دليل الرؤساء التنفيذيين لعودة الموظفين إلى العمل من المكتب

5 دقائق
عودة الموظفين إلى العمل من المكتب

ملخص: مع تطعيم المزيد من الأشخاص ضد مرض "كوفيد-19"، يواجه الرؤساء التنفيذيون ضغوطاً لاتخاذ قرارات بشأن الموعد المناسب لعودة الموظفين إلى العمل من المكتب والكيفية التي سيتم بها ذلك. عند اتخاذ هذه القرارات، يتعين على القادة وضع 6 مبادئ في الاعتبار؛ من بينها مقاومة الرغبة في اتخاذ القرار في وقت مبكر للغاية أو الاعتماد بشكل مفرط على استطلاعات آراء الموظفين باعتبارها أهم مصدر للبيانات.

بعد ما يقرب من عام من إغلاق جائحة "كوفيد-19" لمعظم مكاتب الشركات، بدأنا نشهد ما يدعو للتفاؤل. إذ إن عدد الأشخاص الذين تلقوا التطعيم في تزايد، وعدد حالات الإصابة الجديدة بمرض "كوفيد" آخذ في الانخفاض منذ وصوله إلى الذروة في فصل الشتاء. وبحلول منتصف الصيف، ينبغي أن يكون تم الانتهاء من تطعيم جزء كبير من السكان الذين في سن العمل.

كيفية إعادة الموظفين إلى العمل من المكتب

نظراً إلى هذه الأخبار التي تدعو إلى التفاؤل، بدأ الرؤساء التنفيذيون في الشركات التي لا تزال تعمل عن بُعد التفكير بجدية في كيفية إعادة الموظفين إلى العمل من المكتب وتكلفة ذلك وأفضل طريقة للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسات والجداول الزمنية التي ستطرحها مجالس الإدارة قريباً. وهم يدركون أنه بالنظر إلى كل ما حدث خلال العام الماضي، سيعمل عدد أكبر من الموظفين عن بُعد أكثر من أي وقت مضى. وبالنسبة إلى المهام التي يمكن إنجازها على نحو أكثر كفاءة عن بُعد، فإن الاستثمار في التقنيات ضروري.

الإجابات الأقل وضوحاً هي الإجابات عن الأنواع الأخرى من الأسئلة التي لا يمكن إلا للرئيس التنفيذي طرحها لأنها أكثر اتساماً بالطابع الاستراتيجي وأساسية بالنسبة إلى طبيعة المؤسسة، مثل: كيف يمكن التعامل مع المهام والقرارات التي من الأفضل اتخاذها وجهاً لوجه حتى إن قال العديد من الموظفين اليوم إنهم يفضلون العمل عن بُعد؟ ماذا سيكون التأثير طويل الأجل على ثقافة تقسيم القوى العاملة؟ متى يجب عليّ اتخاذ هذه القرارات؟ مَن الذي يجب أن أستمع إليه ومتى؟

المبادئ التوجيهية التي تساعد في عودة الموظفين إلى المكتب

في حين أن الإجابات المحددة عن مثل هذه الأسئلة تعتمد على الوضع الفريد الذي يواجهه كل قائد، إلا أن المبادئ التوجيهية الموضحة أدناه يمكن أن تساعد في ذلك.

أولاً، يتعين على القادة الحكماء مقاومة الضغوط المفروضة عليهم لوضع سياسات أو اتخاذ قرارات نهائية حتى يصبح من الضروري القيام بذلك. نقترب كل يوم من نهاية الجائحة، لكننا لم نصل إليها بعد. ومع عدم التيقن بشأن ما ينتظرنا في المستقبل، من المهم تجنُّب الخطوات التي إما ستخلق توقعات غير واقعية وإما ستحد من الخيارات. بالنسبة إلى مثل هذه القرارات المهمة والمنطقية، فإن أحد عوامل النجاح الرئيسية هو كسب الوقت لجمع المزيد من المعلومات وترك الخيارات مفتوحة لأطول فترة ممكنة.

ثانياً، عند مناقشة الخيارات والسيناريوهات المتعلقة بالعودة إلى العمل من المكتب، يتعين على القادة إبقاء تفضيلاتهم الشخصية طي الكتمان. على سبيل المثال، في الحكومة يتم تدريب القادة رفيعي المستوى على عدم الكشف عن تفضيلاتهم السياسية أبداً للمستشارين العسكريين أو مستشاري شؤون الاستخبارات في وقت مبكر للغاية لتجنُّب التأثير على أنواع التحليل وجودته. وبالمثل، في هذه المرحلة يتعين على الرؤساء التنفيذيين طرح الأسئلة والامتناع عن تقديم إفادات إعلانية لأطول فترة ممكنة.

ثالثاً، لا تثق كثيراً بالبيانات المستقاة من استطلاعات آراء الموظفين. فقد سألت العديد من الشركات عامليها عن عدد الأيام (إن وجدت) التي يرغبون في قضائها في المكتب بعد الجائحة. وتتعامل بعض أقسام الموارد البشرية مع هذه الاستطلاعات على أنها حقائق لا ريب فيها. وتفترض الكثير من التعليقات العلنية الحالية على هذا السؤال أنه بعد أن يصبح من الآمن العودة إلى المكتب، سيفضل العديد من الموظفين أن يستمروا في العمل من المنزل لجزء كبير من أسبوع العمل. ولكن يدرك الرؤساء التنفيذيون الحكماء أن مثل هذه الآراء غالباً ما تتغير. فما يقوله الأشخاص بعد عام من الحجر المنزلي قد يتغير في خريف عام 2021، لاسيما إذا عاشوا عدة أشهر في ظل قيود أقل. وبالطريقة نفسها التي لا ينبغي بها للقادة السياسيين أن يبنوا قراراتهم على استطلاعات الرأي العام فقط، يتعين على قادة الشركات النظر إلى استطلاعات آراء الموظفين على أنها مجرد جانب واحد فقط من البيانات.

وينبغي لهم أيضاً تمييز آراء موظفيهم من خلال استطلاع آراء المدراء بشكل منفصل. يرى العديد من المدراء الذين تحدثت معهم أن العمل عن بُعد ليس ممتعاً بقدر ما هو محبِط، لأن وظيفتهم تنطوي على مهام يصعب القيام بها عن بُعد. إذ إنه يتعين عليهم ضمان التعاون فيما بين الأقسام، وتدريب الموظفين، والتعامل مع المشكلات المتعلقة بالأشخاص والعلاقات، وفهم الإشارات غير الملحوظة في التفاعلات اليومية لاكتشاف العوائق التي تحول دون التواصل. وعدم القيام بهذه الأمور بشكل جيد سيؤدي إلى تثبيط المعنويات وغياب روح الفريق، ما سيؤثر سلباً على الابتكار في نهاية المطاف. دائماً ما تكون إدارة الأشخاص أكثر صعوبة عند العمل عن بُعد. لذا، يجب إيلاء أهمية خاصة لخطة المدراء للعودة إلى العمل داخل المكاتب، وأيضاً يجب أن تأخذ في الحسبان ما هو أكثر من آراء مرؤوسيهم.

رابعاً، يجب أن يدرك القادة أن حجم الشركة يُعد متغيراً مهماً في هذه القرارات. حتى الشركات الناشئة التي تُدار بشكل جيد عادة ما تكون فوضوية أو عشوائية لأنها لا تزال تشق طريقها، ما يعني أنه ليس من الواضح بعد ما سينجح وما سيفشل. لكن الشركات الكبيرة لن تستطيع الحفاظ على وجودها بهذه الطريقة؛ فبدون الروتين وبعض القدرة على التنبؤ، تصبح مخاطر الفشل وعواقبه أكبر. تحتاج المؤسسات الأكبر حجماً أيضاً إلى الاعتماد بقدر أكبر على السياسات الرسمية وتصورات الإنصاف، ما يحد من قدرتها على صناعة القرارات على أساس كل شخص على حدة، وهو ما قد تفعله المؤسسات الأصغر حجماً.

خامساً، لا ينبغي للقادة الافتتان بالحلول التقنية لمشكلة العمل عن بُعد عند اتخاذ هذا القرار. ففي بعض المؤسسات، تُجرى المناقشات المتعلقة بالعودة إلى العمل من المكاتب جنباً إلى جنب مع خطط الارتقاء بمستوى التكنولوجيا التي تسهل العمل عن بُعد. ولكن عندما يتعلق الأمر بقرارات العودة إلى العمل من المكتب، فإن السؤال الأساسي ليس "كيف يمكننا استخدام التكنولوجيا لجعل العمل عن بُعد أكثر فعالية؟"، بل ينبغي أن تكون الأسئلة المهمة هي: "ما الذي لن نتمكن من القيام به بشكل جيد إذا تمادينا كثيراً في هذا الاتجاه؟" و"ما الذي يعنيه 'التمادي' تحديداً؟".

يتعين على الرؤساء التنفيذيين مراعاة التكاليف المترتبة على ثقافة الاعتماد المفرط على العمل عن بُعد. فلا يمكن بناء الفِرق الحقيقية (وليس الفِرق التي توصف بذلك ولكنها ليست كذلك في الواقع) عبر الإنترنت. يعتمد الإبداع على التلقائية والمحاولات المتكررة غير المخطط لها. ويتطلب الولاء والتفاني لتحقيق هدف أكبر أن يمر الأشخاص معاً، كتفاً إلى كتف، بأوقات جيدة وأخرى عصيبة. في الواقع، هناك موضوعات معينة تظهر بعد الاستماع إلى الأشخاص وهم يصفون تجاربهم في العمل عن بُعد لمدة عام. أحدها هو أن طبيعة المحادثات تنطوي على معاملات بقدر أكبر مما يحدث في المكتب. وبالمثل، عادة ما تكون المناقشات موجزة وأقل عمقاً وأقل قدرة على استكشاف العواقب، ولا يتسع الوقت للتفكير والتأمل.

أخيراً، ينبغي للرؤساء التنفيذيين عدم التأثر بالشركات رفيعة المستوى (مثل "جوجل" و"تويتر" و"فيسبوك" و"أدوبي" Adobe و"أوراكل" Oracle) التي أعلنت بسرعة عن خطط لتبنّي أسلوب العمل عن بُعد بشكل دائم. فأنشط المدافعين عن العمل عن بُعد يعملون في القطاعات التي ستحقق أكبر المكاسب المالية مثل الشركات التقنية المتخصصة في تطوير البرمجيات. إذ إن العاملين عن بُعد يستخدمون المنتجات التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي أكثر ممن يعملون في المكاتب. وهذا يجعل القطاعات التقنية مهتمة بشكل كبير بقرارات الشركات الأخرى. وبالتالي فهي ليست بالضرورة نموذجاً لوضع السياسات على أساسه. لذا، يتعين على القادة الحكماء أن يقيّموا بحذر المصادر (والمصالح الذاتية) للمدافعين عن الطرق الجديدة للعمل عن بُعد.

السياسات المتعلقة بالمزج بين العمل عن بُعد والعمل داخل المكتب لها تداعيات تتجاوز التكلفة والكفاءة على المدى القصير. وبسبب ما مررنا به خلال العام الماضي، فنحن على وشك دخول حقبة جديدة من تطور المؤسسات. وستحدد القرارات التي سيتخذها الرؤساء التنفيذيون خلال الأشهر القليلة المقبلة حول عودة الموظفين إلى العمل من المكتب وطريقة إنجاز العمل في المستقبل، ما سيؤثر على العلاقات التي بناها الموظفون وعلى ارتباطهم العاطفي بالشركة، ولذلك يجب صناعتها بعناية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي