ملخص: يُعد الحفاظ على الحافز والروح الإيجابية مهمة صعبة عندما يُبدي مديرك تحيّزاً لأحد الموظفين. وقد تتردد في المبادرة في التواصل معه عندما تشعر بأنك لست الموظف المفضّل لديه مخافة أن تبدو شخصاً مزعجاً وأن تتسبب في تقويض علاقتك معه أو أن تذهب محاولاتك أدراج الرياح. من جهة أخرى، قد يؤدي اتخاذ موقف سلبي إلى تفويت فرص النمو وتوضيح الأفكار وبناء العلاقات. وتستعرض مؤلفة هذا المقال استراتيجيات يمكن تجربتها لتحسين العلاقات في مكان العمل.
المحاباة هي حقيقة شائعة وغير مُعلن عنها غالباً في أماكن العمل، وهي تقلل من الرضا الوظيفي وتقوّض معنويات الفريق دون شعورهم. والمشكلة أكبر مما قد تفترض.
في الواقع، أظهرت إحدى الدراسات أن 56% من المدراء كانوا يفضّلون موظفاً معيّناً للترقية قبل بدء عمليات مراجعة الأداء الرسمية. وفي نهاية العملية، تلقّى الموظف المفضّل والمُختار على نحو سابق الترقية في نسبة 96% من الأحيان. واعترف 84% من المدراء أيضاً بأن المحاباة تؤدي دوراً مهماً في تحديد هوية الشخص المُختار للترقية. وزاد انتقال العمل إلى نظام العمل الهجين وعن بُعد من المشكلة من خلال تعزيز مسألة انحياز القرب المكاني.
تتجاهل الشركات غالباً معالجة قضايا المحاباة على الرغم من عواقبها القانونية المحتملة وتأثيراتها الضارة في الرضا الوظيفي والتحفيز ومعنويات الفريق وأدائه. وتكون المحاباة غير واضحة وتعتمد على آراء شخصية غالباً، ما يصعّب عملية تحديدها وتقييم أثرها بدقة. وقد تكون المعاملة التفضيلية متأصلة جداً في الثقافة المؤسسية لدرجة أن تصبح ممارسة شائعة، ولا سيما إذا مارسها قادة الشركة، إذ سيصعب حينها اكتشافها ومعالجتها. إضافة إلى ذلك، يتردد الموظفون عادة في التعبير عن مخاوفهم خوفاً من العواقب السلبية التي قد تنتظرهم.
وقد تجعلك هذه العوامل تشعر بالوحدة والتردد بشأن كيفية التصرف عندما يفضّل مديرك موظفاً ما على حساب الآخرين. وإليك كيفية التعامل مع هذا الوضع المعقد والصعب وتحسين فرصك في تحقيق النجاح.
تحكّم في مشاعرك
قد يُثير إحساسك بتجاهل المدير لك عند إسناد المهام المرغوب فيها، أو في الحصول على التقدير، أو كسب الترقيات، مشاعر الظلم والشعور بالنقص والاستياء داخلك. وعلى الرغم من أن هذه المشاعر طبيعية، فقد يعوق الانشغال بها تقدمك.
لدى البشر ميل طبيعي إلى الانحياز للسلبية وأخطاء شائعة في التفكير، ما يجعلهم يرون أي وضع أسوأ مما هو عليه في الواقع، مثل التركيز على تعليق سلبي واحد من المدير وتجاهل تعليقاته الإيجابية الأخرى كلها. ويزداد احتمال وقوعنا في هذه الفخاخ العقلية عندما نشعر بالتهديد أو التوتر، ما يؤدي إلى سقوطنا في دوامة سلبية موهنة للعزيمة تقودنا إلى ممارسة سلوكيات مدمرة للذات، مثل الانعزال أو التصرف بسلبية تجاه المدير. ومن الضروري بالتالي أن تتحرر من سيطرة المشاعر لتحافظ على رفاهتك النفسية وأدائك.
حدد ماهية مشاعرك وتقبّل وجودها لتقلل أثرها القوي فيك. وراعِ أيضاً احتمال عدم حصولك على المعلومات كلها، وابحث عن أمثلة معاكسة تماماً أو مواقف عاملك فيها مديرك بعدل.
أخيراً، حاول ألا تأخذ الأمر على محمل شخصي. وعلى الرغم من أنه لا مبرر للمحاباة في مكان العمل، فقد تكون ناتجة عن عوامل مختلفة، مثل محاولة مديرك تحقيق مصالحه الشخصية، أو شعوره بالراحة أو الاعتياد في التعامل مع الشخص الآخر، أو عدم وعيه بتفضيله أفراداً محددين بسبب تحيزاته الضمنية.
راقب وعدّل
قد يجعلك الشعور بعدم القيمة والإهمال تكره مديرك وترغب في التعبير عن استيائك أمام زملائك أو مواجهة مديرك. ومع ذلك، تتمثّل الخطوة الأفضل في أن تتصرف كما لو أن المحاباة غير موجودة وتسعى لتعزيز علاقة أقوى مع مديرك.
حدد المواضيع التي تثير حماس مديرك وكيفية تواصله فيما يتعلق بها. وفكّر في كيفية إظهار اهتمامك بها وتكييف أسلوبك في التواصل لتحقيق أقصى قدر من الفعالية. على سبيل المثال، لنفترض أنه يُبدي حماساً عند التفكير في الصورة الشاملة، في المقابل تميل أنت إلى التركيز على التفاصيل. من المحتمل أن يجد الحوار معك محفزاً إذا ناقشت الأهداف أو الرؤية العامة أولاً، ثم ربطت التفاصيل بتلك الأهداف النهائية الأوسع.
فكّر من منظور مديرك وراعِ أهدافه والضغوط التي يتعرض لها. هل ثمة طرق يمكنك من خلالها تسهيل عمله أو مساعدته على التألّق أمام مديره؟ ركّز أيضاً على الجوانب الإيجابية التي تحبّها أو تقدّرها في شخصية مديرك؛ فالإعجاب عملية متبادلة، وإذا كنت ترغب في كسب رضا مديرك، فابدأ التعبير عن إعجابك به. وابحث عن القواسم المشتركة بينكما؛ ربما تمتلكان أطفالاً في العمر نفسه، أو تشجعان الفريق الرياضي نفسه، أو تشتركان في حبكما للموسيقى الحيّة. لذا، شجّع المحادثات حول تلك المجالات المشتركة لتعميق الارتباط.
أخيراً، راقب السلوك الذي يتّبعه زميلك والذي يجعله الموظف المفضّل لدى مديرك. ما السلوكيات التي يمكنك تعلمها وتقليدها لتصبح أكثر فعالية؟ تخلص من أي مشاعر غضب تحملها تجاهه واستثمر في تطوير علاقتك معه؛ فإذا كسبت احترامه وتقديره، فقد يحسّن ذلك من رأي مديرك عنك أيضاً.
في الواقع، إن تعديل أسلوبك ليتلاءم مع تفضيلات مديرك لا يجعلك شخصاً يتذلل لكسب انتباه الآخرين، بل يجعلك شخصاً أكثر فعالية. ومن المهم أن تحسّن هذه العلاقة المهمة حتى لو لم تصبح الموظف المفضّل لدى مديرك.
تواصل استباقياً مع مديرك
قد تتردد في المبادرة في التواصل مع مديرك عندما تشعر بأنك لست الموظف المفضّل لديه مخافة أن تبدو شخصاً مزعجاً وأن تتسبب في تقويض علاقتك معه أو أن تذهب محاولاتك أدراج الرياح. من جهة أخرى، قد يؤدي اتخاذ موقف سلبي إلى تفويت فرص النمو وتوضيح الأفكار وبناء العلاقات.
وضّح توقعات مديرك منك، حتى لو عملت معه لفترة من الوقت. لا يوضّح العديد من المدراء توقعاتهم من الموظفين عادة، وقد تكون الافتراضات غير المتوافقة أساس المشكلات التي تواجهها في العمل. استفسر عن توقعات مديرك العامة، مثل الإسهامات المطلوبة منك في منصبك والمشكلات التي يُفضّل أن تُبلغه بها، إضافة إلى توقعاته الخاصة منك. على سبيل المثال، اطرح السؤال الآتي عندما تبدأ مشروعاً أو مهمة جديدة: "ما الجوانب الخاصة التي تريد مني التركيز عليها من أجل تحقيق النجاح؟".
اطلب ملاحظات حول أدائك بانتظام، ولا سيما إذا كانت التفاعلات الشخصية مع مديرك نادرة، ما يتيح لك بذلك تعويض النقص في التفاعلات غير الرسمية. ومجدداً، اطرح أسئلة محددة مثل: "ما المجالات الرئيسية التي تعتقد أنني قادر على تحسينها في أدائي؟" عندما تصرّ عليه لمنحك ملاحظات تفصيلية فذلك يعني أنك مستعد لتنفيذ اقتراحاته بسهولة. على الرغم من أن تلقّي الملاحظات البنّاءة مثير للقلق بطبيعته، فقد تعرف من خلال تلك الملاحظات الأسباب التي تعوق تقدمك.
أخيراً، عبّر لمديرك عن احتياجاتك واهتمامات نموك باحترام، مثل الحصول على فرص التطوير المهني أو المهام الإنمائية. لا يمكن للمدير قراءة أفكارك، لذا، عبّر عن احتياجاتك مباشرة، خاصة إذا كنت تعمل عن بُعد. في الواقع، أشار 42% من المدراء في استقصاء حديث إلى أنهم ينسون الموظفين العاملين عن بُعد أحياناً عند توزيع المهام على الفريق.
اجعل إنجازاتك واضحة ومرئية
الفكرة القائلة بأن "الأفعال خير شاهد على الأداء" جذابة لكنها مثالية. في الواقع، من غير المنطقي أن تفترض أن مديرك سيلاحظ كل مواهبك وإنجازاتك بمفرده دون أن تجعلها مرئية له.
ومن المهم أن تحقق توازناً بين عدم التفاخر وجعل جهودك الشاقة وإنجازاتك معروفة. على سبيل المثال، قد تلخّص إنجازاتك في تحديثات أسبوعية لمديرك عبر البريد الإلكتروني، أو وثيقة مشتركة، أو في أثناء لقاءاتك الفردية معه، وذلك من خلال تسليط الضوء على إنجازات فريقك في الاجتماعات. يُعد الترويج المزدوج، أو الإشادة بزميل أو نظير ما في أثناء الحديث عن الإنجازات الخاصة، طريقة فعّالة أيضاً. صف إجراءاتك، وركّز على النتائج الإيجابية والأثر الذي أحدثته في مؤسستك.
لا يُعد ذلك مصدر تفاخر بالذات في الواقع، بل يسعد معظم المدراء بزيادة ظهور موظفيهم في الأنشطة والنتائج التي يحققها أعضاء فريقهم. علاوة على ذلك، يُعد التوثيق المستمر للإنجازات أداة قيّمة لمراجعات الأداء وتحديثات السيرة الذاتية، وقد يوفر إحساساً بالمصادقة الذاتية في هذا السياق.
عزز شبكة علاقاتك الداخلية
يُسهم تطوير شبكة علاقات قوية في تعزيز أدائك في العمل ورضاك الوظيفي، وهو أمر ضروري لنجاحك الوظيفي، ولا سيّما إذا كنت لا تتلقى التوجيه والتقدير والفرص من مديرك.
ابحث عن فرص للإسهام في مجالات خارج نطاق مسؤوليات عملك المحددة لتوسيع شبكة علاقاتك وزيادة ظهورك. على سبيل المثال، هل هناك مشاريع مشتركة بين عدة أقسام تتماشى مع اهتماماتك أو مجموعة مهاراتك؟ تساعدك المشاركة في هذه المبادرات على عرض مهاراتك على نطاق أوسع وبناء علاقات مع القيادة العليا والأقران في شركتك، لكن احرص على الحصول على موافقة مديرك أولاً لكيلا يكون ذلك مفاجأة له. أو شارك في مبادرات على مستوى الشركة كلها مثل اللجان، وفرق المهام المعيّنة، أو الفعاليات، إذ توفّر هذه المنتديات فرصاً للتفاعل مع القيادة العليا والأقران في بيئة غير رسمية.
أخيراً، ابحث عن فرص التوجيه من خلال برامج الإرشاد الرسمية عن طريق بناء علاقات مع القادة الذين تتطابق مساراتهم المهنية أو مهاراتهم مع تطلعاتك.
قد توفر شبكة العلاقات الداخلية القوية مصدراً ثرياً للرؤى الثاقبة الجديدة والتوجيه، وتُسهم في زيادة مستوى الرضا الوظيفي أيضاً. وقد توفر هذه الروابط معلومات متقدمة عن فرص العمل المتاحة أيضاً، وهي تكون مصدراً قيّماً إذا لم تتحسن ظروفك الوظيفية.
باختصار، يُعد الحفاظ على الإيجابية والحماس عندما يكون مديرك متحيزاً تجاه أحد أعضاء الفريق أمراً صعباً، لكن الانعزال سيفاقم الوضع أيضاً. ولا يزال بناء علاقة إيجابية ومفيدة مع مديرك ممكناً بالطبع، حتى لو لم تكن الموظف المفضّل لديه. ومع ذلك، قد يكون الانتقال إلى وظيفة أخرى أفضل خيار إذا لم تتلقّ أي تقدير أو مكافآت على جهودك المستمرة في العمل. وستترك العمل حينها بخبرة قيّمة اكتسبتها في ظل ظروف صعبة، وسجل إنجازات حافل بالنتائج الإيجابية، وشبكة داعمة مستعدة لدعمك.