ملخص: وضعت وزارة البيئة والمياه والزراعة مبادرات مؤسسية لضمان تبني تقنيات تدعم استدامة قطاع البيئة. وتشمل هذه المبادرات مجموعة من البرامج التي تسهم في تحقيق الأهداف المنشودة من هذه التقنيات والتغلب على العقبات التي قد تواجهها، وهي:
- 1. مبادرة توجيه مساعي تبني التقنية والابتكار بقطاع البيئة وتنسيقها.
- 2. مبادرة تحسين التعاون وتعزيز الوعي بمجالات التقنية والابتكار وريادة الأعمال في قطاع البيئة.
- 3. مبادرة تحفيز الطلب على تبني المنتجات والحلول الابتكارية في قطاع البيئة.
- 4. مبادرة بناء قدرات البحث والتطوير والابتكار في قطاع البيئة لضمان إمداد محلي كاف ومستمر من الحلول الابتكارية.
تولي المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بتبني الحلول المبتكرة والتقنيات الحديثة للتصدي للتحديات البيئية خاصة مع المخاوف الناجمة عن تأثيرات التغير المناخي. إذ تسعى المملكة إلى تطوير البنى التحتية الخضراء واستثمار التكنولوجيا لبناء مستقبل أخضر يعتمد على التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل انبعاثات الكربون، وتحسين إدارة الموارد الطبيعية والنفايات، وزيادة التشجير. وتتطلع من خلال مبادرة السعودية الخضراء أن تتجاوز عدد الأشجار المزروعة والمحفوظة 600 مليون شجرة بحلول عام 2030، وتستهدف زراعة 10 مليارات شجرة ما يعادل إعادة تأهيل 74 مليون هكتار من الأراضي.
بدورها عززت وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية ثقافة الابتكار ضمن قطاع البيئة، وفقاً لمستهدفات رؤية 2030 التي تضع البيئة في صلب اهتماماتها. وحددت الوزارة 5 مجالات أساسية بناءً على تطلعات المملكة لاستصلاح الأراضي، والحد من التصحر، وتطوير أنظمة متقدمة للإنذار المبكر بالتقلبات الجوية، وتعزيز الجدوى الاقتصادية للقطاع. وشملت هذه المجالات كلاً من التنوع الحيوي، والأراضي والنباتات والتصحر، وإدارة النفايات، ومكافحة التلوث، والأرصاد الجوية بما يتضمن أتمتة البيانات وتحسين تكنولوجيا التنبؤ والمحاكاة.
ووجهت الوزارة بتنفيذ إصلاحات هيكلية تساعد على تحسين كفاءة قطاع البيئة، ورفع إنتاجيته وزيادة إسهاماته في النمو الاقتصادي.
تقنيات تدعم استدامة قطاع البيئة
على الرغم من التنوع البيئي للمملكة وامتلاكها مساحات واسعة من المحميات البرية والبحرية، فإنها تواجه تحديات بيئية مثل شح المياه وارتفاع درجات الحرارة، لذا حرصت وزارة البيئة والمياه والزراعة على وضع خريطة طريق للاعتماد على الحلول التكنولوجية في قطاع البيئة بهدف التصدي لهذه التحديات.
وبناء على ذلك، حددت الوزارة 3 تقنيات بإمكانها المساعدة على تجاوز التحديات البيئية، وشملت هذه التقنيات ما يلي:
إدارة أراضي الرعي
اهتمت الوزارة بإدارة أراضي الرعي، إدراكاً لدورها المحوري في الحد من التصحر وتآكل التربة. وتسهم هذه التقنيات في تعزيز الإدارة المستدامة للمراعي والأراضي الرعوية المفتوحة، من خلال تنظيم استخدامها وحمايتها من ضغوط الرعي الجائر والتدهور البيئي.
وتقود جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والعديد من المشاركين من القطاع الخاص، جهود البحث والتطوير المتعلق بتقنيات إدارة أراضي الرعي. إذ تنفذ مجموعة من البرامج البحثية لإدارة أراضي الرعي خاصة في مجال أجهزة الاستشعار المستخدمة في المراقبة، في حين تعمل شركة أنظمة المهام الناشئة في الجامعة على تطوير أنظمة مراقبة لصحة الحيوان. وتشمل هذه التقنيات كلاً من:
تقنيات مراقبة الرعي: تستخدم لإدارة عملية الرعي بطريقة فعالة من خلال مراقبة صحة التربة وظروف الثروة الحيوانية والمراعي. وتتضمن بعض التقنيات مثل التعرف الإلكتروني والطائرات دون طيار وبرامج الرعي، إضافة إلى الاستشعار عن بعد. فقد أشارت دراسة بعنوان "الاستشعار عن بعد لمراقبة حالة المراعي: الوضع الحالي وتطوير الأساليب" إلى الدور المحوري الذي تؤديه هذه التقنية في الحفاظ على التربة وتحسين البيئات الجافة،
تقنيات تغذية الماشية: تركز هذه التقنيات على التغذية الدقيقة التي تعتمد على تقديم كميات محددة من الغذاء للماشية بما يتناسب مع احتياجات كل حيوان. كما تتضمن التغذية الآلية التي تستخدم أجهزة متخصصة لتوزيع الغذاء بطريقة متساوية ومنتظمة، ما يضمن حصول جميع الحيوانات على التغذية المناسبة دون نقص أو هدر.
معالجة النفايات
تتسارع الجهود الوطنية لتطوير حلول مبتكرة في إدارة النفايات وإعادة التدوير. فقد وضعت وزارة البيئة والمياه والزراعة خطة لتطوير قطاع النفايات إذ تستهدف وصول نسب إعادة تدوير إلى 95%، ودعم الناتج المحلي بأكثر من 120 مليار ريال سعودي بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.
ويبرز دور الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير "سرك" المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، في تطوير مشاريع تجريبية لمعالجة النفايات مثل التسميد وتحويل النفايات إلى طاقة. كما تستهدف تحويل 82% من إجمالي النفايات بعيداً عن مدافن النفايات بحلول عام 2035. كما تعاونت مع الشركة الوطنية للتنمية الزراعية "نادك" لإعادة تدوير نحو 400 ألف طن سنوياً من المخلفات الحيوانية والزراعية لإنتاج السماد العضوي من خلال تطبيق أحدث تقنيات التسميد.
وفي السياق ذاته، عملت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على برامج بحثية عدة في مجال معالجة النفايات أدى بعضها إلى ظهور شركات ناشئة مثل شركة إدامة للحلول العضوية، التي تعمل على جمع النفايات العضوية وتحويلها إلى منتجات متقدمة تعزز كفاءة الزراعة في البيئات الصحراوية، ما يتيح للمزارعين السعوديين إنتاج محاصيل أكثر استدامة وجودة. وتتكامل هذه العملية ضمن نموذج دائري مغلق، إذ تصبح المحاصيل المزروعة نفايات عضوية تعاد معالجتها من جديد.
يسرع اعتماد تقنيات معالجة النفايات من إعادة تدوير المواد، واستعادة الطاقة، وإعادة تدوير النفايات العضوية في أنواع النفايات، بما يشمل نفايات البناء والهدم والنفايات البلدية الصلبة والنفايات الزراعية. وتتضمن هذه التقنيات ما يلي:
إعادة تدوير المواد: وهي عملية فرز مواد النفايات وتحويلها إلى منتجات جديدة أو مواد خام لإعادة استخدامها وإعادة معالجتها. وأشارت دراسة تابعة لوكالة حماية البيئة الأميركية إلى أهمية إعادة التدوير. إذ أكدت دور هذه العملية في تقليل استهلاك الموارد الطبيعية وتقليل انبعاثات غازات الدفيئة وتوفير الطاقة.
استعادة الطاقة: وهي عملية تحويل النفايات غير القابلة لإعادة التدوير إلى طاقة قابلة للاستخدام في شكل كهرباء وحرارة ووقود. وتتضمن هذه العملية عدة تقنيات تعتمد على مبادئ فيزيائية وكيميائية مختلفة، مثل:
- التحلل الحراري: وهو عملية كيميائية حرارية تفكك فيها المواد العضوية عند درجات حرارة مرتفعة في غياب الأكسجين، ما يؤدي إلى إنتاج غازات وزيوت حيوية ومواد كربونية صلبة تستخدم بوصفها مصادر للطاقة أو مواد أولية للصناعة.
- الهضم اللاهوائي: وهو سلسلة من العمليات البيولوجية التي تكسر فيها الكائنات الحية الدقيقة جميع المواد القابلة للتحلل في غياب الأوكسجين.
- التغويز: وهي عملية كيميائية يمكنها تحويل المواد إلى غاز.
إعادة تدوير النفايات العضوية: هي معالجة النفايات العضوية بهدف تحويلها إلى موارد مفيدة، مثل السماد العضوي أو الطاقة. وتشمل هذه العملية تقنيات عدة، منها التسميد والتخمير، إضافة إلى الهضم اللا هوائي، إذ تتحلل المواد العضوية في بيئة خالية من الأوكسجين، ما ينتج غاز الميثان الذي يعد مصدراً للطاقة المتجددة.
تقنيات الري المبتكر للأشجار والنباتات البرية
تقتضي عمليات التشجير في مراحلها الأولى انتظام الري حتى يصل النبات إلى مرحلة الاعتماد الذاتي. ويعتمد الري في المملكة على نحو 80% من إجمالي المياه المستهلكة في الزراعة، لذا، أصبحت تقنيات الري المبتكر الحديثة أمراً حتمياً لتحقيق أهداف قطاع البيئة على المدى الطويل.
وتتضمن تقنيات الري المبتكر للأشجار والنباتات البرية مجموعة متنوعة من الأنظمة، التي تهدف إلى مساعدة الغطاء النباتي الطبيعي على النمو مع تحسين استخدام مياه الري وزيادة كفاءتها لإدارة الموارد المائية، وهي:
- الري الجزئي أو الري بالتنقيط: هو نظام ري يوصل المياه مباشرة إلى جذور النباتات بكميات صغيرة يمكن التحكم فيها باستخدام شبكة من الأنابيب، وتطلق المياه على شكل قطرات أو تدفق بطيء وثابت. وأظهرت بعض الدراسات أن هذه التقنيات تؤدي إلى تقليل استهلاك المياه بنسبة قد تصل إلى 50%.
- الري تحت السطحي بالخراطيم الراشحة: يعمل هذا الأسلوب على دفن الأنابيب وإيصال مياه الري مباشرة إلى منطقة الجذور بتصريف بطيء. ويعزز هذا النوع من الري إمكانية تقليل استهلاك المياه وزيادة إنتاجية المحاصيل.
الري الذكي: نظام يتضمن أجهزة استشعار، ويوفر بيانات الطقس، والاتصال بالإنترنت لمراقبة جداول الري وضبطها بناءً على الظروف السائدة وقت الري الفعلي.
- الري بالأحواض: وهي إحدى طرق الري بالغمر السطحي. وتعتمد هذه الطريقة على تقسيم الأرض إلى مساحات صغيرة تعرف بالأحواض، لحجز المياه ومنع تسربها. ووجدت دراسة بعنوان "طرق الري بالأحواض" أن الحوض يملأ بالمياه عند بدء الري، حتى تبلغ ارتفاعاً يتناسب مع احتياجات النبات. من هنا، تترك المياه حتى تتغلغل ببطء إلى الجذور، وتعطي فرصة لامتصاصها جيداً.
خطة الوزارة التنفيذية لتبني هذه التقنيات
وضعت وزارة البيئة والمياه والزراعة 4 مبادرات مؤسسية لضمان تبني التقنيات السابقة. وتشمل هذه المبادرات مجموعة من البرامج الفرعية التي تسهم في تحقيق الأهداف المنشودة من هذه التقنيات والتغلب على العقبات التي قد تواجهها، وهي:
1. مبادرة توجيه مساعي تبني التقنية والابتكار بقطاع البيئة وتنسيقها:
تهدف هذه المبادرة إلى إنشاء إطار حوكمة شفاف يحدد الأدوار والآليات المطلوبة لتحديد الحلول الابتكارية ذات الأولوية بما يتماشى مع الأولويات الوطنية والقطاعية، فضلاً عن تطوير آلية لتوجيه التمويل نحو أنشطة تبني التقنية والابتكار في قطاعات البيئة والمياه والزراعة التي تنفذها الجهات العامة والخاصة في المنظومة، مع مراعاة المواءمة مع الحلول الابتكارية ذات الأولوية لهذه القطاعات.
وتتضمن هذه المبادرة أيضاً تطوير أدوات لقياس أداء منظومة البيئة وتفعيلها ومتابعتها في مجال تبني التقنية والابتكار، إضافة إلى تطوير برنامج مؤسسي لرصد التقنيات واستشرافها، بهدف تقديم رؤية منتظمة حول التقنية والحلول الابتكارية الواعدة المناسبة لمعالجة التحديات.
2. مبادرة تحسين التعاون وتعزيز الوعي بمجالات التقنية والابتكار وريادة الأعمال في قطاع البيئة:
تسعى هذه المبادرة إلى تطوير إطار فعال لإعداد شراكات تبني التقنية والابتكار وإدارتها في القطاع البيئي مع مختلف الشركاء المحتملين من الجهات الحكومية والخاصة والجهات البحثية والابتكارية المحلية والدولية. وتستهدف تطوير منصة رقمية تضم معلومات حول برامج الدعم المتاحة لتبني التقنية والابتكار، ومشاريع البحث والتطوير وقصص النجاح.
وتهتم المبادرة بتعزيز الوعي بجهود منظومة البيئة والمياه والزراعة في تبني التقنية والابتكار، من خلال إصدار تقارير دورية وتنظيم الأحداث والمعارض التي تتيح لجهات البحث والتطوير ومزودي التقنية المحليين والدوليين، عرض منتجاتهم على المستثمرين.
3. مبادرة تحفيز الطلب على تبني المنتجات والحلول الابتكارية في قطاع البيئة:
تركز هذه المبادرة على مراجعة الأطر والبيئات التشريعية وتطويرها وتعديلها لمعالجة التحديات التي قد تواجه إمكانية تبني التقنيات السالفة الذكر. وتسعى إلى اقتراح سياسات وآليات تحفيزية لدعم الطلب على تقنيات البحث والتطوير والابتكار، بما يسهم في تعزيز القدرة الاستيعابية للمستخدمين النهائيين في قطاع البيئة، وزيادة الإقبال على هذه التقنيات في السوق.
4. مبادرة بناء قدرات البحث والتطوير والابتكار في قطاع البيئة لضمان إمداد محلي كاف ومستمر من الحلول الابتكارية:
تهدف هذه المبادرة إلى دعم منظومة ريادة الأعمال في قطاع البيئة، بما يشمل تطوير آليات تجذب التمويل والاستثمارات إلى شركات القطاع الناشئة. كما تستهدف إنشاء مجتمعات لرواد الأعمال، ومعالجة التحديات المرتبطة بنقص المعلومات والأطر التنظيمية،
وتهتم المبادرة أيضاً على تسهيل إنشاء برامج دعم ريادة الأعمال، بما يشمل الحاضنات والمسرعات ومصانع الشركات الناشئة وعيادات الدعم الفني.
ومع استمرار الجهود للبحث وتطوير تقنيات حديثة، أصبح الاستثمار في هذه التقنيات سبيلاً لتجاوز التحديات البيئية التي تواجه القطاع. وتواصل وزارة البيئة والمياه والزراعة مبادراتها بالتعاون مع الجامعات والقطاعين الحكومي والخاص. كما تركز على تبني المزيد من التقنيات الحديثة في الأعوام المقبلة، ما يلبي تطلعات المملكة لدعم قطاع البيئة وتحقيق مستهدفات رؤية 2030.