كيف تجعل عملية بيع شركتك تجربة مرضية؟

5 دقائق
عملية بيع الشركة
هوليندر إكس2/غيتي إميدجيز

ملخص: كثر هم رواد الأعمال الجدد الذين يفتقرون إلى الخبرة في بيع شركاتهم؛ فيصبح الحدث الذي يجب أن يكون سعيداً ومُرضياً حدثاً محبطاً أو مخيّباً للآمال. ويعرض المؤلف في هذا المقال 3 نصائح لأولئك الذين يخططون لبيع شركاتهم بعد إجرائه مقابلات مع رواد الأعمال في العديد من البلدان على مدى 3 سنوات وهذه النصائح ستسهل على رواد الأعمال عملية بيع الشركة: 1) كن واضحاً بشأن هدف حياتك. يتمثّل أكبر سبب لندم أي رائد أعمال في النهاية في شعوره أن حياته أصبحت بلا هدف بعد بيع الشركة.  2) اعمل لصالح شركتك وليس في شركتك. قد تشتت التفاصيل اليومية لإدارة الشركات انتباه رواد الأعمال وتجعلهم يفقدون تركيزهم عن العمل المهم الذي يجب عليهم أداؤه. 3) خطط لبيع شركتك مسبقاً، حتى إن لم تكن متأكداً من رغبتك في بيعها،  فذلك سيضمن لك بقاء شركتك على المسار الصحيح، ويتيح لك ولفريقك التركيز وتحمل المسؤولية.

 

شعر باري تشاندلر في عام 2012 أن حلمه قد تحقق أخيراً، إذ باع شركته التسويقية لشركة عامة مدرجة. احتفل مع أقرانه وعائلته. وانتقل من ولايات الغرب الأوسط إلى مدينة سان دييغو المشمسة. وأصبح اليوم الرئيس التنفيذي للتسويق للشركة التي استحوذت على شركته الناشئة. وشعر "بسعادة غامرة". لكنه بدأ يتساءل في غضون أشهر: إذا كان ذلك ما يطمح إليه كل رائد أعمال، فلماذا فقد إحساسه بالسعادة؟

لم يكن باري وحده من انتابته تلك الأحاسيس، بل عادة ما يفتقر معظم رواد الأعمال الجدد إلى الخبرة عندما يتعلق الأمر ببيع شركاتهم. لا يقود بيع الشركات دائماً إلى سعادة مطلقة، حتى بالنسبة لرواد الأعمال المتمرسين الذين يخططون جيداً للمستقبل. من جهة أخرى، قد يجد الآخرون أنفسهم سعداء للغاية، على الرغم من ديونهم المتراكمة والالتزامات الشخصية التي تترتب عليهم بعد بيع الشركة.

ما الذي يجب على رائد الأعمال فعله إذاً لجعل عملية بيع شركته حدثاً سعيداً ومُرضياً؟ كتبت على مدار السنوات العديدة الماضية بحثاً للعثور على إجابة عن ذلك السؤال وأجريت مقابلات مع رواد أعمال من عدة بلدان باعوا شركاتهم على مدار عقدين من الزمن. وأعرض في هذا المقال أهم 3 دروس تعلمتها.

1) كن واضحاً بشأن هدف حياتك

يقول ريتش لانغديل، وهو رائد أعمال لسلسلة من المشاريع ومؤسس لـ 8 شركات: "لطالما استمتعت بحل المشكلات، ووضع حلول تناسب الزبائن، والنجاح في اكتساب الزبائن حتى. لكن ما لم أستمتع به بعد ذلك هو تكوين فريق وتوسيع نطاق الشركة وأداء كل ما يترتّب على تلك الخطوة".

يُعتبر الوعي الذاتي بهدفك الشخصي وتحديد ما يحفزك وسبب تأسيسك للشركة وما ترغب في تحقيقه اليوم وفي المستقبل الخطوات الأولى الحاسمة نحو بلوغ السعادة. قد يكون هدفك بسيطاً، مثل: "أريد قضاء مزيد من الوقت مع العائلة" أو "أود رد الجميل للمجتمع"، (وتُعتبر تلك الأهداف من بين الأهداف الأكثر شيوعاً التي أسمعها).

سيستغرق تحديد هدفك وقتاً، لذلك من الأفضل أن تبدأ في تحديد ذلك الهدف قبل أن تفكر في بيع شركتك. اطرح على نفسك أسئلة مثل: ما الذي يثير حماسك ويجعلك تندفع إلى العمل كل صباح؟ ما الذي ستفعله إن لم تكن تخضع لأي قيود على الإطلاق؟ إذا تبقى من حياتك عام واحد فقط، فما الذي ستغيره ولمَ؟ ما الذي ستفعله بعد بيع شركتك؟

وجدت في البحث الذي أجريته أن أكبر سبب لندم أي رائد أعمال هو شعوره أن حياته أصبحت بلا هدف بعد بيع الشركة. بشكل عام، لن يتبقى أمام رائد الأعمال إلا خيار ممارسة رياضة الغولف أو ركوب الزوارق.

2) اعمل لصالح شركتك وليس في شركتك

شارك كيفن بومر مع مؤسسين آخرين في تأسيس شركة "فايننشال غارد" (Financial Guard) عام 2012، وهي شركة متخصصة في تقديم استشارات استثمارية عبر الإنترنت وقادها خلال عملية الاستحواذ عليها في عام 2016. ويتذكر قائلاً: "لسوء الحظ، لم أخرج من هذا الوضع [التشغيلي] بصفتي رئيساً تنفيذياً". وعلى الرغم من كسبه 5 ملايين دولار، وجد كيفن نفسه مقيداً وغير قادر على توظيف مزيد من المهندسين. وكان منخرطاً في العمل إلى حد كبير حتى في أثناء محاولته التعامل مع المشترين المرتقبين. ولو تمكّن أعضاء الفرق الآخرين من أداء المهام التي كان كيفن مكلّفاً بأدائها، لسنحت له فرصة التركيز على القضايا الاستراتيجية، بما فيها عملية البيع. وأتاح بيع شركة "فايننشال غارد" في نهاية المطاف لكيفن متابعة رغبته في مساعدة شركات التكنولوجيا المالية الأخرى وتطوير شركته الناشئة التالية. في حين لم توفر له الفترة الباعثة على التوتر التي سبقت خروجه بيئة مواتية لعملية صناعة القرار.

ويقول ريتش لانغديل، الذي كان أحد أصحاب رؤوس الأموال المغامرة (الجريئة) مدة عقدين من الزمن، "تنطوي وظيفتك كرئيس تنفيذي على الوصول بالشركة إلى مرحلة لا يصبح وجودك فيها ضرورياً". ولتحقق ذلك الهدف، ابدأ بتمرين تتبع يومي بسيط تدون فيه ما تفعله كل 30 دقيقة لمدة أسبوعين، لاسيما عندما يتواصل معك أحد موظفيك أو زبائنك أو أحد شركائك التجاريين لاتخاذ قرار ما. وألق نظرة في نهاية كل يوم وأسبوع على كل المهام التي أديتها أو الأشخاص الذين تعاملت معهم، وحدد هوية الأشخاص القادرين على أداء تلك المهام بدلاً منك.

يتمثّل التمرين الآخر في كتابة التعليمات التي ستتركها لأعضاء فريقك في حال كنت تهمّ بقضاء إجازة مدة أسبوعين دون هاتف أو إنترنت، إذ سيسلط ذلك الضوء على مجالات العمل التي يمكن إدارتها دونك، والمجالات التي تسبب لك قدراً كبيراً من القلق أو التوتر، والمجالات التي يجب عليك التعامل معها بشكل شخصي. ثم تأكد من صحة تلك الافتراضات.

لن يكون التخلي عن أعمالك أمراً سهلاً، لكنه ينطوي على العديد من الفوائد، بدءاً من توفير الوقت لك للتركيز على الأعمال المهمة بدلاً من الأعمال غير المهمة، بمعنى آخر، العمل لصالح شركتك بدلاً من العمل في شركتك والغرق في تفاصيل إدارتها اليومية، وكان ذلك درساً قاسياً بالنسبة لكيفن والآخرين.

3) خطط للبيع مسبقاً، حتى إن لم تكن متأكداً من رغبتك في ذلك

تتمثّل إحدى أفضل الطرق لضمان بقاء شركتك على المسار الصحيح في التصرف كما لو أنك تخطط لبيعها، حتى لو لم تكن تنوي ذلك مطلقاً، فذلك يضمن أن تحافظ وفريقك على التركيز وتحمل المسؤولية.

أسس تيم مكارثي في عام 1988 شركة استشارية لمساعدة سلاسل المطاعم في تحديد أداء أدنى 10% من منافذ بيعها. نمت الشركة على مدار السنوات الـ 5 التالية وجذبت عملاء من علامات تجارية شهيرة مثل "كوكاكولا" و"هارديز" (Hardee’s) و"أوليف غاردن" (Olive Garden)، ونجح تيم في إدراج شركته ضمن قائمة "إنك 500" (Inc 500).

ثم طرح محاسب تيم عليه ذات يوم سؤالاً حول هدفه قائلاً: ما هو هدفك في الحياة؟ عندما أجاب تيم أنه يريد التقاعد بحلول سن الـ 50 للتركيز على رد الجميل لمجتمعه في شمال شرق ولاية أوهايو، أشار محاسبه إلى مشكلة، ألا وهي أن تيم لن يتمكن من بيع الشركة الاستشارية نظراً لعدم وجود قيمة جوهرية لها دونه.

فشرع في تحويل شركته بشكل منهجي من شركة تقدم خدمات استشارية إلى شركة قاعدة بيانات تسويق "وورك بليس إمباكت" (Workplace Impact). وطلب من شركة تقدم خدمات مصرفية استثمارية مقرها نيويورك تحديد ماهية القضايا داخل شركته التي يجب معالجتها لجعلها جذابة للمشتري المرتقب. حددت الشركة 5 قضايا رئيسة ووضعها تيم كأهداف أداء لفريق الإدارة المكون من 8 أشخاص. بدأ كبار المسؤولين التنفيذيين في إدارة الشركة على أساس يومي، وبدأ تيم يعمل من المنزل. ويتذكر قائلاً: "أتيت مرة واحدة في الأسبوع لحضور اجتماع مراجعة للأداء دام ساعة واحدة ... ومرة ​​واحدة شهرياً لمراجعة أداء كل الأعمال مدة نصف يوم". وحققوا على مدى السنوات الـ 4 التالية جميع أهدافهم الـ 5 لجذب اهتمام المشترين المرتقبين وباعوا الشركة في النهاية بنجاح.

عندما يستوعب رواد الأعمال تلك الدروس الـ 3 في عملية بيع الشركة، ألا وهي الوضوح بشأن أهدافهم، والعمل لصالح شركاتهم وليس في شركاتهم، وإدارة شركاتهم كما لو أنهم يخططون لبيعها، يحققون نتائج سعيدة، ليس فقط لأنفسهم، وإنما لشركاتهم وموظفيهم على حد سواء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي