هل إنشاء قائمة مراجعة تساعدك على اتخاذ قرارات أسرع وأفضل؟

4 دقائق
طرق اتخاذ قرارات بشكل أفضل

يتخذ المدراء كل عام حوالي 3 مليار قرار، وفي أغلب الأحيان كان من الممكن اتخاذها على نحو أفضل مما يحصل في واقع الأمر. المخاطر الناجمة عن فعل ذلك جدية: فالقرارات هي أقوى الأدوات التي يستعملها المدراء لإنجاز الأمور. صحيح أن وضع الأهداف (أداة إنجاز أخرى) هو علامة طموح، لكن صنع القرارات هو ما يقود إلى تنفيذ العمل فعلياً. أظهر بحثنا أن الناس عادة يفعلون ما يقررونه. والخبر السار هو أن هناك طرقاً تساعدك دوما على اتخاذ قرارات بشكل أفضل من خلال استخدام ممارسات وتقنيات معينة تعتمد على الاقتصاد السلوكي.

وجدنا من خلال دراسة استغرقت 3 أشهر أجريناها على 100 مدير، أن المدراء الذين يتخذون قراراتهم باستخدام أفضل الممارسات تمكنوا من تحقيق النتائج المرجوة في 90% من المرات، حتى أن 40% منهم قد حصلوا على نتائج تجاوزت التوقعات. (للمقارنة، فإن أفضل الممارسات المتعلقة بوضع الأهداف ساعدت المدراء على تحقيق النتائج المرجوة في 30% من المرات فقط). وأظهرت دراسات أخرى أن ممارسات اتخاذ القرار الفعالة قد أدت إلى مضاعفة عدد قرارات العمل الجيدة بستة مرات وخفضت معدلات الفشل إلى حوالي النصف.

وعلى الرغم من توفر إمكانية كبيرة لاستخدام أفضل الممارسات من أجل تحسين عملية صنع القرار، إلا أن العديد من المؤسسات لا تقوم بذلك. وجدنا في دراسة شملت 500 مدير ومسؤول تنفيذي، أن 2% منهم فقط يطبق أفضل الممارسات عند اتخاذ القرارات على نحو منتظم، وأن القليل من الشركات لديها أنظمة قائمة لقياس عملية صنع القرار وتحسينه مع مرور الوقت.

الفجوة بين إمكانية تطبيق ممارسات تحسين صنع القرار والتطبيق فعلياً

ولرأب الفجوة بين إمكانية تطبيق الممارسات والقيام بالممارسات فعلياً، فمن الضروري معرفة الأسباب الكامنة وراء تشكل هذه الفجوة أصلاً.

التاريخ هو واحد من هذه الأسباب. لطالما كانت عملية صنع القرار في نطاق العمل فناً أكثر من اعتبارها علماً. ويعزى ذلك جزئياً إلى أن معظم المدراء لم يكونوا قادرين على الوصول إلى معلومات دقيقة حتى وقت قريب. تُستخدم بضع أدوات خاصة باتخاذ القرار على نطاق واسع؛ ولعل أشهرها قائمة الإيجابيات والسلبيات، التي نشرها بنجامين فرانكلين قبل حوالي 250 عاماً. ومن ثم ساد وضع مؤسف حيث اعتمد الاقتصاد في القرن العشرين على نظرية مفادها أن الناس ينتقون خيارات منطقية عندما تكون لديهم معلومات وافية، وقد ثبت عيب هذه النظرية حيث صُنفت نظرية ناقصة إلى خاطئة كلياً، وذلك بفضل ثورة الاقتصاد السلوكي التي قادها دانيال كانيمان الحائز على جائزة نوبل.

وهذا يقودنا إلى السبب التالي: وهو علم النفس. الحقيقة هي أننا غير منطقيين على نحو متوقع. كشف علماء الاقتصاد السلوكي عن مجموعة من العيوب الفكرية والتحيزات المعرفية التي تشوه تصوراتنا وتخفي عنا الخيارات الأفضل. تكون معظم قرارات العمل تشاركية، أي أنها تُتخذ من خلال التفكير الجماعي والإجماع على رأي معين بهدف تجميع آرائنا الفردية وميول كل منا. علاوة على ذلك، تُتخذ معظم قرارات العمل تحت وطأة التوتر والارتياب الشديد، لذلك تجدنا نعتمد غالبا على الحدس والفطرة لتهدئة اضطرابنا الفكري. إن اتخاذ القرارات أمر شاق، ويتطلب حافزاً عاطفياً كبيراً من أجل اتخاذها والمضي قدماً.

والسبب الأخير هو التكنولوجيا. قامت برمجيات المؤسسات بأتمتة المهمات الإدارية خلال الأربعين سنة الماضية. وشكلت تلك النقلة أساساً لاتخاذ قرارات أفضل، لكنها خلفت وراءها عملاً غير مكتمل. يُظهر الاقتصاد السلوكي أن تقديم معلومات أكثر تعقيداً وغموضاً لا يساعد المدراء وفرق العمل كما يجب لمواجهة التحديات التي ينبغي عليهم تخطيها ليتمكنوا من اتخاذ قرارات أفضل. والنتيجة هي أنه لا يمكن للشركات أن ترى تحسينات جذرية في عملية صنع القرار بمجرد تطبيق المزيد من برامج تحليل البيانات الكبيرة من أمثلة (ساب SAP وأوراكل وآي بي إم وسيلز فورس).

إذاً، ما العمل؟

خطوات عملية لصناعة القرارات بشكل أفضل

خلال تطوير منتجنا "كلوفربوب" (Cloverpop) وهو أحد الحلول السحابية لتطبيق مفاهيم الاقتصاد السلوكي من أجل اتخاذ القرار، قمنا بأداء مئات التجارب مع عشرات الآلاف من صناع القرار. وجدنا أن أكثر نهج ناجح يمكن اتباعه عند اتخاذ القرار يتلخص في إعداد قائمة مراجعة (checklist) بسيطة. ومن المهم ملاحظة أن مجرد فهم البنود المدرجة في قائمة المراجعة ليس كافياً، بل يجب استخدام قائمة المراجعة هذه لتكون فعالة، فتحيزاتنا الخاصة لا تختفي لمجرد معرفتنا بمضمون القائمة. إذاً، في كل مرة تواجه فيها قراراً ما، ما عليك إلا أن تتبع الخطوات التالية لتكون أداة لمقاومة تحيزاتك:

1- دوّن 5 من أهداف الشركة أو أولوياتها الموجودة مسبقاً التي يمكن أن تتأثر بالقرار. فالتركيز على ما هو مهم سيساعدك على ألا تقع في فخ التبرير الذي يدفعك لتسويغ اختياراتك بعد أن تصبح واقعاً.

2- اكتب على الأقل 3 بدائل منطقية، والأفضل أن تكتب 4 أو أكثر. قد يستغرق الأمر منك بذل القليل من الجهد والإبداع، لكن ما من ممارسة أفضل لتحسين القرارات من أن يكون لديك طيف واسع من الخيارات.

3- اكتب أهم المعلومات التي تفتقدها. إننا نجازف بتجاهل ما لا نعلم لأننا مشغولون بما نعلم، لاسيما في شركات اليوم الغنية بالمعلومات.

4- اكتب التأثير الذي سيحدثه قرارك بعد عام. إن ذكر ملخص عن النتائج المحتمل حصولها جراء قرارك سيساعدك في تحديد سيناريوهات مماثلة يمكنها أن تقدم لك رؤى مفيدة.

5- أشرك فريقاً مؤلفاً من اثنين على الأقل، لكن ليس أكثر من 6، من أصحاب المصلحة. الحصول على المزيد من الرؤى والأفكار يقلل من تحيزك ويزيد من تقبل القرار، لكن كلما كبرت المجموعة تضاءل المردود.

6- دوّن ما كان مقرراً سابقاً، وكذلك السبب الذي دفع الفريق لدعم ذاك القرار وما مدى دعمهم له. إن تدوين هذه الأمور يزيد من درجة الالتزام ويضع أساساً لقياس النتائج المترتبة عن القرار.

7- ضع جدولاً لمتابعة القرار خلال شهر أو اثنين. غالباً ما ننسى أن نتحقق من قراراتنا عندما تسير الأمور على نحو سيئ، فنفوت الفرصة على أنفسنا لعمل التصويبات اللازمة والتعلم مما حدث.

كشف بحثنا أن المدراء الذين يتبعون الخطوات السبع السابقة بانتظام يوفرون وسطياً 10 ساعات من المناقشة، ويقررون أسرع بعشرة أيام، ويحسنون نتائج قراراتهم بنسبة 20%.

نحن بحاجة إلى نهج جديد قابل للتطوير من أجل إدارة أداء عملية صنع القرار. يجب أن يحل هذا النهج مكان النظرية التاريخية للاختيار المنطقي. كما يجب أن يقرّ بأن نفوسنا غالباً ما تضللنا. وينبغي أيضا أن يستخدم أدوات بسيطة وملائمة مثل التي ذكرناها، بحيث تكون مصممة لإحداث أثر كبير على الطريقة التي يتخذ بها المدراء وفرقهم القرارات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي