لماذا من الصعب علينا الإقرار بأخطائنا؟

3 دقائق
صعوبة الاعتراف بالخطأ

غالباً ما تؤكد النصائح المقدمة حول كيفية التعامل مع الأخطاء بلباقة على: 1) تحمل مسؤولية الخطأ، 2) تقديم خطة لمعالجته، 3) تصحيح الخطأ المقترف. على الرغم من أن هذه التوجيهات تبدو بسيطة، لكنها قد تكون صعبة التطبيق للغاية على أرض الواقع. فليس من السهل على أي شخص أن يعترف بالخطأ، لاسيما إن كان مكلفاً. فكيف يمكن تجاوز مشكلة صعوبة الاعتراف بالخطأ بطريقة صحيحة؟

كانت حالة عامر هي إحدى الحالات التي صادفتها مؤخراً. إذ كان يدير صندوق تحوط بقيمة ملياري دولار، وكانت هناك نتائج ربع سنوية سيئة للغاية، حيث انخفضت قيمة اثنين من أكبر مكونات محفظته بنسبة 25%، وكلاهما عبارة عن أسهم في قطاع الطاقة، وهو ما حوّل ما كان يمكن أن يكون أداءً ضعيفاً إلى كارثة فعلية. وقد ماطل عامر كثيراً في كتابة رسالة إلى المساهمين لدرجة أن مديرَي التسويق والامتثال كانا يرسلان له باستمرار عبر البريد الإلكتروني ويحضران إلى مكتبه.

وأخيراً توصل عامر إلى التفسير التالي: "لقد تأثر الصندوق سلباً خلال هذا الربع نتيجة لضعف أسعار الطاقة بسبب عوامل العرض غير المنطقية والمخزونات الفائضة". أرسل عامر الرسالة، معتقداً أنه عالج القضية بالشكل المناسب. ولكن، هل حقاً فعل؟

مثال آخر، تحدث جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، أمام اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي عن حاجة شركة "آبل" إلى إيقاف قفل هاتف "آيفون" الذي يستخدمه أحد المهاجمين في سان برناردينو، كاليفورنيا. وقال في وصف الإجراءات التي اتخذتها الوكالة وغيرها من هيئات إنفاذ القانون الأخرى مباشرة بعد الهجوم: "حصل خطأ في غضون الأربع وعشرين ساعة التالية للهجوم" ما جعل من المستحيل لاحقاً جعل الهاتف يرسل نسخة احتياطية إلى المخزن السحابي (iCloud).

هل يمكن اعتبار ذلك اعتذاراً مناسباً؟ ليس بالنسبة لي.

بصفتي مستثمرة محترفة، فأنا على دراية بظاهرة التفكير حيال صفقة ما والاعتقاد أنها تبدو فرصة ممتازة، لندرك سريعاً بعدها أن عملية البيع قد بدأت للتو وأن الأسعار آخذة بالانخفاض كل يوم. لقد تعلمت أن أطلع عملائي بأننا أخطأنا في عملية شراء سهم ما، أو أننا أسأنا الحكم أو أسأنا التوقيت، أو أسأنا فهم بيئة العمل أو السوق.

أما عامر فلم يقرّ في رسالته بأنه اقترف أي خطأ، هو أو شركته. وجعل الأمر يبدو كما لو أن الصندوق قد تعرض لعوامل خارجية، خارج نطاق سيطرة الإدارة، أو أنه ضحية التعرض لاعتداء أو الإصابة بمرض. وفي حين أنه لا يمكن بالطبع إلقاء اللوم عليه لعدم رؤيته إلى أي مدى ستنخفض أسعار النفط، إلا أنه أخطأ في حساب الهبوط الحاصل.

واتّبع مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأسلوب الخاطئ نفسه. فعندما قال كومي "لقد حصل خطأ"، لم يذكر من المسؤول عن ارتكابه، تاركاً إيانا نتساءل إن كان الأمر برمته خارج نطاق سيطرتهم.

يُحكم على الناطقين باسم مؤسساتهم، وعلى مؤسساتهم نفسها، من خلال الأسلوب الذي ينتهجونه في التواصل. في كلا الحالتين، وسواءً كان أي من عامر أو جيمس كومي قد اقترف أي خطأ على الصعيد الفردي، فقد تأثرت الفئات المستهدفة بحديثهم بالكلمات التي اختاروها ونبرة الكلام التي استعملوها. أن تكون مباشراً بكلامك هو إشارة على أنك واثق بما يكفي لتعترف بالخطأ. في حالة عامر، وبسبب عدم تصريحه عن الأخبار السيئة ربما فقد الكثير من ثقة المساهمين والعملاء. وكذلك فقد خاطر كومي بفقدان ثقة زملائه به، وكذلك ثقة الرئيس، ووكالات إنفاذ القانون الأخرى، والصحافة، وعامة الجمهور الأميركي.

فلماذا هو صعب علينا أن نقول: "أنا من فعل هذا"؟

يخشى الكثير من الناس الظهور بمظهر الشخص غير الكفؤ أمام الزملاء أو المدراء. لكن ما لا ندركه أحياناً أن الأسوأ من ذلك هو أن يُنظر إلينا بوصفنا جبناء غير قادرين على الاعتراف بأخطائنا أو تقبل النقد. فبدلاً من قول "سقط الطبق"، حريّ بك أن تقول: "لقد أسقطتُ الطبق"، لاسيما إن كان هذا ما حصل بالفعل. إن أفضل المسؤولين التنفيذيين والمستثمرين الذين "يسقطون الأطباق" في كل وقت دون أن يعترفوا بذلك، سيفتقرون إلى الخبرة وإلى الفهم الصحي للمخاطر.

لا شك في أن تطوير ثقافة يشعر الناس فيها بأريحية للاعتراف بالخطأ يحتاج إلى البدء بقمة الهرم، لأن الموظفين يقتدون بقادتهم ويقتفون خطواتهم فيما يتعلق بالسلوك المقبول وقواعد الإتيكيت. أحد أهم الأمور التي على المدير تعليمها لفريقه، بغض النظر عن مدى الحرج الذي قد يشعر به الموظف، هو القدرة على إظهار قابلية الوقوع في الخطأ، والاعتراف بارتكاب المخالفات، وتقبل الاستماع إلى الملاحظات القاسية، والمثابرة من خلال اتخاذ الإجراء التصحيحي لمواجهة التحدي المقبل.

تعلمت منذ سنوات أن أفضل عملية "لمعالجة الخطأ" بالنسبة لي، لاسيما عندما يتعلق الأمر بأخطاء في مجال الاستثمار، هي أن أتحمل المسؤولية عن فقدان السيطرة على الموقف، وأن أكون صريحة مع عملائي وزملائي حول ما حدث. لا يسعَد العملاء بالأداء الضعيف بالتأكيد، لكن تقبل اللوم أفضل بكثير من إخفاء الحقيقة أو تشويهها. وعندما نتحلى بالصدق ضمن فريق إدارة الأسهم فإن ذلك يحسن من مستوى الثقة المتبادلة بيننا ويسمح لنا بالمضي قدما بفعالية.

لا شك في أن المحامين اليوم يقومون بدور رئيسي في تقديم المشورة للعملاء لتجنب أي إيحاءات قد تشير إلى اقترافهم الأخطاء أحياناً. لكن في معظم المواقف التي تحدث في مكان العمل، تكون درجة الخطأ الحاصل أقل بكثير من أن تصل للعتبة القانونية لإدارة الضرر والسيطرة عليه.

وفي نهاية الحديث عن صعوبة الاعتراف بالخطأ، قد يكون تقديم اعتذار حقيقي أمراً غير مريح، وربما يكون أمراً مؤلماً في بعض الأحيان. لذلك، نحن بحاجة لأن نساعد بعضنا على تعلم وضع ضمير المتكلم "نحن" أو "أنا" قبل فعل "اشتريت" أو "بعت" أو "تغيرت" أو "فقدت"، ومن ثم نذكر النتيجة السلبية. تفوق الفائدة التي ستتحقق على المدى الطويل أي ألم قد نشعر به على المدى القصير. وعندما تتقبل الخطأ وتعترف به، يصبح من الأسهل عليك تحديد مصدره بدقة وتحليل تطوره ضمن النظام. وسيكون لديك فرصة أفضل لتجنب تكراره.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي