ما الذي عليك فعله عندما تفقد السيطرة على توتّرك في العمل؟

2 دقيقة
القلق
shutterstock.com/tomertu

جميعنا مررنا بتجربة أن يبدأ أحد أيام عملنا بداية سيئة؛ وذلك بسبب الدخول في مشادة كلامية مع الشريك أو العائلة مثلاً، أو التأخر عن موعد مهم على الرغم من تلقّي العديد من التذكيرات في جدول المواعيد، أو استلام رسالة إلكترونية تلو أُخرى تتضمن طلبات صعبة التنفيذ. قد تبدو مثل هذه الأيام طويلة ومرهقة بالفعل، فتُمحى البسمة من وجهك من دون أن تُدرك، وتصبح شخصاً يهاب التفاعلات القادمة مع العملاء أو الزملاء، وينتابه القلق عند التفكير في الموعد المقبل، وعند إدراك ضرورة التأهب والاستعداد له جيداً.

قد يبدو تجاوز تلك الأيام سهلاً للوَهلة الأولى، وذلك من خلال التركيز على الأمور الإيجابية فقط، أو حتى محاولة تصوّر اليوم بطريقة تبدو إيجابية، كأن تقول: "لن يدوم هذا إلى اليوم للأبد". ألم يخبرك أحد ما مؤخراً بأنك قادر بالفعل على السيطرة على أفكارك عندما تشعر بالقلق أو تتوقع الأسوأ؟ لِمَ يبدو ذلك صعباً عندما نشهد أحد تلك الأيام إذاً؟

تشرح دراسة أجراها رايو وزملاؤه ونُشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences) السبب في صعوبة السيطرة على التوتر عند تراكم الضغوط على الفرد. وجد باحثون في تجربة علمية منفّذة بعناية أن الأشخاص الذين طوروا استجابة الخوف المشروطة (كما في تجربة بافلوف، أو في حالة "الذعر عند التعامل مع المدير" أو "عدم القدرة على التفاعل في اجتماع مجلس الإدارة") كانوا قادرين على كبح هذه الاستجابة وتهدئة أنفسهم إذا لم يتعرضوا لموقف يسبّب لهم التوتر، أما إذا كانوا تحت ضغط نفسي بالفعل، فسيجدون صعوبة في السيطرة على أفكارهم، وذلك لأن هذا الضغط يؤثر على استجابة "الكر أو الفر"، أو "القتال أو الهرب" لديهم.

وعندما تمر بأحد تلك الأيام بالفعل، سيجعلك هذا الضغط عاجزاً عن السيطرة على قلقك عندما تتعامل مع مديرك أو في أثناء اجتماع مجلس الإدارة. ولن تنجح نصائح أخذ "خطوات تدريجية" أو "التحكم بالأمور التي يسهل السيطرة عليها فقط"، لأنك عندما تكون متوتراً بسبب الجدل الدائر في المنزل أو البريد الوارد الذي يُثير قلقك، فسيعوق هذا التوتر قدرتك على التحكم في توقعاتك السلبية التي تتولد تلقائياً. يعتمد هذا التحكم على قشرة الجبهة الأمامية عادة، وهي منطقة في الدماغ مهمتها إدارة القلق المتعلق بالتوقعات دون أي مشكلات. ومع ذلك، عندما تتأجج مشاعرك بالفعل نتيجة موقف محموم، فسيصعب على قشرة الجبهة الأمامية أداء وظائفها بصورة طبيعية وستخيّب آمالك.

ما الحل إذاً؟ ما أهمية هذه الدراسة؟ عندما يبدأ يومك بداية سيئة، فقد لا تكون محاولة التحكم في قشرة الجبهة الأمامية الاستراتيجية الأمثل لك. بل من الأجدى استخدام أساليب لا تعتمد على قشرة الجبهة الأمامية أو لا تتطلبها، فهي الطرق المثلى لإدارة القلق في مثل تلك الحالات.

وتتشابه هذه الطرق مع تأمل اليقظة الذهنية؛ أي بدلاً من أن تحاول التحكم في أفكارك، تعلّم كيفية تجاهلها. يُعرف ذلك أيضاً بتأمل النفس العاطفي، الذي يُعتقد أنه وسيلة لتهدئة مركز القلق في الدماغ مباشرة دون الحاجة إلى محاولة السيطرة على الأفكار. فعندما تواجه أفكاراً مثيرة للقلق، تقبّلها فقط بدلاً من أن تحاول مقاومتها؛ راقبها، ولاحظ وجودها، ثم حوّل انتباهك ببساطة إلى شيء آخر غير أفكارك، كأن تركّز على تنفّسك. قد لا يكون ذلك سهلاً في البداية، لكن إذا كنت تمر بيوم مُحبط بالفعل، فمن المفيد أن توجه انتباهك بعيداً عن تلك الأفكار قبل حضور أي اجتماع تتوقع أن يثير قلقك. كما أن التدريب سبيلك إلى الإتقان؛ بمعنى أنك إذا مارست هذه الطريقة بانتظام، فمن المتوقع أن تصبح أفضل في تطبيقها مع مرور الوقت.

خلاصة الموضوع إذاً: إذا كنت تمر بيوم مثير للقلق في العمل أو بدأت العمل وأنت في حالة مزاجية سيئة ومضطر إلى حضور اجتماع تتوقع أن يُثير قلقك، "فاسترجع التوازن" في مركز القلق في دماغك من خلال إغلاق عينيك مدة 5 دقائق وتجربة تقنية التنفس التي وصفتها أعلاه، إذ قد تكون هذه الطريقة أكثر نجاحاً من محاولة إقناع نفسك بالتخلص من القلق أو الانفعال الذي تتوقع حدوثه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي