4 طرق للحصول على تعليقات ناقدة صادقة من موظفيك

5 دقائق
كيف تحصل على تعليقات من موظفيك

إليكم هذه القصة التي تتحدث عن موضوع كيف تحصل على تعليقات من موظفيك بشكل صحيح. راقبتُ مؤخراً اجتماعاً في مجلس البلدية حيث كانت قد تمت ترقية أحد القادة للقيام بإدارة القسم الذي يعمل فيه. وفي ملاحظاته الاستهلالية، أصيب كثيرون، وكنت أنا من ضمنهم، بالذهول بسبب تصريحه الذي قال فيه: "من الأشياء التي ستكتشفونها أنني على وعي بذاتي بشكل كبير وأتقبل الآراء والتعليقات بصدر رحب". كانت الأعين تحدّق من كل جنبات الغرفة حينها.

طوال حياتي المهنية لمدة ثلاثين عاماً عملتُ فيها مع القادة، سمعت الكثيرين يصرحون عما يتمتعون به من استنارة ذاتية. ولكن أن تخبر الناس أنك تتمتع بالوعي بالذات فهذا لا يعني أنك كذلك فعلاً. وبينما نحن نعرف أن ارتفاع الوعي بالذات يقود إلى أداء أفضل من جانب الفريق، فلسوء الحظ، تدل الأبحاث على أن معظم الأشخاص ليس عندهم الوعي بذواتهم في العمل.

كيف تحصل على تعليقات من موظفيك

بعد الخطاب الذي ألقاه القائد، عرفته بنفسي وسألته بفضول: "ما الذي فعلته لتمتلك هذا القدر من الوعي بالذات وما الذي يجعلك منفحتاً على الآراء والتعليقات؟" وأجابني، بكل فخر، "إنني أجعل ضمن أولوياتي الحصول على 360 رأي وتعليق كل عام". ورحت أسال ثانية بغية استكشاف الأمر: "وما أنواع الأشياء التي استطعت أن تقوم بتحسينها في قيادتك نتيجة لكل تلك الآراء والتعليقات؟" فقال لي، بقدر ملحوظ من الإخلاص: "حسناً، على سبيل المثال، جاءني في العام الماضي تعليق يقول إن اجتماعات الموظفين التي نعقدها كانت طويلة أكثر من اللازم، لأجل هذا اختزلت أوقات الاجتماع بمقدار 30 دقيقة". لقد أدركت الآن إدراكاً تاماً السبب الذي جعل الأعين تحدق خلال الاجتماع. ولحسن الحظ، فإنك لست بحاجة لجمع 360 رأي أو تعليق لتعرف كيف ينظر الآخرون إليك كقائد. إذا أردت أن تفهم كيف يراك الآخرون بصدق، جرب هذه الأشياء الأربعة بدلاً من ذلك كله:

اطلب من زملائك إبداء اعتراضهم

أكثر طريقة جوهرية لفهم ما يراه الناس بشأنك هي أن تسألهم. إذا لم تكن ترحب بمخالفتك الرأي، فإنه من غير المحتمل أن تسمع الحقيقة حول ماهية العمل معك. عدم سماعك بالأخبار لا يعني أنها جيدة، سواء أكنت مجتمعاً بمجموعة أو بشخص واحد، دائماً ما يحتاج الأشخاص إلى الشعور بالارتياح حال الاعتراض، وإذا لم يكن لديك من الأشخاص من يقوم من وقت لآخر بإبداء أفكار مخالفة، أو إظهار مخاوفهم حول الإجراءات التي تقوم بدراستها أو التي تكون قد أخذتها، فيجب أن يساورك القلق من جراء ذلك. يقوم أحد القادة الذين أعمل معهم، عقب الاجتماعات، التي يتم فيها مناقشة مسائل أو قرارات صعبة على وجه الخصوص، بطرح بعض الأسئلة على بضعة أعضاء من الفريق من قبيل: "كيف سارت الأمور برأيك في الاجتماع، وما الذي كان يمكنني أن أفعله بشكل مختلف عما فعلته؟" وقد أدرك الفريق أن القائد كان يريد بإخلاص الحصول على آراء مخالفة وكان يقبل ذلك بكل أريحية وسماحة. إن وجود 360 رأياً أو تعليقاً يعتبر رقماً كبيراً للغاية، لأن هذا يسهّل على الأشخاص إخفاء هوياتهم، وقد أصبحت تلك الآراء والتعليقات بدائل للحوارات الرائعة البناءة، بدلاً من أن تكون دافعة ومحفزة لها. ولكن على الآراء أو التعليقات التي يتم تبادلها بين القائد وموظفيه أن تعزز العلاقة، لا أن تزيد من توترها.

قراءة الإشارات غير اللفظية

يقوم الأشخاص باستمرار بإخبارك برأيهم فيك من خلال إشارات وتلميحات غير لفظية. ففي حين قد يحجم الأشخاص عن إبداء الآراء والتعليقات اللفظية، إلا أن وجوههم وأجسادهم تتحدث أحياناً. فإذا تعلمت أن تقرأ إشارات الوجوه والأجساد، فإن تلك الإشارات ستمنحك فيضاً مستمراً من الآراء والتعليقات النافعة حول طريقة استقبال الآخرين لكلماتك وأفعالك. يقترح ألان وباربرا بييز في كتابهما "المرجع الأكيد في لغة الجسد" (The Definitive Book of Body Language) أنه نظراً لأن أكثر من 65% من عمليات الاتصال بين الأشخاص تكون غير لفظية، فإن إدراك الاختلافات بين ما يقوله الشخص من كلمات وبين لغة جسده سوف يزيد بشكل هائل من قدرتك على الإلمام بما يحدث من حولك إلماماً دقيقاً. يجب عليك الانتباه عندما ترى من تحادثهم يطأطئون رؤوسهم، أو يتفادون أي تواصل بينك وبينهم عن طريق الأعين، أو عندما يصمت زميل لك فجأة، مع أنه عادة ما يكون منخرطاً في الحوار، أو عندما تجد زميلاً متوازناً يتحول إلى وضع الدفاع، انتبه، احذر أن تتجاهل تلك الإشارات بالغة الأهمية. عبر عن ملاحظتك لذلك بأريحية وسماحة. كان أحد القادة الذين عملت معهم يقوم ذلك بمنتهى الاحترافية والمهارة. عندما كانت الحالة المزاجية أو الملامح لدى أحد متابعيه تتغير بشكل مفاجئ، كان يقول شيئاً من هذا القبيل: "أخبرني على أي نحو ينبغي علي أن أفسر هذا الصمت من جانبك"، أو "لقد بدا عليك فجأة أنك لا ترغب بالنظر إلي بشكل مباشر. يساورني قلق أن شيئاً مما قلتُ ربما لم يكن في موضعه. هل يمكن أن تساعدني في فهم ما إذا كان هذا صحيحاً؟" هذه الملاحظات اللبقة تدعو الآخرين إلى مشاركة ما كان يحدث في دواخلهم، وهذا بدوره، ساعد القائد في التعديل، مما يعمق الثقة بينه وبين أولئك الذين لاحظ عليهم تغيراً في السلوك أو التصرف.

راقب طريقة سردك للحكاية من أجل معرفة كيف تحصل على تعليقات من موظفيك

إننا نميل بطبيعتنا إلى تفسير طريقة سير الأمور بطرق إيجابية بشكل مفرط. انتبه إلى حديث النفس الباطني لديك بشأن ما يدور حولك. إذا كان هذا الصوت الداخلي يحاول إقناعك بأن الأمور على ما يرام، تراجع خطوة وأعد تقييم الأمر. احترس إذا كان الصوت في رأسك يقدم لك الكثير من التبريرات والتهدئة الذاتية من قبيل "أعتقد أن العرض التقديمي كان على ما يرام... ولذلك ليست هناك أي مشكلة إذا لم تكن لديهم أية أسئلة"، أو "هم يفهمون أن صبرك ينفد بعض الشيء أحياناً، ولكنهم يدركون أن ذلك مرجعه إلى أنك شديد الاهتمام" أو "لا أصدق أنهم يظنون أنني غير حاسم أو متردد! لا يمكنك دفع العملية الإبداعية على نحو مستعجل!" احمل نفسك على التفكير في تفسيرات بديلة. ربما أنهم لا يفهمون السبب في ضيق صدرك ونفاد صبرك أو عدم حسمك وترددك. احذر أيضاً أن تفرط في انتقادك لذاتك. فإن ما تهدف إليه هو تحقيق رؤية متوازنة ومستنيرة، لا تلك التي تحمي ذاتك أو تلحق بها الأذى.

اعرف محفزاتك وشجع الآخرين على استدعاء هذه المحفزات

جميع القادة لديهم نقاط يمكن الضغط عليها. بعضهم يتخذون مواقف دفاعية لدى مواجهتهم بأخطائهم، بينما يتبنى آخرون مواقف ساخرة أو غير فاعلة وعدوانية عندما لا يتحقق لهم ما يريدون. وهناك نوع ثالث من القادة الذين يضيقون ذرعاً وينفد صبرهم بشكل فظ عندما لا تسير الأمور بما يكفي من السرعة. مهما يكن هؤلاء أو أولئك، فالقادة الحقيقيون يعرفون محفزاتهم، ويَدَعُون الآخرين يستدعون تلك المحفزات. كان أحد القادة الذين عملت معهم يتحول إلى الإطناب بشكل يبعث على السأم والضجر عندما ينتابه القلق. فكلما طُرحت للنقاش قضايا جدلية أثناء الاجتماعات، كان ينخرط في أحاديث مطولة ساخرة ولاذعة على نحو غير واعٍ في محاولة منه لتهدئة انزعاجه من الصراع. من الطرق التي اعتمد عليها لتحسين حالته هذه أنه اعترف لفريقه بإدراكه أنه كان يفعل ذلك (وهو ما لاقاه أعضاء الفريق بالتقدير من جانبهم)، وطلب منهم أن يقوموا ببساطة برفع أيديهم عندما يشعرون أنه قد استغرق في مثل تلك الأحاديث أكثر من اللازم. في المرات القليلة الأولى التي رفع فيها أعضاء الفريق أيديهم تنبيهاً له، وجد مشقة وصعوبة في الكف عن حديثه المسهب. وأخيراً قال له أحد أعضاء الفريق: "إذا كنت تريد منا مساعدتك في الإقلاع عن هذا الاستطراد، يجب عليك أن توافق على التوقف فعلياً عن الحديث عندما نرفع أيدينا منبهين لك". وبالفعل، فعل ما طلبوا. وتعلم في نهاية الأمر الإيجاز وعدم الإطناب، وذلك من خلال كتابة عبارات موجزة يمكنه توظيفها كلما استدعى الأمر ذلك. كما أن القادة العظام يعتذرون عندما يتصرفون بشكل غير ملائم، وهم بذلك يزيلون ما عساهم أن يكونوا قد خلفوا وراءهم من فوضى عاطفية.

هناك كم هائل من البيانات المتاحة لك بالفعل حول كيف تحصل على تعليقات من موظفيك وطريقة نظر الآخرين إليك كقائد تحديداً. وحتى تكون قائداً فاعلاً، لا تفرط في الاعتماد على الحصول على 360 رأي أو تعليق من الآخرين، كل ما عليك هو أن تبدأ في الاستماع إلى المعلومات المتاحة أمامك بالفعل، وتتخذ ما يلزم حيال العمل بها.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي