انطلقتُ في رحلتي مع فلاورد بناء على تجاربي وخبرتي في قطاعات مختلفة كشركات رأس المال الجريء والشركات التكنولوجية الناشئة والملكيات الخاصة. لقد أردت خوض تحدٍ جديد يجمع بين شغفي بالابتكار وفُرص السوق الواعدة.
رؤية السوق والفجوة في المجال
في مرحلة مبكرة من رحلتي العملية، أدركتُ اهتمامي الخاص في الانغماس في عالم ريادة الأعمال والشركات التكنولوجية الناشئة، ومن هنا أتت فكرة فلاورد. كشفت دراسة جدوى السوق عن إمكانات هائلة في قطاع الورود والهدايا بدول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغ حجم سوق الورود المقطوفة في دول مجلس التعاون الخليجي نحو 1.5 مليار دولار في عام 2017، فضلاً عن غياب لاعب رئيسي يسيطر على المشهد. على الرغم من شيوع ثقافة تقديم الهدايا في مجتمعاتنا العربية، إلا أن عملية شراء الورود كانت تقتصر في الغالب على الشراء المباشر من الباعة المحليين "التقليديين". لذلك، رأيتُ فرصة لسد الفجوة بين السوق الإلكترونية وسوق الورود التقليدية، مستفيداً من التفضيل المتزايد للتسوق عبر الإنترنت وسهولة الاستخدام الذي يوفره.
نموذج العمل والخدمة المتميزة
اخترنا نموذج عمل المتجر الإلكتروني الذي يستورد الورود ويقوم بتنسيقها وتوصيلها إلى العميل مباشرة، بما يضمن جودة المنتجات وتوصيلها في أسرع وقت. وفي عام 2017، أعدنا إطلاق فلاورد بعد تحسين شامل للعمليات التشغيلية، لتدخل قطاع الورود والهدايا بقوة. حرصنا منذ البداية على فهم السوق واحتياجات العملاء، حيث أظهرت الدراسات أن العملاء الأفراد هم الفئة الأكبر التي تقبل على شراء الورود والهدايا في المناسبات الخاصة. كما يتميّز المستهلك العربي عن نظيره الغربي باختلاف نمط الشراء، إذ يميل المستهلك العربي إلى شراء الورود لإهدائها في مناسبات محددة كزيارة مريض أو عيد ميلاد، على عكس المستهلك الغربي الذي يقتني الأزهار بشكل منتظم للاستخدام الشخصي. من جهة أخرى، ركّزنا على تكوين علاقات وطيدة مع الموردين الدوليين والمحليين لضمان جودة واستمرارية توريد الورود بأنواعها المختلفة، كما حرصتُ على إنشاء فريق عمل متخصص من منسقي الورود والمصممين المحترفين لإنتاج تشكيلة مميزة من الباقات والهدايا التي يتم عرضها على الموقع الإلكتروني والتطبيق الخاص بها.
إدارة عرض المنتجات: فهم السوق المحلي
إلى جانب جودة المنتجات، أولينا اهتماماً بالغاً بتطوير إدارة عرض المنتجات على متجرنا الإلكتروني، حيث ابتعدنا عن مجرد نسخ نماذج المتاجر العالمية، وركزنا على تطبيق إدارة أصناف منتجات تتلاءم مع السوق المحلية وتوقعات العملاء. على سبيل المثال، حرصنا على توفير تشكيلة مناسبة من الهدايا التي تتماشى مع المناسبات المختلفة، مع إمكانية الاشتراك بخدمة توصيل الورود بشكل دوري.
النجاح في السوق الخليجي والتوسع
حققنا نجاحاً ملحوظاً في السوق الكويتي خلال عام واحد فقط، لننطلق بعدها نحو التوسع في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بالاعتماد على نموذج العمل نفسه وعرض المنتجات والخدمات المميزة التي نقدمها. استهدفنا في البداية السوق السعودي الذي يتميز بحجم أكبر مقارنة بالكويت، إلا أن معدل استهلاك الفرد للورود فيه يقل كثيراً، وتزامن دخولنا للسوق السعودي مع تحول كبير في ثقافة التسوق الإلكتروني بالمملكة، وهو ما استفدنا منه بشكل ملحوظ، حيث كان نموذج عملناً ملائماً لثقافة التسوق الإلكتروني التي كانت تنمو يوماً بعد يوم.
تعزيز الروابط الأسرية والمجتمعية
انطلقت رؤيتنا من المساهمة في تعزيز العلاقات الاجتماعية وتقوية الروابط الأسرية والمجتمعية من خلال ترسيخ ثقافة تبادل الهدايا والورود. لذلك، لم تقتصر جهودنا على توفير الورود والهدايا للمناسبات التقليدية كالأعياد فحسب، بل سعت إلى إحياء مناسبات أخرى كيوم الأب، وكذلك تشجيع المستهلكين على جعل الورود جزءاً من حياتهم اليومية.
تحويل التحديات إلى فرص: النمو في زمن الجائحة
شهدنا نمواً مضطرداً حتى مع ظهور جائحة كوفيد-19 التي فرضت تحديات جديدة. تزامنت الجائحة مع واحدة من أهم المناسبات بالنسبة للشركة، وهي يوم الأم. مع الإجراءات الاحترازية التي شملت الحظر الكامل، شهدت سلاسل التوريد العالمية انقطاعات وتأخيرات أثرت على العديد من الشركات.
على الرغم ذلك، شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً في المبيعات خلال فترة الجائحة، وذلك بسبب تحول العديد من العملاء إلى التسوق الإلكتروني بسبب قيود الحظر، وما مكننا من اقتناص فُرصة الجائحة هو جاهزيتنا التامة للعمل عبر الإنترنت وسيطرتنا على سلسلة التوريد منذ البداية، لنعزز مكانتها في السوق.
لقد رأيت في هذه الظروف فرصة غير مسبوقة للتوسع، فعلى الرغم من المخاطر الاقتصادية التي فرضتها الجائحة، إلا أن فلاورد كانت من بين القلائل المستعدة لظروف كهذه. بعد تقييم شامل، اقترحتُ على شركائي رفع رأس مال الشركة لاستغلال فرص النمو المتاحة، ونجحنا في إقناع المستثمرين بعد عرض بيانات النمو القوية التي حققناها خلال تلك الفترة.
بهدف تحقيق أعلى إيرادات ممكنة، تم ضخ استثمارات جديدة في الشركة وهو ما استلزم المرور بفترة خسارة إلى حين الوصول إلى معدل مبيعات مستدام. ورغم عدم تحقيق صافي الربح بعد في جميع الأسواق التي دخلتها فلاورد، إلا أن الشركة شهدت نمواً مضطرداً في كل سوق على حدة.
استطعنا إثر ذلك تحويل التحديات إلى فرص للنمو، وتمكنا من دخول أسواق 17 مدينة في دول الخليج بحلول عام 2020، بما في ذلك قطر ومملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة. بعد ذلك، توجهت أنظارنا نحو الأسواق الخارجية، وتحديداً المملكة المتحدة التي يختلف فيها قطاع الورود عن دول الخليج. يميل المستهلك البريطاني إلى الاستهلاك الشخصي للورود أكثر من ارتباطه بالهدايا والمناسبات، وشكّل هذا فرصة عملنا على استغلالها وسد هذه الفجوة مستفيدين من العلاقات الوثيقة التي تربط المجتمع الخليجي بالمملكة المتحدة.
رحلة التوسع: الأسواق الجديدة والاستثمارات
توالت الأسواق الجديدة لنصل إلى جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية وسلطنة عمان في عام 2021. مع اكتمال خطة التوسع لعام 2021، عقدنا شراكة استراتيجية مع صندوق إمباكت 46 السعودي الذي سبق أن استثمر في الشركة، بالإضافة إلى صندوق إس تي في الذي قاد جولة استثمارية جديدة. أسفرت هذه الشراكة عن زيادة رأس مال فلاورد بأكثر من 27 مليون دولار أميركي في مطلع عام 2022.
وفّرت هذه الاستثمارات الجديدة إمكانية الاستفادة من خبرات شركات عالمية رائدة، وهو ما انعكس على إعادة هيكلة الشركة وإعادة تصميم آليات العمل. شمل ذلك جوانب مختلفة مثل استراتيجيات التسويق، وإدارة عمليات التوريد والتخزين والتوزيع، بالإضافة إلى الجوانب المالية والقانونية. بعد ذلك، نجحنا في إغلاق جولة استثمارية (Series C) بقيمة 156 مليون دولار مع بداية عام 2023. قاد هذه الجولة كل من شركة الجزيرة كابيتال ورين ووتر بارتنرز وإس تي في، وذلك تمهيداً لخططنا في المرحلة القادمة من عمر الشركة، من تطوير للخدمات والمنتجات، وخطط للتوسع في أسواق جديدة، وعمليات الاندماج والاستحواذ التي قد تحدث في المستقبل القريب.
أكثر من مجرد متجر إلكتروني للورود والهدايا
لم نكتف بتقديم منتجات فخمة بأسعار معقولة، بل حرصنا على تقديم أكثر من 4,000 منتج من الورود والنباتات والهدايا المختلفة بأسعار تنافسية. كما اتخذنا قراراً استراتيجياً بعدم اللجوء إلى العروض والخصومات التي تنتشر في عالم التجارة الإلكترونية، وذلك للمحافظة على ثقة العملاء بالمصداقية والجودة العالية للمنتجات وتموقع العلامة التجارية في أذهان عملائنا.
من زاوية التكنولوجيا الحديثة، وظفنا أدوات الذكاء الاصطناعي في تطوير تجربة المستخدم على موقعنا الإلكتروني. على سبيل المثال، يتولى الذكاء الاصطناعي تخصيص وصف المنتجات على الموقع بناءً على تفضيلات المستخدم وسجل تصفحه السابق، كما يعرض الذكاء الاصطناعي تشكيلة منتجات تتناسب مع ذوق كل عميل، بما يزيد احتمال إقباله على الشراء.
نتطلع إلى المستقبل بطموح كبير حيث تتمثل رسالتنا الأسمى في تعزيز الترابط المجتمعي من خلال ترسيخ ثقافة "الإهداء" ونشر عادة استهلاك الورود. تسعى فلاورد إلى أن تكون أكثر من مجرد شركة تبيع الورود والهدايا، بأن تكون جزءاً لا يتجزأ من المناسبات السعيدة واللحظات المميزة في حياة الناس.
لعل أبرز الشواهد لحصد النجاحات المتتالية لحد هو تحول الورود من منتج لمناسبات معينة إلى رفاهية يومية. لم يعد تقديم الورد قاصراً على التعبير عن الحب في يوم الحب أو الشكر والتقدير في يوم المعلم، بل أصبح وسيلة لإضفاء البهجة على المنازل وأماكن العمل على مدار السنة.
نستعد الآن لطرح أسهم فلاورد للاكتتاب الأولي العام خلال النصف الثاني من عام 2024. هذه الخطوة الاستراتيجية ستمكننا من مواصلة مسيرة النمو الطموحة التي بدأتُها، وتعزز مكانتنا الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية للورود والهدايا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما ستتيح لنا الفرصة لتوسيع نطاق خدماتنا وابتكار أفكار جديدة لإسعاد الناس وإضفاء البهجة على حياتهم اليومية.