ومع ذلك، يبدو التفويض بالنسبة للعديد من القادة وكأنه شيء يدركون أن عليهم القيام به، ولكنهم لا يقومون بذلك. وغالباً ما تبدأ العوائق لدى كبار المسؤولين. يصارع كبار القادة في أغلب الأحيان لمعرفة ما يمكنهم تفويضه ويمكن أن يكون مفيداً لهم في الواقع، أو كيفية تفويض المسؤولية وليس فقط المهام، أو ماهية المسؤوليات التي يمكن أن توفر فرصة للتعلم والنمو بالنسبة للمسؤولين الآخرين في المستويات الأدنى. وعلاوة على ذلك، قد لا يكون لدى كبار المديرين التنفيذيين (على غرار غيرهم من المسؤولين في الشركة) نماذج يحتذى بها ليتبينوا كيف يفوِّضون بطريقة ناجعة. وبطبيعة الحال، ثمة خطورة محتملة على سمعتهم. هل سيجعلهم التفويض يبدون وكأنهم لا يعرفون لوازمهم، أو أنهم يتوانون من تلقاء أنفسهم؟
أما عندما لا يستطيع كبار القادة في الشركات أن يفوِّضوا أو لم يفوِّضوا، فإن ثقافة التفويض ليست على ما يرام. في كتابه الذي يحمل عنوان، "فن أن نكون غير عقلانيين" (The Art To Be Unreasonable)، يكتب المؤلف، وفاعل الخير والمدير التنفيذي الملياردير إيلي برود "إن عدم القدرة على التفويض هي واحدة من أكبر المشكلات التي أراها في المدراء على جميع المستويات".
إذاً قبل أن يتمكن القادة من التفويض بنجاح وفعالية، فهم بحاجة إلى فهم ممانعتهم تجاه ذلك. في كتابهما "المناعة ضد التغيير: كيفية التغلب عليها والكشف عن الإمكانيات الذاتية في نفسك وتلك التي في شركتك" (Immunity to Change: How to Overcome It and Unlock the Potential in Yourself and Your Organization)، اقترح أستاذَا كلية التربية بجامعة هارفارد روبرت كيغان وليزا ليهي أن يحدد القادة هدفهم ثم يصفون السلوكيات التي تعطل جهودهم. قد يرغب أحد كبار مسؤولي المبيعات، على سبيل المثال، تفويض مكالمات المتابعة مع العملاء الكبار لفريق المبيعات التابع له، ولكنه يدرك أنه لم يُحدّث ملاحظاته في قاعدة البيانات نظام إدارة علاقات الزبائن، أو ربما يكون ببساطة معتاداً على إجراء مكالمات المتابعة بنفسه قبل أن يتمكن أعضاء الفريق من التواصل معهم.
ثم يقترح كيغان ولاهي أن يفحص القادة هذه السلوكيات ويسألون أنفسهم كيف سيكون شعورهم إذا ما فعلوا العكس. وماذا لو كان تحديث قاعدة البيانات لنظام إدارة علاقات الزبائن في الوقت المناسب يعني إيقاف الأنشطة الأخرى الأكثر أهمية؟ وماذا لو أن عدم الاتصال بالعملاء يعني أنهم شعروا بالتجاهل أو عدم الاحترام، ونقلوا أعمالهم إلى مكان آخر؟ تعمل هذه المخاوف على تنشيط "الجهاز المناعي العاطفي"، الذي يعمل على إبعاد مشاعر الخوف والارتباك وفقدان السيطرة وخيبة الأمل. ولكي يبدأ القائد الأعلى التفويض ويلتزم به، فإنه بحاجة إلى معالجة هذه المشاعر وتحدي افتراضاته الخاصة حول "ماذا لو" ويختبر تجارب تفويض بسيطة وقليلة المخاطر لمعرفة ما إذا كانت افتراضاته لها أساس في الحقيقة أم أنها الرغبة في السلامة. وعلاوة على ذلك، يجب على أعضاء الفريق الذين فُوِّضت إليهم المهام القيام بعملية مماثلة لتحديد اهتماماتهم وتحدي افتراضاتهم حول ما قد يحدث إذا تولوا مهام وأدوار ومسؤوليات جديدة.
طرق التفويض الصحيحة
بمجرد أن يبدأ القائد في تغيير طريقة تفكيره، يكون الوقت قد حان للبدء في تغيير السلوكيات. خلال عملي كمدرب للقيادة، حددت ثمانية ممارسات للقادة الذين يقومون بالتفويض الناجح:
يختارون الشخص المناسب -ولا يتعلق الأمر دائماً بمن يمكنه القيام بذلك. من يحتاج لتطوير هذه المهارات؟ من لديه القدرة؟ من أظهر الاهتمام؟ من هو المستعد للتحدي؟ من يرى هذا التفويض كمكافأة؟ يشرح المفوّضون الناجحون أيضاً سبب اختيارهم لأشخاص بحد ذاتهم لتولي المهام.
كما أنهم شفافون بشأن ما يُسأل عنه الشخص وبمقدار الاستقلالية التي يتمتع بها. في كتاب "القيادة: العلم المدهش حول ما يحفزنا" (Drive: The surprising Science About What Motivates us)،كتب دانيال بينك (Daniel Pink) أن الناس غالباً ما يريدون الاستقلالية في التحكم المهمة والفريق والتقنية والوقت. ويتيح المفوّضون الناجحون لأعضاء فريقهم أن يعرفوا تماماً أين يمكن أن يتمتعوا بالقرار المستقل وأين لا يمكنهم ذلك (بَعدْ).
إنهم يصفون النتائج المرجوة بالتفصيل. يتضمن ذلك تحديد توقعات واضحة حول النتيجة (ماذا يكون ذلك)، وكيف تنسجم المهمة مع الصورة الأكبر (لماذا نفعل ذلك)، ومعايير لقياس النجاح (كيف يجب أن تبدو عندما تتم العملية على أكمل وجه).
ويتأكدون أن أعضاء الفريق يمتلكون الموارد التي يحتاجونها لأداء المهمة، سواء تمثل ذلك في التدريب أو المال أو اللوازم أو الوقت أو المساحة الخاصة أو الأولويات المعدلة أو المساعدة من الآخرين.
حيث يضعون نقاط تفتيش ومعالم ونقاط اتصال للتعليقات حتى لا يتشتتوا بإدارة التفاصيل الصغيرة ولا يتدخلوا بشؤون القادة.
كما أنهم يشجعون أعضاء الفريق على ابتكار طرق جديدة لتحقيق الأهداف. فمن المهم للمفوِّضين أن يضعوا جانباً ارتباطهم بالطريقة التي تمت بها الأمور بالماضي، حتي يتمكنوا من تشجيع الأساليب الجديدة الناجعة والاعتراف بها ومكافأتها.
إنهم بهذه الأفعال يخلقون بيئة محفزة. ويعرف المفوّضون الناجحون متى يجب التشجيع والتوجيه والتدخل والتراجع وضبط التوقعات وإتاحة أنفسهم للمساعدة عند الحاجة والاحتفال بالنجاحات.
كما ويتسامح المفوّضون مع المغامرات والأخطاء، ويستخدمونها كفرص للتعلم، وليس كدليل على أنه ينبغي عليهم عدم التفويض في المقام الأول.
إذاً تساعد طرق التفويض الصحيحة بشكل جيد القادة على زيادة مواردهم إلى الحد الأقصى، وضمان تركيزهم على أولوياتهم العليا، والعمل على تطوير أعضاء فريقهم، وخلق ثقافة لا يكون التفويض فيها مجرد توقع، بل جزءاً لا يتجزأ من الثقافة.
تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو
الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص
المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ
نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.
جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية
2023 .
نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، استمرار استخدامك للموقع يعني موافقتك على ذلك. سياسة الخصوصيةأوافقX
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.