إليك هذا المقال الذي يتحدث عن علاوات المبيعات تحديداً. تدفع معظم الشركات لمندوبي المبيعات أجراً يتكون من الراتب الأساسي، والعُمولة، والعلاوة التي تُعطى عند إنجاز نسبة معينة من العمل. ووجود هذا المزيج يجعل جزءاً من الأجر في خطر (فالأجر هنا مكوّن من جزء ثابت وجزء مرتبط بنسبة الإنجاز، والأخير هو المعرض للخطر). والاعتقاد السائد في هذا الأمر هو أن هذا الجزء من الأجر المُعرض للخطر يهدف إلى تحفيز مندوبي المبيعات للاجتهاد أكثر في العمل، وتوجيه الجهود باتجاه أنشطة المبيعات التي تدفع إلى تحقيق أهداف المبيعات المطلوبة.
وما يحدث في الحقيقة أن كثيراً من علاوات المبيعات والعمولات التي تدفعها الشركات لمندوبي المبيعات ليست معرضة للخطر بشكل فعلي، لذلك فالشركات بهذا قد تنفق الأموال في سبل لا تعود عليها إلا بالقليل من الجهد أو التحفيز الزائدين.
ويُستخدم مزيج الراتب هذا - وهو النسبة بين الجزء الثابت من الأجر (الراتب الأساس) إلى الجزء المتغير (وهو الأجر المستخدم كحافز أو في موضع الخطر) - عادة لقياس المدى الذي حفّزت فيه خطة تعويضات المبيعات مندوبي المبيعات لتحريك النتائج الجارية. وتبلغ متوسط نسبة الحوافز- من الراتب الأساس- في الولايات المتحدة (60:40) - أي 60% من الراتب أساسي و40% متغيّر. وتتغير نسبة الحوافز هذه حسب القطاع، وكذلك حسب دور أقسام المبيعات. وقد تبلغ هذه النسبة (0:100) في قطاعات كالتأمين، والتي تعتمد على عاملين مستقلين بعقود (مقاولين) كوكلاء لقسم المبيعات. وفي المقابل، هناك النسبة الأقل (75:25)، وستجدها شائعة في قطاعات كالمستحضرات الصيدلانية، لأنها تتطلب من مندوبي المبيعات التركيز على ثقافة المستهلك، ومناصب مندوبي المبيعات التقنية التي يتطلب جزءاً كبير منها مهارة في حل المشكلات.
وحتى خلال القطاع أو الشركة الواحدة، غالباً ما تختلف هذه النسبة حسب وظائف قسم المبيعات. فعلى سبيل المثال، تضع إحدى شركات التقنية نسبة الحوافز من الراتب الأساس (50:50) لمندوبي المبيعات في قسم الاستحواذ على الزبائن الجدد، بينما تضع نسبة الحوافز لوظائف مندوبي المبيعات في قسم إدارة الحسابات (70:30). وقد شجعت هذه النسبة قسم الاستحواذ على الزبون على "المطاردة والاصطياد"، بينما شجعت قسم إدارة الحسابات على التركيز على إثمار العلاقات مع الزبائن الحاليين.
ويُعتقد، بشكل عام، أن نسبة الحوافز الجائرة (أي عندما يكون الرقم الثاني مرتفعاً) تحفز مندوبي المبيعات، لجلب نتائج قصيرة الأجل.
لكن يمكن لنسب الحوافز (من الراتب الأساس) المحددة مسبقاً أن تصبح مؤشراً مضللاً للمدى الذي يكون فيه الأجر في موضع خطر، وكذلك لمدى ارتباطه بالأداء الحالي لمندوبي المبيعات. لأن نسبة مئوية كبيرة من المبيعات تذهب "مسلّمة" لمندوب المبيعات، وبالتالي ستُحسب دون أن يبذل قسم المبيعات جهداً في ذلك.
وتأتي هذه المبيعات المسلّمة في أسلوبين:
1. مبيعات الامتيازات التجارية التي لا علاقة لها بمندوب المبيعات. أي أن الزبائن ستشتري من مؤسسة ما لأن المنتجات في الشركة فائقة الجودة، أو لأن لديها علامة تجارية كبيرة، أو بسبب التسويق الرقمي الفعال، أو التسعير الملائم. وتزداد مبيعات الامتيازات التجارية في الكثير من الأسواق بسبب تزويد الإنترنت للزبائن بالكثير من المعلومات، وجعلهم متصلين ومتأثرين اجتماعياً، وبذلك فالزبائن لا يعتمدون كثيراً على مندوبي المبيعات، أو على مهاراتهم عند اتخاذ قرار الشراء.
2. المبيعات المرحَّلة (إلى مرحلة أخرى) وهي تلك التي تعزو إلى جهد سابق لمندوب المبيعات، وتحدث دون نشاط جديد في قسم المبيعات. ومن الأمثلة على ذلك المبيعات التي تنتج عن عقود طويلة الأجل، والزبائن الذين يشترون من باب الولاء للمؤسسة أو بسبب العادة أو الرغبة في عدم تغيير النفقات. ومن الأمثلة على مبيعات الترحيل ذات المستوى العالي، هي تلك المنتجات التي لها علاقة بأدوية الأمراض المزمنة. وهناك منتجات أخرى كأنواع المعدات الرأسمالية، وهذه من مبيعات الترحيل ذات المستوى المنخفض.
وهذه المبيعات المسلّمة والتي تعد مبيعات مجانية للأفراد ليست كذلك بالنسبة للشركة، فهي تتطلب استثماراً في أقسام مثل تطوير المنتجات، والتسويق، وكذلك جهود سابقة لقسم لمبيعات. وعلى المدى القصير، تُعتبر هذه المبيعات مجانية بالنسبة لمندوب المبيعات. وبالتالي، فإن الحوافز المدفوعة من المبيعات المجانية هذه هي رواتب خفيّة. أي أنها ليست في موضع خطر، وبذلك لا تؤدي دوراً حيوياً لتحفيز جهود قسم المبيعات.
ولمعرفة المدى الذي تحققه خطة الأجور في تحفيز أداء فريق المبيعات، علينا إعادة النظر في النسبة الفعلية التي تشكلها للحوافز من الراتب الأساس، حيث تتم معاملة الحوافز المكتسبة من المبيعات المسلّمة كجزء من أجر ثابت وليس الأجر المتغير.
فعلى سبيل المثال، أرادت الشركة التي باعت للأطباء الجراحين أجهزة طبية قابلة للزرع أن تعزّز ثقافة "الأجر يعتمد على الأداء"، فاعتمدت خطة حافز قائمة على العمولة بنسبة (43:57) أي 43% من المرتب ثابت، و57% معتمد على الأداء. وبتحليل الأرقام، وجدوا أن المبيعات المرحَّلة (إلى مرحلة أخرى) كانت ذات أهمية. فبمجرد أن يصبح الأطباء الجراحون مرتاحين لاستخدام جهاز معين، فمن غير المرجح أن يقوموا بالانتقال إلى منتَج آخر منافس، حتى وإن قلّت درجة احترافية مندوب المبيعات. وبعد الحساب لحصة علاوات المبيعات المرحّلة، قدّرت الشركة نسبة الحوافز الحقيقة- من الراتب الأساس- لتصبح (77:23)، فزادت نسبة الأجر الثابت من 43% إلى 77% بسبب وضع المبيعات المرحّلة في الحسبان. وهكذا تصبح نسبة الحوافز المحددة مسبقاً مضللة، إذ بالغت في المثال السابق من تأثير الحافز على أداء المندوب الحالي للمبيعات.
ويمكن معالجة هذه المشكلة، بتعديل صيغ دفع الحوافز. فتظهر استراتيجية وضع حد أدنى للمبيعات، وبذلك لا تُدفع أي حوافز حتى يتحقق مستوى مبيعات محدد أو حصة مئوية محددة منه. وهناك استراتيجية أخرى وهي تصاعد نسبة العمولة لزيادة مستويات المبيعات أو تحقيق المبيعات فوق الحصة المحددة.
على سبيل المثال، أرادت شركة تغليف صناعية الوصول إلى نسبة حوافز- من الراتب الأساس- لفرق المبيعات حتى (75:25)، واعتقدت أن هذا يعطي مندوبي المبيعات حافزاً قوياً للبيع. ومع ذلك، كان مصدر أكثر من ثلثي عوائد الشركة السنوية عقود سنوات متعددة (فائتة) كان الزبائن وقّعوها في سنوات مضت. وبذلك كان ثلثا 25% المتحصلة كحوافز هي رواتب خفية، وبذلك تصبح نسبة الحوافز الحقيقية من الراتب الأساسي (92:8). وهنا يمكن حل هذه المشكلة بتغيير صيغ التعويضات المحفزة. فإن لزم على مندوبي المبيعات تجاوز مستوى المبيعات المسلّمة (فلنقل حصة 70%) قبل البدء بكسب الحوافز، فمن المحتمل أن يعملوا بجهد أكبر لتحقيق مبيعات جديدة. وأكثر من ذلك، فإن زيادة نسبة الدفوعات المحفِّزة كحصة إنجاز إلى 100% وأعلى يمكن أن يحفز مندوبي المبيعات لإنجاز أداء أعلى أيضاً. وهكذا يمكن أن تساعد استراتيجيتي وضع الحد الأدنى للمبيعات وتصاعد نسبة العمولة في محاذاة نسبة الحافز الحقيقية - على الراتب الأساس- مع نسبة الحافز الموضوعة.
وبكلمات أخرى، إذا أدرك مندوبو المبيعات أنه لا يتوجب عليهم العمل للوصول إلى الحصة الكبيرة من أجرهم المحفِّز، فإن الأجر المخفي يضعف من القوة التحفيزية لوجود النسبة من الأجر المعتمدة على الحافز. أما إذا اعتقدوا أن أجور الحوافز كلها هي نتيجة لجهودهم الأخيرة (حتى وإن لم تكن كذلك)، فسيكون للرواتب الخفية تأثير أقل. ولكن حتى في هذه الحالات، فعلى الشركات الاعتراف بالرواتب الخفية وبالدور الذي وُضعت له. فتعكس نسبة الحوافز الحقيقة من الراتب الأساس، وليست النسبة الموضوعة، التأثير الحقيقي الذي تعمل فيه تعويضات المبيعات، وكيف تشجع مندوبي المبيعات على تحريك نتائج المبيعات الحالية.
اقرأ أيضاً: