الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

7 سمات تتميز بها أفضل شركات الأسهم الخاصة

9 دقيقة
شركات الأسهم الخاصة
ليزسنو/غيتي إميدجيز

أدرك قطاع الأسهم الخاصة منذ فترة طويلة ضرورة اتباع منهجيات جديدة لخلق القيمة.

تحرص شركات الأسهم الخاصة على الاحتفاظ بالشركات التابعة في محافظها الاستثمارية فترات زمنية أطول واتخاذ إجراءات أكثر تعقيداً (مثل دمج الشركات الصغيرة في قطاعات معينة لتشكيل كيانات أكبر وأكثر تأثيراً)، إضافة إلى ازدياد الأموال المخصصة للاستثمار بالتزامن مع تراجع عدد الشركات المتاحة للاستحواذ، وكذلك ارتفاع أسعار الفائدة، ما استلزم ضرورة ارتفاع مستوى أداء الشركات لتعويض تكلفة الاقتراض المرتفعة وضمان تحقيق عائد استثماري جيد. تفسر هذه العوامل أسباب ازدياد أهمية الأداء التشغيلي لخلق القيمة في الوقت الحالي وبلوغها ضعف مقدار أهمية إبرام الصفقات والتمويل، كما يتحدث المسؤولون التنفيذيون عن أهمية المهارات القيادية ورأس المال البشري ومهارات التعامل مع الآخرين باعتبارها العوامل الأساسية لخلق القيمة، سواء كانوا يؤمنون بذلك فعلاً أم يقولونه في إطار التصريحات المعتادة؛ إذ يشير 69% من قادة شركات الأسهم الخاصة والشركات التابعة إلى أن الموهبة أهم عامل مؤثر في نجاح الشركات، متجاوزة الكفاءة التشغيلية (49%) والنمو العضوي (30%).

لكن ماذا عن اتخاذ إجراءات فعلية لتحسين إدارة المواهب؟ هذه خطوة كبيرة وصعبة في قطاع معروف بثقافته التي تحفل بالضغوط الشديدة وتركز على تحقيق نتائج سريعة. وخلال مسيرتي التي تمتد أكثر من 30 عاماً في تقديم المشورة بشأن رأس المال البشري لشركات الأسهم الخاصة والشركات التابعة، لا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي رأيت فيها تعبيرات تنمُّ عن الاستهزاء أو سمعت فيها أحدهم يقول: "هذا مثير للاهتمام" دون أن يعني ذلك فعلياً.

ولكن الأعوام القليلة الماضية شهدت تحولاً حقيقياً رفع الشعارات النظرية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة في هذا الاتجاه. وعلى الرغم من محدودية هذا التحول، فلا شك أننا نشهد تغييرات كافية تسمح لنا بتحديد ملامح ما بدأت أطلق عليه "الجيل الثاني من إدارة المواهب في شركات الأسهم الخاصة" (PE Talent 2.0). وإليك تفاصيل هذا المفهوم في صورة 4 سلوكيات و3 قدرات:

ولنبدأ بالسلوكيات، أي الأشياء التي تفعلها شركات الأسهم الخاصة الرائدة على نحو مختلف.

ربط المواهب بعملية خلق القيمة بوضوح منذ البداية

تحرص الشركات التي تتبنى رؤى مستقبلية بعيدة المدى على دمج رأس المال البشري في استراتيجياتها المتعلقة بعمليات الاستحواذ وتخطيط الصفقات. يتخذ هذا المسار 3 مظاهر محددة: تحديد الفرضية الأساسية للصفقة، وإجراء تقييم شامل لمواهب القيادات التنفيذية خلال المراحل الأولى من عملية التخطيط للصفقة، ومناقشة ثقافة الشركة بوضوح وعلاقتها بالإنتاجية ونتائج الأعمال.

على الرغم من تقييم شركات الأسهم الخاصة للقيادة بصفة غير رسمية عند اختيار الشركات المستهدَفة بالاستحواذ، فمن النادر أن تستند الصفقات بصورة أساسية إلى جودة الإدارة والمواهب؛ لكن من الملاحظ أن هذا التوجه يتزايد باستمرار، خاصة مع توسع نشاط شركات الأسهم الخاصة في قطاعات تمثل فيها المواهب البشرية أصلاً بالغ الأهمية. على سبيل المثال: عندما استحوذت شركة إنفستكورب (Investcorp) على شركة رِنتش (Wrench)، وهي شركة إقليمية لخدمات التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC) بلغت مبيعاتها 150 مليون دولار عام 2016، كان الغرض من عملية الاستحواذ هو تنمية الاستثمار من خلال شراء شركات مشابهة ودمجها مع شركة رِنتش. استندت فرضية الصفقة إلى ركيزتين ثقافيتين: أن تصبح الشركة "المستحوذ المفضَّل" في قطاع يتجه نحو التكتلات الاقتصادية، ومن ثم تتمكن من اختيار الشركات المستهدَفة التي تشاطرها قيمها في خدمة العملاء واستخلاص القيمة من خلال ضمان تحوُّل مجموعة الشركات المستحوذ عليها إلى كيان واحد متكامل يعمل بانسجام. وقد نجحت في تحقيق هذه الغاية أيّما نجاح؛ إذ يُطلق على المركز الإداري الرئيسي لشركة رِنتش اسم "دعم الفروع" بدلاً من "المقر الرئيسي"، ما يعكس الفلسفة التي يتبناها الرئيس التنفيذي لشركة إنفستكورب، كين هاينز، الذي ترقى إلى هذا المنصب بعد أن كان يشغل دوراً قيادياً في أحد الأقسام بالشركة. تعتمد هذه الفلسفة على خلق القيمة من خلال تطبيق نموذج القيادة الخدمية، حيث يتمحور دور المسؤولين التنفيذيين حول دعم الفروع وتمكينها لتحقيق القيمة، بدلاً من التركيز على السلطة المركزية التقليدية. وبعد 3 أعوام، باعت شركة إنفستكورب شركة رِنتش بثلاثة أمثال سعر الشراء، ومنذ ذلك الحين استمرت الشركة في النمو تحت قيادة هاينز لتصل إيراداتها إلى عشرة أمثال ما كانت عليه في عام 2016.

يبدأ اختيار القائد المناسب بإجراء تقييم فعّال، وعلى امتداد قطاع الأسهم الخاصة ألاحظ تحسناً ملموساً في الطريقة التي اعتادت الشركات استخدامها في تقييم المواهب، سواء خلال مرحلة التحقق أو خلال الأشهر الأولى من الاستحواذ على الشركة، وإن كانت الأدلة تشير إلى سوء تنفيذ هذه التقييمات غالباً في الماضي؛ فقد أثبتت أبحاث شركة أليكس بارتنرز (AlixPartners) ارتفاع معدل تغيير الرؤساء التنفيذيين في الأعوام الأولى من، وعادة ما تغيرهم الشركات دون خطط مسبقة، ما يؤثر سلباً على النتائج. وأعتقد من وجهة نظري أن السبب في ذلك هو تركيز التقييمات التقليدية على السمات التي يقدرها شركاء الصفقات (مثل الحزم في اتخاذ القرارات والاهتمام المُبالَغ فيه بتنفيذ المهام بسرعة) لكنها تتجاهل المهارات القيادية التحويلية، مثل الذكاء العاطفي والمرونة المعرفية (الاستراتيجية) والرغبة في التعلم.

في الوقت نفسه، نشهد تحسناً ملحوظاً في عمليات التحقق يهدف إلى كشف مشكلات القيادة ومواطن قوتها على المستوى التشغيلي وبفريق الإدارة التنفيذية؛ إذ لم تعد الشركات الرائدة تكتفي بتحليل الوثائق الواردة من مراكز البيانات، بل تزور مواقع العمل الفعلية وترسل أعضاء الفرق المسؤولة عن إبرام الصفقات أصحاب الخبرات التشغيلية لإجراء زيارات ميدانية إلى المقرات المكتبية ومواقع الإنتاج لتكوين رؤى سلوكية مستمدة من خبراتهم التشغيلية حول ثقافة الشركة وجودة الإدارة التشغيلية.

عدم الاكتفاء بتقييم المواهب، بل تطويرها وتنميتها

تحرص الشركات الرائدة في قطاع الأسهم الخاصة على تنفيذ برامج لمساعدة القادة على النمو وزيادة قيمتهم. في الماضي، كانت شركات الأسهم الخاصة نادراً ما تستثمر في تطوير القادة بسبب تركيزها على الأهداف قصيرة الأمد، لكن مع ظهور عوامل مثل طول فترات الاحتفاظ بالشركات المستحوذ عليها والهياكل التنظيمية غير الهرمية والأثر المزعزع للتكنولوجيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، والمتطلبات المتغيرة للقوى العاملة متعددة الأجيال، ازداد اهتمام هذه الشركات بتحسين مهارات القادة التنفيذيين على الفور.

يزداد عدد شركات الأسهم الخاصة التي تنظّم ملتقى عاماً يضم كبار قادة الشركات التابعة ممثَّلين في رؤسائها التنفيذيين ورؤسائها التنفيذيين للشؤون المالية، بالإضافة إلى آخرين في بعض الأحيان، مرة واحدة في العام لحضور ورش العمل والتعلم المشترك، وقد وصفتُ بعضها في مقال نشرته هارفارد بزنس ريفيو عام 2023. أما الشركات الرائدة فتتجاوز الأنماط التقليدية، مثل الفعاليات السنوية التي تقام مرة واحدة في العام، وتعتمد نمط التفاعلات الدورية على نحو أكثر انتظاماً. تقول رئيسة شركة أرسنال كابيتال بارتنرز (Arsenal Capital Partners) التي اعتادت عقد مثل هذه المنتديات على مدار 16 عاماً، جويل ماركيز: "يمكن أن تكون هذه المنتديات ذات قيمة هائلة للمسؤولين التنفيذيين الذين يفتقرون إلى الخبرة في إدارة الشركات المملوكة لشركة أسهم خاصة". توصلت ماركيز إلى أن التفاعلات الدورية ذات قيمة خاصة للمسؤولين التنفيذيين في الشركات المتوسطة الحجم؛ لأن الكثيرين منهم لم يسبق لهم التعامل مع نظم متطورة لإدارة رأس المال البشري أو المواهب أو لم تتح لهم الفرصة للتواصل وتبادل الخبرات مع نظرائهم. تحاول هذه المبادرات محاكاة برامج تطوير القدرات القيادية التي تعتمدها الشركات الكبرى منذ فترة طويلة، لكنها لم تكن معتمدة في شركات الأسهم الخاصة.

تستفيد هذه المبادرات التعليمية من طبيعة عمل شركات الأسهم الخاصة بقطاعات متعددة. ونظراً لأن المحافظ الاستثمارية لشركات الأسهم الخاصة تضم شركات من قطاعات متعددة، فإن فرصها في التبادل المعرفي وتبادل الخبرات تفوق مثيلاتها في الشركات الكبرى. وقد شهدت إحدى الشركات المتخصصة في الاستثمار في الشركات الصناعية أكثر من 6 حالات لترقية مسؤول تنفيذي واعد إلى منصب في شركة أخرى تابعة لها؛ ونتيجة للنتائج الإيجابية، تخطط الشركة لإطلاق برنامج رسمي لتطوير المواهب عبر الشركات التابعة يستهدف المرؤوسين المباشرين لمسؤولي الإدارة التنفيذية العليا.

التعامل بجدية مع تخطيط التعاقب الوظيفي، بحيث يشمل المستويات كافة داخل المؤسسة

لم تكن إدارة التشغيل في شركات الأسهم الخاصة التقليدية تولي اهتماماً كبيراً لتخطيط التعاقب الوظيفي؛ إذ كانت مهمة شركة الأسهم الخاصة هي إعادة هيكلة الشركة ومواردها المالية؛ أما مهمة الإدارة فكانت تتمثل في الاستمرار في العمل. حتى إذا نظرنا إلى المشهد الحالي، فسنجد أن عدداً قليلاً من المسؤولين التنفيذيين في الشركات التابعة (نحو ثلثها) يقولون إنهم يضعون أعينهم على مرشحين محدَّدين لتعيينهم في المناصب الرئيسية في حال خلوها. ومبرراتهم صادمة إلى حد ما؛ إذ يقول معظمهم بنسبة 55% من مسؤولي الشركات التابعة و54% من شركات الأسهم الخاصة إن تخطيط التعاقب الوظيفي لا يقع ضمن أولوياتهم أو إنهم لا يمتلكون عملية محددة لهذا الغرض. يدل هذا النهج على الفشل في الحوكمة. أما بقيتهم تقريباً بنسبة 47% من الشركات التابعة و43% من شركات الأسهم الخاصة فيقولون إنهم لا يستطيعون العثور على مرشحين مناسبين داخل شركاتهم لشغل المناصب. ويدل هذا النهج على الفشل في إدارة المواهب وتطوير القدرات القيادية.

هذه الممارسات جديدة نسبياً وليست شائعة؛ فشركة واحدة فقط من كل 3 شركات تابعة وشركة واحدة من كل 9 شركات أسهم خاصة أجرت تحليلاً رسمياً لتحديد الأشخاص الذين لا يمكن الاستغناء عنهم في المؤسسة، بل إن عدداً أقل (18% من مسؤولي الشركات التابعة و12% من مسؤولي شركات الأسهم الخاصة) يقولون إن لديهم عملية رسمية لتحديد المرشحين المناسبين أو تطويرهم لشغل المناصب المهمة بالإدارة الوسطى في حال خلوها؛ ولكن هذه الأقلية تمهد الطريق لاتجاهات جديدة بعالم إدارة المواهب وتطوير القدرات القيادية. وفي إطار هذه الممارسات المتقدمة التي تركز على التطوير المستقبلي للموظفين يستخدم بعض الشركات التقييمات لمساعدة الأفراد على أن يصبحوا أهم وأكثر قيمة للشركة أو المؤسسة إلى جانب تقييم مستوى أدائهم. ويعمل فريق رأس المال البشري بشركة أرسنال مع قادة الشركات التابعة لإعداد مجموعة متنوعة من الخطط المخصصة لتطوير قدرات كل فرد على حدة، سواء كانوا أعضاء مجلس إدارة أو مسؤولين تنفيذيين من أصحاب المناصب العليا أو موظفين واعدين أو موظفين يشغلون مناصب رئيسية، وتخضع للمراجعة مرتين في العام. وتمثل برامج التعلم المستمر، على غرار تخطيط التعاقب الوظيفي، جزءاً من التوجه نحو إعداد القادة، دون الاكتفاء باستغلالهم.

تبنّي منظور شامل لرصد المواهب في مختلف أقسام المؤسسة ومستوياتها الإدارية

إذا كان هناك مؤشر واحد يميز شركات الأسهم الخاصة الرائدة من الجيل الثاني عن غيرها، فهو إدراكها أن المواهب تخلق قيمة مضافة على المستويات كافة. كان النموذج القديم يركز على الرؤساء التنفيذيين والرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية إلى جانب بضعة مسؤولين آخرين، ويمنحهم الاهتمام كله وحصة في أسهم الشركة التابعة، ويعكس نموذجاً قائماً على الهندسة المالية لتحقيق القيمة؛ ولكن عندما تدرك أن خلق القيمة يعتمد على الأفراد، يجب اتباع نهج شامل يرى المؤسسة باعتبارها منظومة مترابطة.

ومن أبرز الأمثلة على الممارسات الجديدة منظمة أونرشيب ووركس (Ownership Works)، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى تشجيع الملكية المشتركة على نطاق واسع بين الموظفين في الشركات. وتتلقى المنظمة الدعم من مجموعة بارزة من كبرى شركات الأسهم الخاصة، من بينها أدفينت (Advent) وأبولو (Apollo) وكروس بلين كابيتال (CrossPlane Capital) وكيه كيه آر (KKR) وسيلفر ليك (Silverlake) وتي بي جي (TPG) وهارفست بارتنرز (Harvest Partners) وريفرسايد (Riverside) وأوبن غيت كابيتال (Opengate Capital)، كما تلقت منها وعوداً محددة لتنفيذ نماذج الملكية المشتركة في شركاتها التابعة (شركة أليكس بارتنرز، وهي جهة عملي، شريك أيضاً مع منظمة أونرشيب ووركس).

منح قادة رأس المال البشري سلطة هرمية في كل من شركة الأسهم الخاصة والشركات التابعة لها

تعيّن شركات الأسهم الخاصة شركاء رأس المال البشري وتمنحهم الأدوات اللازمة لتحسين إدارة المواهب في الشركات التابعة وتطوير قدرات شركاء العمليات التشغيلية الذين يشرفون على الشركات التابعة؛ وتعمل بجد لضمان فهم شركاء العمليات التشغيلية (الذين يمثلون حلقة الوصل اليومية بين الشركات التابعة والشركة الأم) استراتيجية المواهب ودمجها في أعمالهم الإشرافية؛ وتصر على اهتمام قيادة الموارد البشرية في الشركات التابعة على وضع استراتيجيات تنموية طويلة الأجل وتنفيذها، بدلاً من الاكتفاء بإدارة العمليات اليومية فقط؛ فالرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية بمجموعة أبولو عضو في اللجنة التنفيذية للمؤسسة، ما يتيح له إبداء رأيه في استثمارات الشركة وقراراتها. وتستعين شركة بلاكستون (Blackstone) بشركاء العمليات التشغيلية أصحاب المناصب العليا ممن يمتلكون خبرة سابقة في شغل منصب الرئيس التنفيذي لتقديم الملاحظات والدعم للرؤساء التنفيذيين في الشركات التابعة. ثمة الكثير من الأمثلة التي تدعم الفكرة، ولكنني سأكتفي بهذا القدر.

مناقشة تطوير المواهب بانتظام في اجتماعات مجلس الإدارة والاجتماعات التشغيلية

لا بد من التكامل بين السلطة الإدارية وآليات العمل. وتنظر شركات الأسهم الخاصة التقليدية إلى إدارة المواهب على أنها أمرٌ ثانوي متروك للشركات التابعة، ما قد يوضّح السبب في اعتبار قادة الموارد البشرية في الشركات التابعة شركاء استراتيجيين في العمل من جانب 43% من نظرائهم في تلك الشركات، ولكن 14% فقط من المستثمرين المالِكين في شركات الأسهم الخاصة يرونهم كذلك. في المقابل، يرى معظم المستثمرين أن وظيفة قادة الموارد البشرية تنحصر في توفير الأعداد الكافية من أصحاب الكفاءات والمواهب، بينما لا يستطيع 9% منهم تحديد مهمة الموارد البشرية أساساً. أما الشركات التي تتبنى نموذج الجيل الثاني من إدارة المواهب فتنظر إلى الرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية على أنه شريك أساسي في خلق القيمة، لا مجرد شخص يدير عمليات التنسيق مع شركات التوظيف. تقع على عاتق القيادة مهمتان أساسيتان في الشركات المملوكة لشركات الأسهم الخاصة: إدارة الأعمال وإحداث تغيير شامل بها. ومثلما يقول شريك العمليات التشغيلية المسؤول عن المواهب في شركة أميركان إندستريال بارتنرز (American Industrial Partners)، جيمي هولوران: "إن مسؤولي الشركات أدرى بأفضل أساليب إدارة شؤونها في أغلب الأحيان، لكن علينا أن نعلمهم نهجنا في إحداث التغيير الشامل"، مع عقد محادثات منتظمة بين المستثمرين والإدارة وفريق المواهب لضمان توافق الجهود بين إدارة العمليات التشغيلية وتنفيذ التغيير الشامل.

استخدام البيانات لإثبات وجهة نظرها للمستثمرين

يزداد استخدام شركات الأسهم الخاصة الرائدة للبيانات من أجل إقناع المستثمرين بأهمية الاستثمار في المواهب؛ إذ تستخدم مؤشرات الأداء المتعلقة بتفاعل الموظفين ومعدلات استنزاف الموظفين والمعنويات وتحليل الميول وبيانات التنوع والشمول، وذلك لتوفير رؤى ثاقبة حول قوة القوى العاملة والثقافات المؤسسية بالشركات التابعة، إلى جانب الكشف عن المخاطر أو فرص التحسين المتاحة وتحديد أفضل الممارسات وتطبيقها عبر الشركات التابعة الأخرى؛ لكن أهمية البيانات لا تقتصر على أداء هذه الوظيفة؛ فاستخدام البيانات كفيل بتغيير مجريات الحديث مع شركاء الصفقات الذين يركزون على الجانب المالي، سواء في وقت الاستحواذ أو خلال فترة الاحتفاظ بالشركة بعد الاستحواذ عليها أو عند إعداد الشركات أصولها للبيع. ومثلما تقول شريكة رأس المال البشري في شركة بلاكستون، كورتني ديلّا كافا: "نقيس في شركتنا التأثير باستخدام معايير كمية محدَّدة؛ إذ يدرك الجميع أن رأس المال البشري ذو قيمة مهمة من الناحية النظرية، لكن مستثمرينا يطبقون منظوراً تحليلياً يعتمد على البيانات والتقييم الموضوعي عند مناقشة القضايا المتعلقة بالأعمال، ويشمل هذا النهج كل ما يتعلق بالمواهب ورأس المال البشري؛ لذلك نسعى نحن أيضاً لتحويل الأنشطة والنتائج في مختلف مراحل دورة حياة الاستثمار إلى أرقام قابلة للقياس، بدءاً من التنبؤ بنجاح التقييمات القيادية الرسمية وفشلها وصولاً إلى تقييم درجات التفاعل في الشركات التابعة باعتبارها إشارات مبكرة تعكس الحالة العامة للشركات من حيث الأداء والفعالية.

مثلما قلتُ من قبل، فهذه الممارسات رائدة لا تزال في مراحلها الأولى، ولم أشهد (حتى الآن) أي شركة أسهم خاصة تطبقها جميعاً بانتظام في الصناديق الاستثمارية والشركات التابعة، لكن الاتجاه العام في القطاع ظاهر بوضوح ويشير إلى مسار معين وهو أن الجوانب الفنية والعلمية للإدارة تزداد أهمية يوماً بعد آخر في قطاع الأسهم الخاصة.

وفي الوقت نفسه، ثمة اختلافات بين الإدارة الفعالة في شركات الأسهم الخاصة والشركات المساهمة العامة. أولاً: تتسارع وتيرة العمل بدرجة ملحوظة عندما تدخل شركات الأسهم الخاصة على الخط. ثانياً: مثلما أوضح لي جيمي هولوران، فعلى المسؤول التنفيذي في شركة الأسهم الخاصة أن يكون بارعاً في كلٍّ من فنون التغيير الشامل والعمليات التشغيلية، ويحتاج إلى تلقي الدعم من مجلس الإدارة والمستثمرين الذين يدركون أهمية كلتا المهارتين. ويعتمد الأداء المتميز في مجالي التغيير الشامل والعمليات التشغيلية على الاستثمار المستدام والمنهجي في الأفراد والقدرات، وتحسين مستوى العمل الإداري، بدءاً من الرئيس التنفيذي وصولاً إلى مشرفي الخطوط الأمامية، بالإضافة إلى تحسين عمليات إدارة المواهب على المستويات كافة، بدءاً من توظيف المسؤولين التنفيذيين وتقييمهم وصولاً إلى التعلم والتطوير، مروراً بتخطيط التعاقب الوظيفي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي