ملخص: لا يزال نظام الأجر المتساوي لقاء العمل المتساوي في أيسلندا في مراحله الأولى، لكن الإشارات الأولية تدل على أن مطالبة المؤسسات بتقديم إثباتات بأنها تدفع للموظفين أجوراً متساوية قد تكون فاعلة للغاية، وأكثر فاعلية حتى من البدائل المستخدمة حالياً في أماكن أخرى. نُشرت تلك السياسة في عام 2018 لسد فجوة الأجور بين الجنسين، وهي تفرض على الشركات والمؤسسات التي تضم أكثر من 25 موظفاً تقديم إثباتات بأنها تدفع للرجال والنساء أجوراً متساوية لقاء الأعمال المتساوية. وتحصل الشركات التي تُثبت أنها تدفع أجوراً متساوية للمناصب نفسها على شهادة. وأصبحت الشهادة أحد المتطلبات الرئيسة اعتباراً من عام 2020؛ في حين تتكبد الشركات التي لا تمتلك شهادة غرامات يومية. من جهة أخرى، أسفرت تلك العملية عن بروز بعض المشكلات التشغيلية، كأعباء تنفيذ العملية التي وقعت على عاتق المدراء؛ إلا أنها ليست عواقب طويلة المدى. لكن الأهم من ذلك هو أن النظام حفّز المناقشات داخل الشركة والمناقشات المجتمعية حول كيفية تقييم الوظائف، وماهية المعايير التي سيجري تقييم الوظائف من خلالها، وما إذا كانت تلك المعايير ذات صلة بالمجتمع الحالي وسوق العمل.
يتقاضى الرجال والنساء الذين يؤدون الأعمال نفسها مبالغ مختلفة في معظم البلدان. ويُعرف ذلك التمييز عموماً باسم فجوة الأجور بين الجنسين. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لسد تلك الفجوة، وخاصة بين الدول الصناعية المتقدمة، فإنها لا تزال قائمة. ينطوي جزء من المشكلة على أن حلول السياسات للقضاء على عدم المساواة في الأجور قد ركزت على تغيير سلوك العمال الفرديين، إذ غالباً ما تُكلّف النساء بالعمل في المهن التي يهيمن عليها الذكور؛ أو يُتوقع من الموظفات إثبات وجودهن بشكل أكثر فاعلية في أماكن العمل. لكن قد توجد طريقة أفضل.
نشرت أيسلندا في عام 2018 أول سياسة في العالم تفرض على الشركات والمؤسسات التي تضم أكثر من 25 موظفاً تقديم إثباتات بأنها تدفع للرجال والنساء أجوراً متساوية لقاء الوظائف المتساوية. تُنفّذ السياسة من خلال أداة تقييم للوظائف تدعى معيار إدارة الأجور المتساوية، أو ببساطة نظام الأجور المتساوية. تحصل الشركات التي تُثبت أنها تدفع أجوراً متساوية للمناصب نفسها على شهادة. وأصبحت الشهادة أحد المتطلبات الرئيسة اعتباراً من عام 2020؛ في حين تتكبد الشركات التي لا تمتلك شهادة غرامات يومية.
أفاد كل من العمال والمدراء بأن أداة تقييم الوظائف تلك تحسن بيئة العمل وتزيد ثقة النساء في أصحاب العمل وسياسات الأجور. لكن ما هي ماهية عملها بالضبط؟ وهل يمكن تكرار نجاحها؟
عندما أجريت مؤخراً أول تحليل نوعي لنظام الأجور المتساوية، أعددت مخططاً حول نظرة أصحاب المصلحة الاقتصاديين والسياسيين الرئيسيين في أيسلندا إلى عواقب ذلك التشريع الجديد للمساواة في الأجور. وتوصلت من خلال ذلك التحليل إلى 3 عوامل رئيسية مكّنت من نجاح النظام في أيسلندا؛ وقد تضمن تلك العوامل التنفيذ الناجح لنظام الأجور المتساوية لقاء الوظائف المتساوية في أماكن أخرى أيضاً.
1- نقل عبء الإثبات إلى أصحاب العمل
يُطلب من الموظف عادة تقديم دليل على عدم المساواة في مكان العمل، ولكن بموجب نظام أيسلندا يكون صاحب العمل مسؤولاً عن إثبات تقاضي الموظفين رواتب عادلة. ويجري ذلك باستخدام نظام تقييم للوظائف مكوّن من خطوتين لفصل مهام العمل عن المهارات، وهو تمرين أعرب المدراء الذين تحدثت إليهم عن مدى صعوبته بشكل عام. ومع ذلك، يُجبر هذا النظام المكّون من خطوتين المدراء على إجراء تقييم على المهام بغض النظر عمن يشغل تلك المناصب. وعلى الرغم من أن المدراء أجمعوا على مدى صعوبة العملية، فإنهم أعربوا عن تقديرهم للنتائج الإيجابية التي أسفرت عنها، كوجود هيكل مباشر يعفي المدراء الأفراد من بعض المسؤوليات؛ والثقة في قدرات الموظفين الجدد وثقة أولئك الموظفين الجدد في قدراتهم أيضاً؛ وزيادة ثقة الموظفات في أصحاب العمل؛ وزيادة الشعور بالفخر بين جميع الموظفين باعتبارهم جزءاً من ذلك المشروع التقدمي.
2- فرض إجراء عملية التقييم والامتثال للقوانين
تشير البحوث حول مخططات التقييم الوظيفي الطوعي لأصحاب العمل في كندا إلى أهمية وجود نظام إنفاذ فاعل للحد من التأثير الرادع للقوانين، كما هو الحال أيضاً في المثال الأيسلندي. يُلزم النظام أصحاب العمل بعد عملية التنفيذ بالحصول على شهادة من هيئة معتمدة لتقييم ما إذا كانت خطط المساواة في الأجور التي وضعوها تفي بمتطلبات النظام. وأشارت البحوث السابقة إلى أن أنظمة شهادات المساواة في الأجور لا تكون فاعلة إلا عندما يجري تطبيقها بصرامة. كما يتطلب النظام أن يخضع أصحاب العمل لعملية اعتماد خارجية تتحقق مما إذا كان نظام الرواتب في مؤسساتهم يقدم أجوراً متساوية لقاء الأعمال المتساوية. وقد تفرض الدولة غرامة يومية قدرها 500 دولار أميركي في حالة عدم الامتثال.
3- وضع أنظمة دفع شفافة
تقل الفوارق في الأجور عندما تزيد الشركات من ممارسات تحمّل المسؤولية وتوضح ماهية أنظمة حوافز الأداء. جعلت أيسلندا الشفافية إلزامية من خلال مطالبة المؤسسات بإنشاء نظام أجور يمكن تتبعه، حيث يحق للموظفين اليوم مطالبة أصحاب العمل بتقارير تفصّل الأجور والشروط التي يجري توظيفهم بموجبها. وبالتالي، لا يمكن لأصحاب العمل مطالبة الموظفين بالدخول في اتفاقات الأجور التي تتضمن أحكاماً بعدم الكشف عن محتوياتها، إذ لا تُعتبر تلك الأحكام قانونية، وليس لها أي شرعية، وهو ما يحوّل عبء الإثبات من الموظف إلى صاحب العمل ويجبر الشركات على تطوير أنظمة لتقييم الوظائف أو إعادة تنظيم تلك الأنظمة.
وعلى الرغم من أن نظام أيسلندا لا يزال في مراحله الأولى، تدل الإشارات الأولية على أن مطالبة المؤسسات بتقديم إثباتات بأنها تدفع للموظفين أجوراً متساوية قد تكون فاعلة للغاية، وأكثر فاعلية حتى من البدائل المستخدمة حالياً في أماكن أخرى. ذلك لأنها تدفع الشركات والمؤسسات إلى تبني التدابير اللازمة للحصول على الشهادات، وتسهل عمل العمليات التنظيمية، وتزيد إحساس الموظفين بالسعادة والرضا. من جهة أخرى، أسفرت تلك العملية عن بروز بعض المشكلات التشغيلية، كأعباء تنفيذ العملية التي وقعت على عاتق المدراء؛ إلا أنها ليست عواقب طويلة المدى. لكن الأهم من ذلك هو أن النظام حفّز المناقشات داخل الشركة والمناقشات المجتمعية حول كيفية تقييم الوظائف، وماهية المعايير التي سيجري تقييم الوظائف من خلالها، وما إذا كانت تلك المعايير ذات صلة بالمجتمع الحالي وسوق العمل.
باختصار، أثّر ذلك النظام بشكل إيجابي في الثقافة المؤسسية وأظهر أن عملية صياغة الأجور بين المدير والموظف ليست مسألة فنية، بل عادة ما تهيمن إحدى العمليات الاجتماعية على قضايا تحديد الأجور. ويؤكد ذلك على أهمية النظام، إذ تعتمد زيادة الرواتب أو الترقيات على معايير محددة مسبقاً ومتفق عليها بشكل متبادل بدلاً من الحالات المزاجية للمدراء أو تفضيلاتهم الشخصية أو مشاعر التقدير التي يكنونها لموظفين معينين أو مهارات التفاوض التي يتمتع بها بعض الموظفين أو قدرتهم على سرد إنجازاتهم. وبذلك يمكن القول أن هذا النظام يساعد وبشكل كبير في سد فجوة الأجور بين الجنسين.