أسئلة القراء: هل أقبل بمنصب أبغضه لأجل مصلحة فريقي أم أتمسك برفضي له؟

5 دقائق
قبول المنصب الجديد
shutterstock.com/Maquette.pro

سؤال من قارئ: أعمل أستاذاً في جامعة صغيرة، أحب عملي وحياتي المهنية آخذة بالازدهار بكل المقاييس. فزملائي وطلابي يحبونني، وأعتبر نفسي عضواً منتجاً بدرجة كبيرة في الهيئة التدريسية، وأعتقد أن الآخرين يعتبرونني كذلك أيضاً. مشكلتي متعلقة بقبول المنصب الجديد وهي كالتالي: يُطلب مني استلام رئاسة قسمي. وفي الكلية التي أعمل فيها، رئاسة القسم هي منصب إداري متوسط ينطوي على جَسر الفجوات بين أعضاء هيئة التدريس والإداريين في الجامعة. وأرى أن قبول هذا المنصب سيحدّ من قدرتي على العمل فيما أحب (أي التعليم والبحث)، وسيزيد من انشغالي فيما أكرهه، (أي الاجتماعات والإجراءات البيروقراطية). هذا المنصب تطوعي، وقلت للجميع إني لست الشخص المناسب له، ولكني الوحيد الذي لم يشغل هذا المنصب بعد من بين أعضاء الهيئة التدريسية المؤهلين له، وزملائي يشيرون إلى أن دوري قد حان لاستلامه. ترك الرئيسان السابقان للقسم المنصب بعد عام من استلامه، وكانا يبدوان غير راضيين عن العمل فيه إطلاقاً. ويغمرني الخوف من أن ألاقي المصير ذاته.

سؤالي هو: هل أقبل باستلام هذا المنصب الاختياري وأضحي لأجل فريقي؟ أم أتمسك برأيي وأرفضه؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

إيلين فان أوستن (ELLEN VAN OOSTEN): أستاذة في كلية "ويذرهيد" للإدارة بجامعة "كيس ويسترن ريزرف" (Case Western Reserve University)، وهي مؤلفة مشاركة لكتاب "مساعدة الموظفين على التغير: التدريب بأسلوب متعاطف من أجل التعلم والنمو المستمرين مدى الحياة" (Helping People Change: Coaching with Compassion for Lifelong Learning and Growth).

إيلين فان أوستن: سؤال رائع، لأنه بالإمكان تعميمه على الكثيرين. عملت مع أشخاص يشغلون مناصب في قسم المبيعات، وطُلب منهم استلام إدارة المبيعات، أو مهندسين دُفعوا لاستلام إدارة قسم الهندسة، ووضع صاحب السؤال مماثل لأوضاعهم على الرغم من اختلاف التفاصيل. يسأل صاحب السؤال عما إذا كان عليه القبول بالمنصب والتضحية لأجل فريقه أم التمسك برأيه ورفض هذا المنصب الاختياري، وهو بذلك يضع نفسه أمام سؤال ينحصر جوابه بين "نعم" و"لا". أول ما يتبادر إلى ذهني أمام هذه المشكلة هو أن على صاحب السؤال أن يوسع الخيارات أمامه، فلديه طرق أكثر مما يرى لحل مشكلته.

أليسون بيرد: أتعاطف مع صاحب السؤال، فمن يستمتع بجميع أوجه عمله المتمثلة بالمشاركة الفعلية والعمل الفردي، لن يجذبه المنصب الذي ينطوي على الأعمال البيروقراطية. لكن في نفس الوقت، يبدو أن مهمة استلام هذا المنصب تدور بين أعضاء الهيئة التدريسية في قسمه، لذا فمدة العمل فيه محدودة، ويمكنه التفاوض على هذه النقطة. هل يمكنه العمل في هذا المنصب لعام واحد؟ أم يبدو له العام مدة طويلة جداً؟

دان ماغين: يبدو أن إيلين تقترح ألا يتعامل صاحب السؤال مع هذه المشكلة على أنها قرار، بل مفاوضة يمكنه التوصل فيها إلى خيارات بديلة. ما هي الخيارات الأخرى التي يمكنه التفكير فيها، عدا عن تحديد مدة العمل في المنصب أو الاختيار بين القبول والرفض؟

إيلين فان أوستن: أحد الأمور التي أشجع صاحب السؤال على القيام بها هو أن يجري محادثات فردية مع نظرائه للتحدث عن الأهداف الكلية للقسم أو العمل فيه، وكيف يمكن لدوره في رئاسة القسم دعم هذه الأهداف. ستمنحه هذه المحادثات الفرصة للتعامل بشفافية والتحدث عن الطرق التي يساهم فيها بالفعل في السعي لتحقيق الأهداف الأوسع للعمل في القسم. وإلى جانب الخيار الذي تحدث عنه أليسون، ثمة خيار يتمثل في تقسيم مسؤوليات رئاسة القسم، ربما كانت هناك لجان معينة يجب على رئيس القسم العمل فيها، عندئذ يمكنه توكيل أشخاص آخرين من القسم للعمل في هذه اللجان نيابة عنه. كما يمكن للمحادثات الفردية بينه وبين زملائه خلق رابط مهم فيما يتعلق بالعمل المشترك بينهم ودفع أعضاء الهيئة التدريسية للعمل معاً على التفكير فيما يمكن فعله.

أليسون بيرد: إن فكرة إعادة تصميم الدور رائعة، لأن صاحب السؤال ليس الوحيد الذي لا يرغب فيه. لذا سيكون من الأفضل للجميع أن يتحدث مع الإداريين وبقية أعضاء الهيئة التدريسية ويسعى لتوليد أفكار لتحسين هذا الدور وجعله أفضل للجميع، ومناقشة السبل لجعل العمل فيه مرغوباً أو غير مكروه على الأقل.

إيلين فان أوستن: السؤال هنا، هل سيستطيع صاحب السؤال تحمل هذا الدور؟ من الجيد أن يتمكن من إعادة تصميمه وجعله غير مكروه على الأقل، فثمة احتمال أن يصبح الدور مقبولاً على مدى فترة قصيرة، وبإمكاننا فعل كثير من الأشياء في غضون عام أو عامين.

دان ماغّين: تحرر أليسون مقالة حول فنّ الرفض في العمل، هل هناك أفكار يمكن مشاركتها وتنطبق على هذه الحالة؟

أليسون بيرد: أعتقد أن مؤلف هذه المقالة بروس تولغان سيقول إن كل طلب يأتي إليك يستحق أن تفكر فيه، لذا يجب ألا ترد عليه بموافقة فورية أو رفض فوري. ويجب أن يفكر صاحب السؤال ملياً بما هو مطلوب منه في هذا الدور.

فهو يفترض أن عمله في هذا الدور سيتضمن الكثير من الاجتماعات والأعمال البيروقراطية، ما مدى صحة ذلك؟ ما عدد الاجتماعات التي يجب عليه حضورها في العام؟ هل يتمتع بالمرونة في هذا الخصوص؟ وإذا قرر أن يرفض هذا المنصب، يجب أن يقدم حجة منطقية، ويجب أن يقول مثلاً: "أنا بكامل الاحترام أرفض هذه الفرصة لأن علي القيام بمشاريع بحثية مهمة تؤثر على مركز جامعتنا في مجالها، ومن الضروري أن أكرس كل وقتي لهذه الأبحاث". يجب أن يوضح سبب قراره برفض المنصب، لأنه سيكون أمراً غير مألوف.

دان ماغين: تعتبر الجامعات أماكن عمل استثنائية يحصل الأساتذة فيها على مناصب دائمة ويتمتعون بالقدرة على رفض طلب كهذا. وعلى الرغم من أن صاحب السؤال يتمتع بالقدرة على الرفض، فما هي النصيحة التي من الممكن أن تقدمها إيلين له حول تداعياته. فامتلاك القدرة على الرفض لا يعني بالضرورة أنه سيكون فكرة سديدة.

إيلين فان أوستن: الجامعات هي أماكن فريدة من نوعها تتمتع بأنظمتها الفريدة. لذا، أقترح على صاحب السؤال أن يفكر ملياً بالعواقب التي ستترتب على علاقته بنظرائه وقسمه، والعواقب التي ستترتب على القسم، لأن القسم إذا بقي بلا قائد فسيصبح صوته مهمشاً في الجامعة أو المؤسسة. في الجامعة، يلتقي رؤساء الأقسام ويجتمعون، وغالباً ما يشاركون في لجان التعيينات، لذا فمن المحتمل أن يضيّع برفضه فرصة مهمة للقسم، ولأعضاء الهيئة التدريسية ولنفسه أيضاً.

دان ماغين: عملت في وظيفة منذ عدة أعوام مضت في قسم يشبه القسم الذي يعمل فيه صاحب السؤال شيئاً ما. لم نحصل على منصب دائم بالتأكيد، لكن كان على أحد أعضاء الفريق التطوع والقبول باستلام دور محرر القسم. كان هذا العمل ينطوي على جوانب سلبية كثيرة، ولم يملك أحد منا الحماس للقيام به. لكن في نهاية المطاف، فكر أحد زملائي بالأمر وقال: "إذا لم يستلم أي منا هذا الدور فستعين المؤسسة شخصاً سيئاً بحق، وسيكون ذلك مؤلماً ومكلفاً لنا جميعاً". وبشيء من التردد، تطوع لاستلام الوظيفة وتفاجأ بأنه أحبها وأدى عمله فيها على نحو جيد، وانتقل من عمله في الكتابة إلى عمل ناجح جداً في التحرير لأنه حرص على أخذ هذا الدور لتفادي استلام شخص بغيض له. لذا، يجب على صاحب السؤال أن يفكر قليلاً بالجوانب السلبية لاستلام شخص سيئ للمنصب، والجوانب الإيجابية المحتملة التي تتمثل بأن يفاجئ نفسه ويحب العمل فيه أكثر مما كان يتوقع.

إيلين فان أوستن: ثمة فوائد كثيرة وجوانب جيدة يصعب رؤيتها بادئ الأمر. لكن إذا فكرنا بعقلية منفتحة ومتوازنة أكثر في الاحتمالات فقد تفاجئنا النتائج.

دان ماغين: أولاً، يجب على صاحب السؤال إعادة صياغة السؤال الذي يطرحه. فهو يركز بشدة على المسألة بوصفها قضية اختيار بين أمرين، "القبول" أو "الرفض"، إما أن يقوم بواجبه تجاه الفريق أو أن يتمسك برفضه للمنصب، لكننا نرى أن لديه مجموعة خيارات بينهما. فمن الممكن أن يقبل باستلام هذا المنصب لفترة محددة، وثمة احتمال أن يتمكن من إعادة تصميم الدور وتسليم الأجزاء التي يبغضها من مسؤولياته إلى بعض زملائه. يجب أن يعي صاحب السؤال أنه حتى إذا كان أستاذاً بمنصب دائم ويتمتع بالقدرة على الرفض، فمن المحتمل أن تترتب على رفضه بعض التكاليف، كأن يخسر القسم مركزه. إذا قرر صاحب السؤال أن يرفض المنصب، فيتعين عليه أخذ نصيحة بروس تولغان في حسبانه، وأن يفكر بالأمر ملياً ويصيغ تفسيراً منطقياً لرفضه. وأخيراً، إذا قرر أن يستلم المنصب فيجب أن يعلم أنه من الممكن أن يفاجئ نفسه ويحب العمل فيه، ويجد فيه جوانب إيجابية لم يتوقعها. ولدينا أمثلة كثيرة عن أشخاص ترددوا شيئاً ما في قبول ما يسمى "ترقيات ساحة المعركة" أو استلام أدوار إدارية، لكنهم استمتعوا ببعض جوانب العمل في نهاية المطاف، ويجب على صاحب السؤال اعتبار ذلك واحداً من الخيارات المتاحة من أجل مساعدته على قبول المنصب الجديد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي