طوال العقد الماضي، أطّرت المشاريع الجديدة أعمالها في القطاعات المختلفة بعبارة "الأثر الاجتماعي". ونحن لاحظنا أنّ غالبية المشاريع التي تركز على إحداث الفائدة الاجتماعية من خلال المشاريع أسستها سيدات، وبصورة غير متناسبة. ربما يرجع هذا إلى أنّ النساء المؤسِّسات للمشاريع أكثر مراعاة للقضايا الاجتماعية من الرجال. إلا أننا تساءلنا أيضاً عما إذا كان هناك شيء آخر يحدث بخصوص فرص تمويل رائدات الأعمال: ربما لدى النساء اللاتي بدأن بمشاريع اجتماعية فرصة أكبر للحصول على التمويل مقارنة مع غيرهن ممن بدأن بأعمال تجارية تقليدية.
الأثر الاجتماعي في المشاريع الريادية النسائية
في مقالنا "التحيز الجنساني، وتأطير الأثر الاجتماعي، وتقييم المشاريع الريادية"، الذي نُشر في مجلة العلوم التنطيمية (Organization Science)، نجد أنّ إبراز المؤسّسات للأثر الاجتماعي لمشاريعهن يخلق تصورات إيجابية أكثر. باختصار، يحد إطار الأثر الاجتماعي من الآثار التمييزية للتحيز الجنساني.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل النساء مع أعراف القيادة القائمة على النوع الاجتماعي؟
لاستيضاح هذه الفكرة أكثر، أجرينا دراستين: في الأولى، عقدنا شراكة مع حاضنة ريادة أعمال تدعم الأعمال ذات المهمة الاجتماعية، بغرض دراسة تقييمات المشاريع الحقيقية التي نفذها الممولون المحتملون وغيرهم من الداعمين. ولأن المؤسسين جميعهم لديهم مهمات اجتماعية، فقد كانوا مخيرين بشأن التركيز على الأثر الاجتماعي في تقديم مشاريعهم. وبالفعل، خصص بعضهم أكثر من ربع خطة عمله للأثر الاجتماعي، في حين بالكاد ذكر الآخرون ذلك.
من بين 43 مشروعاً و421 تقييماً، وجدنا أنه في المتوسط، كان يُنظر إلى المشاريع التي تقودها النساء باعتبارها أقل قدرة على الاستمرار من تلك التي يقودها الذكور. من ناحية أخرى، تجنبت المشاريع التي تقودها النساء، والتي أكدت بشكل كبير على أثرها الاجتماعي، هذا الحكم الجنساني، (بينما لم تتأثر المشاريع التي يقودها الذكور بذلك). وكانت أنماط التقييم هذه متماثلة بغض النظر عما إذا كان المقيمون ذكوراً أم إناثاً.
للتعمق أكثر، أجرينا دراسة ثانية في صورة تجربة؛ أعددنا عرضين شفويين يصفان مشروعاً تخيلياً، كلاهما ناقش الأهداف التجارية للمشروع، لكن واحداً فقط شدد على الدور الاجتماعي. العرضان سُجلا صوتياً، مرة بصوت رجل وأخرى بصوت امرأة، ما أعطانا أربعة إصدارات خضعت للتقييم من قبل 224 طالب ماجستير في تخصصات إدارة الأعمال. وتماشياً مع النتائج الأولية التي توصلنا إليها، حظيت النسخة "التجارية فقط" بنظرة أكثر إيجابية عندما عُرضت من قبل رجل، في حين كانت تقييمات النسخة ذات الطابع "الاجتماعي والتجاري" تميل إلى الإيجابية بغض النظر عن جنس الصوت الذي يقدمها.
فسّرنا ذلك بأنه ربما عائد إلى وجود صلة بين الأثر الاجتماعي ومشاعر الدفء الشخصية الملحوظة لدى أصحاب المشاريع الريادية أو صاحباتها، وقد أظهرت الأبحاث السابقة أنه لكي يُنظر إلى النساء على أنهن مؤهلات، يجب أن يُنظر إليهن باعتبارهن "دافئات"، في حين لا يحتاج الرجال إلى أن يُنظر إليهم بالطريقة نفسها لإثبات كفاءاتهم. وبالتأكيد، عندما طلبنا من المتطوعين تقييم أصحاب المشاريع من الذكور والإناث من ناحية مشاعر الدفء، كان يُنظر إليهما باعتبارهما "أكثر دفئاً" عند استخدام إطار الأثر الاجتماعي، ولكن من الأهمية بمكان، أنّ هذا تُرجم إلى تقييم أكثر ملائمة للأعمال التي تخص أصحاب المشاريع الإناث.
من ناحية، نعتقد أنّ النتائج التي توصلنا إليها تُقدم أخباراً جيدة لرائدات الأعمال؛ فرغم تجنب الكثيرين ممن تحدثنا إليهم مشاركة أهدافهم في إضفاء الأثر الاجتماعي بسبب خوفهم من عدم أخذهم على محمل الجد، ومن المعاناة التي سوف تعانيها أعمالهم نتيجة ذلك. إلا أن أبحاثنا تشير إلى عكس هذا تماماً: التحدث بحرية عن الأثر الاجتماعي للمشاريع يصب في مصلحة رائدات الأعمال.
اقرأ أيضاً: بحث: المستثمرون يعاقبون رائدات الأعمال على سلوكياتهن
ومن ناحية أخرى، فهذا مخيب للآمال بعض الشيء؛ لأنه يؤكد نتائج الأبحاث الحديثة الأخرى التي تبين اضطرار المرأة للتوافق مع القوالب النمطية الجنسانية كي يُنظر إليها باعتبارها كفء. والحقيقة أنّ هذا يحدث نتيجة استمرار التحيزات الجنسانية التي لا تزال تلعب دوراً كبيراً في استثمار رؤوس الأموال. وبينما يؤكد هذا البحث مرة أخرى أنه دائماً ما يُحكم على النساء بشكل مختلف عن الرجال، فإنّ الجانب الإيجابي هو أنّ أولئك اللواتي لديهن مهمة اجتماعية يمكنهن استخدام هذا لصالحهن.
مثل هذا التأطير يمكِن أنْ يؤدي أيضاً إلى نتائج عكسية في فرص تمويل رائدات الأعمال؛ فإذا لم يكن حقيقياً، أو إذا استخدم بشكل مفرط، قد يتم النظر إليه نظرة شك. ربما يساهم إطار الأثر الاجتماعي في الحد من آثار التمييز الجنساني على المدى القصير، ولكن من غير المحتمل أنْ يغير الصور النمطية التي تَكمن وراء التمييز، بل قد يعززها، ولحل القضية الأكبر في التمييز بين الجنسين سيحتاج رواد الأعمال والمستثمرون وغيرهم، ضمن بيئة تنظيم المشاريع، إلى مواصلة مواجهة هذه التحيزات الراسخة.
اقرأ أيضاً: