لماذا تُعد كلمات الحشو مثل “هممم” و”آه” مفيدة فعلياً؟

3 دقائق

متى كانت آخر مرة سمعت فيها شخصاً ما يبدأ عرضاً تقديمياً مهماً أو يعلّق مستخدماً عبارة مثل "لذا، هممم، أعتقد أن هذا مهم"؟ تعد حالات انقطاع التدفق الطبيعي للكلام، والتي توصف بشكل أكثر شيوعاً على أنها "كلمات الحشو"، نقطة خلاف شائعة فيما يتعلق بالتحدث أمام الناس؛ فالبعض يرى أن مَن يقولها شخصاً ضعيفاً ومتردداً، بينما يرى البعض الآخر أنه شخص غير مصطنع ويتصرف على طبيعته.

نعلم جميعاً كلمات الحشو الشائعة: "هممم"، و"آه"، و"مثل"، لكن هناك أيضاً كلمات أخرى على غرار: "لذا" (لبدء الجمل)، "صحيح؟" (لإنهاء الجمل)، و"نوعاً ما" وإلى حد ما (في منتصف الجمل). ولكل لغة كلمات الحشو الخاصة بها، كما أن الأشخاص الذين يعملون معاً في المؤسسة نفسها يميلون إلى استخدام كلمات الحشو ذاتها. فعندما تكون مديراً، سيميل مرؤوسوك إلى استخدام كلمات الحشو الخاصة بك لا شعورياً.

لا حرج في استخدام كلمات الحشو إذا تم استخدامها باعتدال عند اللزوم فقط، لكن إذا استُخدمت بإفراط، يمكنها أن تُنقص من ثقتك ومصداقيتك. تخيّل أنك تعرض توصية قوية لمجلس الإدارة في شركتك وتستخدم "هممم" بين كل كلمة والأخرى؛ ستجد أن كلمات الحشو الكثيرة تلك ستقوّض رسالتك.

وجد نيكولاس كريستنفيلد في إحدى الدراسات التي نشرت في صحيفة "جورنال أوف ننفيربال بيهيفير" (Nonverbal Behavior Journal of)، أنه "على الرغم من أن كلمة "هممم" لا يبدو أنها تُقال نتيجةً للشعور بالقلق أو عدم التحضير... فإن المستمع العادي يفترض أن هذا هو سبب النطق بها".

وبالإضافة إلى كلمات الحشو تلك، يمكن لكلمات وعبارات تحوّط أخرى تقليل الأثر الناشئ عن رسالتك إلى أدنى حد، مثل: "قد لا يكون هذا غير ذي صلة بالموضوع، ولكن..."، و"ربما أكون مخطئاً تماماً في ذلك، ولكن...".

أما كلمة التحوّط التي يزعجني استخدامها هي "فقط أو فحسب"، وخاصة عند استخدامها في تصريحات كانت لتكون قوية لولا استخدامها، على غرار: "أعتقد فحسب أن هذه لحظة حاسمة لشركتنا".

في قاعة المحاضرات حيثما أدرّس في كلية كينيدي بجامعة "هارفارد"، كنت أنبّه الطلاب عندما يستخدمون كلمات الحشو أثناء التحدث في المحاضرة، حيث كانوا يستخدمون كلمات مثل: "لذا هممم، أود فقط أن أقول"، فأرد عليهم قائلاً: "توقف وتنفس، ثم ابدأ من جديد". وغالباً ما كانوا ينسون ما يرغبون في قوله عندما يبدؤون الجملة من جديد.

في إحدى السنوات، تسببت ملاحظة تلقيتها ضمن تقييمات منهجي الدراسي في إعادة النظر فيما اعتدت فعله، إذ ذُكر في الملاحظة: "تهتم بشدة بصحة العبارات في محاضراتك لدرجة أن تركيزك على التخلص من كلمات الحشو يعطي إيحاءً بأنك مهووس بالكمال".

وعلى الرغم من أن تلك الملاحظة كانت مؤلمة لي، فقد شجعتني على التعمق أكثر في الفوائد العملية الممكنة لكلمات الحشو والتحوّط. وفيما يلي 3 أسباب استراتيجية يمكنك استخدامها لأجلها:

1- لتكون دبلوماسياً. في أحد التدريبات التي قدمتها لصالح جهة بيروقراطية عالمية، دافع المشاركون عن استخدامهم لكلمات التحوط. فنظراً لديناميتهم التنظيمية، كانت القيادة شديدة الحساسية تجاه أي نوع من الملاحظات. نتيجة لذلك، كان على الموظفين استخدام لغة التحوّط لتجنب الإساءة إلى مدرائهم.

الدرس المستفاد: عندما تحتاج إلى تقديم ملاحظات حساسة أو التخفيف من حدّة رسالتك، فكر في استخدام بعض كلمات التحوّط مثل "فقط" أو "ببساطة"، أو عبارة على غرار "ربما يجب أن نأخذ في الحسبان" من أجل تلطيف وقع رسالتك.

2- لمنع الناس من مقاطعتك. أوضحت إحدى المشاركات بأنه عند العمل في سياق دولي، إذا توقفت عن الكلام لبرهة في اجتماع ما بدلاً من استخدام كلمات الحشو، سيفترض الآخرون أنها انتهت من التحدث وسيبدؤون في مقاطعتها. فقد كانت كلمات الحشو هي طريقتها لقول: "لم أنتهِ بعد".

الدرس المستفاد: إذا كنت تعمل في بيئة يقاطعك فيها الأشخاص طوال الوقت، يمكنك توظيف كلمات الحشو كأدوات استراتيجية تمنع الحضور من مقاطعتك. ومع ذلك، تأكد دائماً من أن رسالتك واضحة وموجزة، وإلا سيقاطعك الحضور حتى أثناء استخدامك لكلمات الحشو.

3- للمشاركة في محادثة. يسأل العديد من عملائنا بشكل روتيني كيف يمكنهم المشاركة في محادثة أثناء اجتماع أو مكالمة هاتفية أو عند التحدث في حلقة نقاش، إذ قد لا تتاح الفرصة لهم أبداً للحديث إذا انتظروا أن يتوقف أحد المتحدثين عن الكلام أو حتى أن يدعوهم أحد ما إلى الحديث.

الدرس المستفاد: يمكن أن تكون كلمات مثل "إذاً" أو "حسناً" أو "في الواقع" أدوات فاعلة للاشتراك في محادثة ما (ربما في منتصف كلمات الحشو التي يستخدمها زميل آخر قد تَشتَّت ذهنه). ببساطة تأكد من عدم مقاطعة الشخص المتحدّث في منتصف حديثه.

ولكن أي نوع من عبارات التحوط أفضل؟ فيما يلي 3 عبارات يمكنك استخدامها خلال تواصلك المهني:

تجنّب كلمة "أعتقد". يميل كثير من الناس إلى استخدام كلمة "أعتقد" عند التحدث في الاجتماعات باعتبارها وسيلة لإظهار عدم خبرتهم في المسألة المطروحة. بدلاً من ذلك، استخدم عبارة "من واقع خبرتي، وجدت" والتي تُثبت معرفتك أو "نرى أن" التي تضفي ثقلاً لمؤسستك بالكامل.

تجنب عبارة "ربما أكون مخطئاً تماماً في ذلك، ولكن...". يستخدم الناس هذه العبارة عندما يرغبون في قول شيء غير تقليدي، إلا أن هذه العبارة التحوّطية تنقص من قيمة ملاحظتهم قبل حتى أن يقولوها. بدلاً من ذلك، استخدم "دعنا ننظر إلى هذا الأمر من منظور مختلف؛ ماذا لو ...؟" مما يدل على التفكير الإبداعي.

تجنب قول "المعذرة أو آسف". عندما يقاطع الناس بعضهم البعض أو يرفعون أصواتهم في الاجتماعات، فإنهم يميلون إلى الاعتذار عن ذلك الأمر، وهو ما يقلل من مصداقيتهم وسلطتهم. بدلاً من ذلك، قل "أشكرك" ثم تابع حديثك.

للغة شأن مهم؛ فالكلمات التي تستخدمها تؤثر على فاعليتك بوصفك متحدثاً وقائداً أيضاً. وخلافاً للاعتقاد السائد، لا بأس أحياناً من استخدام كلمات الحشو أو الكلمات التحوّطية، وكل ما عليك هو معرفة تأثير هذه الكلمات واستخدامها بشكل استراتيجي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي