنا أي شك أو عندما نعاني من قلة الثقة في النفس، فإن البحث العميق في داخلنا يجعلنا أكثر إيماناً بالمنطق الخاطئ نفسه. ولكن من خلال اتخاذ إجراء خارجي، يمكننا تحرير أنفسنا من الانتقاص الذاتي وإفساح المجال لإبداعنا وإبداع جمهورنا.