صقل المهارات وتطويرها: مفتاح القوة في الواقع الجديد

5 دقائق
صقل وتطوير المهارات
shutterstock.com/Boon La Photo

كانت سنة 2020 مليئة بالتحديات للجميع، خاصة للمؤسسات؛ حيث اضطر الرؤساء التنفيذيون إلى اتخاذ خطوات حاسمة للحفاظ على استمرارية أعمالهم والحفاظ على سلامة موظفيهم وإنتاجيتهم في آن واحد. وعلى الرغم من تكرار مشكلة إيجاد المواهب والحفاظ عليها، اتضح أن الشركات التي بدأت رحلتها في التركيز على صقل وتطوير المهارات استطاعت وبشكل أفضل مواجهة تأثير جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19" والتكيف مع الواقع الجديد مقارنة بغيرها من الشركات التي لم تركز على هذا الأمر.

قبل الجائحة، كان الرؤساء التنفيذيون مهتمين بالفعل باستقطاب المواهب المطلوبة. ففي عام 2018، عبّر 70% من الرؤساء التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط من المشاركين في استطلاع شركة "بي دبليو سي" السنوي العالمي الثاني والعشرين للرؤساء التنفيذيين عن قلقهم بشأن نقص المهارات الرئيسية. وارتفعت هذه النسبة إلى 81% في نهاية عام 2019. وحالياً، في ظل تأثير جائحة "كوفيد-19"، أصبحت الحاجة إلى أصحاب المهارات المناسبة أكثر إلحاحاً عن ذي قبل.

تباين بين القيادات والموظفين

تميل المؤسسات الراغبة في الاستثمار في صقل وتطوير المهارات إلى إشراك جمهورها في هذه العملية. ففي استبيان الآمال والمخاوف في دول الخليج الذي أجرته شركة "بي دبليو سي" بين أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام 2019، اتفق 96% من الأفراد البالغين على أنهم سيتعلمون مهارات جديدة أو يعيدون تدريب أنفسهم تماماً، لتطوير قدرتهم في الحصول على فرصة عمل في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، قال معظم العاملين إنهم يرحبون بالتقنيات الجديدة، حيث أبدى 82% شعوراً إيجابياً تجاه تأثير التقنية على أعمالهم اليومية، بينما اقتصرت نسبة من يتعلمون مهارات جديدة على يد مؤسساتهم لتحسين فهمهم للتقنية أو استخدامهم لها على نسبة 23% فقط.

هذه النظرة تتناقض تناقضاً صارخاً مع ما يراه الرؤساء التنفيذيون الإقليميون. ففي استبيان "بي دبليو سي" السنوي العالمي الثالث والعشرين للرؤساء التنفيذيين، أعرب 7 من بين 10 رؤساء تنفيذيين عن ثقتهم بأنهم يحرزون بعض التقدم في تطوير معرفة موظفيهم وقياداتهم بالتقنية، وقال 64% منهم إنهم أحرزوا تقدماً متوسطاً أو كبيراً في وضع برامج لتطوير المهارات الشخصية والفنية والرقمية.

وتظهر البيانات التالية، أن هناك حاجة إلى بعض من الجهد والعمل على تحقيق التوافق بين تطلعات الموظفين ونظرة القيادة تجاه البرامج التي تهدف إلى تطوير المهارات. ويمكن ربط التباين الحالي بين وجهتي النظر مع قلة الاستفادة من الموظفين الذين خضعوا لبرامج تطوير المهارات أو مع التباين بين المهارات الجديدة التي تدرّس لهم والمهارات التي يريد الموظفون تعلمها.

ما مدى التقدم الذي أحرزته مؤسستك في المجالات الآتية فيما يتعلق بتطوير المهارات؟

ما الذي يعطل الرؤساء التنفيذيين؟

 هناك مجموعة من الأسباب التي تقف وراء الحذر الذي يبديه الرؤساء التنفيذيون تجاه ما يتعلق بتطوير مبادراتهم المتعلقة بصقل المهارات وتطويرها؛ حيث أعرب أكثر من ربع الرؤساء التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط (26%) المشاركين في استبيان "بي دبليو سي" السنوي العالمي الثالث والعشرين للرؤساء التنفيذيين عن قلقهم من استغراق جهود الموظفين في برامج تطوير المهارات الذي قد يعطل أنشطة العمل اليومية. وأبدى 17% قلقهم بخصوص مدى قدرتهم على الاحتفاظ بالمواهب بعد صقلها وتطويرها، الأمر الذي قد يزيد الطلب عليها من قبل المنافسين. وعلى الرغم من احتمالية كلا الأمرين، فهناك مؤشر جيد تجاه إمكانية نجاح كل من برنامج تطوير المهارات والاحتفاظ بالموظفين ذوي المهارات العالية، حيث يمكن ذلك من خلال ضمان وجود خطة للاستفادة منهم بطريقة تجعلهم يرون قيمة مهاراتهم الجديدة وهو ما يشجعهم على توظيفها لصالح مؤسساتهم.

أعرب قادة الشركات كذلك عن قلقهم حول تحديد المهارات التي ستحتاجها شركاتهم في المستقبل (13%)، وتوفر الموارد الكافية لديهم من أجل تنفيذ برامج فعالة لتطوير المهارات (11%)، وجودة خدمات الجهات الخارجية التي تنفذ برامج تطوير المهارات ذات الصلة (9%)، لا ينبغي أن تكون هذه الجودة عائقاً في ظل الواقع الجديد الذي ازداد فيه التعلم الإلكتروني، حيث تتوفر الآن فرصة أكبر للتواصل واستقطاب أفضل المواهب في العالم. يجب على المؤسسات أن تطلب من مورديها المحتملين تقارير من المستخدمين السابقين للمقرر الدراسي والمدرسين حول تجاربهم ودراسات منقحة حول أعمالهم من أجل ضمان الحصول على أفضل النتائج.

لقد أظهرت لنا جائحة "كوفيد-19" إمكانية تهاوي مقاومة الإنسان للتغيير في ليلة وضحاها، وأنه لا يمكننا الانتظار حتى يتبين لنا الشكل الدقيق لما سيكون عليه العمل في المستقبل، وإنما يجب على المؤسسات أن تعطي الأولوية لبناء المهارات التي يمكن صقلها وتطويرها حالياً بحيث يتم تجهيز العاملين عليها وتثقيفهم حول القدرة على التكيف مع المستجدات.

التحديات التي تواجه المؤسسات فيما يخص تطوير المهارات

تحقيق التقدم في صقل وتطوير المهارات قد يعزز الثقة

تحصد المؤسسات التي نجحت في تطوير مهارات موظفيها مكاسب هذا النجاح حالياً. فقبل جائحة "كوفيد-19"، قال 9 من كل 10 من قادة الشركات في منطقة الشرق الأوسط إن برنامج صقل المهارات في مؤسساتهم كان فعالاً في تحقيق نمو أكبر لأعمالهم وزيادة إنتاجية الأيدي العاملة في المؤسسة، بينما رأى 8 من كل 10 رؤساء تنفيذيين أن هناك تحسناً في قدرتهم على استقطاب أصحاب المواهب والاحتفاظ بهم وتوطيد دعائم الثقافة المؤسسية وزيادة مشاركة الموظفين.

حققت المؤسسات التي وضعت برامج فعالة من أجل تطوير المهارات في ظل الواقع الجديد فوائد جوهرية عدة أهمها بناء الثقة وتحقيق الميزة التنافسية. وتأقلم أكثر من 200 ألف موظف لدى شركة "بي دبليو سي" في جميع أنحاء العالم على الوضع الجديد المبني على نموذج العمل عن بعد بالكامل، في ظرف أسبوعين عندما بدأت إجراءات الحظر والإغلاق. لم يكن بوسعنا بلا شك التكيف بهذه السرعة مع الوضع الجديد لو لم نعط الأولوية للاستثمار في صقل مهارات موظفينا وتطويرها قبل حلول الجائحة.

مدى فاعلية برامج تطوير المهارات

حان وقت العمل

توصيات رئيسية لإنجاح برنامج تطوير المهارات

  • ضع توجهاً واضحاً وابدأ بنفسك.
  • تذكر أن صقل المهارات وتعزيز المهارات مهمان.
  • وفر الوقت والطاقة والدافع للتعلم.
  • حدد المهارات ذات الأولوية والنواقص في المهارات.
  • تتبع النتائج وقسها.

بينما تواصل المؤسسات الاستجابة لهذه البيئة الجديدة، من المهم أن يركز الرؤساء التنفيذيون على تطوير مهارات العاملين لديهم. ويجب عليهم تقديم رسالة واضحة تشمل رؤيتهم واستراتيجيتهم والسبب وراء إعطائهم الأولوية لعملية صقل المهارات وتطويرها والبدء بأنفسهم ليكونوا القدوة لموظفيهم. من المهم خلق الثقافة المناسبة داخل المؤسسة التي بدورها تحفز الموظفين على تولي مسؤولية التعليم الذاتي.

تقول رندا بحسون، شريكة في "بي دبليو سي"، ومديرة برنامج عالم جديد ومهارات جديدة في الشرق الأوسط: "لا بد للمؤسسات من التحرك الآن. فمع نسبة التقدم التقني وتسارع التغير بفعل جائحة "كوفيد-19"، ستحتاج المؤسسات إلى الاستثمار في صقل مهارات أفرادها وتطويرهم. لا يتعلق الأمر بالمهارات الفنية بقدر ما يتعلق بتطوير قوة عاملة تمتلك قدراً أكبر من الابتكار والمرونة والجاهزية للمستقبل"

من المنتظر أن يؤدي تطوير المهارات إلى رفع إنتاجية الموظفين على المدى الطويل مع تقدم التحول الرقمي. أما الفائدة المرجوة على المدى القصير فستكون في تعزيز المهارات التي ستساعد الموظفين على تولي مناصب جديدة ظهرت بفضل الظروف في ظل جائحة "كوفيد-19". ونظراً لأن تعلم مهارات جديدة يستغرق وقتاً طويلاً، فلا بد أن يشعر الموظفون بالدعم، ومن هنا تأتي أهمية الاستثمار في سلامة الموظفين الجسدية والنفسية، وتحقيق التوازن بين الحياة العملية والشخصية، والمحافظة على استمرارية اهتماماتهم ودوافعهم.

ويكمن التحدي الأصعب في تحديد المهارات الأساسية التي تحتاجها المؤسسة والنواقص المحتملة للمهارات. ونحن في "بي دبليو سي" لدينا خطة خماسية تعمل على صقل المهارات وتطويرها، تبدأ بتحليل المهارات القابلة للنقل التي تجدي نفعاً في الوقت الحالي وفي المستقبل، حيث نستخدم منصتنا الرقمية في الشركة لتوسيع نطاق المهارات (Skills Expander)، لإنشاء قائمة تشمل المهارات المتوفرة حالياً داخل المؤسسة والمهارات الجديدة المطلوبة. وبعد ذلك، نعمل على وضع استراتيجية للمهارات تستطيع الصمود أمام التغيرات المستقبلية ووضع حجر الأساس للتحول الثقافي. حينها فقط سنكون مستعدين لوضع برامج تطوير المهارات ونشرها استناداً على مبادئ علم الاقتصاد السلوكي للوصول إلى تجربة تعلم مناسبة وتحقيق نتائج سريعة.

أخيراً، من المهم أن نركز على عائد الاستثمار ونشير إلى فوائد صقل المهارات وتطويرها، فالنجاح يمكن قياسه من خلال النتائج المالية، أو رضا العملاء، أو الاحتفاظ بالموظفين، أو استقطاب المواهب، أو الأثر الاجتماعي، حيث يمكن لشركتك أن تكون رائدة في إعداد الأفراد وتجهيزهم للعمل في عالم المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي