الجزء الأول
ملخص: في هذا الجزء الذي يشكّلُ واحداً من ثلاثة أجزاء تتعمق في الحديث عن عقلية رجل الأعمال محمد العبّار، باني برج خليفة والمستثمر الذي أسسَ عملاق العقارات "إعمار"، و"نون"، نكشفُ في هذا الجزء عن قناعات العبّار بأن النجاح هو قصة يمكن أن تُصنَع بالطريقة المحلية العربية، وأن مناطقنا النامية فيها من الفرص ما يفوق العالمَ الغربي المتقدم. كما نرى تعريفاً للإنسان "الذَرْب" المبادر الذي يعتبرُه العبّار أهلاً للنجاح، كما يرى أن "الشجاعة" و"الجرأة" مفتاحا الإبداع، ولماذا يعتبر العبّار أن الموظفَ ورائدَ الأعمال في الدول النامية، عليه أن "يطحن" نفسه بالعمل، وليسَت لديه رفاهيةُ الدلال والشعور بالاحتراق الوظيفي في الوقت الذي ما زال أمامَهُ الكثيرُ لينجزَه.
يكرّسُ رجلُ الأعمال الإماراتي محمد العبّار نفسه لتقديم قصة محلية عربية يوجهُها للشباب ورواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك للمستثمرين في هذه المنطقة. هذه القصة عنوانها أنّ عليك ألا تقلّدَ النموذجَ الغربي الأميركي الأوروبي في صناعة الناجحين؛ بل عليكَ أن تنظرَ إلى النجاح على أنه فرصة تُمْكِنُ صناعتُها محلياً.
العبّار الذي وُلد عام 1956 ويبلغُ اليومَ من العمر 68 عاماً، يكررُ في الآونة الأخيرة إنه اكتفى من جمع المال والنجاح لنفسه، وإنه يريدُ اليومَ كما استُنتِجَ من كلامه، أن يُعلّمَ الآخرينَ في المنطقة العربية ألا يقلّدُوا النسخةَ الغربية في العمل، ولا النسخةَ الغربية في معايير النجاح.
العبّار الذي يَعتبرُ نفسَه مستثمرَ عملٍ بكدٍ وجهد لكنهُ محظوظ، يصفُ نفسَه بأنه "Hard working lucky investor". وهو يخاطبُ جيلَ الشباب الإماراتي والعربي في كل فرصة بعباراتٍ محلية، فهو لا يستخدمُ تعابيرَ غربيةً تدلُّ على "ريادةِ الأعمال"؛ بل يقولُ بحماسة وإقدام: "خَلَّكْ ذَرْب" والذَّرْبُ هو الشخصُ الجدّي المُبادِر والمجتهد في اللهجة المحلية الإماراتية.
يكرهُ العبّارُ الكسلَ، ويُقدّر عالياً الأشخاصَ الجديينَ في أعمالِهم والذينَ لا يتعاملونَ مع الحياة والنجاحِ باعتبارِهما أمرَين سهلَين. يؤمنُ بأن الموظفَ أو رائدَ الأعمال العربي إذا كان يسعى إلى النجاح، فليسَت لديه رفاهيةُ الدلالِ التي يعيشُها الموظفُ الغربي والذي يعيشُ في بلدان متطورة. من وجهة نظره، فإن الموظفَ العربي عليه أن "يطحن" نفسَه في العمل ليلاً نهاراً؛ لأن النجاحَ ليس سهلاً في ظروف بلادنا النامية. وفي الوقت ذاتِه، يؤكدُ العبّارُ في كلمات عديدة ألقاها، إنه يؤمنُ بأن دول الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، وحتى أوروبا الشرقية تُعتَبرُ فرصاً استثمارية يفضّلُها على الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، ويرى فيها فرصاً كبيرة للنمو تدفَعُه إلى تركيز جهوده على العمل فيها وتلبيةِ احتياجاتِها الاستثمارية.
ويعتقدُ العبّارُ أنّ على المستثمرين العرب ألا يفكّروا في الشركات الكبيرة؛ بل عليهم أن يعلموا أنّ 70% من الشركات العالمية صغيرةٌ ومتوسطة. الدولُ العربية بحاجة إلى كل شيء بحسب ما يقول العبّار، فهي تستورد معظمَ حاجاتِها الغذائيةِ من الخارج. وعندما قرّرَ العبّار أن يدخلَ هذا المجالَ عبر شركتِه "أمريكانا"، وَجدَ نقصاً حاداً في أغذية الدجاج، فاستحدَثَ منشأةً لصناعتِها في أقرب بلد يوفّرُ الموادَ الأولية، وهو إثيوبيا.
العبّار، في سعيه إلى بناء هذه القصة المحلية الشرقية، قصةُ دولِ العالم الثالث العربية؛ التي كانت وما زالت، كما يقولُ دوماً، مصدراً للأخبار السيئة في نشرات الأخبار العالمية، فإنها يمكن أن تُطلِقَ أيضاً قصصاً مُضيئةً يَنبهرُ بها العالم مثلَ بناء برج خليفة الذي تَولّاه العبّارُ عبر شركتِه إعمار.
العبّار باتَ اليوم، أكثر من ذي قبل، مؤمناً بأن قصة النجاح في المنطقة العربية، هي أقوى من القصص التي نقرَؤها عن رجال الأعمال الناجحين في العالم الغربي، فهؤلاء الذين عاشوا في بلدان متقدمة ومتعلمة، وكان آباؤهم وأمهاتُهم مهندسين وأطباءَ، استطاعوا فقط بناء خمسِ شركات عالميةٍ عملاقة، هي مايكروسوفت وجوجل وأمازون وآبل وفيسبوك؛ خمسةٍ فقط! كما يقول، بينما ينحدرُ كثيرٌ من رجال الأعمال الناجحينَ في المنطقة العربية؛ ومنهم محمد العبّار، من والدَين أميَين لا يقرآن ولا يكتبان.
بالنسبة إلى العبار، فإن القصةَ التي يريدُ أن يرويها عن تجربته وتجربة المنطقة، هي أننا لسنا أقل شأناً من رجال الأعمال في أوروبا وأميركا، وأنَّ علينا، كما يكررُ، ألا ننخدعَ بقصَصِهم أو أن نستسلمَ لهم. ويتحدثُ العبار محفزاً روادَ الأعمال في أحد مؤتمراتِهم، ألا يعتبروا أن الأميركيَ والغربي أفضلُ منهم؛ إذ يقول: لو قلتُ لوالدي إنَّ الأميركيَ أفضلُ مني فلن يكلّمَني.
العبّار يرى أن رجالَ الأعمال والشبابَ في المنطقة العربية قادرون على التحدي في قطاع الأعمال، وقد صرح بوضوح أنه أطلقَ شركةَ نون ليوقفَ زحفَ ما أسماه "أخطبوطَ" أمازون إلى المنطقة العربية. والمسألةُ بالنسبة إلى العبّار هي مسألةُ دفاع عن حدود المنطقة العربية من "غزوِ" الشركاتِ الكبرى كما قال. وهو يفتخرُ في النهاية بأنّ نون استطاعَت التفوقَ على أمازون في السعودية ومصر، وتُنافِسُها بقوة في باقي الدول العربية.
وينخرطُ العبّار في كثير من أحاديثِه، وهو الرجل الذي يتحدث بشغف يشبهُ التوبيخ،َ عندما يخبركَ بألا تنخدعَ بالرواية الغربية عن النزاهة وبيئةِ العملِ المثالية التي يدّعونَها؛ بينما يُلمّحونَ إلى أنَّ البلادَ العربية ميؤوسٌ منها بسبب سيطرةِ الفسادِ على أنظمَتِها القانونية. يخبرك العبّار بقناعة راسخة دون أنْ يدافعَ عن تلك الادعاءات، بأنَّ الفسادَ موجودٌ في تلك الدول الغربية لكنَهُ مُقَوْنَنٌ عبرَ شركاتٍ تُسمَّى "اللوبيات"؛ حيثُ يمكنكَ أنْ تدفعَ الأموالَ لتحصل على القراراتِ التي تحتاجُ إليها على نحوٍ مُشَرْعَنٍ وعبرَ غطاءٍ فاسد.
يقول العبّار في إحدى المناسباتِ إنهُ سعيدٌ لأنه يسهم مع فريق عمله في بناء قصةٍ عربيةٍ للنجاحِ تخرجُ من وسطِ الأخبارِ السيئة التي تعجُّ بها المنطقةُ العربيةُ. وهو يعتقد، كما يقولُ متندراً بأنّ القنواتِ التلفزيونيةَ العالميةَ مثلَ سي إن إن وبي بي سي كان يمكن أن تُفلسَ لولا أنها تعيشُ على الأخبار السيئة القادمة من المنطقة العربية. وهنا يأملُ العبّار عبر روايةِ قصتِه ومنظورِهِ للنجاح أن يسهم في بعثِ الروحِ في بعض الأنفُسِ الخاملةِ اليائسةِ في المنطقة العربية.
الشجاعةُ والجرأةُ أولاً
كان أولُ حديثٍ مباشرٍ بيني وبين رجل الأعمال الإماراتي محمد العبّار حينما سألْتُه في إحدى المناسبات، عن رأيه في العمل عن بُعد في الدول العربية، ولماذا تخلَّت شركاتٌ عربيةٌ كثيرة عن وعودِها التي أطلقَتْها خلال جائحة كوفيد-19 بالانتقالِ إلى العمل أونلاين، أو على الأقل الانتقالِ إلى نموذج العمل الهجين الذي يَجمع بين العملِ المكتبي والعملِ من أي مكان أونلاين. كان سؤالي بدايةَ عام 2023 بينما كان العالم يخرجُ رسمياً من جائحة كوفيد-19 التي استمرَّت ثلاثَ سنواتٍ تصوّرَ خلالَها الجميعُ أنَّ العالمَ لن يعودَ كما كان. كان جوابُ العبّار حاسماً بأنه لا يؤمنُ بأن لدى الموظفينَ والشبابِ في المنطقة العربية الرفاهيةُ للعمل عن بُعد؛ بل عليهُم أن يعملوا ليلاً نهاراً وسبعةَ أيام في الأسبوع، لأن لديهم الكثيرَ ليبنوه في بلدانهم الفقيرةِ النامية. ثم قال بكل صرامة، إن علينا أن "نطحنَ" أنفُسَنا في المنطقة العربية لكي نصبحَ ناجحينَ في أعمالنا. فنحنُ ليسَت لدينا الرفاهيةُ التي يعيشُها الموظفون في الدول الغربية ذات الاقتصاداتِ الناضجة، لنعملَ عن بُعد أو نعيشَ حالة "الاستقالة الكبرى" التي ظهرت في أميركا، حينما بدأَتْ عشراتُ الآلافِ من الموظفينَ الشبابِ الاستقالةَ من وظائفهم زرافات ووحداناً كما يقال، بسبب الموجة التي ظهرت في أعقابِ تجربة جائحة كوفيد-19، التي جعلَتِ الكثيرينَ يفضلونَ الاستقالةَ على العملِ في وظائفَ يعتقدونَ أنها مُرهِقةٌ نفسياً وتَتسبَبُ بالاحتراق الوظيفي كما يرَون.
ولكن هل يمكن أن تَذكُرَ مصطلحَ "الاحتراقِ الوظيفي" أمامَ العبّار، وأنت تعيشُ في بلدان ما زالت بحاجة إلى الكثير من العمل والجهد؟
ما زال لديكَ الكثيرُ لتنجِزَه، وما زالَ لديك الكثيرُ من الحدود والقيود النفسية لتتجاوَزها، وما زالَ لديكَ الكثيرُ من القدراتِ الكامنةِ التي تحتاجُ إلى البحث عنها وإطلاقِها، قبل أن تظن أنك تتعرضُ إلى الاحتراق النفسي بحسب فلسفة العبّار. هذا الرجلُ الذي يفضّل الشبابَ الذين يستعدّون لخشونةِ الحياة، وخاصةً في مثلِ بلدانِنا النامية. وقد سُئل في إحدى المقابلات عن العنوانِ الذي يمكن أن يختارَه لو أرادَ تأليفَ كتاب عن سيرتِه الشخصية والمهنية، فكان جوابُه: "رجلُ الأعمال الذي أرادَ أن يكون في الجيش". نعم، هذا هو عنوانُ الكتاب الذي اختارَه العبّار لمسيرتِه؛ لأنه كما قال يحبُ انضباطَ رجال الجيش وتفانيَهم في عملهم، فهم يعملونَ بعيداً عن الأضواء ويُقاسونَ أسوأ الظروف، وهم في الوقت ذاتِه في غايةِ الانضباطِ والجديةِ في أعمالهم، وينطبقُ عليهم وصفُ "الذّرْب" الذي يحبُ العبّار إطلاقَه على ذوي الهمةِ العالية الملتزمينَ بأهدافِهم من الناس.
يحبُ العبّارُ صفتَي الشجاعة والجرأة في مَن يريدُ أن يخطو خُطا الناجحين. ويقول في إحدى كلماته في دبي، إننا في المنطقة العربية، تَربَّينا على الخوف؛ الخوفِ من الشرطة، من السياسيينَ ومن القادةِ؛ ولكنَّ سببَ النجاح كما يقول هو الشجاعةُ والجرأة، وأن أحدَ أسباب نجاحِه والدعمِ الذي تلقاهُ من الشيخ محمد بن راشد هو أنه جريءٌ في أفكارِه، وأنه لا ينتمي إلى فئة الناس الذين يقولون "نعم" باستمرار لكل ما يقوله الشيخ أو المسؤولُ، ولذلك؛ فإنهم يحبونَه ويدعمونَه لأنه جريء. والجرأةُ كما يقول العبّار تعني "الإبداعَ" والتفكيرَ خارجَ المألوف.
يقول العبّار إنه ورث مبدأ "الشجاعةِ" عن والده الذي كان يعمل "نوخذةً"؛ أي كابتنَ سفينة تجاريةٍ كانت تُبحر باستمرار لنقل البضائع بين الخليج والهند وإيران وإفريقيا. ويَعتبر العبّارُ أن صفةَ "الشجاعةِ" هي التي تميز مَن يحققُ الإنجازاتِ والنجاحَ عن الآخرين الذين يَقفونَ موقفَ المتفرج.
الشجاعةُ والانضباط من صفات القائد التي ورثَها العبّار، وتَعلَّم منها أنَّ عليك أن تحدد هدفَك وتسيرَ نحوه بكلٍ إقدام وبلا تردد. ويروي العّبار في إحدى كلماته قصةً رواها والدُه له حينما استيقظَ ذات يوم من النوم ضمن رحلةٍ بحرية طويلة، فوجدَ أن شقيقَه -عمَّ محمد العبار- قد حرّضَ العمال على متن السفينة للتمرد على والده الكابتن علي العبّار ومطالبتِه برواتبَ أفضل. كان والدُ العبّار قائداً جاداً يقود سفينتَه وفقَ مبدأ الشجاعةِ والإقدام ولا يسمحُ بالفوضى في العمل؛ لذا عملَ على إلقاء شقيقِه وسطَ المحيط عقوبةً له على هذا التحريض وبثِ روح الفتنة داخل العمل. يستشهد محمد العبّار بهذه القصة التي رواها عن والده وهو يبتسم ليكملَ سردَ القصة، بأن العمال توسلوا إلى والده بعدها للعفو عن شقيقه وإعادتِه إلى متن السفينة، ففعل؛ لكنهُ درسٌ في الانضباط والحزم في العمل بحسب العبّار.
أنا مهووس بالتفاصيل
تَعلَّمَ العبّارُ من والده هذا الحزم، فهو يقول: "أنا نسخة من والدي" من حيث الشكلِ والعقلية، وإنه تأثر به. يرى العبّار أن الإنسان لديه طاقةٌ كبيرة، وأنه كلما تعرضَ إلى الضغط، سواءٌ من الظروف أو من مديرِه، فإنه سيقدّم الأفضل، ومَن لا يستطيع ذلك، فعليه أن "يطلع بَرّا"؛ أي يخرجَ من الشركة، كما يرى العبّار.
وهكذا يرث العبّار هذا الحزمَ والانضباطَ من والده. وعلى الرغم من اتباعِه سياسةَ البابِ المفتوح؛ حيث أمرَ حرفياً بخلع الأبواب داخل مقراتِ شركتِه، وأمرَ بتطبيق سياسة المكاتبِ المتساويةِ المفتوحة، وألغى المناصبَ في بعض الحالات؛ لكنَّ ذلك لم يَعنِ أن كل موظف لديه يغنّي على ليلاه، فهو وكما يصفُ مكاتب إعمارْ وشركاتِه الأخرى بأنها تشبهُ "سوقَ السمك" من الداخل؛ حيث توحي للزائر بالفوضى التي لا تميز فيها المدير من المساعد، من الموظف العادي، لكنكَ في النهاية سترى أداءً عالياً ونتائجَ باهرة كما يقول باستمرار.
العبّار الحازم الصارم، يقول لمدراء شركاته: "أنا أكثرُ شخص يمكن أن يمنح مدراءَه التفويض؛ لكنني في الوقت ذاته أُحصي أنفاسَكم التي تتنفسونَها". لا يسمح العبّار بأن يشعرَ مدراؤُه بسبب التفويض الذي يمنحُهم إياه بأنهم يمكن أن يخرجوا عن السيطرة، أو يشعروا بأن العبّار الذي يدير إمبراطوريةً تمتد إلى ثمانينَ بلداً في العالم ومشروعاتٍ لا حصر لها، عينُهُ ساهيةٌ عن مراقبة أعمالهم. وهذا ما يريد العبّار أن يكتبَه في القصة العربية المحلية للنجاح. إذ يقول مخاطباً طلابَ الجامعةِ الأميركية في القاهرة: "انسوا ما تقولُهُ كتبُ التفويض (Delegation) واهتمُوا بالعمل والدخولِ في التفاصيل بأنفسِكم لتَضمنوا الجودة في كل صغيرةٍ وكبيرة من أعمالِكم".
يدخل العبّار بالتفاصيل، وهو مهووس بالتصاميم والشكلِ النهائي للمنتج، ويرى أن العالم يعاني أزمةَ ذوقٍ في تقديم المنتج بالصورة النهائية الجميلة. هذا الهوس الذي يذكّرنا بستيف جوبز الذي كان يخوض نقاشاتٍ طويلةً مع فريقه ويرفضُ إطلاقَ الكثيرِ من المنتجات قبل أن تصل إلى مستوىً مميزٍ من التصميم. وتندرج صفةُ الاهتمامِ بالتفاصيل في عقلية محمد العبّار، بمبدأ آخرَ يهتم به وهو أنه شخصٌ كثيرُ الارتياب (Paranoid)، يستمرُ بالتحقق من سيرِ أعمالِه واستعدادِها للمفاجآتِ والأزمات، كما يقول في إحدى مقابلاته. حيث يَذكُر العبّار عنوان الكتاب الشهير"Only the Paranoid Survive"، الذي ألَّفه القائدُ الشهير وأحد مؤسسي شركة إنتل آندي غروف؛ والذي يتحدثُ فيه عن أن المصابينَ بالارتياب فقط هم الذين ينجحون؛ لأنهم مهووسونَ بطرح الأسئلة عن كلِ ما يفعلونَه، ويحسبونَ الحساب لكل الافتراضاتِ السيئةِ والجيدة خلال عملِهم.
يعترف العبّار بأنه مديرٌ "صعب"، ويقول في حديث مع أعضاء منظمة الرؤساء الشباب (YPO) إنه يقول لموظفيه دوماً، إنه يتمنى أن يعملوا ولو شهراً واحداً في شركة "طيرانِ الإمارات"؛ لأنهم سيجدون حينها تجربةَ العملِ القاسي على أصولِه، فَهُمْ -في طيران الإمارات- يعملونَ ليلاً نهاراً وحتى في أيام العطل في كثير من الأحيان، ويعاني معظمُهم من تقلبات مواعيدِ النوم في السفر بسبب "Jet Lag"، ومع ذلك، فإن رواتبَهم عاديةٌ". لكنهم راضونَ وسعداءُ في أعمالهم، لأنهم كوادرُ جديةٌ لديها شغفٌ في العمل الذي تنجزُه.
يتبع في الجزء الثاني: (محمد العبار 2.0)...