15 دقيقة يمكن أن توفر عليك 5 سنوات في نهاية مسارك الوظيفي

5 دقيقة
الاستمرار في العمل
shutterstock.com/Monster Ztudio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إذا كنت تجاوزت الـ 60 سنة وتقرأ هذا المقال، فقد لا تفيدك هذه المعلومات كثيراً، أما إذا كان سِنُك أقل من الـ 30، فسيفيدك جداً، ولديك فرصة أفضل إذا كنت أصغر سناً.

هل يُعد ذلك تمييزاً على أساس السن؟ لا، فربما تتغير فكرة التقاعد التي نعرفها حالياً، وبالتالي سنواجه واقعاً جديداً وصعباً سيُعيد تشكيل نوعية الحياة ومستوى المعيشة بالنسبة لمليارات البشر. يجب البدء بالتعامل مع هذا الأمر على الفور.

إذا كنت تعمل في مجال المعرفة، أو رأس المال المعرفي، أو تنتمي إلى فئة المحللين الرمزيين وفق وصف وزير العمل السابق روبرت ريتش، فلن تتقاعد عند بلوغك سن الـ 65، بل قد تستمر في العمل لفترة أطول، هذه حقيقة لا نقاش فيها. حتى إذا كنت عضواً في نقابة عامة محمية وتتمتع بصناديق تقاعد مريحة، فستظل عرضة لمواجهة مخاطر غير عادية. اسأل سكان اليونان الذين تأثر اقتصادهم بالأزمات المالية، أو سكان كاليفورنيا الذين يواجهون تحديات التقاعد، أو اليابانيين الذين يعيشون في مجتمع يقدّر العمل لسن متقدمة، فهذه ظاهرة عالمية. تعكس الحقائق والبيانات المتعلقة بالتركيبة السكانية والعجز الهيكلي في النظام الاقتصادي الواقع بدقة. إذا لم يشهد الاقتصاد العالمي انتعاشاً قوياً يُحفّز نمواً مستداماً في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فيجب على أفضل الموظفين الاستمرار في العمل مدة لا تقل عن 5 سنوات أخرى.

بالطبع، لا يُعد ذلك أمراً سلبياً في ظل توفر مهن محفّزة والتمتّع بصحة جيدة وزيادة متوسط الأعمار. لكنّ هذا الأمر لا يتوافق بالتأكيد مع الخطط التي وضعها معظم المسؤولين التنفيذيين والمهنيين في منتصف مسيرتهم المهنية. (في الواقع، لا يزال يوجد كثير من المتفائلين الذين يتوقعون التمتع بفوائد التقاعد المبكر). انسَ شعارات "الادخار من أجل التقاعد". قد يكون التخطيط الاستراتيجي للتعامل مع الفترة التي تلي سن الـ 65 (60 شهراً أو أكثر) أهم استثمار طويل الأجل في محفظتك الاستثمارية لرأس المال البشري. مع تغير طبيعة العمل، لم يعد تخطيط التقاعد بالطريقة التقليدية خياراً واقعياً، على الرغم من الأفكار الرائعة التي طرحها المؤلف تشارلز هاندي للتعامل مع فترة ما بعد التقاعد مثل سيناريو "محفظة المهن" وسيناريو "كيف أنقذت شركة ستاربكس حياتي".

يجب على كل شخص يقرأ هذا المقال أن يخصّص 15 دقيقة لإعادة تقييم واقع السنوات الأخيرة المتبقية في مسيرته المهنية ومراجعتها بدقة وصرامة وتحديد الظروف والتحديات التي يمكن أن تواجهه. أصبح الوصول إلى التقاعد المخطّط له أمراً صعباً، بالإضافة إلى تأجيل تحقيق الأهداف المهنية والشخصية المرجوّة. كيف سيبدو يوم عملك عند بلوغك سن الـ 70 بناءً على مجموعة مهاراتك وقدراتك الحالية؟ هل تشعر بالارتياح تجاه احتمالية إدارة موظفين أصغر من أحفادك؟ من الناحية الشخصية، هل تعتقد أنك ستضيف قيمة أكبر إذا عملتَ بوصفك مرشداً أو شريكاً أو عاملاً بدوام جزئي؟ والأهم من ذلك، كيف سيقيّم مديرك الأصغر سناً أداءك الوظيفي؟

هل تعتقد بصدق أنك عندما تضطر للعمل مدة 5 سنوات إضافية، ستكون قادراً على التكيف وتحسين مهاراتك وزيادة إنتاجيتك في التعامل مع التقنيات الناشئة؟ سيؤدي التقدم الحتمي في سنّ سكان الغرب الأكثر ثراء (في الوقت الحالي) إلى ظهور ثورة في تصميم واجهات الأجهزة المبتكرة لتصبح أكثر ملاءمة لاحتياجات كبار السن وقدراتهم البدنية، ويشمل ذلك بطء حركة الأصابع وضعف النظر. سوف تتلقى بالطبع دورات تدريبية للتطوير المهني أو التقني عبر الإنترنت عند بلوغك سن الـ 58 أو 62 عاماً، وذلك لتجنب إنهاء عقد العمل بسبب عدم الكفاءة.

بغض النظر عن سيناريوهات يوم عملك في سن الـ 70، ما المهارات أو الخبرات الجديدة التي تتطلبها تلك السيناريوهات؟ هل ستحتاج إلى السفر بصورة أكبر أو أقل وفقاً لتلك المتطلبات؟ هل سيتطلب ذلك قضاء وقت أكثر أو أقل في البيئات الرقمية؟ هل تتطلب هذه السيناريوهات تفاعلات أكثر أو أقل مع أشخاص أصغر منك بـ 10 سنوات تقريباً؟ هل توجد مبادرات للتنمية الشخصية أو المهنية التي يجب عليك الالتحاق بها الآن للاستفادة من الفرص التي توفرها السنوات الـ 5 الإضافية والتي قد لا تكون متاحة في فترة التقاعد السابقة؟

يُعد اختيار النماذج والقدوات أهم جانب يستحق التركيز عليه خلال فترة الـ 15 دقيقة المخصصة لإعادة تقييم خطط العمل للسنوات الـ 5 الإضافية. من هم الأشخاص الذين تجاوزوا سن الـ 70 والذين تمكنك الاستفادة من حضورهم ونشاطهم وفعاليتهم بوصفها معايير قيّمة يُحتذى بها في مسيرتك المهنية؟ مَن هما الشخصان اللذان تجاوزا سن الـ 75 عاماً وترغب في الاقتداء بهما على المستوى المهني؟ اكتب اسميهما. أنا أعرف الشخصين اللذين اخترتهما وأعرف الأسباب التي دفعتني لاختيارهما. لكن لماذا اخترتَ أنت الشخصين اللذين تقتدي بهما؟ تعكس اختياراتك نوع الشخص الذي تريد أن تكون عليه في نهاية حياتك المهنية.

لا يزال يوجد العديد من الأمثلة على كبار السن الذين تزيد أعمارهم على 70 عاماً وحتى 80 عاماً، والذين يتمتعون بإنتاجية عالية واحترافية متميزة في المجالات المختلفة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: وارن بافيت وسامنر ريدستون وبابلو كازالس ولويز نيفلسون وأغنيس دي ميل ولي كوان يو؛ إذ أثبت هؤلاء أن تقدم العمر لا يشكل عائقاً أمام الاستمرار وتحقيق النجاح في مسيرتهم المهنية. لكن تتمثل الطريقة الأكثر شجاعة وجرأة لتفسير هذا التحدي في إدراك حقيقة أن الفرد لا يستطيع الركض أو السباحة بالسرعة نفسها التي كان يتمتع بها في سن الـ 25، وبالتالي، سيحتاج في سن الـ 70 إلى إدارة قيمة مهنية وإضافتها بطريقة مختلفة عمّا كان يفعله في سن الـ 40 أو الـ 50.

ليس من الضروري معرفة الإجابة عن هذه الأسئلة حالياً، ولا تمكنك بالفعل معرفتها في هذه المرحلة. على الرغم من ذلك، فإنه ليس من المبكّر طرح هذه الأسئلة والتفكير في اختيار تلك القدوات المهنية التي يُحتذى بها. (من المؤكد أنك ستندهش لرؤية تطور اختياراتك هذه مع تقدمك في السن). إن فكرة "5 سنوات إضافية" ليست مجرد سيناريو يسخر من الأسئلة المتكررة التي تُطرح في معظم مناقشات نهاية الحياة المهنية، مثل "هل ادخرت ما يكفي للتقاعد؟" و"ماذا ستفعل عند التقاعد؟". لا تخطئ: يختلف حساب قيمة الاستثمارات التي تعزز الحياة المهنية لشخص يبلغ من العمر 53 عاماً وينوي التقاعد عند سن 65 عاماً عن حسابها لشخص يعلم أنه سيستمر في العمل حتى سن الـ 70؛ إذ تتطلب كلتا الحالتين حسابات مختلفة لصافي القيمة الحالية أو تقييم التدفقات النقدية المخصومة، بالإضافة إلى تقييم مهني متخصص. يُمثل ذلك فجوة تفوق نسبة 40% ولا يمكن تجاهلها أو تحسينها بسهولة. تُحدث التحولات الهيكلية في الاقتصادات المرتبطة بالتقاعد تغييرات جذرية على المعايير التقليدية لتقييم التكاليف والفوائد المرتبطة بالاستثمار في رأس المال البشري.

