كيف يمكن للشركات الكبرى العمل بشكل أفضل مع الشركات الناشئة؟

4 دقائق
الشركات الكبرى والناشئة
shutterstock.com/Business/Finance

يعتبر العمل مع الشركات الكبرى والناشئة وسيلة تستخدمها الشركات الكبرى لتشجيع الابتكار من خلال آليات مثل مسرّعات أعمال الشركات، وبناة المشاريع الاستثمارية، ومشاريع رأس المال المغامر (أو ما يمسى برأس المال الجريء). تضاعف عدد استثمارات الشركات الكبرى في الشركات الناشئة ثلاث مرات تقريباً منذ عام 2013 من 980 عملية استثمار عام 2013 إلى 2,795 في عام 2018، وارتفعت قيمتها من 19 مليار دولار أمريكي إلى 180 مليار دولار أمريكي، وفقاً لـ شركة جي سي في أناليتيكس (GCV Analitics)، وهي شركة تتعقب صفقات المغامرات التجارية في الشركة.

ومع ذلك، فإن نسبة نجاح هذه المبادرات تعتبر منخفضة. تُظهر الأبحاث التي أجريناها مع الرؤساء التنفيذيين للابتكار (CINOs) وغيرهم ممن يقومون بأدوار مماثلة في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا، أن نحو ثلاثة أرباع مبادرات الابتكار في الشركات تفشل في تحقيق النتائج المرجوة. فالمشاريع الفاشلة لا تساعد الشركات على تفادي المنافسين المتعطشين للنجاح والذين يتصفون بالرشاقة في أداء الأعمال.

3 استراتيجيات لتجاوز التحديات عند التعامل مع الشركات الناشئة

ولكي نكتشف التحديات التي تنشأ في هذه المبادرات، تحدثنا إلى أكثر من 120 مبتكراً (شخصاً) من كبار الرؤساء التنفيذيين للابتكار في 22 قطاعاً. وشاركوا التحديات التي أخرجت مشاريعهم عن مسارها (أو التي هددتها بعرقلتها) ووصفوا الأساليب التي اتبعوها للتغلب على تلك التحديات. وجدنا أن ثلاث استراتيجيات أثبتت فاعليتها في معالجة 80٪ من المشكلات الرئيسة.

عزّزْ وادعم أهمية المغامرات التجارية في بقية أقسام الشركة:

شاركنا إيمانويل لاجاريج، الرئيس التنفيذي للابتكار في شركة "شنايدر إليكتريك" (Schneider Elictric) الرأي في أهمية ألَّا تقتصر المشاركة على الرئيس التنفيذي فقط بل تتعداها إلى المشاركة الفاعلة لقادة أقسام الشركة الذين يتحكمون بعمليات الربح والخسارة.

اقرأ أيضاً: كيف نبدأ ثورة في مجال ريادة الأعمال؟

في كثير من الأحيان، لا يرغب مديرو خطوط العمل الرئيسة في التعاون مع وحدة المغامرات التجارية التابعة للشركة. ربما يتشبثون بمقاييس الأداء التقليدية ولا يقدّرون القيمة الاستراتيجية للعمل مع إحدى الشركات الناشئة. مما قد يسمح لسياسات العمل الداخلية بتقويض جهود وحدة المغامرات التجارية في الشركة.

عندما برزت هذه المشكلة في واحدة من أكبر خمس شركات في العالم للرعاية الصحية، قامت الرئيسة التنفيذية للابتكار بعمل شيئين. أولاً، رفعت قيمة وحدة المغامرات التجارية في الشركة لبقية وحدات الشركة من خلال جعلها جهازاً يكشف عن توجهات السوق. وإلى جانب تطوير منتجات جديدة، طلبت الرئيسة التنفيذية للابتكار تحديد التهديدات الخارجية، وتحليل الحلول التي استنبطتها الشركات المنافسة واستهداف فرص النمو المتاحة لكبرى إدارات العمل في الشركة. ثانياً، وزعت تكاليف تطوير براهين إثبات المفهوم بالتساوي بين الشركة الأم، ووحدة المغامرات التجارية في الشركة والوحدة المستفيدة منها في الشركة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للشركات الناشئة النجاح في عالم يسيطر عليه فيسبوك وجوجل؟

وهكذا أثبتت قرارات الرئيسة التنفيذية للابتكار نجاعتها أمام مديري خطوط الإنتاج. وأدركوا أنه كان بإمكانهم أن يكرسوا المزيد من الوقت لتطوير منتجاتهم وخدماتهم، مع العلم أن المغامرات التجارية في الشركة كانت تزودهم بأحدث المعلومات عن السوق. وبالمثل، فإن مشاركة بعض الوحدات تكاليف المغامرات التجارية في الشركة شجعت وحدات أخرى للمساهمة في نجاح هذه الوحدة.

ابحث خارج الشركات الناشئة التقليدية:

مع وجود هذا العدد الكبير من الشركات التي تطارد الشركات الناشئة، يمكن أن يكون من الصعب العثور على الشركات التي يمكنك أن تتعاون معها. تعاملت "أديداس" - شركة الملابس الرياضية - مع هذا التحدي من خلال توسيع البحث ليشمل الشركات الناشئة المرتبطة بالجامعات والمؤسسات البحثية.

بدأت الرحلة بطرح سؤال من مدير الإبداع العالمي في الشركة، بول غوديو. وسأل: «هل يمكننا صنع حذاء جري حقيقي من مواد الطباعة ثلاثية الأبعاد؟» قاد بحث شركة أديداس عن إجابة لهذا السؤال إلى التعرف على جوزف ديسيمون، أستاذ الكيمياء في جامعة نورث كارولاينا في "تشابل هيل"، ومؤسس الشركة الناشئة للتصنيع الرقمي ثلاثي الأبعاد وتدعى "كاربون" (Carbon) وهي شركة مقرها في وادي السيليكون تعمل في مجالات المكونات المادية والبرمجيات والعلوم الجزيئية.

يداً بيد، ابتكرت "أديداس" و"كربون" حل الطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام راتنج (مادة صمغية) حسّاسة تزداد صلابتها عند تعرضها للضوء. ويتيح ذلك صنع نعل حذاء تدريبي بسرعة وتخصيصه ليناسب احتياجات العملاء الشخصية. يسمى خط الإنتاج الجديد "فيوتشر كرافت 4د" أو Futurecraft 4D. ووفقاً للسيد غوديو «سوف تتغير طريقة إبداعنا لمنتجاتنا، وبالتأكيد ستتغير طريقة اختبار المستهلكين لها».

تتحرى العديد من الشركات الكبرى عن الشركات الناشئة في الجامعات والمؤسسات البحثية بشكل روتيني وتبحث عن فرص المغامرات التجارية في المؤسسات.

تجاهَل تضارب المصالح بين المغامرات التجارية في الشركة والشركة الناشئة

فحالما تُحدِّد شركة ناشئة محتملة، ينشأ عادةً تعارض في المصالح: أولاً، يريد الرئيس التنفيذي أن يشتري بأسعار رخيصة؛ أما مالك الشركة الناشئة فيريد أن يبيع بأسعار عالية، ومديرة المغامرات التجارية في الشركة تتمسك بسعر متوسط، وتقود المفاوضات نيابة عن جهة التوظيف التي تعمل لديها لكنها تدرك أن عملية الاستحواذ الكبيرة سوف تكون أكثر أهمية بالنسبة لمسيرتها المهنية وتعويضاتها المالية من عملية استحواذ أقل حجماً. ثانياً، في حين أن المديرين الجيدين في وحدات المغامرات التجارية في الشركة يحتاجون إلى تقاضي رواتب كبيرة مقابل خدماتهم - ولا سيَّما إذا نظرنا إلى المنافسة من قبل شركات رأس المال المغامر الخاص في هذا المجال (الرواتب) - لا يمكننا أن ندفع لهم رواتب أكبر من راتب الرئيس التنفيذي دون أن نخرق هيكل الرواتب المعمول به في الشركة.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد مسرّع الأعمال الناشئة في مستشفى بوسطن للأطفال على إطلاق الشركات؟

وفي مواجهة هذه المعضلات، قام الرئيس التنفيذي للابتكار في مجمع شركات يابانية كبرى بعمل شيئين: أولاً، قام برفع الراتب الأساسي لمديرة الإدارة مقابل التزامها بفترة عمل مدتها ست سنوات، مما يوفر لها الأمان وضمان استمرارية الشركات الناشئة المستهدفة على المستوى التنظيمي. ثانياً، أعفاها من مسؤوليتها عن التفاوض على الصفقات ودمج عمليات الاستحواذ، وأعطى ذلك لوحدة عمليات الاندماج والاستحواذ. وبما أن المديرة حصلت على مكافأة الآن لمجرد أنها نجحت في تحديد الشركات الناشئة وجذبها، والتعاون معها، لم يعد لديها مصلحة شخصية في قيمة كل صفقة سواء كانت صفقة كبيرة أم صغيرة. أدى تصحيح دور الرئيس التنفيذي للابتكار إلى إزالة تصور جداول الأعمال المتناقضة وجعل من السهل على الشركة الكبرى جذب الشركات الناشئة والعمل معها.

كما أنَّه كثيراً ما تنشأ صراعات المصالح بين شركة كبرى وشركة ناشئة بسبب الاختلافات في طريقة قياس الأداء. فمن الأفضل توقع هذه الصراعات ومعالجتها قبل أن تعكر صفو علاقات العمل.

وفي نهاية الحديث عن الشركات الكبرى والناشئة، تتيح المغامرات التجارية في الشركات المستقرة الوصول إلى أشكال الابتكارات التي يصعب أو يستحيل إنتاجها داخل الشركة. وثمة تحديات تطفو على السطح، ولكن الشركات التي تبدأ الرحلة اليوم يمكنها الاستفادة من بعض الدروس التي تعلمتها الشركات التي انطلقت قبلها.

اقرأ أيضاً: كيف لريادة الأعمال أن تستفيد من الثورة الصناعية الرابعة؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي