بحوث: صفقات الاندماج والاستحواذ الأصغر هي الأكثر نجاحاً

5 دقائق
خطوات الاستحواذ على شركة بنجاح

لقد تبددت الخرافة التي تقول أنّ 75% من مجمل عمليات الاندماج تنتهي بالفشل، حيث كانت مبنية على إحصائية مرتبطة بتأثير يوم الإعلان الذي فشل في إدراك حقيقة إنشاء قيمة الشركة. ويبين بحثنا الجديد أنّ عمليات الاندماج والاستحواذ (M&A) تعزز نمو الشركات وقيمها، ولكن الصفقة التي تراهن عليها الشركة ليست هي طريق النجاح. وفي الحقيقة، يبدو أنّ الصفقات الكبيرة النادرة تضرّ في إنشاء القيمة. وفي المقابل نجد أنّ الأرباح الحقيقة تنتج عن جدول الصفقات المستمر، أو ما يسمى بعمليات الاندماج والاستحواذ المبرمجة. إلا أنه يجب أن تصل هذه العمليات إلى عتبات تواتر وقيمة تراكمية محددة كي تتمكن من صنع أثر حقيقي. فما هي خطوات الاستحواذ على شركة بنجاح وبشكل دقيق؟

اقرأ أيضاً:بحث: الرؤساء التنفيذيون الذين لا يفوزون بالجوائز يجرون عمليات استحواذ أكثر

كانت هذه إحدى نتائج بحثنا الذي أنهيناه مؤخراً، وهو مبني على معلومات متوفرة للعموم عن 2,393 من أكبر الشركات في العالم في الفترة من 2010 إلى 2014. وتمكنا من معرفة المحركات التي تفسر أكثر من 80% من الحركة التصاعدية والحركة التنازلية على ما أسميناه "منحني القوة" لأداء الشركة بعد تفحص عشرات العوامل المتغيرة. وتمثل عمليات الاندماج والاستحواذ والتصفية إحدى هذه المتغيرات نظراً إلى أنها تشكل وسطياً صفقة واحدة سنوياً ضمن برنامج يتراكم ليصل إلى أكثر من 30% من رأسمال الشركة في السوق على مدى 10 أعوام، دون وجود أية صفقة تزيد عن 30% من رأسمال السوق.

إنّ هذه النتائج بديهية. إذ تتطلب عمليات الاندماج والاستحواذ امتلاك قدرات عالية الإتقان من خلال الصفقات المكررة مع مرور الوقت. وتتمكن الشركات التي تنفذ عمليات اندماج واستحواذ مبرمجة على مدى أعوام، (وبالأحرى عقود)، من إتقان فن التعرف على عمليات الاستحواذ والتفاوض عليها وتحقيق التكامل فيها.

خطوات الاستحواذ على شركة بنجاح

تظهر عدة شركات أجرينا عليها الدراسة قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ المبرمجة. خذ مثلاً شركة التسويق العملاقة دبليو بي بي (WPP). في الفترة الأولى بعد تحويل الشركة لمحور أعمالها من التصنيع إلى خدمات التسويق، كانت عمليات الاستحواذ الكبيرة هي أسرع طريقة للنجاح في هذا القطاع. لذلك، قامت شركة دبليو بي بي بالاستحواذ على شركتي جيه والتر طمسون (جيه دبليو تي) (J. Walter Thompson Company) بمبلغ 566 مليون دولار في العام 1987، وشركة أوغيلفي (Ogilvy) بمبلغ 864 مليون دولار في العام 1989. وأدت هاتين العمليتين الكبيرتين إلى توسيع ميزانيتها العمومية. ولكن بعد ذلك، قامت شركة دبليو بي بي بعمليات الاندماج والاستحواذ المبرمجة، ما منحها قوة كبيرة، وتبين بياناتنا أنها قامت بعدد مهول من عمليات الاستحواذ بلغ عددها 271 بين عامي 2004 و2014 بمعدل أكثر من عملية واحدة كل أسبوعين، وهو عدد يزيد بحوالي 60% عن معدل الشركة الأكثر استحواذاً التي تليها، جوجل (ألفابت حينئذ)، خلال ذاك العقد. عندما بدأت شركة دبليو بي بي هذه الفترة كانت تتوسط المجموعة بمعدل ربح اقتصادي يبلغ 8 مليون دولار، ولكنه بلغ 677 مليون دولار في نهاية هذه الفترة، وهو الأعلى بين الشرائح الخمسية، وشهدت الشركة نسبة 11% لمعدل النمو السنوي المركب في إجمالي عائد المساهمين على مدار العقد.

اتبعت شركة أكسل سبرينغر الطريق ذاته. فقد قامت شركة النشر الألمانية الضخمة بخطوة حاسمة عند الانتقال من الطباعة إلى النشر الرقمي عن طريق القيام بـ67 عملية استحواذ صغيرة بين عامي 2006 و2012 في الوقت الذي أطلقت فيه 90 منشوراً أساسياً وأوقفت ثمانية آخرين. تمكن نهج الشركة المنضبط في عمليات الاندماج والاستحواذ من وضعها في موقع قوي في العصر الرقمي وأدى إلى نسبة 10% من معدل النمو السنوي المركب في إجمالي عائد المساهمين على مدى العقد.

اقرأ أيضاً: أحد أسباب فشل الاندماج: عدم توافق ثقافات الشركات

كيفية جعل عمليات الاندماج والاستحواذ جزءاً من خطة متكاملة

نادراً ما تكون عمليات الاندماج والاستحواذ المبرمجة كافية وحدها لرفع الشركة إلى قمة الجداول البيانية للشركات. ويحصل السحر الحقيقي عندما يكون برنامج الاندماج والاستحواذ واحداً من بين أكبر خمس خطوات نعتبرها محركات أساسية للأداء. ولكن كما هو الحال مع عمليات الاندماج والاستحواذ، لن يكفي دفع هذه المحركات فقط، بل تحتاج لدفعها بقوة كافية من أجل إيجاد الأثر. وتُعد المحركات الأربعة إلى جانب عمليات الاندماج والاستحواذ هي:

  • إعادة توزيع الموارد بصورة فعالة

إعادة توزيع رأس المال في وقت مناسب لتغذية الوحدات التي يمكنها إنتاج أرباح كبيرة، وإيقاف تغذية الوحدات التي لا يمكنها تحقيق أرباح كبيرة. والعتبة هنا هي وجوب إعادة توزيع ما لا يقل عن 50% من إنفاق رأس المال بين وحدات الشركة على مدار عقد من الزمن.

  • إنفاق قوي لرأس المال

 يمكنك تحقيق أقصى فائدة من هذا المحرك إن كنت ضمن أفضل 20% ضمن قطاعك فيما يخص معدل إنفاق رأس المال على المبيعات. وهذا يعني تحديداً أنك تنفق 1.7 مرة أكثر من متوسط إنفاق شركات قطاعك.

  • قوة برنامج الإنتاجية

 هذا يعني تطوير الإنتاجية إلى معدل كاف لوضعك على الأقل ضمن أفضل 30% من شركات قطاعك.

  • إدخال التحسينات على نقاط التمايز من أجل معرفة خطوات الاستحواذ على شركة بنجاح

في ابتكار نماذج العمل وفوائد التسعير من أجل رفع فرصك في التحرك نحو قمة منحني القوة، يجب أن يصبح الهامش الإجمالي لديك ضمن أعلى 30% بين شركات قطاعك.

ووجدنا أنه بالنسبة للشركات التي تبدأ (بأداء ضمن الشرائح الخمسية المتوسطة)، بدفع محرك أو اثنين من هذه المحركات سيزيد فرص الوصول إلى قمة الشرائح الخمسية بنسبة أكثر من الضعف، أي من 8 إلى 17%. وسترفع ثلاث خطوات كبيرة منها هذه الفرص إلى 47%. ووجدنا زيادة تزيد عن 6 أضعاف في قابلية وصول الشركات ضمن الشرائح الخمسية المتوسطة والتي قامت بثلاث من هذه الخطوات الكبيرة على الأقل إلى قمة الشرائح الخمسية.

تمثل شركة كورنينغ (Corning) نموذجاً عن الشركات التي دفعت بالمحركات الخمسة كلها خلال الفترة التي أجرينا عليها دراستنا، فقفزت من الشرائح الخمسية الدنيا إلى قمة منحني القوة. إذ سعت للحفاظ على خط الإمداد القوي لعمليات الاندماج والاستحواذ الذي كان يساوي من 5 إلى 10 أضعاف هدف الشركة السنوي من أجل تحقيق العائد من خلال الاستحواذ. لقد فهمت الإدارة أنّ القيام بثلاث صفقات في السنة يعني وجوب القيام بالجهد اللازم في 20 شركة وتقديم خمسة عروض. أنفقت كورنينغ مبلغاً صافياً وقدره 3.2 مليار دولار على 12 عملية استحواذ واستثمرت 9 شركات، ولكنها أيضاً أنفقت 14 مليار دولار على إنفاق رأس المال، ورفعت إنتاجية مبيعاتها بنحو 80%، ووسعت هامشها الإجمالي بقدر 14%، وشهدت انخفاضاً بقدر 30% في معدل نفقات البيع ونفقات الإدارة والنفقات العامة فيما يخص المبيعات.

ومن أجل فهم القوة التراكمية للخطوات الكبيرة، فكر بتجربة شركة بريسيجن كاستبارتس (Precision Castparts Corporation PCC) المصنعة لمكونات معدنية معقدة ومنتجات للفضاء والطاقة والأسواق الصناعية. في العام 2004، كانت شركة (PCC) في موقع ضعيف. وكانت عائداتها ومستويات ديونها في منتصف المجموعة، ولم تستثمر الشركة كثيراً في البحث والتطوير، وهذه هي العوامل الثلاثة التي تمثل نقاط قوة أية شركة. وفيما يخص التيارات، لم يكن موقع شركة (PCC) الجغرافي جيداً، ولكنها تلقت مساعدة كبيرة عندما شهدت الصناعة الفضائية دفعة هائلة على مدى الأعوام التالية.  

اقرأ أيضاً: الصحة التنظيمية للمؤسسة هي العنصر السري في نجاح صفقات الاستحواذ الكبرى

والأهم هو أنّ شركة (PCC) قامت بخطوات كبيرة وتجاوزت العتبة في أربعة محركات من أصل خمسة. بالنسبة لعمليات الاندماج والاستحواذ والتصفية، جمعت الشركة بين القيمة المرتفعة للصفقات وحجمها على مدار العقد من خلال برنامج مدروس منتظم لصفقات أسواق الصناعة الفضائية والطاقة. كان ذلك برنامجاً ثابتاً للصفقات وليس ضربات حظ مفردة. وكانت آخر سنتين في بحثنا عن تحركات شركة (PCC) خلال العقد. في العام 2013، استحوذت (PCC) على شركة بيرماسويج (Permaswage SAS) وهي شركة مصنعة لتجهيزات السوائل الخاصة بالمشاريع الفضائية بمبلغ 600 مليون دولار واستثمرت في شركة بريموس كومبوزيتس (Primus Composites) التابعة لها. وبعد ذلك قامت بالاستحواذ على شركة آيروسبيس دايناميكس (Aerospace Dynamics) وهي مشغل لمراكز التصنيع فائقة السرعة بمبلغ 625 مليون دولار في العام 2014، أو ما يصل بالكاد إلى 2% من رأسمال السوق في شركة (PCC).

أضف إلى ذلك أنّ شركة (PCC) قامت بإعادة توزيع 61% من إنفاق رأسمالها بين أقسامها الثلاثة الكبرى، مع إدارة الميزة المزدوجة النادرة في تحسينات الإنتاجية والهامش. ومع مضاعفة إنتاجية العمل لديها تقريباً، تمكنت شركة (PCC) من تخفيض ثلاث نقاط مئوية من معدل النفقات العامة، ورفعت معدل إجمالي ربح المبيعات من 27 إلى 35%. وكانت أرباح حاملي الأسهم واضحة جداً:

تحقيق الأرباح لحاملي الأسهم

وفي نهاية الحديث عن خطوات الاستحواذ على شركة بنجاح وبشكل دقيق، ليست برامج الاندماج والاستحواذ وتكامل ما بعد الاندماج مواهب فطرية، ولا يكتسب الإتقان إلا بممارستها مرة بعد مرة. ويثبت بحثنا أنّ عمليات الاندماج والاستحواذ تشكل محركاً أساسياً في استراتيجية الشركة طالما يتم دفعها بقوة كافية في الطريق الصحيح.

اقرأ أيضاً: أحد أسباب فشل الاندماج: عدم توافق ثقافات الشركات

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي