على مدار 50 عاماً، مثّل الصندوق الصناعي قوة دافعة لتحويل اقتصاد المملكة وتحقيق التنمية الوطنية المستدامة. فمنذ تأسيسه، أدّى الصندوق دوراً رئيسياً في تعزيز القطاع الصناعي، ما جعله ركيزة أساسية لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. واليوم، نجد أنفسنا فخورين بالمسيرة الحافلة بالأرقام والنجاحات التي تعكس تأثيرنا الإيجابي على الاقتصاد الوطني.
لقد كان دعمنا المستمر للمشاريع الصناعية محورياً في تحقيق النمو والتنوع الاقتصادي، واليوم، ننظر إلى المستقبل بثقة، مستعدين لتعزيز دورنا في صناعة وطنية قوية ومستدامة، متطلعين إلى مواصلة دورنا الفاعل في بناء اقتصاد قوي ومتنوع يتماشى مع طموحات المملكة ورؤيتها لتحقيق التميز والتنافسية.
وعلى مدار 5 عقود، ارتكزت استراتيجية الصندوق في تقديم الدعم المالي للمشاريع الصناعية على توفير القروض والتسهيلات المالية لتشجيع المستثمرين المحليين والأجانب على الاستثمار في القطاع الصناعي. وشمل الدعم مختلف القطاعات الصناعية مثل الصناعات البتروكيماوية، والصناعات الغذائية، وصناعة الأدوية، وصناعة الآلات والمعدّات، وغيرها. وتوازى ذلك الدعم مع تقديم الاستشارات، والخدمات الفنية والتدريبية للمستثمرين الصناعيين. وأدى هذا النهج الشامل إلى تعزيز القدرات التنافسية للصناعات الوطنية ورفع مستوى الجودة والإنتاجية.
وفي 21 مارس/آذار 2024، أكمل الصندوق الصناعي 50 عاماً منذ تأسيسه عام 1974، محققاً بذلك 5 عقود من الأثر الممتد في تنمية القطاع الصناعي الوطني، وتطوير رأس المال البشري. وطوال فترة نشاطه، تمكّن الصندوق من توفير الدعم لأكثر من 4,000 مشروع في جميع أنحاء المملكة بقيمة إجمالية تجاوزت 180 مليار ريال، واستثمارات بلغت قيمتها نحو 700 مليار ريال. وفي الفترة نفسها، تضاعف الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الصناعي (باستثناء التكرير وبالأسعار الثابتة) 25 ضعفاً، ليصل إلى 246 مليار ريال.
وفي سنواته الأولى، أسندت الدولة إلى الصندوق إدارة عدد من المشاريع والبرامج والمبادرات الوطنية المتنوعة بما يتجاوز 60 مليار ريال، أبرزها: برنامج إقراض شركات الكهرباء، إضافة إلى تأسيس برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة (كفالة) وتنفيذه وإدارته بتكليف من وزارة المالية، ومؤخراً، مبادرة تحفيز الصناعة المحلية التي تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
واستمراراً لرحلته الداعمة للصناعة الوطنية، ومع إطلاق رؤية السعودية 2030 في عام 2016، توسّع نطاق دعم الصندوق، ليشمل دعم صناعات نوعية جديدة تُمثل محاور اقتصادية رئيسية في الرؤية، فأصبح المُمكّن المالي الرئيس لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب). وبناءً على ذلك، أصبح الصندوق داعماً لقطاعات جديدة بجانب قطاع الصناعة، وهي: التعدين والطاقة والخدمات اللوجستية، ما مكّنه من تقديم الدعم لعدد من المشاريع الكبرى في مجالات صناعة مكونات الطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية والبحرية، وصناعة السيارات الكهربائية، وصناعات قطاع الهيدروجين، وغيرها من المجالات ذات القيمة المضافة العالية للاقتصاد الوطني. وعززت هذه المشاريع القدرات التصنيعية المحلية، ما أسهم في زيادة اعتمادات وصرفيات قروض الصندوق منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 وحتى نهاية النصف الأول من عام 2024، متجاوزة ما تم اعتماده وصرفه في أول 36 عاماً منذ تأسيسه. واستمر الصندوق في أداء دوره المحوري في دعم الصناعات الوطنية، إذ اعتمد 878 قرضاً بقيمة إجمالية تجاوزت 80.7 مليار ريال، في حين بلغت القيمة الإجمالية للقروض المصروفة أكثر من 65.9 مليار ريال.
وسيواصل الصندوق دوره المحوري في تمويل الصناعات الوطنية المتنوعة ودعمها، مع التركيز على الابتكار والتكنولوجيا والتوسع في دعم الصناعات الحديثة ذات القيمة المضافة، إلى جانب التزامه بتطوير الكوادر الوطنية وبناء القدرات المحلية، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الوطني، ومستقبل الصناعة السعودية. ويسعى الصندوق إلى تعزيز قدرات المملكة في مجالات مثل صناعة السيارات الكهربائية، وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، والصناعات الذكية، تماشياً مع الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي للصناعات المتقدمة والابتكارية.
يواجه الصندوق الصناعي التحديات الاقتصادية العالمية والتغيرات المستمرة في البيئة الاقتصادية، ويظل على استعداد لمواجهتها من خلال تبنّي استراتيجيات مرنة ومتجددة تواكب التغيرات وتلبي احتياجات السوق. وسيكون الالتزام بالابتكار والتطوير المستمرين العنصر الأساسي في تحقيق النجاح المستقبلي. كما ترتكز النظرة المستقبلية للصندوق على تحقيق التكامل بين القطاعات الصناعية المختلفة وتعزيز التعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، للإسهام في خلق بيئة صناعية متكاملة ومستدامة، بما يُحقق التنمية الاقتصادية الشاملة في المملكة.
واليوم، ومع مرور 5 عقود من العمل المتواصل، يمكن للصندوق الصناعي أن يفخر بالإنجازات التي حققها وبالدور الكبير الذي أدّاه في بناء قاعدة صناعية قوية ومتنوعة. تلك الإنجازات التي لم تكن لتتحقق لولا الدعم المستمر من القيادة الرشيدة والتزام الصندوق بتحقيق رؤيته واستراتيجيته، ومن خلال هذه الرحلة الطويلة التي جمعت بين الإنجازات والتحديات، يؤكد الصندوق التزامه بتقديم دعمه لتحقيق الأهداف الطموحة لرؤية السعودية 2030، والإسهام في بناء مستقبل مزدهر للصناعة الوطنية.