ما أبرز علامات ضعف الشخصية في العمل التي قد تظهر من آن لآخر؟ إن كان التعاون أساسياً للنجاح في المؤسسات هذه الأيام، ألن يكون من مصلحتك إذاً أن تكون الشخص المحبوب في العمل؟ أنت بحاجة إلى التوافق مع الآخرين لإنجاز الأشياء، أليس كذلك؟ نعم- إلى حد معين فقط. لا بأس في أنت تكون متعاوناً لكن ليس من مصلحتك أن ينظر إليك كشخص ضعيف الشخصية غير مؤثر. فإقناع الآخرين لا يقل أهمية عن التوافق معهم.
قد يكون تغيير مجرى الأمور أو التمسك بموقفك صعباً لكن اتخاذك لدور شخص يقتنع من الآخرين دوماً بدل أن تكون شخصاً يتمتع بالتأثير أمر له تأثيراته على عملك ومسيرتك المهنية. إليك هنا إشارات تدل على أنك تبالغ في لعب دور الشخص اللطيف:
• تتحسر غيظاً لأنك لم تعبّر عما يجول في خاطرك خلال الاجتماع. أنت لا تدرك وجهة نظرك حول موضوع ما إلا بعد انتهاء النقاش.
• تلوم زملاءك لعدم منحهم أحداً الفرصة لإبداء رأيه.
• تشعر أنك مرهق ومشتت في اتجاهات عديدة، خاصة مع تدفق رسائل البريد الإلكتروني وطلبات العمل.
• جدولك حافل باجتماع وراء اجتماع ولا وقت لديك للتركيز على نفسك أو على الأولويات الحيوية.
• زملاؤك يحصلون على الترقيات قبلك.
إن كانت تتملكك هذه المشاعر، فالآخرون غالباً يلاحظونها أيضاً. عندما أدرب أشخاصاً يتصفون بالعطاء، هذا ما أسمعه عادة من المحيطين بهم.
يقول مرؤوسوهم: أنا حقاً أقدر الكم الكبير من الاهتمام الذي يبديه، لكن يحبطني أنه لا يدافع عني أو عن الفريق.
المدراء الكبار يقولون: أستطيع دوماً الاعتماد عليها في الأوقات الحرجة، لكن بصراحة لست واثقاً من أن لديها ما يلزم للقيادة واتخاذ القرارات الصعبة. لا أستطيع أن أرى فيها نداً لي في يوم من الأيام.
زملاؤهم يقولون: يغلّف نفسه بغلاف الشخص اللطيف، لكنني أراه فيه شخصاً سلبياً عدوانياً. يوافق على شيء في الاجتماع ثم يبدأ المراوغة لاحقاً.
كيفية التغلب على علامات ضعف الشخصية في العمل
كيف تُحدث التغيير، إن كانت هذه الصفات فيك؟ فهل يمكنك أن تكون على طبيعتك وتصبح في نفس الوقت شخصاً إقناعه أقل سهولة؟ هل تستطيع الإكثار من وضع مصلحتك أولاً؟ إليك هنا بعض الاقتراحات:
1. تولَّ زمام الأمور. بدلاً من تغيير شخصيتك تحلَّ بحس أكبر من المسؤولية تجاه الشركة والأشخاص حولك. كثيراً ما نفترض أن تقييم الأمور واتخاذ القرارات الأساسية مسؤولية شخص آخر. عليك اعتبارها مسؤوليك أنت. لا تخف من التعدي على سلطة الآخرين. هناك عادة مساحة كافية على الطاولة للأفكار والآراء. تخلَّ عن فكرة أنك متلقٍّ للتعليمات. وبدل انتظار أحد ليخبرك ما عليك تنفيذه وما عليه تركه، كن على رأس القضايا الحيوية التي تؤثر في شركتك وفريقك. ضع توصيتك وشاركها مع الآخرين.
2. حضّر مسبقاً. لأنك تتأثر بسهولة بآراء الآخرين، اقض وقتاً قبل الاجتماعات المهمة لتقرير رأيك. اسأل نفسك: ما الأفكار الثلاث الرئيسية التي ستناقش حول الموضوع؟ اكتب اعتقاداتك وقواعدك كي تكون واضحاً في تفكيرك ويكون بإمكانك الولوج أسرع إلى أفكارك. تخيل الأمر كأنه خزانة ذهنية للملفات - أنت تهيئ نفسك قبل الموعد بسحب ذلك الملف الذي تريده كي لا تتخبط في عقلك عندما يبدأ النقاش. بالطبع، لا تتشبث كثيراً بأفكارك عندما تكون ضمن الاجتماع حتى لا تظهر كأنك غير مرن. استمع إلى أفكار الآخرين واستخدم معتقداتك لتبني على آرائهم.
3. عزز قدراتك الدفاعية. قد تكون شخصاً يتمتع بقدرة طبيعية على بناء الروابط والتواصل مع الآخرين، لكن التمسك بمواقفك يتطلب تقوية مجموعة مختلفة تماماً من العضلات. لهذا، تعلّم كيف تدافع عن وجهات نظرك بفعالية أكثر. ضع رسائلك في إطار يجعل الآخرين يفهمون فوراً أهمية فكرتك بربطها بالصورة الأكبر. تحدّث في شكل فقرات قصيرة محكمة (بدل اللف والدوران حول فكرتك) بحيث تبدو واثقاً ولبقاً وواضحاً. حالما تُوصِل وجهة نظرك، ادع الآخرين للإدلاء بما لديهم كي تصقل فكرتك أكثر. في الواقع، الجمع بين الشخص اللطيف أو الفتاة اللبقة وأسلوب صارم في التواصل سيعزز أكثر من قدرتك على الإقناع.
4. تمسك بموقفك. جزء من التعبير عن فكرتك والدفاع عنها يكون بالتشبث بها. قد يبدأ الانهزام يتسرب إليك وتشعر أنه يجري الاستفراد بك عندما يتحداك الآخرون، وهو ما قد يغريك بالانجرار وراء وجهة نظرهم. لكن هذا سيقلل مؤقتاً شعور التوتر الذي ينتابك. اسأل نفسك: هل الشعور بالذنب، أو الرغبة بأن تكون محبوباً، أو الخوف من تغيير مجرى الأمور هو ما يجرّك بعيداً عما تؤمن به؟
إن بدأ زميل بالضغط أو المقاطعة أو الهيمنة، فدعه يكمل كلامه، لكن لا تتخلَّ عن رأيك. عد إلى فكرتك. أو إذا وجدت حاجة إلى ذلك، فاستخدم إشارة غير كلامية، كرفع يدك، مثلاً، إشارة منك على أنك لم تكمل حديثك. يمكنك قول: "انتظر لحظة، أريد أن أنهي فكرتي". ولزيادة فرصك في النجاح، توجه باكراً إلى غرفة الاجتماع وانتقِ مقعداً يضعك في مجرى الحوار بدل مقعد جانبي ناءٍ.
5. تعلّم كيف تقول لا بلباقة. إن كان من السهل على الآخرين إقناعك، فسيظهر ذلك من جدولك اليومي. كم يتكرر إقناعك بحضور اجتماع أو تغيير جدول يومك لتلبية احتياجات الآخرين؟ لا تقل أبداً نعم أو لا في نفس اللحظة. امنح نفسك بعض الوقت كي تتخذ قراراً متعمقاً بدل قول نعم من قبيل العادة. أقرّ بشرعية الطلب، وإن احتجت لقول لا، فاعرض بدائل. راقب العبارات التي أصبح زملاؤك يعرفون أنها تُسهل إقناعك مثل "بدأت فعلاً أتوتر الآن" أو "هذا أمر عاجل بالنسبة لي". وظيفتك ليست أن تهب لنجدة الآخرين من مشاكلهم. وفّر المشورة، لكن كن حذراً لئلا تكون دوماً الشخص المعطاء.
أن تكون دوماً شخصاً غير سهل الإقناع لا يجعلك تبدو عنيداً أو بغيضاً في تعاملك مع الناس. على العكس تماماً. تمسكك برأيك وتحولك لشخص أكثر تأثيراً، أنت تسدي خدمة لفريقك ولشركتك وتزيد من مجمل الاحترام والثقة التي يضعونها فيك.
اقرأ أيضاً: