قاعدة الفكرة الواحدة: طريقة تشحذ مهاراتك في الكتابة

6 دقائق
قاعدة الفكرة الواحدة
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/غيتي إميدجيز/ياغي ستوديو/سايكومور/نورا كارول فوتوغرافي

ملخص: قاعدة الفكرة الواحدة هي مفهوم بسيط يساعدك على شحذ مهاراتك في الكتابة وإقناع الآخرين من خلال تقديم حججك بطريقة واضحة وموجزة وجذابة. ما مضمون تلك القاعدة بالضبط؟

  • يجب أن يعبّر كل جزء من أي نص مكتوب ناجح عن فكرة واحدة فقط.
  • غالباً ما تمثّل "فكرتك الواحدة" في الكتابة المقنعة الحجة أو الاعتقاد الذي تقدمه للقارئ. وبمجرد أن تحدد ماهية هذه الحجة، تساعدك "قاعدة الفكرة الواحدة" على تحديد العناصر المختلفة لنصك ومراجعتها والربط بينها.
  • على سبيل المثال، لنفترض أنك تكتب مقالاً. تنطوي عملية كتابة أي مقال على ثلاثة عناصر: العنوان والفقرات والجمل.
  • يجب تخصيص كل جزء من هذه الأجزاء لفكرة واحدة فقط. ليس من الضروري أن تكون تلك الأفكار متطابقة بالطبع، لكن يجب أن يرتبط بعضها ببعض لكي تدعم الأفكار الصغيرة (في الجمل) المطروحة (في الفقرات) النقطة الرئيسية (المقترحة في العنوان).

 

تضم معظم النصائح حول الكتابة قائمة طويلة من "المسموحات والمحظورات". وقد تكون تلك القوائم مفيدة من وقت لآخر، لكن من الصعب تذكرها، وهو ما يصعّب الاعتماد عليها عند مواجهة مشكلات في توثيق الأفكار. درّست خلال الفترة التي أمضيتها في الأوساط الأكاديمية مادة الإنشاء لطلاب البكالوريوس والدراسات العليا، وقابلت العديد من الطلاب الذين يواجهون صعوبة في الكتابة.

فعادة ما يبدأ الطلاب بأفكار قوية، لكنهم يجدون صعوبة في تنظيم تلك الأفكار عندما يحين وقت تحويلها إلى نص مكتوب، ما يسفر عن مقالات ذات حجج واهية ومشتتة ومربكة. ولا ينطوي السبب على أن أفكارهم ليست ذات قيمة، وإنما على وجود الكثير من الأفكار المطروحة.

لحسن الحظ، توجد استراتيجية (بارزة) يمكن أن تساعد أي كاتب على تحسين أدائه بغض النظر عن مستواه، وهي ما أدعوه قاعدة الفكرة الواحدة: يجب أن يعبّر كل جزء من أي نص مكتوب ناجح عن فكرة واحدة فقط.

ويوجد بالطبع بعض الاختلافات في هذه القاعدة، مثل مبدأ الهرم أو قواعد بورديو العامة للفقرات. بشكل عام، يرتكز كل مقال أو بحث أو دراسة مكتوبة على فكرة أساسية، فكرة تلهم المؤلف وجمهوره على حد سواء.

وغالباً ما تمثّل فكرتك الواحدة في الكتابة الإقناعية الحجة أو المعتقد الذي تقدمه للقارئ، وهي محور تركيزنا في هذه المقالة. فبمجرد أن تحدد ماهية هذه الحجة، تساعدك "قاعدة الفكرة الواحدة" على تحديد العناصر المختلفة لنصك ومراجعتها والربط بينها بطريقة واضحة ومقنعة.

على سبيل المثال، لنفترض أنك تكتب مقالاً. توجد ثلاثة عناصر مهمة عليك الالتزام بها: العنوان والفقرات والجمل، يجب تخصيص كل جزء من هذه الأجزاء لفكرة واحدة فقط. ليس من الضروري أن تكون تلك الأفكار متطابقة بالطبع، لكن يجب أن يرتبط بعضها ببعض لكي تدعم الأفكار الصغيرة (في الجمل) المطروحة (في الفقرات) النقطة الرئيسية (المقترحة في العنوان).

لماذا عليك اتباع هذه القاعدة؟

يوجد العديد من المزايا لاستخدام قاعدة الفكرة الواحدة، لكنني سأشير إلى ثلاث مزايا مهمة:

تساعدك في حصر تركيزك. تفشل مقالات مكتوبة كثيرة في الإقناع لأنها تتضمن أفكاراً كثيرة جداً، في حين أن وجود هدف نهائي واضح سيحافظ على تماسك النص.

تتيح لك تحقيق مزيد من الاكتشافات (والاستمتاع). يمنحك التركيز الحرية، فعندما تمتلك فكرة واحدة محددة تحاول عرضها، يمكنك بعد ذلك تجربتها على نطاق أوسع في جميع عناصر مقالتك أو حتى تحويرها قليلاً دون إغفال وجهة نظرك الرئيسية. ويمكنك التعمق أكثر في تفاصيل معينة، شرط أن تكون مرتبطة بالعنوان أو بفكرتك الرئيسية.

تعزز ثقتك بنفسك. عندما تتبع قاعدة توضّح ماهية الكتابة الجيدة ستحظى بفرصة تقييم جودة عملك وأعمال الآخرين، كالأقران والزملاء وحتى المؤلفين المشهورين. فالكتابة الرائعة هي مهارة، وبمجرد أن تفهم كيفية تنظيم أفكارك بطريقة مقنعة، ستتعزز ثقتك بنفسك وتكون قادراً على تحديد ما يجعل كتابتك مثيرة للاهتمام ومقنعة.

كيف يمكننا البدء إذاً؟

قد تبدو هذه القاعدة بسيطة، لكنها تتطلب تدريباً لإتقانها.

ما الذي عليك فعله في المرة القادمة التي تبدأ فيها الكتابة وتواجه النهاية المرعبة المتمثّلة في ورقة فارغة أو مؤشر وامض على الشاشة؟ كيف يمكنك تحديد ماهية "فكرتك" الكبيرة؟

قد تساعدك هذه الخطوات الثلاث على زيادة تركيزك:

1) حدد الفكرة الرئيسية

قد تكتب حول موضوع أسنده إليك محرر أو أستاذ ما، أو تمارس العصف الذهني لتكتب فكرة وتعرضها على منفذ إعلامي، أو ربما ترغب في التحدث عن موضوع ما لكن محور تركيزك واسع جداً. لكن بغض النظر عن الحالة، عليك ابتكار وجهة نظر واضحة ومتفائلة حول الموضوع المطروح تقدّم لك حجة أو "فكرة" محددة وفريدة ومدعومة بالبحوث.

وإذا كنت لا تعرف الحجة التي ترغب في عرضها، فستكون في ورطة. ولتحدد حجتك، اسأل نفسك أسئلة حول الموضوع الذي تحاول استخلاص تفاصيل عنه:

  • ما التفاصيل التي أعرفها عن هذا الموضوع؟
  • ما التفاصيل التي أجهلها حول هذا الموضوع والتي أرغب في تعلمها؟
  • ما الذي يلهمني حول هذا الموضوع؟
  • هل سيجد الآخرون هذه الفكرة مثيرة للاهتمام؟

عندما تجيب عن هذه الأسئلة، ستتولد لديك رؤى ثاقبة وأسئلة وتوقعات مفيدة. على سبيل المثال، قد تكون مهتماً بالكتابة عن "صحة طلاب الجامعات النفسية". وقد تقودك الإجابة عن الأسئلة المذكورة أعلاه إلى اكتشافات جديدة:

  • ما التفاصيل التي أعرفها عن هذا الموضوع؟
    • "رأيت في الأخبار أن العديد من طلاب الجامعات يعانون من الاكتئاب أو ينقطعون عن الدراسة".
  • ما التفاصيل التي أجهلها حول هذا الموضوع والتي أرغب في تعلمها؟
    • "لا أمتلك كثيراً من التفاصيل حول قضايا الصحة النفسية المرتبطة بالجائحة بين طلاب الجامعات".
  • ما الذي يلهمني حول هذا الموضوع؟
    • "سيكون من الرائع اكتشاف حلول جديدة للمشكلة أو تبنّي أفضل الحلول الحالية وشرحها بوضوح للقراء".
  • هل سيجد الآخرون هذه الفكرة مثيرة للاهتمام؟
    • قد يُثير هذا الموضوع اهتمام الطلاب أنفسهم والمؤسسات التي تحاول دعمهم.

ويمكنك بعد ذلك بدء الكتابة عن "حلول لمشكلات الصحة النفسية التي يتعرّض لها طلاب الجامعات". وهي بداية جيدة، لكنها لا تزال غامضة للغاية، وقد يمثّل التعامل معها بشكل فعّال تحدياً لك (بصفتك شخصاً بدأ مؤخراً دراسة المشكلة).

وينطوي الخبر السار على قدرتك على تضييق نطاق فكرتك. ويُعد وضع عنوان طريقة رائعة للقيام بذلك. على سبيل المثال، يمكنك وضع العنوان التالي لبحثك، "3 طرق تتيح للجامعات معالجة مشكلات الصحة النفسية بين الطلاب". لاحظ كيف يضيق نطاق تركيزك على الفور، ما يساعدك على التحدث عن فكرة واحدة والبحث عن حل أوضح للمشكلة التي حددتها.

2) استشهد بالأدلة

بعد أن تختار فكرة أو قضية للمناقشة، اجمع الحقائق أو الأدلة أو البيانات التي قد تكون مفيدة أو مفاجئة للآخرين، والتي تدعم أيضاً النقطة التي تريد توضيحها. وبالعودة إلى المثال الذي طرحناه، ابحث عن بعض الأفكار حول "الصحة النفسية في الجامعات" لجذب انتباه القرّاء:

  • إحصائيات حول معدلات الالتحاق بالجامعات والانقطاع عن الدراسة في العامين الماضيين
  • نسبة الطلاب الذين يشعرون بالعزلة
  • أكبر تحديات الصحة النفسية التي يواجهها الطلاب
  • الخطوات التي تتخذها الجامعات حالياً لتقديم المساعدة
  • الخطوات التي تغفلها الجامعات
  • التدابير الوقائية لمشكلات الصحة النفسية
  • الوصمات المرتبطة بقضايا الصحة النفسية
  • تأثيرات التعليم عن بُعد مقابل التعليم وجهاً لوجه

قد تتوصّل في أثناء البحث إلى عدد من الأفكار التي تُعتبر داعماً مباشراً لحجتك. لذلك، تأكد من تدوينها ومن تدوين أي دليل تصادفه يتعارض مع حجتك. فإذا كنت قادراً على ذكر النقاط المكملة ومعالجتها قبل أن يكتشفها القرّاء، فستعزز بذلك فكرتك الرئيسية.

واحرص عندما تمارس العصف الذهني للتفاصيل التي تودّ تضمينها في مقالتك على استبعاد الأمثلة التي لا ترتبط بفكرتك الرئيسية (على سبيل المثال، طعام الكافتيريا في الحرم الجامعي) في حال لم توفر هذه المعلوماتُ السياقَ ذا الصلة (على سبيل المثال، الطعام السيئ يجعل الطلاب يشعرون بالكآبة).

3) ضع مخططاً تفصيلياً

نظّم الأدلة أو الأمثلة ذات الصلة التي توصلت إليها لإعداد مخطط تفصيلي لمقالتك. فإذا كانت جميع أمثلتك مرتبطة بالموضوع الرئيسي بوضوح، فسيكون من السهل نسبياً ترتيبها على شكل قصة لها بداية ووسط ونهاية. تم تمييز العناصر الرئيسية للمخطط بالخط الغامق:

1. الفكرة الرئيسية/العنوان: 3 طرق يمكن للجامعات من خلالها معالجة قضايا الصحة النفسية بين الطلاب

2. استكشاف المشكلات ذات الصلة/الداعمة

  • المشكلات والمفارقات
    • إحصائيات حول معدلات الالتحاق بالكلية والانقطاع عن الدراسة في العامين الماضيين
    • شعور الطلاب بالعزلة على الرغم من عيشهم في مساكن الطلبة
    • وصمة العار فيما يتعلق بالحديث بصراحة عن مشكلات الصحة النفسية
    • كيف يجب على المدرسين المساعدة والتواصل مع الطلاب؟
  • الاستجابات والقرارات
    • التدابير الوقائية لمشكلات الصحة النفسية في المدارس
    • خلق مساحات آمنة نفسياً في الحرم الجامعي
    • استخدام تطبيق زووم لمساعدة الطلاب بغض النظر عن مكانهم
    • إيجاد طرق جديدة للتجمع

3. الخاتمة: يمكن للجامعات اتخاذ مزيد من الإجراءات لخلق مساحات آمنة للطلاب للتعبير عن احتياجاتهم المرتبطة بالصحية النفسية. فكلما زاد عدد الطلاب الذين يطلبون المساعدة، ازداد عدد الطلاب الذين ستتحسن حياتهم، وازداد تمتعهم بالمهارات التي تساعدهم اليوم وفي المستقبل.

ويمكنك التحقق من فكرتك من خلال مشاركة مخططك مع الجمهور، مثل زملائك الموثوق بهم أو أفراد أسرتك أو أصدقائك. راعِ ردود أفعالهم، واطرح عليهم أسئلة حول الموضوعات التي أثارت إعجابهم وتلك التي لم يفهموها. ما الأفكار التي يرغبون في معرفة تفاصيل إضافية عنها. وتلك هي بالضبط أنواع الأسئلة التي يجب أن تطرحها على نفسك في كل مرة تعمل فيها على كتابة موضوع ما. عدّل بعد ذلك مخططك (بما في ذلك العنوان عند الاقتضاء) بناءً على ما تعلمته من مناقشاتك.

ويجب أن يكون ذلك كافياً لتطرح فكرة قوية. وإذا واصلت الممارسة والتدرب، فيمكنك حينها تحويل هذا التمرين إلى عادة منتجة، لا سيّما عندما تعمل على مقال يبدو غير ممتع أو صعباً للغاية. ابحث عن فكرة رئيسية واحدة فقط تهمك في أي موضوع، وستكون قادراً على تعزيز الدافع والطاقة والتوجّه المطلوب لإنهاء العمل عليها على أكمل وجه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي