كيف يساعدك سجل الوقت على اكتشاف المهام التي يجب تفويضها؟

6 دقيقة
تفويض بعض المهام
shutterstock.com/Chris Klonowski

خلال السنوات العشرين التي أمضيتها في تدريب المدراء التنفيذيين، لاحظت أن القادة من مختلف المستويات يعانون مشكلة محددة، وهي التفويض. يعلم معظم القادة أن عليهم تفويض بعض المهام، ويعلم الكثير منهم طرق التفويض، لكن ما يعوقهم هو تحديد المهام التي يجب تفويضها.

عندما أطرح على المدراء التنفيذيين السؤال: "ما هي المهام التي يجب أن تفوضها برأيك؟"، ألاحظ أنهم يفكرون طويلاً لتحديد المهام التي يثقون بأن تسليمها للآخرين يناسبهم، لكنهم يعجزون غالباً عن تقديم إجابة ملائمة. بالنتيجة، يتحدثون عن تفويض بعض الأنشطة المنخفضة المخاطر لكنهم يفوتون فرصة تسليم أي مهمة جوهرية وهادفة أخرى. الحقيقة هي أن العديد من كبار القادة يؤدون المهام التي قد تبدو بسيطة ظاهرياً ولكنها تستغرق وقتاً طويلاً على نحو مفاجئ ولا تولد قيمة تتوافق مع الوقت المستغرق لإنجازها. تضيع هذه المهام وقت كبار القادة الثمين الذي يستطيعون تخصيصه للأنشطة الاستراتيجية التي تولد عائداً أعلى على الاستثمار.

أساعد عملائي على تحديد هذه المهام وقياسها من خلال توصيتهم باستخدام أداة تقليدية لإدارة الوقت تحدد مواطن عدم الكفاءة والمهام الزائدة عن الحاجة، وهي أداة سجل الوقت. بدلاً من الاعتماد على الذاكرة، يعرض سجل الوقت بيانات توضح المهام التي يستثمر القائد وقته في إنجازها بالفعل.

على سبيل المثال، دربت مؤخراً رئيساً تنفيذياً للشؤون المالية (لنسمه "مروان") حصل على ترقية داخلية بعد أن كان مراقب المحاسبة والماليات في شركة كبرى. كان مروان يعلم نظرياً أن عليه إعادة تنظيم وقته ولكنه واجه صعوبة في تحديد المهام التي يجب تفويضها لفريقه. وبعد جمع البيانات على مدى أسبوعين باستخدام سجل الوقت، تمكن من تحديد مهام وظيفته السابقة التي ما زال يؤديها في وظيفته الجديدة، ومنها إعداد بعض التقارير وتقديمها للرئيس التنفيذي، بالإضافة إلى بعض مهام التسوية التي لم يتح له الوقت لتدريب خلفه عليها. حدد مروان أيضاً العديد من الاجتماعات التي كان يحضرها وكان من الأفضل أن يحضرها أحد أعضاء فريقه نيابة عنه. إجمالاً، حدد أنشطة (أي مهام واجتماعات) تستغرق نحو 20 ساعة شهرياً يمكن تفويضها، كما استفاد كثيراً من تتبع وقته لدرجة أنه طلب من كل من مرؤوسيه المباشرين تتبع أوقاتهم بالطريقة نفسها.

على الرغم من أن استخدام سجل الوقت قد يبدو مضجراً، فإنه قد يمثل وسيلة شديدة الفعالية لتوفير الوقت وتخصيصه للمهام الاستراتيجية. إذا كنت مستعداً لاتباع هذه الطريقة، فإنني أوصيك بتقسيمها إلى 4 خطوات: جمع البيانات، وتحليل البيانات، وتفويض المهام، والتأمل في النتائج.

جمع البيانات

ابدأ بإنشاء جدول بيانات وتقسيم يوم العمل إلى فترات مدة كل منها 15 دقيقة. يقسم البعض اليوم إلى فترات مدة كل منها 10 دقائق، بينما يعتمد البعض فترات مدة كل منها 30 دقيقة. لا ضير في ذلك، لكني أوصي بعدم الاعتماد على فترات مدة كل منها ساعة واحدة لأن ذلك لن يغطي الكثير من المهام البسيطة التي لا تستغرق الكثير من الوقت.

هناك العديد من تطبيقات تتبع الوقت الممتازة، لكن يصعب تعلم كيفية استخدامها، وهذا ما يدفع القادة غالباً إلى التخلي عنها مبكراً. إذا عثرت على تطبيق يناسبك ويمكنك استخدامه بكفاءة، فلا تتردد في استخدامه. لكن بخلاف ذلك، يمثل جدول البيانات التقليدي أداة بسيطة يستطيع معظمنا استخدامها.

بمجرد إنشاء السجل، خصص بعض الوقت (مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم) لتلخيص النشاطات التي أجريتها خلال الساعتين إلى أربع ساعات السابقة (قد تبدو هذه المدة طويلة لكن اعتمادها مفيد على المدى الطويل). يجب إدخال أي نشاط استغرق أكثر من خمس دقائق في السجل، وهذا يشمل نشاطات مثل الإجابة عن أسئلة الزملاء أو إجراء المحادثات الطويلة عبر الرسائل النصية أو قراءة التقارير أو حضور الاجتماعات. اكتف بتسجيل النشاطات في الأسبوع الأول ولا تحلل البيانات؛ فهدفك هو إنشاء سجل واقعي للنشاطات التي تجريها دون تقييمها. عليك أن تحاول أيضاً إدخال النشاطات في السجل عدة مرات في النهار بدلاً من الانتظار حتى نهايته (أو حتى اليوم التالي). يواجه معظمنا صعوبة في تذكر أحداث وقعت قبل يوم فقط، فضلاً عن تذكر المدة التي استغرقتها الإجابة عن أسئلة أحد ما مر بنا.

تحليل البيانات

بعد جمع البيانات على مدى أسبوعين على الأقل، ابدأ بمراجعة طرق استثمارك للوقت، وصنف المهام في الفئات الأربع التالية:

المهام التي يجب تفويضها.

هذه هي المهام التي يمكن تسليمها إلى شخص آخر بسهولة نسبياً. لا تستغرب إذا كان عدد المهام في هذه الفئة كبيراً. على سبيل المثال، ربما أنت من الذين يعدون التقارير الشهرية أو ربع السنوية (مثل مروان)، وربما تحضر اجتماعات يجب أن يحضرها أحد مرؤوسيك المباشرين بدلاً منك، كما من المحتمل أن تكون المهام في هذه الفئة من مهام دورك السابق أو من المهام التي ورثتها عن سلفك ولم تشكك في ضرورة أدائها.

المهام القابلة للتفويض.

هذه هي المهام التي يمكن تفويضها لشخص آخر، ولكن تسليمها قد يستغرق بعض الوقت والجهد. قد تلاحظ أنك تؤدي بعض هذه المهام لأنك تعتقد أنك الوحيد في فريقك الذي يتمتع بالمهارات الملائمة أو الخبرة الكافية لأدائها، ما يدفعك لعدم تفويضها. على سبيل المثال، دربت رئيسة تنفيذية للشؤون المالية (لنسمها "لينا") كانت تعد عروض الميزانية السنوية لرئيس الشركة بنفسها لأنها تخشى أن موظفيها لا يتمتعون بالخبرة الكافية لإعدادها (وأنهم لن ينجزوها وفقاً لمعاييرها). اضطررت أن أوضح للينا أن موظفيها لن يتعلموا كيفية إعداد هذه العروض إذا استمرت في إعدادها نيابة عنهم. ما يطمئن هو أن تخصيص بعض الوقت لتدريب شخص ما على مهمة يؤتي ثماره في غضون بضعة أسابيع أو أشهر عموماً (تبعاً للمهمة)، وهذه الفوائد تشمل توفير وقت المدرب وتنمية مهارات الخاضع للتدريب.

المهام التي لا يمكن تفويضها.

هذه المهام جوهرية في عملك ويعتمد إنجازها بفعالية على مجموعة مهاراتك ومنصبك. إذا تمكنت من تفويض المهام في الفئتين السابقتين، فستوفر لنفسك المزيد من الوقت لأداء هذه المهام الجوهرية. على سبيل المثال، أعرب أحد الرؤساء التنفيذيين الذين دربتهم عن أسفه لأنه لم يتمكن من تخصيص الوقت "للتفكير الاستراتيجي" بسبب مسؤولياته؛ إذ شعر بأنه كان يعمل في الشركة باستمرار بدلاً من أن يعمل على تطويرها كما فعل سلفه وموجهه. عندما بدأ بتفويض بعض المهام التي كانت تستهلك وقته، تمكن من تخصيص 90 دقيقة أسبوعياً لمراجعة التوقعات المالية وقراءة المنشورات الخاصة بقطاع شركته وتحسين رؤيته لأعمالها.

المهام التي يمكن أتمتتها أو الاستغناء عنها.

هذه الفئة مخصصة للمهام التي يجب ألا تؤديها أنت ولا موظفوك، وهي إما زائدة عن الحاجة وإما ثانوية يجب إلغاؤها، وإما مهام يمكن أتمتتها ربما باستخدام تطبيق ما أو إحدى أدوات الذكاء الاصطناعي. قد تشمل هذه الفئة الاجتماعات التي ليس من الضروري أن تحضرها أو تقارير مستجدات الحالة التي لا يقرؤها أحد أو مهام التحليل اليدوي القابلة للبرمجة. على سبيل المثال، إذا كنت قادراً على إنجاز مهام أخرى في أثناء اجتماع ما دون التأثير سلباً في جودته، فمن المرجح أن حضورك لهذا الاجتماع غير ضروري.

التفويض

بعد جمع البيانات وتحليلها، عليك إعداد قائمة بالمسؤوليات التي تحتاج إلى تفويضها. يبدأ عملائي عادة بالمهام في الفئة الأولى، ويضعون خطة لتسليمها إلى شخص آخر.

ابدأ باختيار موظف تتوافق مواطن قوته واهتماماته و(أو) أهدافه التنموية مع المهمة. بعد ذلك، دون بعض الملاحظات حول المهمة واجمع الأمثلة أو المواد التي تساعد الموظف على الإلمام بها. أخيراً، خصص وقتاً قصيراً لتقييم اهتمام الموظف ومراجعة المهمة وتوضيح توقعاتك منه والإجابة عن أسئلته.

تعتمد مدة هذه العملية على المهمة نفسها واستعداد الموظف لتوليها. ربما تحتاج المهام الأكثر تعقيداً، خاصة تلك المدرجة في الفئة الثانية، إلى وضع خطة أوسع تتضمن عدداً أكبر من جلسات التواصل. في الواقع، من المحتمل أن تضطر إلى أداء المهمة مع الموظف في المرات القليلة الأولى قبل أن تسلمها إليه بالكامل.

قد ترى أيضاً أنه من الملائم تفويض الاجتماعات التي كنت تحضرها عادة ولكن لا حاجة إلى حضورها بعد الآن. يتطلب تفويض حضور الاجتماعات التحضير والشرح، ما يعني أنك قد تضطر إلى إعداد الملاحظات حول الغرض العام من الاجتماع وما تتوقعه من الموظفين الذين يحضرونه، بالإضافة إلى تبرير حضورك المستمر له وتحديد المخرجات التي تريد أن تطلع عليها بمجرد توقفك عن حضوره. مثل مهام الفئة الثانية، قد تضطر إلى حضور بعض الاجتماعات مع الشخص الذي تفوضه بحضورها نيابة عنك والإجابة عن الأسئلة التي قد يطرحها قبل التوقف عن حضورها تماماً.

يجب أن تحذر طوال العملية من ميلك لتولي المهام التي فوضتها مجدداً، خاصة عندما يخطئ الموظفون في أدائها أو يظهرون ترددهم. عندما فوضت لينا مهمة إعداد عروض الميزانية السنوية، أخذت إجازة في اليوم الذي عمل فريقها على العرض وذهبت لمشاهدة فيلم حتى تمنع نفسها من مراجعة تقدم زملائها. لا أوصيك بإلهاء نفسك دائماً بأنشطة مثل الذهاب إلى السينما عند تفويض المهام، ولكن عليك أن تتذكر في هذه الحالة أنك أنت أيضاً لم يكن أداؤك لهذه المهام ممتازاً في البداية.

التأمل

الخطوة الأخيرة في العملية هي تحليل طريقتك في إعادة تخصيص وقتك. على سبيل المثال، من الممكن أن تعيد بعد شهرين جمع البيانات في سجل الوقت على مدى بضعة أسابيع لتقييم فوائد تفويض المهام. على أقل تقدير، يمكنك إلقاء نظرة على سجل الوقت الأصلي وحساب مقدار الوقت الذي استغرقته الاجتماعات والمهام من قبل ومقارنته بالوقت الذي تستغرقه الآن. هذه هي الطريقة التي طبقها الرئيس التنفيذي للشؤون المالية، مروان، لحساب المدة التي تستغرقها المهام التي فوضها، وبلغت 20 ساعة شهرياً.

إذا أردت تحديد الفوائد من استخدام أداة سجل الوقت بدقة، فاضرب عدد الساعات التي كان إنجاز المهام المفوضة يستغرقها بتقدير لأجرك الساعي (قيمة إجمالي التعويضات مقسومة على عدد ساعات العمل السنوي). على افتراض أنك تتقاضى أجراً أكبر من أجر الشخص الذي فوضته، فستتمكن من تحديد القيمة التي خلقتها من خلال تسليم المهام المفوضة، وذلك حتى تتمكن من التركيز أكثر على العمل الاستراتيجي.

البيانات المستخرجة من سجلات الوقت مفيدة جداً في تحديد المهام التي يجب تفويضها وتلك التي يمكنك تفويضها. إحدى فوائد استخدام هذه الأداة هي أنها تغير نظرتك إلى مهامك، كما أنها قد توفر لك الوقت لإنجاز المزيد من المهام الاستراتيجية التي يجب أن تستثمر وقتك في إنجازها، والتي تؤثر في سير أعمال مؤسستك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي