في عام 1978، بدأنا أنا وزوجتي برنامجاً يومياً للمشي يمتد ما بين نصف ساعة إلى ساعة كاملة، في مسعى منّا للتحكم بأوزاننا. وقد اكتشفنا أننا نستمتع بممارسة هذا النشاط معاً، فقد تسنّى لنا خلال ذلك الوقت التحدث حول مجموعة واسعة من المواضيع، مثل القضايا العائلية، والشؤون المالية، والقرارات المهنية، وحتى تناقل أخبار حيّنا.
أصبح المشي جزءاً مهماً من حياتنا، لأنه يغنينا جسدياً وعقلياً وروحياً ومهنياً. ومع وجود زوجتي معي، فقد مشيت في كل المدن الرئيسية تقريباً في الولايات المتحدة الأميركية، وفي عدد أكبر من المدن الأصغر حجماً في خضّم نشاطاتي اليومية خلال 36 عاماً. كما أنني مشيت في أكثر من 45 بلداً في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا وفي الشرق الأوسط وأفريقيا.
فالمشي بالتأكيد له فوائده الصحية المثبتة، والتي لا تقتصر على التحكم بالوزن، وإنما تمتد لتشمل تحسين معدل السكر، والتقليل من ضغط الدم، والتأخير من تطور مرض الخرف (الزهايمر)، فضلاً عن مجموعة أخرى من النتائج الإيجابية. لكنني أرى أن المشي اليومي الذي أمارسه هو أداة للتواصل والقيادة وبناء الفرق التي كنت أعمل معها.
على سبيل المثال، في عام 1989 عندما رشحني الرئيس جورج بوش الأب لشغل منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية، لم يكن معظم رؤساء الوكالات في الوزارة وموظفيها يعرفون عني إلا القليل، هذا إن كانوا يعرفون شيئاً أصلاً، لأن تلك كانت المرة الأولى التي أشغل فيها منصباً في الحكومة الاتحادية. لذلك وخلال اجتماعاتي الأولى مع موظفي الوزارة، دعوتهم إلى الانضمام إليّ في مسيرات المشي الصباحية بواشنطن وفي المدن العشر التي كان لدينا فيها مكاتب إقليمية في أنحاء البلاد. وثبت أن ذلك الأمر كان يحظى بشعبية كبيرة: فما بين 10 و150 شخصاً انضموا إلى المسير في كل من دينفر وسان فرانسيسكو ونيويورك وغيرها من المدن. وأثناء المشي في دالاس، أعلمني أحد موظفي الوزارة المتحمسين أنني كنت أول وزير يلتقيه ويتحدث معه خلال خدمته لأكثر من 23 عاماً في الوزارة
وأثناء جولات المشي هذه، تعرفت على الكثير حول تاريخ الوزارة، والنقاشات الدائرة حول السياسات، والمعنويات السائدة في مختلف أقسامها. كما أن الموظفين العاملين لدي باتوا يعرفون الكثير عني، وتاريخي، وأهدافي التي أريد تحقيقها أثناء عملي وزيراً للصحة ونظام القيم الذي أؤمن به وهواياتي الشخصية، والأهم من كل ذلك الروابط الوثيقة التي تكونت بيني وبين القياديين في الوزارة وموظفيها، ما جعلنا نصبح فريقاً فعالاً.
في سبتمبر/ أيلول 1990، وعندما أصدرت الدليل الذي يحمل العنوان "أناس أصحّاء بحلول العام 2000"، وهو دليل كان الهدف منه تمكين الشعب الأميركي من تحسين سلوكياته الصحية، وتعزيز أنشطته الوقائية بحلول عام 2000. قررت اغتنام تلك المناسبة لإظهار فوائد المشي العديدة. فقد دعوت عامة الناس للانضمام إليّ لنسير في حديقة روك كريك في واشنطن، وحضر هذه المناسبة أكثر من 300 شخص.
بالنسبة لي، أثبت المشي أنه طريقة عظيمة للترويج لأسلوب حياة صحي وفي الوقت نفسه ساعدني على تطوير مهاراتي في التواصل والقيادة. وما زلت أشعُر أن حياتي تتحسن نتيجة ممارسة هذا النشاط المتاح لمعظمنا تقريباً وبوسع الجميع ممارسته متى أرادوا.