هل تُضاف تلك السنوات الـ 5 الإضافية إلى أصل ذي قيمة متزايدة أم متناقصة؟ حتى مع تسوية الدعاوى القضائية والتشريعات المتعلقة بالتمييز على أساس السن، كيف يمكن أن تتكيف المؤسسات مع التحولات النفسية والديموغرافية والاقتصادية التي لا تقل أهمية عن تزايد دور المرأة في سوق العمل؟

يشير الواقع إلى أن المهنيين والمدراء الأكبر سناً يكونون عادة أعلى العناصر أجراً في كشوف المرتبات. أنت تعلم ذلك. ما الذي يبرر قيمة الاحتفاظ بهؤلاء الأشخاص أو بك شخصياً مدة 5 سنوات إضافية؟ أو بدلاً من ذلك، هل تُقضى تلك السنوات الإضافية في بيئة غامضة من العمل غير المتفرغ أو العمل بدوام جزئي أو العمل المؤقت والمشروط، مع زملاء يبلغون من العمر 60 عاماً ويعانون القلق ويعملون بجد وإبداع بطريقة تماثل طريقة عملهم سابقاً، لكن مقابل ثلثي أو ثلاثة أرباع تعويضاتهم السابقة؟ ماذا عن النصف؟

بسبب سرعة التغيير في القطاعات الجديدة والحيوية التي تعتمد على التكنولوجيا، فإن الخبرات التقنية التي يكتسبها الفرد في الأربعينيات تصبح قديمة تماماً عندما يصبح في الخمسينيات من عمره. قد تكون المعرفة قوة، لكنها أيضاً قابلة للزوال بمرور الزمن. لغة البرمجة التي كانت رائجة بالأمس قد تصبح غداً غامضة مثل اللغات القديمة التي لم تعد مستخدمة، والإجراء الطبي الذي كان ثورياً في العقد الماضي قد يصبح ممارسة طبية خاطئة في العام المقبل. لم يسبق أن كان المثل الشائع حول التمييز بين "خبرة 5 سنوات" و"خبرة سنة واحدة متكررة 5 مرات" دقيقاً ومؤثراً أكثر مما هو عليه في السياق الحالي. من ناحية أخرى، فإن تنمية الشبكة الاجتماعية والمهنية واستثمارها على مدار 5 سنوات إضافية يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تحقيق قيمة وفوائد هائلة.

وفقاً لبعض مؤيدي مؤسسة كوفمان (Kauffman Foundation)، ربما نشهد زيادة ملحوظة في "ريادة الأعمال الفضية" أو "العمل الإلكتروني المستقل" على حد تعبير توم مالون؛ إذ يطلق الممارسون أصحاب الخبرة الكبيرة في المجال شركات ناشئة أو مكاتب استشارية لإدارة تحولاتهم المهنية. ستشهد ديناميات الشركة المتمثلة في المنافسة الداخلية والترقية والتوجيه ثورة إذا ارتفع متوسط العمر وقرر المسؤولون التنفيذيون الذين يبلغون من العمر 60 عاماً، والذين خططوا للتقاعد في غضون 5 سنوات، العمل بجد للبقاء مدة 10 سنوات. إذا أدت قوى السوق وتغيراتها وأنماط الحياة الصحية إلى تمتع الأشخاص في سن الـ 65 بنشاط وقوة مشابهة لأولئك الذين يبلغون من العمر 50 عاماً، فيجب على كل شخص يعمل الآن وهو في الأربعينيات أو الخمسينيات من عمره إعادة النظر في افتراضاته الأساسية حول معنى الاستثمار في مسيرته المهنية. عندما تعلم أن الاستمرار في العمل مدة 60 شهراً إضافياً يُعد أمراً لا مفر منه، يجب أن تتحلى بالشجاعة والمقومات الشخصية اللازمة لطرح السؤال التالي: كيف يمكنني تحقيق أعلى قدر من الإنتاجية في حياتي على المستويين الشخصي والمهني خلال هذه الفترة؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .