عندما يكون رأسمال الوطن هو الإنسان

5 دقائق

الإنسان هو رأس المال الحقيقي لأي وطن، وهو ما قام عليه ولأجله اتحاد دولة الإمارات العربية، وكان وما زال محور التنمية الحقيقي لدى حكومة دولة الإمارات، فكما قال الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في فضل بناء الإنسان: "تعلمنا من هذه الثروة أن نبني بلدنا بالعلم والثقافة، وتربية جيل جديد متعلم. إن تعليم الناس وتثقيفهم في حد ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم كالثروة، ونحن نبني المستقبل على أساس علمي". وتلك هي فلسلفة دولة الإمارات حالياً، وهي الأسس التي نبني عليها أمتنا.

وحين أطلق برنامج "خبراء الإمارات"، انطلق من المبادئ ذاتها، بهدف إعداد قاعدة وطنية راسخة، متعلمة ومثقفة وغنية بشتى الخبرات، لتساهم في دفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات بالدولة.

"خبراء الإمارات" هو نموذج حيوي لتوجه القيادة الوطنية نحو صناعة قيادات وخبراء ُملهمين، قادرين على المضي قدماً بطموحات الحكومة والأمة نحو مستقبل أكثر تقدماً وازدهاراً وصولاً إلى مئوية الإمارات 2071، وأن تكون دولتنا أفضل دولة في العالم.

حكومة مرنة وتشاركية

استطاعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء خلال الفترة الماضية أن تبني الأسس والفلسفة العامة في إدارة السياسات والتشريعات الحكومية، وهو ما عزا بحكومة دولة الإمارات أن تقود سياسات وتشريعات حكومية تشاركية مع الجميع، والدفع بالديناميكية والمرونة في صناعة السياسات الحكومية، معتمدة في ذلك على رؤية القيادات الوطنية، إلى جانب إشراك الجمهور - باعتباره المحرك الأساسي – في صياغة وتطبيق السياسات والتشريعات الحكومية.

فقد نجحت الحكومة في وضع مفهوم واضح لمعنى السياسة الحكومية، وهو يمثل الإطار العام الذي يشمل كافة التشريعات والخطط والاستراتيجيات، حتى الحملات الإعلامية لأي موضوع أو قضية، قبل طرحها على اجتماعات مجلس الوزراء. وبالتالي لا يمكن رفع تشريع معين دون وضع سياسة عامة تحكم هذا التشريع، وتحدد كافة الأطر التنظيمية حول التشريع، مع الأخذ في الاعتبار مشاركة الجمهور خطوة بخطوة في كافة السياسات والتشريعات الحكومية.

بدأت دولة الإمارات منذ بضع سنوات في وضع خطوات جادة نحو اقتصاد قائم على المعرفة، واليوم نستطيع القول إننا وصلنا لتلك المرحلة في العديد من القطاعات، وذلك من خلال صدور عدة قوانين وقرارات اتحادية تعمل على تشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز الإطار التنظيمي للقطاعات الرئيسة، وتشجيع القطاعات ذات القيمة المضافة العالية بما يطور من بيئة الأعمال ويعزز من جاذبية الدولة للاستثمارات.

صناعة الخبراء

واستطعنا من خلال رؤية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن نحدث تغييرات كبيرة في الدور الذي تقوم به الحكومة، حيث وضعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء دليلاً لتعليم وتثقيف وصناعة خبراء في مجال السياسات والتشريعات الحكومية، وبناء عليه تم تحديد عدة سمات يجب أن تتوافر في الخبراء ومنها:

الفهم الجيد لسياسة وفلسفة حكومة دولة الإمارات المبنية على رؤية قيادتنا الرشيدة، وتطلعات شعوبنا نحو المستقبل.

التحلي بالرؤية الثاقبة في العمل الحكومي، والقدرة على مرونة التعامل مع التطورات الحديثة أول بأول.

الخبرة في العمل الحكومي وتعلم الأسس العامة في وضع السياسات الحكومية.

التمكن من الثقافة التشاركية والمرونة مع الجمهور واستشراف سياسات أكثر ديناميكية تتوافق مع تطلعات الناس، وتتشكل حسب المتغيرات الطارئة في كافة المجالات.

فهدف الحكومة تخريج خبراء لديهم القدرة على صياغة كافة السياسات والتشريعات الاستباقية والمتوافقة مع متطلبات الجمهور للمستقبل وصولاً لرؤية مئوية الإمارات 2071، وإشراك الجمهور خطوة بخطوة في التخطيط والتنفيذ واستشراف مستقبل السياسات والتشريعات الحكومية لدولة الإمارات، فالجميع يعمل في إطار فكري تشاركي واحد.

ولـ "برنامج خبراء الإمارات" دور كبير في إعداد خبراء وطنيين قادرين على صناعة سياسات حكومية أكثر مرونة وإبداعاً، وللبرنامج دور فعال في تطبيق مثل تلك السياسات على كافة القطاعات، بل وتصدير تجربة الإمارات الرائدة في صناعة السياسات الحكومية المتقدمة لدول المنطقة.

كل تلك الجهود لها أهمية كبيرة في خلق جيل من الخبرات الوطنية، جيل يحمل رؤى واعية من قيادات دولة الإمارات، يملك أدوات المستقبل، ليرتقي بكافة القطاعات الرئيسة المهمة مثل التعليم، والاستثمار، والذكاء الاصطناعي، والمعلومات والاتصالات، والطاقة المتجددة، وقطاع الفضاء، والزراعة، وقطاع التكنولوجيا المالية.

سياسات وتشريعات أكثر مرونة

تعد السياسات والتشريعات الحكومية هي عصب عمل الحكومات، والعمود الفقري لنجاح أي دولة في تنفيذها خططها المستقبلية، وتعد هي الخيارات المتخذة على أعلى مستويات الحكومة أو جهاتها الاتحادية والتي تحدد بالتالي توجه الحكومة وأولوياتها وقيمها وأهدافها.

ودولة الإمارات رائدة في خلق سياسات حكومية مرنة، قادرة على التأقلم مع كافة التحديات المستقبلية، عبر وجود أدوات ومؤسسات مبتكرة قادرة على ذلك مثل: مختبر التشريعات ومنصة السياسة والتشريعات الحكومية ومختبر السلوكيات والمسرعات الحكومية ومركز محمد بن راشد للابتكار.

فقد اعتمدت حكومة الإمارات العديد من السياسات التي تتمتع بالمرونة، وتسهل عمل المؤسسات داخل الدولة، إيماناً من الدولة بمبدأ "الحكومة الديناميكية" التي تعتمد على المرونة في إصدار السياسات والتشريعات لمواكبة المتغيرات، فالحكومات التقليدية لا تتماشى اليوم مع طموحات المستقبل، ولا بد للحكومات أن تكون سريعة وقادرة على مواكبة كافة التطورات والمتغيرات العالمية.

ومن أمثلة تلك السياسات التي اعتمدتها الدولة:

- وضع سقف زمني لأي سياسة أو تشريع لا يزيد على 5 سنوات.

- عدم وضع تشريعات أو سياسات قد تعرقل توجه وطموحات الدولة.

ومن ضمن تلك القوانين ما أصدره الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بمنح مجلس الوزراء ترخيصاً مؤقتاً لتنفيذ أي مشروع مبتكر قائم على تقنيات حديثة ذات صفة مستقبلية أو باستخدام الذكاء الاصطناعي ولا يوجد تشريع منظم له في الدولة، وذلك بهدف توفير بيئة تجريبية آمنة ومحكمة للتشريعات الخاصة بتقنيات المستقبل والتي تساهم في تقدم الدولة نحو تطلعاتها ورؤيتها المستقبلية. حيث تم إطلاق "مختبر التشريعات" بداية العام الجاري تأكيداً على حماية الدولة للابتكار ووضع قواعد جديدة وضابطة عالمية تخدم الاقتصاد المعرفي.

ومن ضمن تلك القرارات أيضاً – بتوجيهات رئيس الدولة - ما اعتمده الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم  لنظام الإقامة الدائمة "البطاقة الذهبية" للمستثمرين، ورواد الأعمال، وأصحاب المواهب التخصصية، والباحثين في مجالات العلوم والمعرفة بهدف تسهيل مزاولة الأعمال، وخلق بيئة استثمارية جاذبة ومشجعة على نمو ونجاح الأعمال للمستثمرين ورجال الأعمال والموهوبين، وذلك بهدف خلق بيئة مشجعة على الاستثمار والإبداع وترسيخ منظومة تنموية تتميز بالاستقرار، وإشراك أصحاب المواهب الاستثنائية ليكونوا شركاء دائمين في مسيرة التنمية في الدولة.

وأيضاً ما اعتمده مجلس الوزراء مؤخراً من الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031 والتي تضم أهدافاً ومجالات استراتيجية لجعل الإمارات رائدة عالمياً في مجال جودة الحياة، وتعزيز مكانتها لتكون الدولة الأسعد عالمياً، ووضع خريطة عمل واضحة للحكومة لتقديم أفضل الخدمات لضمان جودة الحياة داخل الدولة.

ولزيادة الدفع بالشباب في قيادة كافة المؤسسات الحكومية داخل الدولة، اعتمد مجلس الوزراء أيضاً قراراً بإشراك وتعزيز مشاركة الشباب الإماراتي في مجالس الهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية، بهدف توصيل صوت الشباب وأفكارهم ومقترحاتهم وإشراكهم في تطوير العمل الحكومي.

محاور حيوية

من خلال تجربة خبراء الإمارات نستطيع القول أن البرنامج يعمل على عدة محاور مهمة، تتعلق بالفرد والمجتمع والحكومة:

فيما يتعلق بالفرد: يساهم البرنامج في خلق مهارات جديدة، والتعمق في مجالات وخبرات أكثر أهمية في تنمية قدرات المشاركين في التفكير الإيجابي، وصناعة الحلول لأهم التحديات التي تواجه الدولة في المستقبل، ويعمل على صناعة جيل من الخبراء الإماراتيين في العديد من المجالات، لديهم القدرة في خدمة وطنهم، والمنطقة العربية، بل والوصول بأفكارهم لنطاق عالمي وجماهيري كبير.

على مستوى المجتمع: يساهم البرنامج في توفير قيادات وخبراء محليين من أبناءه قادرين على فهم احتياجات المجتمع، ومعاصرين لكافة التطورات داخله، ولديهم القدرة على الدفع بالمجتمع المحلي للنمو والرخاء دون غيرهم من الخبراء الخارجيين.

على مستوى الوطن: يساهم البرنامج في تسهيل تنمية القطاعات الرئيسة داخل الدولة، بفكر الخبراء المحليين، وترجمة لرؤى واستراتيجيات قياداتنا الرشيدة.

ويساهم أيضاً في توفير العديد من النفقات التي تقدم سنوياً للخبراء الأجانب، أو الاعتماد على خبرات خارجية، ليس لديها معرفة كافية بطبيعية المجتمع أو تطوير القطاعات الحيوية فيه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي