ماذا تفعل عندما يفقد أسلوبك القيادي فعاليته؟

15 دقيقة
فشل أسلوبك القيادي
الرسم التوضيحي: جينيفر تابياس ديرش

مع انتقالك إلى المناصب العليا، ستطبق بعض الأساليب القيادية على نحو فطري أكثر من غيرها، وهي أساليب تتأثر بشخصيتك ونجاحاتك السابقة. بمرور الوقت، قد يصبح أسلوبك المفضل بمثابة علامتك التجارية الشخصية؛ إذ سيتوقع الآخرون منك تطبيقه وسترى أنه يتماشى مع شخصيتك وطبيعتك.

لكن ما هي العواقب عندما يفقد أسلوبك المفضل فعاليته فجأة؟ إذا لم تتأقلم، فقد تتراجع مصداقيتك بصفتك قائداً. من ناحية أخرى، قد يكون تبني أسلوب غير مألوف أمراً صعباً لك ومربكاً لزملائك.

يمكننا أن نقول إن التحدي المتمثل في تعزيز قدرتك على تطبيق أساليب قيادية مختلفة أصعب من زيادة خبرتك الفنية أو كفاءتك الاستراتيجية، لأنه يتطلب إحداث تحول شخصي. في زمننا هذا، إذا لم تكن مستعداً لخوض تجارب جديدة، فستضعف قدرتك على إلهام الآخرين لتوسيع قدراتهم مثلك.

لاحظت ضمن عملي في تدريب المدراء التنفيذيين أن الجرأة على جعل الأسلوب القيادي قابلاً للتعديل تؤتي ثمارها؛ إذ يحافظ القائد الذي يوسع نطاق أسلوبه على تأييد موظفيه، كما أن هذه المرونة تزداد سهولة مع الوقت. سأوضح فيما يلي 5 استراتيجيات تساعدك على التعامل مع فشل أسلوبك القيادي المعتمد تبعاً للسياق.

تحديد التغييرات التي طرأت عليك وعلى أصحاب المصلحة وفي الشركة.

عندما يتضاءل أثر أسلوبك القيادي، فعادة ما يكون ذلك بسبب تغيير طرأ على الأنظمة المحيطة بك. يمكنك أن تقي نفسك من انخفاض الفعالية هذا من خلال البحث عن التغيرات المفاجئة في 3 نواح: الشركة وأصحاب المصلحة الذين تديرهم وتؤثر فيهم واعتباراتك الشخصية.

اسأل نفسك: هل تغيرت ديناميكيات السوق أو احتياجات العملاء أو استراتيجيات المنتج؟ هل تغيرت متطلبات أصحاب المصلحة التي تضمن استمرار رغبتهم في العمل معك؟ وعلى الصعيد الشخصي، هل سببت المسؤوليات الجديدة تغييراً في مستوى ثقتك بنفسك وحضورك؟

دربت مرة نائب رئيس لاحظ تراجع معنويات فريقه وتزايد شكاوى العملاء الداخليين من التأخير في العمل. في أثناء بحثه عن التغيرات التي طرأت على أصحاب المصلحة الأساسيين وفي الشركة، لاحظ هذا الشخص أن التحوير المستمر في الاستراتيجية لمواكبة المنافسة في السوق جعل أولويات الفريق مبهمة. وفي الوقت نفسه، كان العملاء الداخليون يضغطون على القائمين على المشروعات المشتركة، بينما كان نائب الرئيس الجديد، الذي ترقى إلى منصبه مؤخراً، يحاول جاهداً إرضاء الجميع بدلاً من أن يعتمد في إدارته على رؤية محددة ويضع ضوابط وتوجهات استراتيجية للعمل. بالنتيجة، أصبح الفريق يقتصر في عمله على التفاعل واتباع الأوامر بدلاً من المبادرة، فبات أفراده هدفاً دائماً للانتقاد بدلاً من اعتبارهم شركاء استراتيجيين ذوي قيمة

أدرك نائب الرئيس من خلال البحث عن التغييرات في الشركة وأصحاب المصلحة وفي نفسه أن عليه توضيح أسلوبه القيادي وقيادة فريقه بحزم أكبر لتعزيز المصداقية بشأن ما يمكن لفريقه الالتزام به وتقديمه. وقد ساعده هذا التغيير في الأسلوب على تعزيز علاقته بأعضاء فريقه وأصحاب المصلحة، وتحفيزهم على المشاركة بفعالية أكبر.

تحديد أسلوب تفرط في تطبيقه وتجربة أساليب جديدة.

يمكنك تقييم الأساليب التي تميل إلى تفضيلها من خلال تحديد تأثير الأساليب القيادية الستة التالية التي تصفها أبحاث عالم النفس، دانيال غولمان، في انطباع زملائك عنك: الأسلوب التوجيهي (توجيه الأوامر والإكراه)، والأسلوب السلطوي (تحديد رؤية يجب اتباعها)، وأسلوب تحديد وتيرة العمل (الإصرار على معايير عالية)، وأسلوب القيادة المتناغم (تفضيل الروابط الشخصية)، وأسلوب القيادة الديمقراطي (السعي إلى الإجماع على القرارات)، وأسلوب القيادة التدريبي (منح الأولوية لنمو الأفراد).

هناك عدة عوامل تؤثر في الأسلوب الذي تختاره، بدءاً من شخصيتك ومواطن قوتك الفريدة وصولاً إلى أسلوبك القيادي الذي تعلمته، ربما من المدراء أو المرشدين السابقين. عليك أن تدرك أن الألفة مع أي أسلوب قيادي تولد لديك الميل إلى القناعة بالوضع الراهن، وأن اعتمادك المفرط على نهج محدد مع تغير الاحتياجات قد يحد من استعداد الآخرين لاتباعك في المستقبل.

دربت مرة رئيساً تنفيذياً أمضى حياته المهنية بأكملها في شركته. بما أنه يتمتع بمعرفة مؤسسية عميقة وشخصية مثابرة واستعداد دائم للعمل الجاد، كان يفضل الخوض في تفاصيل العمل جميعها؛ إذ إنه أسهم في العمل على مسائل فنية دقيقة جداً. كان أسلوب تحديد وتيرة العمل هذا، الذي يتسم بأنه مباشر ويركز على التفاصيل ويدفع تجاه تطبيق رؤية عميلي الخاصة حول التميز، فعالاً عندما كانت الشركة صغيرة وكان فريق القيادة الخاص به مكوناً من زملائه القدامى الذين توقعوا منه اتباع هذا الأسلوب.

لكن مع توسع الشركة وتوظيف قادة جدد لتطوير بنية تشغيلية ناضجة في الشركة، أصبحت مشاركته في التفاصيل معوقاً، كما أن أسلوبه الذي كان فعالاً في حل المشكلات البسيطة أصبح يحد من قدرات المدراء على حل المشكلات التي تزداد تعقيداً. أدرك عميلي أنه حتى يحافظ على فعاليته بصفته قائداً، كان عليه اختبار بعض الأساليب الجديدة، وتحديداً الأسلوب القيادي الملهم الذي يشجع على منح السلطة والمسؤوليات للفريق، بالإضافة إلى الأسلوب التدريبي الذي يمكن الآخرين من تطوير أنفسهم استعداداً للضرورات المستقبلية.

توضيح التغييرات في الأسلوب.

تجربة أساليب قيادية جديدة هي علامة على أنك قائد محنك، لكن عليك أن تستعد لمواجهة عواقب التغيير، والأسلوب القيادي الجديد غير مألوف لك ولمن حولك وقد تربكهم إذا اتبعته دون تنبيههم. إذا لم توضح التغيير وأسبابه للآخرين، فقد يعتقدون أنه تغيير عشوائي، والأسوأ من ذلك، أنه قد يؤدي إلى تراجع الثقة.

يمكنك أن تضمن توافقك مع الآخرين فيما يتعلق بتغيير أسلوبك القيادي من خلال الاعتماد على العقد الاجتماعي الساري بينكم وشرح نيتك والطريقة التي ستتبعها في توسيع نطاق أساليبك القيادية. يمكنك أن تقول لأعضاء الفريق ما يلي:

لاحظت على مدار العام الماضي عادة لدي تعوق تحقيق النتائج التي نريدها جميعاً. أنا أفضل الانخراط في العمل عندما لا ألاحظ أي تقدم فيه، لكن هذا لا يناسب أحداً. من الآن فصاعداً، سأحاول تمكين الفريق أكثر من خلال طرح الأسئلة التي تشجعكم على تولي المسؤوليات واتخاذ القرارات، كما أني سأفوض المهام على نحو هادف أكثر. إذا لاحظتم أني أبدو أكثر هدوءاً في الاجتماعات، فهذا لا يعني أنني دخلت في حالة من الانفصال عن العمل، وإذا طرحت الكثير من الأسئلة، فأنا لا أحاول اختباركم، بل أحاول أن أستمع وأدعم الآليات التي تطبقونها والحلول التي تتوصلون إليها أكثر من آلياتي وحلولي الخاصة.

ركز على أن هذا التغيير سيفيد الجميع. يمكنك أن تقول: "لن يساعدني اتباع أسلوب تدريبي هادف على قضاء المزيد من الوقت في معالجة المسائل المهمة فقط، بل إنه يبين أيضاً أني أثق بالفريق وأريد منحه الفرصة ليثبت جدارته".

قد يجعلك الاعتراف بعيوب أسلوبك القيادي تشعر بأنك معرض للخطر، لكن تذكر أن ما سيعزز قدرات فريقك ويزيد مؤيديك هو الشجاعة والتواضع وأن تكون نموذجاً يحتذى به في إظهار ضعفك الإنساني.

التدرب على الأسلوب الجديد وطلب الملاحظات وتوقع الرفض.

بمجرد توضيح نواياك، ابدأ اختبار الأسلوب الجديد في نطاق ضيق ولكن واضح. اطلب ملاحظات فريقك حول الأسلوب الجديد، لكن لا تشعر بالإحباط إذا كان بعضها سلبياً. في نهاية المطاف، حتى لو كان أسلوبك السابق معيوباً، فهو مألوف بالنسبة للفريق، وقد يدفعه ذلك إلى رفض التغيير إلى أن يلاحظ فوائد التكيف معه.

دربت من قبل عميلاً يشغل منصب النائب الأول للرئيس في شركة تكنولوجيا، وكان مسؤولاً عن تطوير العمليات الهندسية لتعزيز الميزة التنافسية لشركته. ارتكز أسلوبه على بناء الرؤية والديمقراطية في صناعة القرار، ما حفز الفريق على وضع أهداف عظيمة والانخراط في نقاشات شاملة حول طرق تحقيق هذه الأهداف.

على الرغم من أن أعضاء فريقه شعروا بالأمان وبأنه يدعمهم، تراجعت ثقة أصحاب المصلحة الآخرين بخبرة عميلي التشغيلية بسبب فشل فريقه في العديد من المشروعات. بالنتيجة، اكتسب عميلي سمعة بأنه يبالغ في الوعود ولا يفي بها، وذلك بسبب مشكلتين في أسلوبه القيادي: عدم استعداده لتقديم الملاحظات النقدية لفريقه ونفوره من تقديم التقارير المفصلة بانتظام لأقرانه حول التقدم الذي يحرزه فريقه. ولكنه أحسن التصرف حين أجرى تغييرات واضحة في أسلوبه استجابة لهذه العثرات.

سعياً من عميلي لتقييم فريقه بطريقة أكثر موضوعية، سأل نفسه السؤال التالي: من هم الموظفون الذين سيعيد توظيفهم لو بدأ بتأسيس الفريق من الصفر؟ بعد ذلك، حدد المشكلات في أداء كل عضو ودربه وقدم له ملاحظات محددة، كما اعترف بأن تجنبه لتقديم الملاحظات حد من إمكانات الفريق من قبل. وحين كان الفريق يطيل النقاش في بعض المسائل حرص عميلي على توجيهه نحو حسمها واتخاذ الإجراءات اللازمة بسرعة، كما طلب من الأعضاء تطوير آلية لتنظيم عمليات التخطيط وإعداد التقارير لأصحاب المصلحة بناءً على المقاييس الرئيسية ذات الصلة.

لم يرحب أعضاء الفريق جميعهم بهذا التغيير في الأسلوب القيادي؛ ففي النهاية، تطلب الأسلوب الجديد زيادة العمل والمساءلة الشخصية. مع ذلك، استمر عميلي في التماس الملاحظات لضبط أسلوبه بهدف تجنب الإفراط في تصحيح الأسلوب. ومن خلال المثابرة على التجربة وتقبل الرفض بصفته جزءاً ضرورياً من عملية التطور، قدم عميلي نموذجاً لأعضاء الفريق يساعدهم على توسيع نطاق أساليبهم القيادية الخاصة.

الالتزام بتعزيز تنوع القدرات بدلاً من إتقان بعضها فقط.

بينما تختبر الأساليب القيادية الجديدة، لا تشعر بالإحباط إذا لم يناسبك أحدها. احرص على أن تكون مستعداً للتدرب على أساليب مختلفة حتى تزيد الخيارات المتاحة لك عند الحاجة، واختر الأسلوب بناءً على غايتك وليس على تفضيلاتك الشخصية. لا يزيد ذلك فعاليتك بصفتك قائداً في سياق معين فحسب، بل يضمن أن تعزز قدرتك على التكيف مع الاحتياجات المستقبلية.

بالنظر إلى التغيرات الدائمة في مكان العمل اليوم تمثل القدرة على التكيف ميزة استراتيجية رئيسية. بينت دراسة حديثة أن أكثر من 60% من المتخصصين في مجال التعلم المؤسسي يعتقدون أنه يجب على القادة تعزيز قدرتهم على التكيف السلوكي لتلبية الاحتياجات المستقبلية. تنشئ بعض الشركات حالياً مناصب تنفيذية عليا مصممة لتعزيز المرونة نظراً لأهميتها الكبيرة في تحقيق التجانس والانسجام المؤسسيين. لكن تنويع القدرات يتطلب الاستعداد لإظهار مواطن الضعف، كما أنه يستوجب غالباً التخلي عن هويتك الأساسية.

على سبيل المثال، إذا كنت قائداً وبنيت علاقات قائمة على الثقة قبل تحديد التوقعات، فقد تعتقد أن ضرورة اتباع أسلوب سلطوي حاسم تتعارض مع قيمك وهويتك، ولكن إذا تمسكت بالسلوكيات التي تتماشى مع طبيعتك وشخصيتك، فقد تفوت فرصة اتباع الأسلوب التوجيهي في الحالات التي يكون فيها أكثر فعالية، مثل توضيح الظروف الراهنة في الأزمات أو مساعدة الموظفين الجدد على تحديد توقعات الآخرين منهم كي يبدؤوا بتطوير كفاءاتهم المهنية بناءً عليها.

يمكنك تعزيز قدرتك على التنقل بين الأساليب القيادية من خلال التخلي عن الحاجة إلى الشعور بأنك تعمل بناءً على قيمك وهويتك القيادية الأصيلة دائماً. يطبق القادة الذين يتمتعون بقدرات متنوعة الأساليب الستة في يوم واحد غالباً، وذلك تبعاً لغايتهم من التفاعل مع الآخرين. احرص على فهم سلوكيات من حولك وحدد الحاجة إلى الحسم أو المراقبة أو التيسير أو أي أسلوب آخر بحسب الموقف، واتبع الأسلوب الذي تراه مناسباً لاختبار فعاليته.

في أي دور قيادي، يؤدي أسلوبك في التعامل مع الآخرين دوراً مهماً في النجاح، كما أنه يكون أحياناً أهم من المهمة التي يعملون عليها نفسها. عندما يفقد أسلوبك فجأة أثره المطلوب، قد تواجه صعوبة في تغييره دون أن تضطر إلى مخالفة قيمك وهويتك الأصيلة وتربك الآخرين. بتطبيق هذه الاستراتيجيات يمكنك الحفاظ على مؤيديك من خلال تحسين أسلوبك تبعاً للسياق وتعزيز قدرتك على التكيف مع التحولات المستقبلية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي