هل تشعر أنك لا تستحق الإنجازات التي تحققها؟ إليك السبب والحل

3 دقيقة
متلازمة المحتال
فريق هارفارد بزنس ريفيو/يورغ غرويل/ غيتي إميدجيز

قبل عامين من الآن، غيرت مساري المهني كلياً فتحولت من العمل الإداري إلى ريادة الأعمال؛ أردت التفرغ لكتابة المحتوى فانغمست فيها كلياً. بحثت بصورة موسعة عن العملاء المحتملين بالاعتماد على مهاراتي الفطرية في مجال المبيعات، وتمكنت من الوصول إلى أكثر من 30 عميلاً في 6 أشهر، بدءاً من المدونين الذين يبحثون عن كُتَّاب الظل (الكُتَّاب المأجورين لصالح كُتَّاب آخرين)، وحتى رواد الأعمال الذين يبحثون عمن يكتب لهم نصوصاً يقرؤونها في تسجيلاتهم على يوتيوب.

لقد كنت محظوظة جداً لأنني بدأت مسيرتي المهنية الجديدة بهذه القوة، ولكن هذا النجاح رافقه شعور بالإرهاق.

كان إنشاء مشروعي الخاص مختلفاً تماماً عن التقدم بطلب توظيف، إذ صرت المسؤولة عن تقييم نفسي ومؤهلاتي لهذا العمل.

قبل بضعة أسابيع فقط، كنت أساعد في إنجاز مشاريع الآخرين، ولم أكن أدير مشروعي الخاص، وكان دوري تقديم الدعم وليس القيادة والابتكار، لذا واجهت صعوبة خلال مكالماتي الأولى مع العملاء وأدركت أنني أمارس نشاطاً غير مألوف لي وأنني لم أعمل على مشاريع مماثلة من قبل، وفي حين تفهم بعض العملاء فكرة أن هذا المجال جديد علي وتعاملوا مع الأمر بلطف، فقد كان آخرون ممن يولون أهمية كبيرة للمهنية في العمل أقل تسامحاً، لذلك قررت أن أخفي عنهم قلة خبرتي بعد أن استغرب بعضهم الأمر.

تزاحمت في رأسي الأفكار السلبية التي ولدت لدي إحساساً بأنني لن أتمكن من تحقيق ما أصبو إليه، ونسمي هذه الأفكار عادةً النقد الداخلي أو متلازمة المحتال (Imposter Syndrome)، وقد قررت مواجهة هذه الأفكار والتعامل معها لكنها كانت أقوى مما ظننت، فقد سيطرت على ذهني فعلاً، ومنها: لقد وعدتِ ذاك العميل بتحسين محتواه على محركات البحث لكن ليست لديك أي معرفة بهذا المجال، فكيف ستحققين إذاً النتيجة المطلوبة؟ 

وبدلاً من التهرب من هذه الأفكار أو تجنبها قررت التعامل معها بعقلانية، لقد تحدثت مع نفسي كما لو كان لدي صديق يحاول مساعدتي على حل مشكلة صعبة.

سألتُ نفسي: هل أعرف كيف أدير شركة مختصة بكتابة المحتوى؟ 

أجبت: من الناحية الفنية، لا، لكنني أجيد الكتابة وأعرف كيف أتفاعل مع الناس بلطف ومهنية. 

سألتُ نفسي: هل لدي الإمكانات اللازمة لابتكار حلول لمشكلات الأعمال؟ 

أجبت: نعم، أظن أن بإمكاني التعامل مع هذه المسألة.

لقد قبلت التحدي على الرغم من ترددي، مستعينة بإيماني بكفاءتي، ما مكنني من التغلب على متلازمة المحتال. يرجع مفهوم الإيمان بالكفاءة -الذي يسمى "الكفاءة الذاتية" (Self-Efficacy)- إلى الأستاذ وعالم النفس ألبرت باندورا، الذي عمل في أواخر السبعينيات من القرن العشرين واكتشف فكرة مفادها أن إيمان الفرد بكفاءته عند تولي مهمة ما يوقع أثراً إيجابياً في أدائه. أظهرت الدراسات أن الطلاب الذين يؤمنون إيماناً كبيراً بكفاءتهم يعزون العديد من الإخفاقات التي يواجهونها إلى عدم المحاولة وليس إلى عدم التمتع بالقدرة. وفي الوقت نفسه، يعاني الطلاب الذين يشككون في قدراتهم متلازمة المحتال، ما يجعلهم أكثر عرضة للتسويف أو الاستسلام.

وبمجرد أن اكتشفت ذلك، آمنت بكفاءتي وتمسكت بهذا الإيمان، ولا يعني هذا أنني تظاهرت بأنني أمتلك خبرة شاملة، بل يعني أنني اعترفت بمهارتي في المجالات التي أتميز فيها، أو يمكنني التميز فيها. تخيلت كيف سأكون كاتبة متمكنة مستقبلاً وكيف سيكون عملي منظماً وكيف سأتواصل بثقة، لقد أنشأت صورة ذهنية لهويتي المهنية وعملت على تعزيزها بصرف النظر عن رأي الآخرين بها.

عندما سألني الناس عن أحوال مساري المهني، كنت أصوغ إجابات مدروسة فأقول: "أنا أعمل كاتبة" بدلاً من "أحاول أن أكون كاتبة". عندما كان العملاء يسألونني عن خطتي لمواجهة تحدٍ ما كنت أحدد استراتيجيتي على الفور حتى لو لم يسبق لي التعامل مع التحدي المطروح، سألني احدهم ذات مرة: "كيف تجمعين المعلومات عادة؟" فأخذت نفساً عميقاً وأجبته: "يمكن فعل ذلك بعدة طرق" ومع مرور الوقت اكتسبت خبرة وثقة فعدلت ردودي وصرت أوصي بالأساليب التي جربتها وأثبتت جدواها، لكن كان لا بد لي من أخطو الخطوة الأولى قبل أن أصل إلى ذلك.

كما أنني جعلت حديثي مع نفسي إيجابياً أكثر؛ فعندما كانت الأفكار التطفلية تسيطر على ذهني وتهز ثقتي بنفسي كنت أتعامل معها بحس الفضول، كنت في السابق أتساءل باستمرار: "هناك الكثير من الكتّاب، فما الذي سأضيفه إذا صرت كاتبة؟" "السوق مشبعة بالكتّاب، ومن ثم فقد يكون عملي زائداً عن الحاجة"، ثم عدلت طريقة تفكيري وصرت أقول لنفسي: "ماذا لو كان العكس صحيحاً؟" "ماذا لو كان أحد القراء ينتظر ما أحاول ابتكاره؟". 

في النهاية، بناءً على نصيحة الأصدقاء الموثوقين، أنشأت شركة ذات مسؤولية محدودة ما ساعدني على دخول عالم الكتابة بثقة وتقبل مكانتي فيه.

لا شك في أن التواضع مهم، لكن أي شخص يؤسس مشروعاً تجارياً يعرف أنه سيتعرض إلى الكثير من النقد، لذا عليه أن يتعاطف مع ذاته. ولكن، وحتى مع نجاحي الحالي، يهزمني النقد الداخلي أحياناً، وعندما تأتي هذه الأفكار التي تقلل من جهودي أحاول فهم مصدرها وتحديد إذا كانت تستحق الخوض فيها فعلاً، فهي تدفعني أحياناً إلى طرح أسئلة وجيهة على نفسي تساعدني على تعزيز مهاراتي، وفي أحيان أخرى تفسد يومي وحسب.

أرى نفسي الآن مبتدئة مؤمنة بكفاءتي في رحلة تتغير كل يوم، وفي النهاية تقبلت فكرة أن تبدو خبرتي أكبر مما هي عليه ما دمت أحب ذاتي وأدعمها وأسعى إلى تطويرها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي