إعادة الهندسة بواسطة الآلة هي وسيلة لأتمتة إجراءات العمل باستخدام تعلم الآلة. على الرغم من حداثة إعادة الهندسة بواسطة الآلة، فإن الشركات تشهد بالفعل نتائج مذهلة من استخدامها، ولا سيما في زيادة السرعة والكفاءة. عند دراسة 168 من المستخدمين الأوائل لإعادة الهندسة بواسطة الآلة، رأينا تحسينات في السرعة بمقدار مرتين أو أكثر في معظم العمليات التجارية، حتى أن بعض الشركات تبلّغ عن تحسينات في السرعة تصل إلى 10 مرات أو أكثر، ولهذا إليكم فوائد تعلم الآلة لدى الشركات.
كيف تفعل الشركات ذلك؟
وجدت دراستنا أن المؤسسات تستخدم إعادة الهندسة بواسطة الآلة لإنشاء أشكال جديدة من التعاون بين الإنسان والآلة تخترق العقبات في العمليات الرقمية المعقدة. في بعض الحالات، مثل تفسير الصور أو كتابة التقارير، تساعد إعادة الهندسة بواسطة الآلة العاملين مباشرة على أداء مهام رقمية. في حالات أخرى، تساعد إعادة الهندسة بواسطة الآلة على اكتشاف أفكار قيِّمة مدفونة تحت تلال من البيانات. فيما يلي بعض الأمثلة عن كيفية استخدام الشركات للسرعة والأفكار الذكية اللتين بإمكان عمليات إعادة الهندسة تنفيذها بواسطة الآلة:
مسح الصور والصوت والنص
في معرض تطبيق الشركات الاستراتيجيات الرقمية، فإنها تعتمد مهاماً جديدة كثيفة العمالة لفرز جميع البيانات التي تجمعها. هذه البيانات غير منظمة إلى حد كبير وتُنتج في مجموعة متنوعة من الصيغ على نطاق أوسع من أي وقت مضى، الأمر الذي يتطلب من الناس إجراء مسح شاقٍ من خلالها بحثاً عن عناصر محددة لإكمال خطوة إجرائية واحدة. يمكن للتعاون بين الإنسان والآلة الذي يركز على مسح البيانات الرقمية أن يسرع على الأقل ثلاثة أنواع من المهام الرقمية الروتينية.
المعاينة المسبقة للقطات الفيديو. تستخدم شركة "كلاريفاي" (Clarifai)، ومقرها في مدينة نيويورك، تعلم الآلة للعثور على أشخاص أو أشياء أو مشاهد في مقاطع الفيديو في وقت أقل بكثير مما يمكن لأي شخص العثور على أي منها فيه. في أحد العروض، أمكن تحليل لقطة مدتها 3.5 دقائق في عشر ثوانٍ فقط. يمكن للتكنولوجيا التعرف على أنواع الأشخاص، مثل التعرف على متسلقي الجبال، على سبيل المثال، لمساعدة المعلنين على زيادة كفاءة مطابقة الإعلانات مع مقاطع الفيديو. يمكن استخدام تعلم الآلة أيضاً لمساعدة المحررين والمنسقين الفنيين على إيجاد طرق جديدة لتنظيم مجموعات الفيديو وتحرير اللقطات. يمكن لهذا النوع من مساعد التحرير التلقائي تغيير المهام اليومية للعاملين في وسائل الإعلام والإعلانات والسينما بشكل كبير.
تفسير الصور تقدم "ميتامايند" (MetaMind) في وادي السيليكون، خدمة تسمى "هيلثمايند"، تستخدم رؤية الكمبيوتر لتحليل المسوحات الطبية للدماغ والعينين والرئتين بحثاً عن أورام محتملة أو تلف. تعتمد "هيلثمايند" على تقنيات التعليم العميق لمعالجة اللغة الطبيعية، والرؤية الحاسوبية، وخوارزميات التنبؤ بقاعدة البيانات. إن النتيجة التي يحصل عليها الأطباء من "هيلثمايند" هي أنهم يقضون وقتًا أقل في تفسير الصور ومزيداً من الوقت في شرح الوضع وإسداء النصح لمرضاهم.
التوثيق وإدخال البيانات. يمكن أن تتعلم الآلات أداء مهام التوثيق وإدخال البيانات التي تستغرق وقتاً طويلاً، الأمر الذي يتيح لموظفي المعرفة قضاء مزيد من الوقت في أداء مهام أعلى قيمة لحل المشكلات. على سبيل المثال، تساعد شركة "آريا" (Arria) حديثة النشأة، ومقرها لندن، عملاءها على إنشاء تقارير تلقائياً في عدة قطاعات متنوعة، من الرعاية الصحية إلى التمويل فالنفط والغاز. تتعلم تقنية معالجة اللغة الطبيعية المستخدمة في الشركة كيفية كتابة التقارير عن طريق مسح النصوص وتحديد العلاقات بين المفاهيم. ثم تفحص البيانات الواردة لإعداد تقارير جديدة. وجدت "آريا" أن التغييرات في العملية يمكن أن تزيد إنتاجية موظفي المعرفة بنسبة 25%. لقد وفَّر المهندسون، على سبيل المثال، ما يصل إلى 40 ساعة من العمل على إعداد التقارير كل شهر.
الكشف عن الرؤى المطمورة داخل البيانات
يمكن لزيادة كمية البيانات في سير العمل أن تزيد مقدار الوقت اللازم لتكوين الأفكار والانتقال إلى العمل. لقد رأينا هذا في مجالات تداول الأسهم والتسويق والتصنيع، حيث يؤدي تدفق مزيد من البيانات إلى صعوبة العثور على معلومات ذات طابع عاجل أو ذات مغزى. ولكن مع اضطلاع الآلات بدور المساعدين، يمكن للعاملين العثور بسرعة أكبر على معلومات قيِّمة مدفونة في البيانات الضخمة. وجد بحثنا أن الشركات تؤدي ذلك في أربعة أنواع على الأقل من المهام التحليلية كالتالي:
رصد السوق. تستخدم شركة "داتامينر" ومقرها في مدينة نيويورك، عدداً متنوعاً من المؤشرات للتعرف على التغريدات التي تتضمن معلومات ذات صلة بتجار الأسهم. من خلال مراقبة نشر المعلومات عبر الشبكة، تقوم "داتاماينر" بتقييم مدى صلة التغريدات ومدى أهميتها. يمكن أن يساعد تلقي متداول تنبيهاً يمنحه أسبقية حتى لمدة ثلاث دقائق على تحقيق ربح كبير. تستخدم خدمات الأخبار "داتاماينر" للعثور على الأخبار العاجلة، ما يتيح للصحافيين تغطية الأخبار بسرعة أكبر.
النمذجة التنبؤية. تساعد شركة "سايلثرو" (SailThru) الموجودة أيضاً خارج مدينة نيويورك، المسوِقين على نشر رسائل ترويجية بالبريد الإلكتروني أكثر فعالية من خلال تحليل البريد الإلكتروني وبيانات الويب لبناء ملفات تعريف العملاء. يتعلم نظام "سايلثرو" اهتمامات العملاء (ركوب الدراجات مقابل تسلق الجبال، على سبيل المثال) وسلوكيات الشراء، ثم يتنبأ أي الأفراد سيقومون بأي عمليات شراء ومتى، ويوصل الرسالة الصحيحة عندما تكون أكثر فاعلية. شهدت شركة "ذي كلايمب" (The Clymb)، وهي من عملاء "سايلثرو" وتبيع لوازم خارجية، زيادة بنسبة 12% في إيرادات البريد الإلكتروني وزيادة بنسبة 8% في إجمالي المشتريات عبر البريد الإلكتروني في غضون 90 يوماً من تشغيل برمجية "سايلثرو" للتعرف على التفضيلات الشخصية. بعد الجمع بين التفضيلات الشخصية والتنبؤات، شهدت شركة "ذي كلايمب" زيادة بنسبة 175% في الإيرادات لكل ألف رسالة بريد إلكتروني مرسلة، بالإضافة إلى انخفاض خسارة العملاء بنسبة 72%.
تحليل الأسباب الجذرية. تساعد شركة "سايت ماشين" (Sight Machine)، وهي شركة تحليلات في مجال التصنيع، ومقرها في سان فرانسيسكو وليفونيا، بولاية ميشيغان، عملاءها على حل مشكلات معقدة تتعلق بمراقبة الجودة. وإحدى المشكلات التي يواجهها عملاء "سايت ماشين" هي تفسير التنبيهات: يمكن أن تؤدي مشكلة أو حادثة على صلة بالجودة إلى تشغيل مئات من رموز التنبيه من آلاف الأنواع المختلفة من أجهزة الاستشعار المحتملة على طول خط التجميع. تستخدم برمجية "سايت ماشين" تعلم الآلة لتفسير أنماط هذه التنبيهات، ما يساعد المهندسين على سرعة تحديد التنبيهات القليلة التي تمثل السبب الجذري للمشكلة، وفصلها عن التنبيهات الناجمة عن الأثر المضاعف.
الصيانة الوقائية. يمكن أن يساعد تعلم الآلة أيضاً في صنع القرار البشري من خلال اكتشاف أنماط ذات مغزى في بيانات المصنع التي ربما لا يتمكن البشر من العثور عليها لولا ذلك. فكر في مثال شركة "سايت ماشين" مرة أخرى: فمن خلال تحليل البيانات للأنماط التي تحدث قبل حدوث المشكلات، تساعد أنظمة الشركة مهندسي التصنيع على توقع المشكلات ومنع حدوثها. لدى أحد العملاء الذي يشغّل خط تصنيع روبوتي جديد، تمكنت "سايت ماشين" من تقليل وقت التوقف عن العمل بنسبة 50% وزيادة الأداء بنسبة 25% في غضون شهر واحد، وهذا أفضل بكثير من تحسين الأداء بنسبة 1% إلى 2% المسجلة عادة في قطاع العميل.
وفي نهاية الحديث عن فوائد تعلم الآلة لدى الشركات، لا تزال إعادة الهندسة بواسطة الآلة في مراحلها الأولى، لذلك نتوقع أن تكشف أبحاثنا عن العديد من الأنواع الجديدة من المساعدين الآليين. ولكن من الواضح بالفعل أن لدى إعادة الهندسة بواسطة الآلة القدرة على المساعدة في إدارة التدفق الهائل للبيانات وكذلك الاختناقات الناتجة عنه التي تواجهها الشركات المعاصرة. يمكن أن يصبح العمال أكثر كفاءة وفعالية، الأمر الذي يحسِّن سير العمل وكذلك صافي المبيعات والأرباح. إذا كانت البيانات هي التي تحدد المسار إلى الأمام، فإن إعادة الهندسة بواسطة الآلة هي التي تمهد الطريق لذلك.