عندما نتخذ موقفاً دفاعياً، يصبح من الصعب على الشخص الذي نتحدث معه أن يفهم ما نحاول إيصاله، بل ويصبح من الصعب علينا أيضاً الاستماع إلى الشخص الآخر وفهم ما يحاول قوله. ندخل في صراع لا معنى له، ونتخيل هجمات غير حقيقية علينا ونبدأ الدفاع عن أنفسنا ضدها، ما يهدر طاقتنا ويضر علاقاتنا بدلاً من التركيز على حل المشكلة الفعلية.
إذا كنت ذا عقلية دفاعية، ومعظمنا كذلك فعلياً، فمن المحتمل أن تكون على دراية بهذه التجربة. ربما حدث ذلك أو لاحظه أشخاص مقربون منك في أثناء مناقشة المشكلات مع مديرك أو زوجتك، وعندما يشيرون إلى موقفك الدفاعي، يسوء الأمر وربما تتخذ موقفاً دفاعياً لتنفي موقفك الدفاعي أيضاً. بطريقة ما، شعرت وكأنك تعرضت لهجوم! ولكن ماذا كان من المفترض بك أن تفعل غير ذلك؟
حسناً، سأخبرك. إنه نهج أسميه "3 خطوات لاستجابة أفضل" يمكن أن يساعدك على تجنب أن تصبح دفاعياً.
عندما يقول شخص ما شيئاً يثير انفعالك ورغبتك في الرد بصورة دفاعية:
الخطوة الأولى: فكر في أول شيء تريد قوله أو فعله وتوقف قليلاً، وبدلاً من اتخاذ أي إجراء، خذ نفساً عميقاً. سبب عدم فعل أول شيء يتبادر إلى ذهنك هو أنه عادة ما سيكون رد فعل دفاعي على ما تتصوره هجوماً أو إهانة أو استخفافاً بك.
الخطوة الثانية: فكر في الشيء التالي الذي تريد قوله أو فعله وتوقف قليلاً أيضاً. خذ نفساً عميقاً مرة ثانية. سبب عدم فعل ما يتبادر إلى ذهنك ثانياً بعد التعرض للهجوم هو أنه عادة ما سيكون انتقاماً، ما يزيد الموقف سوءاً.
الخطوة الثالثة: بدلاً من التصرف وفقاً لدوافعك الأولية، فكر في الشيء الثالث الذي تريد قوله أو فعله، ثم امض قدماً في فعله. هذه الخطوة مهمة لأنك تجاوزت عقلية الدفاع والانتقام، وأتيحت لك الفرصة للبحث عن رد أفضل.
السبب الرئيسي لتجنب اتخاذ موقف دفاعي هو أنه عادة ما يؤدي إلى نفس الاستجابة لدى الشخص الآخر، ولكن إذا حولت تركيزك للبحث عن حلول، فستخلق بيئة تجد فيها نفسك أكثر ميلاً إلى العمل التعاوني.
إذا كنت تواجه صعوبة في الاستجابة بطريقة غير دفاعية أو انتقامية وموجهة نحو الحل، فركز على أن تكون إيجابياً. الشخص الإيجابي هو شخص يستمع باهتمام إلى أفكار الطرف الآخر ثم يضيف إليها بطريقة بناءة.
تتمثل إحدى الطرق لتكون إيجابياً في استخدام عبارة "هل يمكنك التوسع في حديثك عن "كذا"؟" فكّر بالكلمات التي ركز على استخدامها الشخص الآخر وتصف موضوعاً معيناً ثم اطلب منه أن يتوسع في هذا الموضوع. يمنحك هذا النهج وقتاً للتفكير والهدوء، وسيشعر نظيرك بأنك تستمع إليه باهتمام، بل ويمكنك تجريد الطرف الذي يضمر نوايا سيئة من حجته للهجوم عليك. هناك طريقة أخرى لتكون إيجابياً وهي طرح أسئلة مثل "إذا اخترنا هذا النهج، فما هي الخطوة التالية لمواصلة التقدم؟" أو "إذا اخترنا هذا النهج، فكيف يمكننا تعظيم فوائده؟"
وبالمثل، يمكنك استبدال عبارة "نعم، ولكن" بـ "نعم، و". عندما تستخدم "نعم، ولكن" في محادثتك، قد يفسرها الطرف الآخر على أنك تقول بطريقة مهذبة أن كل ما قِيل قبل ذلك يجب تجاهله، وأن عليه الانتباه فقط إلى ما ستقوله بعد "لكن". (من المذهل كيف يمكن لعبارة "نعم، ولكن" أن تعطي معنى أعمق بكثير من مجرد الكلمات نفسها). أما عبارة "نعم، و"، فإنها تثبت صحة ما قاله الشخص الآخر وتضيف إليه بطريقة بناءة. على سبيل المثال، يمكنك قول "نعم، هذه نقطة جيدة ولتعزيزها أكثر…" أو "نعم، سمعت كل ملاحظاتك ودعنا نتعاون في إيجاد أفضل طريقة لدمجها…"
إذا وجدت نفسك في كثير من الأحيان في محادثات دفاعية حيث يبدو أنك تدخل في جدل دون سبب وتكرر قول أشياء مثل "مرحباً، أعتقد أننا نتفق هنا بالفعل"، فربما تستخدم عبارة "نعم، ولكن" عندما تقصد فعلاً أن تقول "نعم، و".
ولكن ماذا لو كان الطرف الآخر يتقصد مهاجمتك حقاً على نحو غير منصف؟ ماذا لو قال شيئاً تعتقد فعلاً أنه غير صحيح؛ هل سيكون من المناسب في هذه الحالة استخدام عبارات مثل "نعم، و" أو "هل يمكنك التوسع حول هذه النقطة…؟"
في هذه الحالة، يمكنك تجربة نهج "المواجهة الخاضعة للرقابة" بصفته طريقة لنزع فتيل التصعيد. يمكنك فعل ذلك عن طريق التوقف مؤقتاً للعد حتى ثلاثة بصمت بعد أن يتحدث الطرف الآخر. سيؤدي ذلك إلى تجنب تصعيد المحادثة وقد يتسبب في توتر الشخص الآخر. إذا حدث ذلك، فسيكون في صالحك. إذا لم تنجر إلى استفزازه، فستضع الشخص الآخر في موقف غير مألوف، ما قد ينزع فتيل التوتر ويخففه إلى حد ما.
عند هذه النقطة، انظر إليه بتمعن وهدوء وثبات وقل: "ماذا قلت! لنتوقف قليلاً هنا لأنني أشعر بانفعال شديد وأنا أدرك أنني إذا لم أهدأ قليلاً فإن أي شي سأقوله أو أفعله الآن سيجعل هذه المحادثة أسوأ، وأنا لا أرغب في ذلك مطلقاً".
ثم توقف قليلاً وخذ نفساً عميقاً وقل "حسناً، ما هو واضح بالنسبة لي هو أن هناك شيئاً ما يحبطك. برأيك، ما الذي تريد مني أن أفعله للتخفيف من هذا الإحباط؟ إذا كان ذلك ممكناً ومعقولاً لكلينا ومفيداً للمعنيين جميعهم، أعتقد أنني سأكون سعيداً بالالتزام به. ومع ذلك، إذا لم يكن ذلك عادلاً أو في مصلحة الأطراف جميعها، فسأواجه مشكلة في الموافقة عليه".
بعد ذلك، التزم الصمت ودعه يرد، فإذا لم يبدو رده منصفاً وفي مصلحة الجميع، فقل: "أجد صعوبة بعض الشيء في فهم كيف سيكون هذا النهج منصفاً للجميع ويخدم مصالحهم الفضلى. هل يمكنك تقديم تفسير بديل، أو ما رأيك في أن نتبادل الأفكار معاً لإيجاد طريقة لتحقيق ذلك؟".
من خلال التحلي بالصلابة والدفاع عن مبادئ الإنصاف والعقلانية والصالح العام، ستكون قادراً على الدفاع عن الحق بصورة أفضل، والوقوف في وجه محاورك بطريقة غير دفاعية أو استفزازية.