إذا كنت تشتري بيانات المستهلكين فتعامل معها بحذر

3 دقائق
سماسرة البيانات

ملخص: ينفق المسوقون في الأسواق الاستهلاكية الكثير من المال لشراء أسماء العملاء المحتملين الذين ينتمون إلى مجموعة معينة يحاولون الوصول إليها، على سبيل المثال الرجال الذين يهتمون بالألعاب الرياضية أو أشخاص في منتصف العمر ويهتمون بالسفر. ولكن سماسرة البيانات الذين يبيعون تلك البيانات لا يكشفون عن الكيفية التي أُنشئت بها الملفات التعريفية أو مدى دقتها. قارن المؤلفان البيانات التي تم بيعها بالمعلومات المتاحة للجمهور، ووجدا أن مستوى الدقة كان منخفضاً للغاية في كثير من الأحيان.

 

يُعد جمع البيانات عن الأشخاص وبيعها تجارة قيمتها 200 مليار دولار تقريباً، وتشير جميع الدلائل إلى استمرار نمو أعمال السمسرة في البيانات.

من هم سماسرة البيانات؟

نوضح فيما يلي كيفية سير العمل عندما يتم بيع البيانات إلى المسوقين في الأسواق الاستهلاكية. يجمع سماسرة البيانات معلومات حول العملاء أينما يعثروا عليها، من خلال بطاقات العملاء الدائمين والسجلات العامة ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وفي أغلب الأحيان عن طريق تتبع سلوكيات التصفح في مختلف المواقع الإلكترونية. وبعد ذلك يتم إدخال جميع معلومات العملاء التي تم تعقبها في خوارزميات التعلم الآلي التي تنشئ ملفات تعريف للمجموعات المتماثلة من الأشخاص. ثم تُجمع هذه الملفات الرقمية إلى حزم من "الجماهير"، وقد يُطلق عليها أسماء من قبيل "مهتمون بالموضة" أو "ذكور 25 - 54 عاماً". يمكن للمسوقين شراء هذه الجماهير الجاهزة من سماسرة البيانات لعرض إعلانات موجهة. على سبيل المثال، قد تشتري شركة "نايكي" (Nike) أو "أديداس" (Adidas) حق الوصول إلى شريحة الجمهور "المهتمة بالموضة" للتواصل مع المشترين المحتملين للأحذية الرياضية.

ولكن هناك مشكلة؛ يتم الحفاظ على سرية العملية التي ينشئ من خلالها سماسرة البيانات هذه الشرائح لأسباب تنافسية. وهذا يعني للأسف أن مدراء التسويق لا يعرفون ما إذا كان بإمكانهم الوثوق ببيانات الجمهور، على الرغم من حقيقة أن هذه البيانات عادة ما تشكل جزءاً كبيراً من ميزانيات وسائل الإعلام. طرح مارك طمسون الرئيس التنفيذي لصحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) هذا السؤال ذات مرة: "عندما نقول أن من بين الجمهور امرأة محبة للموضة والأزياء يتراوح عمرها بين 20 و30 عاماً، ما هو احتمال أن تكون هذه المعلومة صحيحة بالفعل؟".

اختبرنا مؤخراً دقة شرائح الجمهور الشائعة التي تعرضها طائفة واسعة من السماسرة. وألقينا نظرة على العمر والنوع الاجتماعي واهتمامات العملاء مثل المهتمين بالألعاب الرياضية والمهتمين بالسفر والمهتمين باللياقة البدنية. للتحقق من الدقة، استخدمنا البيانات المستقاة من الأوساط التي أباح فيها الأشخاص عن هذه المعلومات طواعية. على سبيل المثال، قارنا سمات الشريحة ببيانات المستهلكين التي قدمتها فِرق الدراسات الاستقصائية، والتي تم التحقق من صحتها أيضاً باستخدام معلومات مستمدة من موقع "فيسبوك" أو من إحدى المؤسسات المالية.

الحذر عند اتخاذ قرار شراء ملفات تعريف الجمهور

ووجدنا في جميع اختباراتنا أن معلومات المستهلكين التي يبيعها سماسرة البيانات تتفاوت إلى حد كبير في الجودة. وكثير من هذه المعلومات مشابه أو أسوأ مما ستحصل عليه إذا استخدمت الفرص العشوائية لإعداد قائمة بالأفراد المستهدفين. وقد كانت البيانات الديموغرافية مخيبة للآمال بوجه خاص. على سبيل المثال، بلغ متوسط دقة شرائح النوع الاجتماعي التي تصنّف الذكور 42.5% فقط، وهي نسبة أقل من الفرص الطبيعية لتحديد الرجال التي تبلغ 50%. وكانت البيانات المتعلقة بالعمر أفضل قليلاً، ولكن ليس كثيراً؛ ففي 77% من الحالات في المتوسط كانت الفئة العمرية غير صحيحة أيضاً. (على الرغم من أن متوسط الدقة البالغ 23% يبدو منخفضاً، فإن هذه النسبة كانت أعلى على الأقل من نسبة الدقة في الرسائل العشوائية الموجهة إلى الأشخاص التي قد تصل إلى 10-18% في الفئة العمرية الواحدة).

بدت الشرائح القائمة على الاهتمامات أكثر دقة للوهلة الأولى. فقد كانت المعلومات حول اهتمامات الأشخاص صحيحة في حوالي 80% من الحالات. إلا أن هذا ليس مُطَمئناً كما يبدو. فقد بدا أن القدر الأكبر من الدقة مرتبط بحقيقة أن السمات الشائعة التي تميز "الجماهير" توجد في الغالب لدى عامة الناس، على سبيل المثال يحب العديد من الأشخاص في أستراليا والولايات المتحدة الألعاب الرياضية، لذا فإن تحديد شخص ما على أنه مهتم بالألعاب الرياضية ليس بالأمر الصعب. بعبارة أخرى، لم يكن بالإمكان الاعتماد على الجماهير المصنفة حسب الاهتمامات أيضاً. ولكن بالطبع كان بعض سماسرة البيانات أفضل من غيرهم.

ما يزيد مشكلة البيانات رديئة الجودة سوءاً هو حقيقة أن المسوقين يدفعون الكثير مقابل هذه الملفات التعريفية الرقمية. تعتمد التكاليف الفعلية على كل حالة ووسائل الإعلام المستخدمة، لكن أظهر بحثنا أن استخدام الاستهداف الرقمي غالباً ما يضاعف تكاليف الإعلانات. وهذا قدر كبير من الإنفاق على وسائل الإعلام، مع جني القليل للغاية من الثمار في كثير من الحالات.

تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أنه ينبغي لمدراء التسويق توخي الحذر عند اتخاذ قرار بشراء ملفات تعريف الجمهور لإطلاق حملات تسويق موجهة؛ وربما من الأفضل الانتظار إلى أن تتوفر لديهم معلومات موثوقة حول جودة ما يشترونه. وإذا استمروا في إطلاق الحملات الموجهة المستندة إلى ملفات تعريف الجمهور التي اشتروها من سماسرة البيانات، فينبغي لهم تجنُّب استخدام هذه الملفات مع شرائح واسعة من السكان (على سبيل المثال، جميع النساء أو جميع المستهلكين المهتمين بالألعاب الرياضية). وإذا كانت شريحة الجمهور المستهدفة ضيقة النطاق نسبياً، فمن المرجح أن تكون الحملة فعالة من حيث التكلفة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي