قام البروفسوران وولي و مالون بالتعاون مع كريستوفر كابريس و ساندي بنتلاند و ندى هاشمي بتوزيع اختبارات ذكاء معيارية على المشتركين بالبحث بغرض قياس ذكاء فرق العمل النسائية، وقد تراوحت أعمارهم بين 18 عاماً و60 عاماً ذ ونظموهم عشوائياً في فرق عمل متعددة. وقد أعطي كل فريق عمل مهام متنوعة منها مهام العصف الذهني واتخاذ القرارات وتركيب الأحجيات البصرية إلى جانب حل إحدى المشكلات المعقدة. ومنحت فرق العمل علامات الذكاء بناء على أدائها في إنجاز المهام الموكلة إليها. وقد لوحظ أن فرق العمل التي ضمت بين أفرادها أشخاصاً حققوا قيم ذكاء مرتفعة بشكل فردي، لم تحظ بعلامات ذكاء مرتفعة جداً ضمن فرق العمل، فيما أحرزت فرق العمل التي ضمت بين أفرادها عدداً أكبر من السيدات، علامات ذكاء أعلى من سواها.
البروفسوران "وولي" و"مالون" دافعا عن بحثكما العلمي:
الكثير من العوامل التي قد تظن أنها مؤثرة في أداء الفريق، ليست كذلك؛ فالذكاء الجمعي غير مرتبط كثيراً بذكاء الأفراد كل على حدة.
وولي: لقد أعدنا الاختبارات ووصلنا إلى النتائج نفسها مرتين حتى الآن: الكثير من العوامل التي قد تظن أنها مؤثرة في أداء الفريق، ليست كذلك؛ فأي من عوامل رضى الفريق وتماسكه وتحفيزه لم يترافق مع الذكاء الجمعي للفريق. وبالطبع لم نجد أيضاً أي ترابط قوي بين الذكاء الجمعي للفريق وذكاء الأفراد كل على حدة.
مالون: كنا نظن قبل إجرائنا البحث أن الذكاء الجمعي لفريق العمل هو ببساطة عبارة عن متوسط قيم حاصل ذكاء أفراد الفريق. وهكذا فوجئنا بالنتيجة التي توصلنا إليها ومفادها أن الذكاء الجمعي غير مرتبط كثيراً بقيم حاصل ذكاء أفراد الفريق كل على حدة.
هارفارد بزنس ريفيو: ولكن هل لنوع الجنس دور في أداء الفريق؟
مالون: إنها نتيجة أولية – وغير اعتيادية. يقول الرأي السائد أن التنوع أمر جيد، ومن الأفضل أن يضم فريق العمل رجالاً وسيدات. غير أن بياناتنا تظهر حتى الآن أن أداء الفريق يكون أفضل كلما زاد عدد السيدات ضمن أفراده.
وولي: ولدينا إثبات على أن أداء الفريق قد يعود إلى الانخفاض في الحالات الحدية – أي أنه من الأفضل أن يضم الفريق درجة ولو منخفضة من التنوع على أن يكون مكوناً كلياً من السيدات.
اقرأ أيضاً: كيف تعيّن شركة ليلي مزيداً من النساء في مواقع قيادية؟
إنكما تقولان إن فرق العمل المكونة من السيدات أذكى من فرق العمل المكونة من الرجال؟
وولي: نعم. ولعلني مترددة بعض الشيء. لكن ذلك لا يعني أنني أشك بالنتائج. إنني واثقة تماماً من بياناتنا، غير أن جزءاً من النتيجة يمكن تفسيره من خلال الفروقات في الحساسية الاجتماعية بين السيدات والرجال والتي وجدنا أنها مهمة بالنسبة للأداء الجمعي. فلقد أظهرت دراسات شتى أن السيدات يملن إلى إحراز نتائج أعلى في اختبارات الحساسية الاجتماعية من الرجال. وهكذا فإن المهم فعلاً هو أن يتمتع أفراد الفريق بقدر كبير من الحساسية الاجتماعية، سواء أكانوا رجالاً أم سيدات.
إذاً، فأنتما لم تجدا علاقة ترابط سلبي بين الذكاء الجمعي وحاصل الذكاء الفردي – بل فقط علاقة ترابط إيجابي ضعيفة. فنظرياً يمكن القول إن أذكى 10 أشخاص قادرون في الواقع على أن يؤلفوا فريق عمل عظيماً. أليس كذلك؟
وولي: نظرياً، نعم، الأشخاص الـ 10 الأكثر ذكاءً يمكنهم تأليف أذكى فريق عمل، لكن ذلك لا يعود فقط إلى أنهم الأذكى. فما الذي نسمعه عن أعظم فرق العمل؟ إننا لا نسمع أن أفراد ذلك الفريق أذكياء كل على حدة، بل أنهم ينصتون إلى بعضهم البعض، ويوجهون إلى بعضهم نقداً بناءً، وهم منفتحون على الآخرين ولا يسعون إلى التسلط. ولقد وجدنا في بحثنا بوضوح شديد أن فرق العمل التي يسيطر فيها أشخاص أذكياء على المحادثات والنقاش لم تحرز علامات ذكاء جمعي مرتفعة.
هل من الممكن أن تغالي فرق العمل في توجهها الجمعي، بحيث يبدي الجميع قدراً عالياً من الحساسية الاجتماعية ولا يكون هنالك قائد؟
وولي: افتراضياً، نعلم أن فرق العمل قد تغالي في تركيزها على العلاقة الجيدة فيما بين أفرادها. وتظهر أبحاثنا أن فرق العمل تحتاج إلى درجة معتدلة من التنوع الإدراكي لكي تكون فعالة. فالفرق التي تتمتع بدرجة مبالغ فيها من التجانس أو من الاختلاف لا تبدي سوية عالية من الذكاء.
بطريقة أو بأخرى، تبدو نتائجكما بديهية للغاية: إن فرق العمل الفعالة ليست مجرد تجميع لأفضل المواهب الفردية.
مالون: بكل تأكيد. فهذا معروف جيداً في مجال الرياضة. وأبحاثنا إنما تظهر ذلك في مجال المهام الفكرية. لقد اتضح لنا أن اختبارات الذكاء تمثل وسيلة لتوقع أداء الأفراد في إنجاز طيف من المهام المختلفة، ولكن لم يفكر أحد من قبل في استخدام نفس النهج لتوقع أداء فرق العمل ككل.
اقرأ أيضاً: فاروق الباز: أختار معظم فريق عملي من النساء لأنهن الأكثر جرأة على الاعتراف بالخطأ
وولي: لقد حدثت قفزة واضحة في مسار تطور علم النفس مع ابتكار طريقة تجريبية لقياس الذكاء الفردي عبر ما تسمى اختبارات حاصل الذكاء. ونأمل بأن يحدث بحثنا هذا قفزة مشابهة مزلزلة في مجال دراسة أداء فرق العمل.
هل يمكننا تصميم فرق العمل لتحسين أدائها؟
مالون: نأمل في أن ندرس ذلك في المستقبل. فمع أننا لا نستطيع تغيير سوية ذكاء الأفراد إلا بشكل طفيف، يمكننا في الواقع تغيير الذكاء الجمعي لفرق العمل بشكل ملموس، وذلك من خلال تبديل أفرادها أو تعديل الحوافز الممنوحة لها لكي يتعاون أفرادها مع بعضهم البعض على سبيل المثال.
وولي: وهنالك بعض الدلائل على أن الذكاء الجمعي موجود أيضاً على السوية المؤسساتية أيضاً. فبعض الشركات التي تنجح في رصد بيئة عملها ووضع أهدافها تتميز أيضاً في إدارة عملياتها الداخلية وتحفيز موظفيها – الأمر الذي يؤدي بالنتيجة إلى أداء مالي أفضل. فالأداء الثابت عبر المجالات الوظيفية المختلفة في شركة ما يشير إلى سوية محددة من الذكاء الجمعي للشركة، يمكن استخدامها في توقع أداء الشركة ككل.
إذاً، هل يمكن لهذه الظاهرة أن تتجاوز فرق العمل الصغيرة التي قمتما بدراستها؟
مالون: نعم، يمكن للأسر والشركات والمدن أن تبدي ذكاءً جمعياً. ولكن مع تنامي حجم الجماعات التي يواجه أفرادها بعضهم بعضاً، تنخفض قدرة تلك الجماعات على الاستفادة من أفرادها، ما يعني أن حجم الفريق يخفض من قيمة ذكائه الجمعي. ولكننا نتوقع أن تسهم التكنولوجيا في جعل الفرق أكثر ذكاءً عندما يكبر حجمها من 10 أفراد إلى 50 فراداً أو 500 أو حتى 5,000 فرد. ولعل ما توفره شركة جوجل من معارف ومنتجات عالية الجودة على موقع ويكيبيديا من دون إدارة مركزية تقريباً، إنما يمثل البداية فقط لما يمكن تحقيقه. بل إن ما بتنا نطرحه اليوم هو: كيف يمكننا تعزيز الذكاء الجمعي للشركات والدول، بل وحتى العالم بأسره؟
نتيجة البحث: الترابط ضعيف بين الذكاء الجمعي لفريق العمل وقيم حاصل الذكاء لأفراده. غير أن فرق العمل التي تحتوي بين أفرادها على عدد أكبر من النساء تبدي ذكاءً جمعياً أعلى. الأمر الذي يدل على ذكاء فرق العمل النسائية.
اقرأ أيضاً: