عندما تتنافس النساء

22 دقيقة
رأي الخبراء بالمنافسة المهنية بين النساء
shutterstock.com/fizkes

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع ليا شيبارد وهي أستاذة مساعدة لمادة الإدارة في كلية كارسون لإدارة الأعمال في جامعة واشنطن من أجل معرفة رأي الخبراء بالمنافسة المهنية بين النساء.

من المدونة الصوتية (بودكاست) النساء في العمل.

يمكنك الاستماع إلى هذه المدونة والاشتراك فيها عبر آبل بودكاست | وجوجل بودكاست | و آر إس إس RSS.

لماذا يمنحكِ التنافس مع رجل للحصول على ترقية أو قيادة مشروع أو التأثير في قرار شعوراً مرضياً للغاية، في حين قد تشعرين بالضيق بسبب التنافس مع امرأة أخرى؟ ولماذا يسمى الخلاف الطبيعي والصحي بين النساء غالباً "عراك بين النساء"؟

في البداية، لدينا مستمعة تسترجع ذكرى تجربة مرت بها في بداية مسيرتها المهنية، إذ شعرت وكأنها قد حُرّضت على زميلتها الوحيدة التي كانت تأمل أن تكون مرشدة لها، لا عدوة. كما نستضيف ليا شيبارد التي تستعين ببحثها من أجل تفسير تشكيل النمطية وعدم المساواة بين الجنسين لطريقة تفكير المرأة بشأن التنافس في العمل وتعاملها معه.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص

إيمي بيرنستين: أنا لست رياضية أبداً لذلك لن أتكلم بناء على أي خبرة. ولكنني مارست الرياضة بما يكفي، وأنا أذكر رغبتي بالفوز ورغبتي الحقيقية بأن أتمكن من هزيمة الطرف الآخر، الذي كان دائماً امرأة أخرى، ثم أن نذهب بعدها لتناول القهوة معاً.

إيمي غالو: صحيح.

نيكول توريس: حسن.

إيمي بيرنستين: أتفهمين ما أعنيه؟

إيمي غالو: أجل.

نيكول توريس: أجل.

إيمي بيرنستين: أن تكون المباراة ودية. أن تكون المنافسة فيها حقيقية على الحلبة، ثم...

إيمي غالو: ولكن هل عشت منافسة مماثلة مع النساء الأخريات في العمل؟

إيمي بيرنستين: لقد كنّ هن من يسعين لمنافستي، فأنا لا أشعر أني قادرة على المنافسة.

إيمي غالو: أجل. أذكر وجود مشاريع كنت أرغب بالمشاركة فيها حقاً. وأعلم أن هناك آخرين كانوا ينافسون عليها أيضاً.

إيمي بيرنستين: أجل.

إيمي غالو: وبالتأكيد قمت بوضع استراتيجية للتعامل مع هذا التنافس، لكي أظهر أني المرشحة الأفضل.

إيمي بيرنستين: ولكنك لم تسعي للتغلب على الموظفات الأخريات.

إيمي غالو: لا، لم أكن أوجه ضربات لهنّ لعرقلتهنّ. (يضحكون) ولكن بالطبع كنت أفكر بالطريقة التي يمكنني إبراز اختلافي عن الأخريات وأفضليتي عليهن. ولم يكن ذلك أبداً عن طريق التحدث بالسوء عن أي شخص آخر، وإنما بالاعتماد على مميزاتي ونجاحي.

إيمي بيرنستين: أجل، كان ذلك ما جعلني أشعر بإمكانية خوض منافسة صحية، ليس فيما يتعلق بتنافسي مع زميلتي، وإنما فيما يتعلق بما تواجهين التحدي لأجله وبذل جهد أكبر والقيام بعمل أفضل. هذا ما يبدو لي صحياً جداً.

إيمي غالو/ نيكول توريس: أجل.

نيكول توريس: أنتم تستمعون إلى المدونة الصوتية "النساء في العمل"، من هارفارد بزنس ريفيو. أنا نيكول توريس.

إيمي بيرنستين: وأنا إيمي بيرنستين.

إيمي غالو: وأنا إيمي غالو. في هذه الحلقة سنناقش كيف تنظر النساء للمنافسة ويتعاملن معها، سواء كنا تتنافس للحصول على ترقية كبيرة، أو نحاول كسب مكافأة أكبر، أو نحاول التوصل إلى قرار هام.

نيكول توريس: حتى لو كنا نعتبر المنافسة صحية، قد تكون نظرة الآخرين لها مختلفة عندما يروننا ندافع عما نريده في العمل. بالأخص إذا كان التنافس مع امرأة أخرى.

ليا شيبرد: نعم، وكأنه عراك بين النساء (catfight). ولكن لا، إنه مجرد خلاف عادي بين زميلتين في العمل.

نيكول توريس: هذه ضيفتنا الخبيرة ليا شيبرد. سنتحدث معها قليلاً عن مصدر الصورة النمطية لعراك النساء. بالإضافة إلى ذلك، سنناقش كيفية تفادي تحول خلافاتنا إلى خلافات شخصية، وتفادي رؤية الناس لها كخلافات شخصية.

إيمي بيرنستين: ولكن قبل ذلك، لدينا رسالة إلكترونية من إحدى المستمعات، وهي تدعى كاتي، تخبرنا فيها عن تجربة صعبة للغاية مرت بها عندما واجهت منافسة في بدايات مسيرتها المهنية.
واتصلت بها هاتفياً لأسألها عما حصل عندئذ ولكي تخبرنا كيف أصبحت تنظر إلى هذه التجربة اليوم.

إيمي بيرنستين: مرحبا، كاتي؟

كاتي: مرحباً! يسرني التحدث معك، إيمي.

إيمي بيرنستين: كيف حالك؟

كاتي: أنا بخير.

إيمي بيرنستين: إذن، اسمحي لي أن أبدأ بسؤال، عندما تسترجعين أحداث حياتك المهنية، ما هي الحالات التي شعرت فيها أن عليك خوض منافسة مهنية؟ كيف كان شعورك حيالها؟ وكيف بدا ذلك بالنسبة لك؟

كاتي: أعتقد أنه في المراحل الأولى من مسيرتي المهنية، امتنعت زميلاتي عن تقديم المساعدة أو المعلومات، وبالنسبة لي كان ذلك سيئاً وكأني أتنافس في العراء. أنا أعمل في الخدمات المالية، وهو قطاع يهيمن عليه الذكور بدرجة كبيرة. وكما تعلمون، هناك عدد قليل جداً من النساء، وإذا تمكنت واحدة منهن من النجاح لن يبقى هناك متسع للأخريات. وهذا هو التحدي الكبير، كما أعتقد، لأننا بحاجة إلى مزيد من الأمثلة كي تشعر النساء بالراحة أكثر للخوض في أي قطاع كان، ولاسيما القطاعات التي يهيمن عليها الذكور. وعندما لا يكون هناك نماذج متعددة نقتدي بها، ستصل فكرة أن هناك مكان لامرأة واحدة فقط، وهذه ليست الأسوة الجيدة التي ينبغي إعدادها.

إيمي بيرنستين: نعم، نعم، هذا مؤكد. إذن، أخبرتنا عن تجربة في أوائل حياتك المهنية، وكنت نوعاً ما ضحية لإحدى زميلاتك في العمل. هل بإمكانك وصف لحظة المنافسة، كيف كان شعورك حيالها؟

كاتي: نعم، كنت قد بدأت العمل في وظيفتي لدى شركة الخدمات المالية، وكانت قد أسند إلىّ قسم لم يكن أداؤه المالي جيداً، وكنا نقوم بعملية بهدف تحقيق الربح. وكانت زميلتي هذه معي أيضاً في هذه العملية، ولكن ضمن مشروع آخر، وكان قسمها متخبط أيضاً ولكن بقدر أقل من قسمي. في البداية، بدت لي أنها تعمل إلى جانبي، أننا في فريق واحد وكانت الأمور بخير. وعندما بدأت بتحقيق تقدم بسيط في تغيير النتائج في منطقتي، أعتقد أنها شعرت أن زملاءنا الرجال وإدارتي لا يعتبروننا ضمن فريق واحد. وكان علينا الحضور إلى الاجتماعات حيث أثير فكرة ما فتقول أشياء مثل: أعلم أنك جديدة وأنك لن تتمكني من فهم الأمر ولكن... أو كانت تحاول استغلال المعلومات التقنية، والخدمات المالية. كان الفارق في التعلم بيننا كبير لدرجة واضحة، وشعرت أنها ستستغل هذا الفارق ضدي كي تحط من شأني أمام الآخرين، كأن تقول مثلاً: أنت لا تفهمين التأمين. كما حاولت أن تستبعدني عن الاجتماعات وأن تقصيني، وكانت تتحكم بالمعلومات، وحاولت تضخيم أي خطأ أو عثرة أقع بها.

لقد هزّت ثقتي بنفسي حقاً، فإذا كانت هي، باعتبارها امرأة تقاربني في العمر تعمل معي في مجال يهيمن عليه الرجال، تعتقد أني لست قادرة على النجاح في هذا العمل، كيف سأتمكن من النجاح أو إثبات نفسي للرئيس التنفيذي الذي كان بعمر والدي؟ أذكر الكثير من الليالي التي كنت أعود فيها من العمل يرافقني السؤال: بم أخطأت؟ ثم أخذت أفكر، ربما كانت المشكلة عندي أنا، ربما كنت أتخيل كل ذلك. ولذلك، على مدى فترة من الزمن لم أتحدث بالأمر مع أحد، لا مع مديري ولا مع أي من زملائي. ولكن في النهاية اتخذت قراراً، وقلت هل أنا مجنونة! علي أن أتحدث عن المشكلة. وعندما أخبرت مديري بشأنها، وهو رجل في منتصف الأربعينات من العمر، قال لي أن هذه المرأة كانت تحسدني على إحراز تقدم في المبادرات الرئيسية وأن الإدارة قد لاحظت ذلك. عندها، هززت رأسي. لم أكن أفهم السبب الذي يجعل تقدمي في المهام نقطة نزاع. ودون أي تردد، نظر إلي وقال: كاتي، الأمر في غاية البساطة، عليك التغلب عليها واحتلال المركز الأول وحدك. وابتعد دون أن يقول أي شيء آخر. شعرت باستغراب كبير، ثم أدركت أن ما يراه في ذهنه وفيما لاحظه، هو أنها تعتقد أن المكان متاح لامرأة واحدة فقط لتحاول شق طريقها في قطاع الخدمات المالية هذا، لتستولي على القمة وحدها دون مشاركة أحد. وتساءلت بيني وبين نفسي، هل ينظر الرجال إلى الأمر بهذه الطريقة؟ هل هي مشكلة شخصية؟ بالطبع يلاحظ الرجال المنافسة، ولكن أيعقل أنهم يرونها بالأبيض والأسود فقط؟ وأثر ذلك بي كثيراً، وانطبعت هذه القصة في ذاكرتي طوال هذه الأعوام. وفي الحقيقة، رويتها لجميع النساء اللاتي عملت معهن أو أدرتهن واللاتي واجهن مواقف مماثلة.

إيمي بيرنستين: حسن، أريد أن أتعمق في هذه القصة قليلا.

كاتي: بالتأكيد.

إيمي بيرنستين: إذن، قبل أن تتوجهي إلى مديرك ويقول لك أن تتغلبي على زميلتك، ماذا باعتقادك كان يجري بينك وبينها حينئذ؟

كاتي: فكرت أني ربما قلت شيئاً خاطئاً، أو أنني لم أُظهر أني أتمتع بالكفاءة حقاً. كنت خائفة قليلاً من أن يقول مديري أنه يتفق مع ملاحظات زميلتي هذه وأني لست ناجحة في وظيفتي. هذا ما كنت أخشاه. لم أكن أخاف منها هي كخوفي من حقيقة أنها كانت تقول أشياء حقيقية، وهذا كان أكثر ما أخشاه صراحة.

إيمي بيرنستين: هل تعتقدين أن زملاءك حينها لاحظوا هذه المنافسة وأنهم انتبهوا لهذا الأسلوب؟

كاتي: أعتقد أن مديري على الأقل لاحظ ذلك، لأننا كنا نرسل إشارة واضحة لدرجة أنه لم يتردد بالإعلان عن هذه المنافسة، وقد أقلقني ذلك أيضاً. وفكرت بشأن ذلك في الأعوام التالية، فكرت بمدى إرسالنا هذه المشاعر لزملائنا وكيف سيؤثر على نظرتهم لنا. ولكن مرة أخرى، أعتقد أن الجزء المرتبط بتنافس النساء كان السؤال: هل يمكن أن يعلق أحد بالمثل على الرجال الذين يعملون معاً ويتنافسون فيما بينهم؟ هل كانت هذه المنافسة ستأخذ منحى شخصي وتصل إلى الدرجة التي تحدث عنها مديري؟ هذا هو الجزء الذي ازعجني.

إيمي بيرنستين: هل تحدثت إليها مباشرة عن هذا الأمر؟

كاتي: في الحقيقة لم أفعل. وغادرت زميلتي الشركة بعد نحو عامين من هذه الحادثة، بينما ما زلت أنا أعمل في الشركة. ولكن لا، لم أتحدث إليها حينها. أعتقد أني اليوم، بعد مرور 16 عاماً أصبحت أرى الأمر بصورة مختلفة كثيراً. أتمنى لو أني ذهبت إليها وتحدثت معها، لأنني أعتقد أنه كان من الممكن أن أكتشف أنها كانت تتعامل مع ذات مشاعر الاستياء والقلق التي كنت أعاني منها بسبب العمل اليومي في مكان لا توجد فيه نساء. وكما تعلمون، ربما كانت قلقة من عدم اتساع المكان لأكثر من امرأة واحدة. ولربما اكتشفنا أن هناك أرضية مشتركة يمكننا العمل عليها معاً وتقاسم تجربة العمل في مكان كهذا. لكنني لم اعطها الفرصة، ولم أعط نفسي الفرصة أيضاً.

إيمي بيرنستين: إذن يبدو أنك صدقت تفسير مديرك حينئذ.

كاتي: حسن.

إيمي بيرنستين: وهل ما زلت تصدقينه؟

كاتي: أتعلمين، هذا سؤال مهمّ حقاً. أعتقد أنه كان من الأسهل تصديقه في ذاك الوقت، إذ كان مغلفاً ومزيناً بعناية. وكنا الامرأتين الوحيدتين والموظفتين الأصغر حينئذ. وأتساءل الآن عما إذا منعني تفسير مديري من محاولة بناء علاقة أفضل معها. وربما كان ذلك متعلقاً بمسألة النضج، إذ كنت حينها في 26 من العمر بينما أبلغ اليوم 42 عاماً، وربما أصبحت الآن أنظر إلى الأمر بطريقة مختلفة قليلاً. ولكن سيكون ذلك بحد ذاته مشكلة. إذ لا تدرك النساء أنهنّ خُدعن برواية بشأن آلية عمل في المكتب وسمحن لها بالتأثير على سلوكهن.

إيمي بيرنستين: ما الذي يجب علينا فهمه بصورة أفضل بشأن التنافس بين النساء في مكان العمل؟ ما الذي تتمنين لو أنك تمكنت من رؤيته بوضوح أكبر؟

كاتي: أعتقد أن التنافس بين النساء موجود وأنه حقيقي ولكننا لم نناقشه بالتفصيل حقاً، كالكثير من القضايا التي تناقشونها في برنامجكم. بل نسمح للآخرين أن يعرفوه.

إيمي بيرنستين: صحيح.

كاتي: المنافسة بحد ذاتها ليست أمراً سيئاً، أعتقد أنها تجعلنا أفضل وتمنحنا هدفاً نسعى لتحقيقه. وأنا أعلم أنها ساعدتني في بعض الحالات في مسيرتي الخاصة. ولكن كمدير، كيف يمكنني أن أحدد مسارات المنافسة كي تبقى إيجابية دون أن تصبح أمراً يضر بإنتاجيتنا؟

إيمي بيرنستين: رائع. شكراً جزيلاً.

كاتي: كان من دواعي سروري.

نيكول توريس: تبين قصة كاتي كيف يمكن أن تتعقد المنافسة في العمل بطرق شتى. ولهذا نقوم بمناقشة هذه المشكلة مع الخبيرة ليا شيبرد. ليا هي أستاذة مساعدة في كلية كارسون للأعمال بجامعة ولاية واشنطن. وهي تدرس عدم المساواة بين الجنسين والقوالب النمطية، بالإضافة إلى الخلافات بين النساء.

إيمي بيرنستين: ليا، شكراً جزيلاً لحضورك معنا اليوم.

ليا شيبرد: شكراً لاستضافتكم لي.

إيمي بيرنستين: إذن، أود أن أبدأ مع النظرة السلبية عن تنافس النساء في العمل. أخبرينا ما تعرفينه عن ذلك.

ليا شيبرد: صحيح. أعتقد أن هناك رواية سلبية تقول أن المرأة لديها علاقات إشكالية إلى حد ما مع النساء الأخريات في العمل، أو أنها لا تتنافس إلا مع النساء الأخريات. وعندما ننظر إلى أي نوع من المنافسة، وهي أمر طبيعي بين البشر نتوقع رؤيته وخصوصاً في العمل، قد نفسرها وفق هذه الرواية النمطية السلبية عندما تقع بين النساء.
لذلك، لدي بحث يبين أن النظرة إلى تصور مطابق تماماً لهذا الصراع تختلف بحسب حجم الخلاف الذي سينشأ عنه. إذ يفترض المراقبون أن الصراع بين امرأتين يستغرق حله وقتاً أطول وتتأثر الامرأتين به أكثر، وبالنتيجة سيكون الرضى الوظيفي ضعيفاً في أدائهما الوظيفي. ونحن نعتقد أن الآثار السلبية للصراع بين امرأتين أكبر منها في سيناريو مطابق تماماً للصراع بين رجلين أو بين رجل وامرأة حتى.

إيمي غالو: أجل. من المضحك أننا نستخدم تعبير "عراك بين النساء" عندما يكون الصراع بين امرأتين، بينما نقول عنه مجرد شجار عندما يكون بين رجلين.

نيكول توريس: أو خلاف.

إيمي غالو: أو خلاف، صحيح.

ليا شيبرد: صحيح. أجل.

إيمي بيرنستين: إذن، ما سبب ذلك برأيك؟ ما الذي يحركه؟

ليا شيبرد: اعتقد أن المنافسة بين النساء تنتهك ما يمكن أن نسميه الصور النمطية الإلزامية، أي الصور النمطية التي قررت سلوكاً معيناً للمرأة. إذ وضعنا وصفاً مسبقاً لسلوكيات معينة للمرأة، فنحن نرغب برؤية الود والحنان في سلوكها. وأعتقد أن ذلك ينتقل إلى نظرتنا إلى العلاقات بين النساء، فنحن نرغب برؤية تعاملهنّ الودود والداعم فيما بينهنّ. وقد تكون هناك سلوكيات إضافية مقررة مسبقاُ لأننا نعتقد أن المرأة تعاني من بعض الإجحاف ضمن القوى العاملة. ويتمثل هذا الإجحاف في عدم قدرة المرأة على الوصول إلى الأدوار القيادية رفيعة المستوى بنفس تواتر وصول الرجل إليها. بالإضافة إلى وجود فجوة في الأجور. ولذلك نرغب برؤية النساء يدعمن بعضهنّ البعض وترفع إحداهنّ الأخرى. وإذا رأينا فعلاً بعض المنافسة والخلاف الطبيعيين يبدو لنا أنهما ينتهكان تلك الصورة النمطية الإلزامية. ولذلك برأيي يكود رد فعلنا سلبي تجاه ذلك.

إيمي بيرنستين: إذن هذا أمر خطير، أليس كذلك؟

ليا شيبرد: أجل. وأعتقد أن السبب في ذلك أنه يسلب المرأة أمراً طبيعياً وصحياً لديها، وأعتقد أن هناك مستويات صحية من الصراع والمنافسة يمكننا توقع رؤيتها في العمل. ولكن هذه الصورة النمطية تسلب المرأة هذه المنافسة الطبيعية وتجعلها إشكالية نوعاً ما. كما أنها تعتبر كيلاً بمكيالين. أعتقد أننا نرى الرجال ونتوقع أن يتنافسوا فيما بينهم ونعتبر ذلك أمراً طبيعياً ولا بأس به. ولذلك أعتقد أن هذا الأمر خطير لأنه يقوم بطريقة ما بتحميل النساء أنفسهنّ مسؤولية ما نراه في العمل من عدم المساواة بين الجنسين. ولذلك نقول أنه ما أن تصل امرأة إلى دور قيادي رفيع المستوى يجب عليها مساعدة النساء الأخريات ورفعنّ للحاق بها. وإذا لم تفعل ذلك، فهي تتحمل بشكل من الأشكال مسؤولية عدم المساواة في العمل.

نيكول توريس: إذن، كيف يجب أن تتنافس النساء مع بعضهنّ البعض في العمل، دون أن يبدو تنافسهنّ هذا مختلفاً عن التنافس مع الرجال؟

ليا شيبرد: لا أعلم ما إذا سيكون مختلفاً. بكل صراحه. أعتقد أنه عندما تعاني من الموارد الشحيحة، كما هو الحال في المؤسسات، حيث يكون عادة عدد قليل من الموظفين قادر على الحصول على أدوار معينة، ولا يمكن لأي أحد الوصول إلى الأدوار القيادية ولا إلى أعلى الأجور، عندئذ سنشهد نشوء أنماط سلوك مماثلة. وأعتقد أن أبرز ما فيه نوعاً ما هو مكان حدوثه. لذلك أعتقد أننا سنرى المرأة تنافس النساء الأخريات عموماً في العمل لأنها تعتبرهنّ شبيهات بها كثيراً ولذلك فهنّ منافسات لها.
ولكن، مرة أخرى، تعود أسباب هذه المشكلة إلى هذه الصور النمطية عن الجنسين، لذلك قد يبدو التنافس مع رجل أكثر هدوءاً وراحة أحياناً، فنقول أنه أمر طبيعي للرجل وهو معتاد عليه، ويمكنني أن أكون شرسة بعض الشيء في المنافسة ولا بأس في ذلك. بينما قد تشعر المرأة بتحفظ أكبر عندما تنافس امرأة أخرى.

نيكول توريس: أجل هذا ما شهدته في تجربتي. فلدي زميل في العمل هنا وتدور بيننا الكثير من المنافسات الودية، مثلاً، من يستطيع إنجاز أعمال تحرير أكثر كل شهر. إذن هناك منافسة بيننا، ولكن عندما فكرت بالأمر، وجدت أني لم أخض منافسات ودية مع أي امرأة أخرى في عملي، بل أتجنبها نوعاً ما. وهذا ينطبق على ما تتحدثون عنه.

ليا شيبرد: إذن، هل تتجنبين المنافسة برمتها أم أنك تشعرين بأنها سامة عندما تخوضينها فعلاً؟

نيكول توريس: نعم، أشعر أنها غير مريحة. أشعر أننا نتجنبها. أشعر عندما أتحدث إلى أصدقائي وكأننا نلعب لعبة أو شيء من هذا القبيل، فنختلف بشأن من لم يفز. ويقول أحدنا للآخر: أنت فزت، أنت ربحت في تلك المهمة، لقد ربحت أنا عندما ربحت أنت. أي أننا نمدح بعضنا بعضاً ونشيد بنجاح بعضنا البعض، ولسنا نتنافس حقاً، ومع زملائنا الذكور يميل الأمر للتنافس الودي أكثر.

ليا شيبرد: حسن. نعم، أعتقد أن سبب ذلك هو بعض الصور النمطية المسبقة بشأن ما يجب عليك فعله وكيف يجب أن يكون شعورك وسلوكك في هذه العلاقات. ونحن دائما نسمع هتاف الناس للمرأة التي تدعم النساء الأخريات. وأنا واثقة أن ذلك يمتد إلى علاقات صداقاتنا حيث نشعر بعدم الرغبة بانتقاد شخص ما أو التنافس معه، أو حتى بالتنافس لأجل المتعة، لأنه من الممكن أن يرى الآخرون سلوكنا غير مشجع أو عدائي نوعاً ما.
نيكول توريس: إذن ما أثر ذلك؟ ألا تتنافس المرأة مع النساء الأخريات بينما تشعر بالراحة أكثر عند التنافس مع الرجال؟

ليا شيبرد: حسن، أعتقد أن ذلك سيعزز الصورة النمطية فحسب. ولذلك إذا ازداد التنافس أكثر، وبالأخص التنافس بهدف المتعة دون أن يتعرض أحد لأذى حقيقي، قد يصبح تنافس النساء مع بعضهن أمراً طبيعياً واعتيادياً، ولربما أمكننا عندئذ تغيير الصور النمطية. وأعتقد أنه إذا امتنعت المرأة عن المنافسة وإذا لم ترغب في أن يفهم سلوكها على أنه عدائي، ستقع عليها عواقب مهنية. أعني، إذا لم تخوضي أي منافسة في العمل، إلى أين ستصل مسيرتك المهنية؟ قد تجدين أنك تراوحين مكانك، وهذا أحد جوانب هذه الآثار. أما الجانب الآخر هو استمرار تعزيز الصور النمطية.

نيكول توريس: حسن.

إيمي غالو: وكيف يمكن للتنافس بين النساء التأثير على نوعية علاقاتهن فيما بينهن؟

ليا شيبرد: حسن. إنه سؤال مهم، وقد تكون هذه النقطة هي المكان الذي نرى فيه بعض الحقيقة في الصور النمطية. وبناء على ما نعرفه عن شعور المرأة حيال المنافسة، قد يدل ذلك على إمكانية تراجع جودة علاقة المرأة بالنساء الأخريات عندما يجب عليها خوض منافسة معهن. وقد أخبرتنا الأبحاث عن الجنسين والتنافس بصورة عامة أن المرأة تتفادى التنافس أكثر، ويبدو أن رغبتها بالدخول في منافسة أقل من رغبة الرجال. ولا يزال السبب في ذلك غير معروف تماماً. هل هو أنها لا تحب المنافسة فحسب أم أن شعورها بأنها امرأة يقيدها نوعاً ما؟ ربما كنا نعتقد أنه يجب على المرأة عدم التنافس مع أحد إطلاقاً. وبذلك إذا شعرت النساء أنه يتم تحريضهن على امرأة أخرى سيكون رد فعلهن سلبياً جداً تجاه هذا الوضع وربما أثر ذلك نوعاً ما على جودة العلاقة بينهن وانتقص منها.

إيمي غالو: أريد أن أعود إلى الفكرة التي ذكرتها يا ليا، وهي الموارد الشحيحة، أتساءل ما إن كانت تلعب دوراً في النظرة تجاه تنافس المرأة في العمل. خصوصاً أن معظم أماكن العمل تضم عدد نساء أقل من الرجال، وبالتحديد في الأدوار القيادية. وعندما لا يكون هناك سوى امرأتين أو ثلاث أو خمس في هذه المؤسسة، هل يعني ذلك أنكن ستواجهن تحريضاً أكثر ضد بعضكن البعض؟

ليا شيبرد: أعتقد ذلك. هناك بعض البحوث التي تؤكد هذه الفكرة، لا سيما إذا كانت المرأة تتطلع للوصول إلى قمة المؤسسة وترى مواقع قليلة جداً متاحة للنساء، فهي عندئذ ستفكر أنه ليس هناك مكان سوى لامرأة واحدة في القمة. وهناك بحث أجرته روبن إيلي في جامعة هارفارد، أجرت فيه مقابلات مع النساء العاملات في مكاتب المحاماة التي لا تضم شركاء من النساء أو تضم عدداً قليلاً جداً منهن بمقابل المكاتب التي تضم تمثيلاً أكبر للنساء بين الشركاء. وأشارت إلى أن العلاقات بين النساء من غير الشركاء، أي المحاميات اللاتي لم يصلن إلى أدوار الشراكة بعد، كانت أكثر توتراً وتنافسية في الشركات التي تضم عدداً أقل من النساء في المناصب القيادية العليا. لذلك أنا أعتقد أن هذه الندرة يمكنها أن تلعب دوراً بالتأكيد.
ولكن لسوء الحظ، ليس هناك الكثير من الحالات التي تمكننا من معرفة ما إن كان الشيء ذاته ينطبق على الرجال أم لا في حال كان عددهم قليل في المؤسسة. لكان ذلك مثيراً للاهتمام. لأنني أعتقد أن هذا ما يتسبب بالآثار التي تحدثنا عنها. لا يتعلق الأمر برمته على أنّ عدد النساء قليل جداً في أي مستوى من مستويات القوة العاملة، وإنما عندما ننظر تحديداً إلى الأدوار القيادية ودرجة تمثيل النساء والرجال فيها، يكون، للأسف، من الصعب في كثير من الأحيان العثور على قطاعات تجد النساء في قيادتها أكثر من الرجال. ولكن سيكون من المثير للاهتمام حينها أن نرى كيف سيؤثر ذلك على مشاعر الرجال حيال المنافسة أو الصراع فيما بينهم.

نيكول توريس: ما هي التصرفات التي تقوم بها المرأة فتجعل زميلتها في العمل تفكر أنها تحاول منافستها؟

ليا شيبرد: صحيح. أعتقد أنه على الأرجح السلوك الذكوري لدى المرأة في العمل، وأعني بذلك، السلوك الذي ينسب للرجل عادة. أي السلوك الطموح والهيمنة وفرض النفس والترويج للنفس وللإنجازات الشخصية. وكل هذه الصفات، أي الاستقلال في طريقة عملك، هي ما يمكن تسميتها السلوك الذكوري في العمل. ونحن نعرف من الأبحاث السابقة أنه عندما تتبنى المرأة سلوكاً ذكورياً نوعاً ما، يمكن أن تواجه ردود فعل سلبية. حتى أنه يمكن أن ينظر إليها على أنها ذكورية جداً وعلى درجة عالية من الكفاءة، لأنها تتصرف بطريقة (ذكورية) تتفق مع ذلك. لكننا قد نراها باردة وغير محببة، ولذلك أعتقد أن هذا النوع من السلوك يمكنه أن يحرك المياه الراكدة بين المراقبين الإناث والذكور على حد سواء، وسيشعر به أي شخص يراقبها. وأعتقد، إذا لم تكن تشعر أنها مذنبة لسعيها للسلطة، وهذا هو عنصر الطموح، يمكن عندئذ أن يعتبرها النساء والرجال حولها تهديداً لهم.

إيمي غالو: عند وصف هذا السلوك، أي السلوك الذكوري في العمل الذي قد يميز المنافسة، لا يسعني إلا أن أفكر بالصورة النمطية لسلوك عراك النساء الذي نربطه بالنساء اللاتي يتنافسن فيما بينهنّ، كما تعلمون، اللجوء للنميمة من أجل تقويض بعضهنّ البعض، وهو سلوك يتصف بذكورية أقل وغدر أكبر على ما أظن.

ليا شيبرد: أو العدوانية السلبية.

إيمي غالو: أو العدوانية السلبية. نعم. بالضبط. هل ترين ذلك في البحث الذي تجرينه؟

ليا شيبرد: هناك بحث يدرس الصبية والفتيات والمراهقين، ولكني لم أجره بنفسي، وفيما يتعلق بغير البالغين نجد أن هناك الكثير من الأبحاث التي تؤكد أن الفتيات عموماً يتسمن بالعدوانية السلبية في طريقة عراكهن ومنافستهن أكثر من الصبية. ولكن هناك بعض البحوث التي تدرس هذا الأمر لدى البالغين، وتدرس وتيرة السلوك الأكثر حزماً وعدوانية واضحة بالمقارنة مع السلوك الذي يتسم بالعدوانية السلبية، وهي لم تجد اختلافات بين الجنسين فيهما، بين البالغين طبعاً. وفي حين أننا نرى هذه الاختلافات بين الشباب، فإني أتساءل في بعض الأحيان عما إذا كان ذلك يؤثر على فهمنا لسلوك المرأة وافتراض أنه سيتسم بالعدوانية السلبية طوال حياتها في حين يبقى سلوك الرجل أكثر حزماً. ولكن من المنطقي أن يضطر الرجل لتغيير سلوكه مع بلوغه سن الرشد، إذ ليس بإمكانه مصارعة كل شخص يقول عنه شيئاً سلبياً أو يغضبه. بل يجب عليه على الأرجح اتباع أسلوب استراتيجي أكثر في طريقة هجومه رداً على ذاك الشخص كي يكون مقبولاً اجتماعياً أكثر.

إيمي بيرنستين: وعلى ذلك يبدو أننا نخلط دائماً بين المنافسة والخلافات الشخصية. كيف يمكننا تمييز هذه الحالات؟ إذا كنت أتنافس مع نيكول على أمر ما، وكان تنافسنا ودياً، على الأقل من وجهة نظري أنا، كيف يمكنني التأكد من ألا تسيء نيكول فهم تنافسي معها على أنه خلاف شخصي أو من أن العالم حولنا لن يراه كخلاف شخصي؟

ليا شيبرد: صحيح. أعتقد أن هناك بعض الأمور التي يمكنك القيام بها. ولكن أريد أن أستعيد ما قلناه للحظة، إذن، إذا فكرنا بتعريف هذه السلوكيات، نجد أنها تندرج نوعاً ما تحت تسمية الصراعات لأنه حتى إذا كانت هناك منافسة ولم تكن خلافاً شخصياً، تكون المنافسة فعلياً أني أقاتل في سبيل مصالحي وقد يكون ذلك على حساب مصالحك أنت. ولذلك، على الأقل في ذهني الأكاديمي، لا تزال المنافسة تعرف على أنها صراع. لكننا أيضاً كأكاديميين نتحدث كثيراً عن وجود أشكال صحية من الصراع. فعندما يكون الصراع على المهمة التي بين أيدينا مثلاً، نقول أن هذا شكل صحي من أشكال الصراع وسيؤدي إلى نتائج أفضل طالما أنه بقدر معتدل.

ولكن من باب إدارة الانطباعات حول هذه الأمور، أرى أن هناك طريقتين للتعامل معها. إذن، إن كنت كما تقولين في منافسة مع زميلتك، فأنت لا ترغبين بأن ينظر إليها من منظور سلبي، أرى عندئذ أنه من الضروري إجراء محادثات مع زميلتك التي تخوضين المنافسة معها. والحرص على أن تتمكن من تقييم ما يحدث بنفس طريقتك وألا تشعر وكأن هناك صراعاً شخصياً وأن تدرك أن هذه المنافسة صحية حقاً. إذا كنت تشعرين بمتعة في هذه المنافسة، هل تشعر هي بهذه المتعة أيضاً؟ وهل تخوضها بنفس الطريقة؟ كما أعتقد أن الأمر متعلق بطريقتك في التحدث عنه مع الآخرين أيضاً، هل تعطينهم انطباعاً بأن هناك نوع من العدائية الشخصية؟ فهذا ما سيفهمونه إذا كنت تنشرين الأقاويل عن زميلتك تلك أو تتحدثين عنها بالسوء من ورائها أو تستمرين بالشكوى من الأوضاع في العمل في غيابها، لأن ذلك سيفسر بوجود عدائية شخصية بينكما.

بالإضافة إلى ضرورة توخي الحذر في طريقة تحدثك عن هذه الأمور مع الآخرين، يجب ألا تقعي في فخ النميمة إذا ما جاء الآخرون إليك للتحدث عن الأمر واستجرار الأقاويل منك. إذ يجب عليك الحذر في طريقة ردك عليهم، وربما أمكنك القول بصراحة أنه ليس بالأمر الخطير وأنهم يبالغون فيه كثيراً. ربما تمكنت من إسكاتهم وجعلهم يشعرون أنهم يتصرفون بحمق لأنهم يهولون أمراً لا يستحق كل هذا الضجيج، والتأكيد لهم بأن الأمر كان يتعلق بالمهمة التي تعملون عليها وليس هناك أي خلاف شخصي وراءه.

إيمي غالو: أعتقد أننا عندما ندخل في منافسة أو صراع مع الآخرين في العمل ننسى أن هناك مراقبين سيقومون بتفسير ما نفعله، ليدعموا الرواية التي يتوصلون إليها أو يغيروها تماماً. أعني، أتحدث أحياناً عن الشظايا العاطفية التي تنشأ عن صراع ما، حين تدخلين في صراع مع شخص ما ولكن جميع من يحيطون بكما يعانون من عواقب هذا الصراع فيما بعد. لذلك من الضروري أن تقومي بإدارة هذه العواقب كي لا تشعل فتيل الصراع الذي خضته فعلاً من جديد.

ليا شيبرد: بالضبط. وهذا عنصر في الصراعات يسبب توتراً شديداً. كيف يراه الآخرون؟ هل سيتجهون إلى الطرف الآخر ويتحدثون إليه ويغيرون روايتهم أيضاً كما يفعلون معك؟ وهذا كله جزء من تفكيرنا المنطقي. ويجب علينا بالتأكيد مناقشة هذه الأمور مع الآخرين، فيصبح ذلك جزءاً من فهمنا للأحداث.

إيمي غالو: صحيح. إذن، أفهم من كلامك ما يلي: أولاً، يجب أن نفكر بإدارة فهم الآخرين للمنافسة. وبدلاً من أن نقول، تعرفون كيف أشعر تجاه نيكول، ويمكنكم القول أني أخوض نقاشاً صحياً معها بشأن هذا الأمر ونحن نعمل معاً لإيجاد حلّ. ولكن ثانياً، يجب عليك إذا شعرت أن امرأة ما تحاول الحط من شأنك أن تتحققي من تحيزك الجنسي الشخصي. هل أنا على حق؟
ليا شيبرد: صحيح.

إيمي غالو: إذا بالغنا في إيلاء الأهمية لهذه السلبية، ما الذي يمكننا إذن كنساء أن نفعله للتوقف عن ذلك والحد من هذا التفسير؟

ليا شيبرد: حسن، هذا هو بالضبط ما قلته. يجب أن تفكري فيما إذا كانت هناك أسباب حقيقية مقنعة لشكوكك هذه بشأن المرأة الأخرى. فلنر ما الذي حدث حتى الآن. هل كانت هناك ردة فعل مماثلة تجاهي من أحد زملائي؟ هل دفعت الرجال للقيام بالشيء ذاته؟ هل السبب الذي يدفعني لتفسير هذا الأمر بصورة مختلفة هو أنها امرأة أخرى؟ أعتقد أن هذا التفكير سيفيدنا كثيراً في الحقيقة، مجرد التحقق من تحيزاتنا الخاصة.

وذلك يثير اهتمامي دوماً لأن الناس دوماً يفتنون بهذا الموضوع، ومن خلال بحثي ثم مناقشة الآخرين بشأنه والتحدث إليهم، كنت إذا صادفت امرأة قالت لي أنه في كل مرة عانت من مشاكل في العمل كان الطرف الآخر امرأة أخرى، وأنها لا تتفق مع النساء عموماً، كنت أدقق أكثر قليلاً وأقول لها أن تفكر بالمرات التي لم تتفق فيها مع أصدقائها المقربين من الرجال في العمل، فتدرك أنها مرت بصراعات مع الرجال أيضاً. أو تقول أن جميع أصدقائها المقربين في العمل هن نساء. فأحاول أن أجعلها تدرك المتناقضات في القصص التي ترويها، إذ تقول أمراً ما ثم تفكر فيه بعمق أكثر أو أطرح عليها بعض أسئلة المتابعة، عندئذ تقول شيئاً مختلفاً تماماً.
ولذلك أعتقد أن هذا هو الأمر الثاني الذي يمكننا القيام به مع أنفسنا ومع الآخرين أيضاً، فعندما نسمع النساء الأخريات ينشرن هذا التفكير، يمكننا عن طريق التقصي عنه قليلاً وطرح بعض أسئلة المتابعة عنه، مساعدتهن على تفسير الأمر بأسلوب مختلف وإدراك أنهن يرين الصراع الذي يخضعنه مع النساء الأخريات على أنه بارز أكثر من صراعهن مع الرجال. وهذا سيفيدهن كثيراً على ما أعتقد.

كما يدهشني استعداد الناس الدائم لإدامة هذه الصور النمطية لأنها على ما أظن لا تنعكس بصورة جيدة على أحد. كأن تقول امرأة: أنا لا أستطيع العمل جيداً مع امرأة أخرى، أو: لا تستطيع النساء الأخريات العمل معي، ألا يعني ذلك أن المشكلة تكمن فينا نحن النساء؟ فنحن نقوم بتمزيق فريقنا بطريقة ما بسبب إدامة هذه الصور النمطية. أنا لست أقول أنه يجب على النساء ألا يتحدثن عن هذه الأمور وأنه يجب إسكاتهنّ، لأن التحدث عن هذين الأمرين هو الأمر الصحي الذي يجب فعله. وإنما أقول أنه يجب علينا محاولة التفكير بوصفنا للمنافسة وأخذ الجانب الآخر من الصورة بالحسبان فيما يتعلق بشعورنا في علاقاتنا وصراعاتنا مع الرجال ونوع الصراعات التي نلاحظها بين الرجال في العمل أيضاً، هل نركز عليها أيضاً أم نعتبرها طبيعية ونصرف اهتمامنا عنها؟

نيكول توريس: ليا، شكراً جزيلاً لتحدثك معنا اليوم.

ليا شيبرد: شكراً لكم.

إيمي غالو: أفكر في تجاربي في التنافس وتبدو لي معظمها صحية وطبيعية، عدا منافسة كان الجمهور طرفاً فيها. والمثير للاهتمام أنني عندما فكرت في بحث ليا تذكرت أني خضت منافسة غير صحية مع إحدى زميلاتي فيما مضى. وإذ أسترجع الأحداث حينئذ، أرى أن جميع من حولنا رتبوا ذاك الصراع ليبدو بهذه الصورة، حيث كنت أنا وزميلتي نعمل على المشروع ذاته وكان الجميع يعتقدون أننا المفضلتين لدى مديرنا، وكانت هذه المنافسة بهدف معرفة من ستتمكن من التعامل على نحو أفضل مع أحد العملاء. فكانت هذه المنافسة سامة، فقد قلت أشياء سيئة عنها للآخرين، وأنا واثقة أنها هي أيضاً قالت لهم أشياء سيئة عني. فذهبت إلى مديري لأشتكي عليها، كي أخفف أثر كلامها السيئ عني. كان ذلك مثيراً للاشمئزاز، ولم يعجبني على الإطلاق. كانت هذه التجربة سيئة، وأعتقد أن الجمهور كان هو السبب في الأمر كله. فلو قال أحدهم: خذا هذا المنتج، وانطلقا وانجحا في المهمة، لكنا عملنا معاً على نحو جيد، ولكنا أحببنا بعضنا البعض. كان ذلك هو الجزء الجنوني.

إيمي بيرنستين: أجل. يبدو لي ذلك سوء إدارة لأنه دس كل أنواع السموم في علاقة من المفترض أن تكون علاقة تعاونية بناءة.

إيمي غالو: أجل. وهذه النقطة هامة جداً، إيمي، لأن المدير هو غالباً من يقوم بتوزيع الموارد، وهذه النقطة هامة جداً، إيمي، لأن الموارد غالباً ما يقوم المدير بتوزيعها، سواء كانت الاهتمام أو الوظائف أو الأموال، ولذلك يمارس المدراء دوراً هاماً جداً في ضمان ألا تغلب هذه السلبية على ما يحدث.سواء كانت الاهتمام أو الوظائف أو الأموال، ولذلك يمارس المدراء دوراً هاماً جداً في ضمان ألا تغلب هذه السلبية على ما يحدث.

نيكول توريس: صحيح. كما يمارسون دوراً هاماً في ازدهار المنافسة الصحية، لأنه من الممكن منحها الدافع وبالأخص إذا كانت تدار ذاتياً، أي عندما لا تكونين مجبرة على التنافس مع الموظفين الآخرين، وعندما تجدين أنت وزميلتك أن المنافسة تشجعكما على امتلاك هدف والسعي لمعرفة من منكما سيتمكن من الوصول إليه.

إيمي بيرنستين: أجل، بالضبط.. كان ذلك ممتعاً. فهذه المنافسة المشجعة دفعتك للتفاعل وقربتك من زميلتك التي تحدثت عنها.

إيمي غالو: ولكن انتظري، هذه هي النقطة الأهم، من الذي فاز؟ أجل!

نيكول توريس: أنا فزت!

إيمي غالو: تهانينا إذن.

نيكول توريس: ولكن لا أعلم، أشعر أن هذا يبدو سيئاً للغاية. فمن الصعب علي أن أتنافس مع امرأة أخرى أو حتى أن أثير موضوع المنافسة على أنها أمر نود القيام به، لأنني قلقة أكثر بشأن المشاعر وأنا أشعر أنه يجب علينا دعم بعضنا البعض، وهذا ما ذكرته ليا.

إيمي بيرنستين: أتعرفين ما المثير للاهتمام؟ أمارس لعبة السكرابل على الإنترنت مع أشخاص آخرين، وكلهم رجال.

إيمي غالو: حقاً؟

إيمي بيرنستين: وقد دفعتني للتو للتفكير بالأمر، فأنا لدي صديقات يمارسن لعبة السكرابل أيضاً ولكني لا أرغب بمعرفة ما إن كانت إحدانا أفضل من الأخرى فيها.

إيمي غالو: رائع. هذا مثير للاهتمام.

نيكول توريس: نعم!

إيمي بيرنستين: نعم، فأنا لا أريد أن أفعل ذلك. ولن يكون شعوري جيداً سواء أكنت أفضلهن أم لا.

إيمي غالو: إذن، هل هي طبيعتنا المناصرة للجماعة هي ما يدفعنا لعدم التنافس مع نساء أخريات؟ هل نخضع لهذه القاعدة الاجتماعية التي تقول أننا يجب أن نكون جميعنا أخوات؟

إيمي بيرنستين: لا أدري. أعني، هل كانت هذه الفكرة لديك؟

إيمي غالو: عندما تصف نيكول منافستها مع زميلنا أستطيع تصور أن نيكول تتوجه إلى زميلها وتقول له: سوف أهزمك شر هزيمة، وتقولها بطريقة مضحكة. ولكنني لن أقول هذه الجملة لأي زميلة أنثى.

نيكول توريس: أبداً.

إيمي غالو: بل يجب علينا مناقشة الأمر، يجب علينا الخروج معاً لتناول الغداء وتحليل الأمر. ويجب علينا الاتفاق على أنه لا بأس من خوض هذه المنافسة، عندئذ سأقول لها: سأهزمك شر هزيمة، لا تمانعين، أليس كذلك؟ فأنا ما زلت أحبك. يدفعني ذلك إلى الجنون، وبالأخص وأنا أستمع إلى بحث ليا، الذي يقول أننا لسنا قادرات على التنافس مع بعضنا، ولكن في الوقت ذاته أفكر أنه من الممكن أن يكون هذا صحيح.

إيمي بيرنستين: هل نساوي بين الخسارة في المنافسة والفشل؟ أعني، إذا لم تفوزي في المنافسة، هل سيجعلك ذلك فاشلة؟ أعتقد أن هذا شعور ثقيل.

نيكول توريس: أجل. في هذه الحالة، هذه المنافسة الثانوية الصغيرة جداً والودية، لا، لن نشعر بأن الخسارة تساوي الفشل لأنها أمر نواجهه كل شهر. ولو أني خسرت،

إيمي بيرنستين: الأمر الذي لم يحصل فعلاً،

نيكول توريس: لا، لم يحصل،

إيمي غالو: لا، بل فزتِ.

نيكول توريس: سيجن زميلي. لا، أعتقد أني وجدت الأمر مشجعاً من الناحية الشخصية. فقد كان أمراً أفكر فيه كل يوم، وهو ما يجعلني أبدو سخيفة، ولكني كنت أقول أني سأفوز وسأستمر بالضغط على نفسي إلى أن أفوز. ولو لم أفز، لكنت اعتبرت ذلك حافزاً أيضاً.

إيمي بيرنستين: ولكنك لن تعرفي ذلك أبداً.

إيمي غالو: ما عليك سوى الفوز كل شهر، ولن نضطر لاكتشاف ذلك أبداً.

نيكول توريس: بالضبط.

إيمي بيرنستين: لقد انتهى عرضنا والذي تحدثنا فيه عن رأي الخبراء بالمنافسة المهنية بين النساء. وأنا إيمي بيرنستين.

نيكول توريس: أنا نيكول توريس.

إيمي غالو: وأنا إيمي غالو. ومنتجتنا هي أماندا كيرسي. ومدير الإنتاج السمعي هو آدم باكولتز. مورين هوك هي المحرر المشرف. ويقدم لنا روب إيكارت لنا الدعم التقني. كما تعد إيريكا تراكسلر دليل المناقشة التي نجريها في برنامجنا، والمدقق اللغوي هو جي إم أوليجارز.

المصادر:
يمكنكم مراسلتنا عبر البريد الالكتروني على العنوان: [email protected]
موسيقى البرنامج هي مقطوعة "المدينة تتحرك" “City In Motion” من تأليف مات هيل، وقدمتها لنا شركة أوديو نتوورك.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي