دراسة حالة: قصة تحالف بين اثنتين من رائدات الأعمال المغتربات في الإمارات وخيارات مفتوحة

6 دقائق
قصص نجاح رائدات الأعمال في العالم العربي
shutterstock.com/Kakigori Studio

تختلف سلوكيات صاحبات الأعمال وصفاتهن عن نظرائهن الذكور على مستويات التحليل الشخصي والتنظيمي وبيئة العمل. إذ تحمل رائدات الأعمال الإماراتيات في الغالب إجازات في العلوم الإنسانية أكثر من الإجازات التقنية، ويقدرن مهاراتهن التفاعلية أكثر من تلك المالية، ويمتلكن شركات أصغر حجماً ورأس مال أقل، ويخترن نهج النمو البطيء لمشاريعهن، ذلك من بين اختلافات أخرى متعلقة بقصص نجاح رائدات الأعمال.

المشكلات التي تواجه رائدات الأعمال

يقول كل من دين باتون وسوزان مارلو في بحثهما إن رائدات الأعمال يواجهن صعوبات في اكتساب المصداقية مع المؤسسات الائتمانية وتوفير رأس المال لتمويل مشاريعهن. وقد وجد كل من تيشنزي وو وجيس تشوا أن هناك حالات تمييز مخفية أكثر من تلك الواضحة بين الجنسين فيما يتعلق بممارسات الإقراض، حيث تميل سيدات الأعمال إلى الحصول على شروط أقل ملائمة للقرض، ويتحملن تكاليف اقتراض أعلى من رجال الأعمال. من ناحية أخرى، تشير العديد من الدراسات إلى أن انخفاض معدل الحصول على التمويل في المشاريع المملوكة للنساء يعد مدفوعاً بخصائص القطاع وسلوك المرأة الريادي، مثل انخفاض معدلات طلب رأس المال، وتفضيل رأس المال الداخلي، وارتفاع معدل تفادي المخاطر، وعدم الوعي بالخيارات المتنوعة من التمويل الخارجي.

تواجه رائدات الأعمال مشكلات في الوصول إلى الموارد من خلال شبكات أعمال الشركة، في حين أن توجهات شبكات أعمالهن التعاونية تنحو إلى أسباب غير الربح والنمو. وبالإضافة إلى التحدي الجوهري المتعلق بإيجاد توازن بين العمل والأسرة، هناك عوائق اجتماعية وثقافية تؤثر على أوجه اهتمام رائدات الأعمال بصورة ملموسة.

اقرأ أيضاً: لماذا يتفاعل المستثمرون سلباً مع الشركات التي تعين النساء في مجالس إداراتها؟

يجدد الباحثون دعواتهم للبحث في ريادة الأعمال النسائية من أجل تبني توجهات جديدة. وقد يسهم طرح مواضيع مثل التمويل والتعارف ونمو المشاريع في النهوض بالمعرفة في المشاريع التي تديرها النساء. يمكن للباحثين التركيز على عملية بناء الفرص من خلال دراسة شكل بدايات سيدات الأعمال ومسائل التوافق. ويمكن أن يتبع ذلك الوصول إلى فهم أعمق من خلال تبني نهج ديناميكي لتقييم مدى تأثير التغيرات في الوضع العائلي والعوامل الخارجية وظروف الاقتصاد الكلي على قرارات رائدات الأعمال. علاوة على ذلك، فإن تحليل الأطر التشريعية وأنظمة الدعم الحكومية والعقبات الاجتماعية أمام إنشاء النساء للأعمال في الأسواق الناشئة غير المستكشفة له قيمة خاصة.

ريادة الأعمال النسائية في الإمارات العربية المتحدة

تطورت دولة الإمارات العربية المتحدة بوتيرة سريعة ليصبح اقتصادها من أحد الاقتصادات الرائدة في الشرق الأوسط. وبينما بدأت المشاريع التي أطلقتها نساء إماراتيات في جذب المزيد من الاهتمام البحثي، إلا أن الدراسات التي تركز على رائدات الأعمال الوافدات إلى دولة الإمارات نادرة.

لقد أجرينا ست مقابلات مع كلير فينر وجورجي هيرسون اللتين أنشأتا شبكة تعارف لرائدات الأعمال في دولة الإمارات. ومن خلال سرد قصصهما، سوف تساعد دراسة الحالة هذه على إجراء تقييم نقدي للعملية الريادية في سياق محدد، وسوف تسمح بمناقشة اكتشاف وخلق وجهات النظر المتعلقة بالفرص الريادية باعتبارها دوافع لإنشاء المشروع ودراسة دور مهارات القيادة والنظريات الشخصية في نجاح المشاريع الريادية.

الحلم الفردي

كلير ومجلة "إيزي ليفينغ" (Easy Living

في عام 2005، واجهت كلير، التي كانت تتوقع قدوم طفلها الأول، العديد من الأسئلة حول الأطباء وملابس الحمل ودروس الأمومة. وبما أنها لم تكن الأم الوحيدة التي كانت تواجه صعوبات في إيجاد إجابات لتلك الأسئلة، فقد اكتشفت كلير حاجة موجودة بصورة موضوعية في السوق. لقد تنبهت لوجود فرصة تأسيس مجلة تجمع فيها جميع المعلومات اللازمة للأزواج الذين يتوقعون قدوم مولود.

لم يكن عام 2008 هو الوقت الأمثل لبدء عمل تجاري بسبب المؤشرات المبكرة للركود الاقتصادي، إلا أن كلير أسست مجلة "إيزي ليفينغ" إدراكاً منها أن الفرص لا تدوم إلى الأبد. وقد عملت في سياق محفوف بالمخاطر فيما يتعلق بصنع القرار؛ مستكشفة البيئة للحصول على بيانات موضوعية (بالنظر لندرة الإحصاءات الموثوقة) للتنبؤ بالنتائج من حيث عدد نسخ المجلات المطبوعة التي ينبغي نشرها في كل مرة.

مع إصدار العدد الأول في شهر يونيو/حزيران عام 2008، حققت مجلة "إيزي ليفينغ" بداية ناجحة. ولكن نظراً إلى أن الإعلانات لم تعد ميسورة التكلفة بالنسبة إلى العديد من الشركات، فقد وجدت كلير طرقاً فاعلة لتخفيض النفقات في نواحي مختلفة عن طريق تغيير وزن الورقة المستخدمة في الطباعة وتطبيق نهج وقف التوظيف. واتخذت قرارها بنشر قوائم الأماكن والمراكز المطلوبة مجاناً من أجل تحقيق التمايز التنافسي في سياق أن فرص الاكتشاف متوفرة لأي شخص.

جورجي وحقائب "جوت كوتور" (Jute Couture)

إن إطلاق "جوت كوتور" يقع أيضاً ضمن منظور اكتشاف ريادة الأعمال. في شهر مارس/آذار عام 2008، قرأت جورجي هيرسون مقالة في صحيفة "غالف نيوز" (Gulf News) تتحدث عن حملة لتقليل استخدام الأكياس البلاستيكية في محلات السوبر ماركت. كانت الفرصة لوضع تصور لمنتج حقائب "الجوت" المسلية (الجوت هو نوع من النبات الذي يُصنع منه الحقائب والحبال وغيرها)، التي ستكون جذابة لسكان دولة الإمارات، موجودة على نحو موضوعي، وقد خُلقت من الخارج من خلال تعزيز التوعية بإعادة التدوير والاستدامة البيئية.

بعد أن اكتشفت جورجي هذه الحاجة، بدأت عملية استغلال الفرصة من خلال البحث عن مصنع "مناسب"، أي مصنع لديه معايير أخلاقية وصديق للبيئة. ثم سمعت عن مصنع "جوت إكس بي أوه" (Jute XPO)، وعلى الرغم من وجوده في الهند، إلا أنه يمكنها تتبع عملية التصنيع بسهولة.

اقرأ أيضاً: بحث: المستثمرون يعاقبون رائدات الأعمال على سلوكياتهن

بحلول شهر يونيو/حزيران عام 2008، تم تأكيد تصاميم الأكياس، وبعد 12 أسبوعاً، صُنعت العينات الأولى. اعتمدت جورجي على تقنيات مختلفة لجمع البيانات لتقييم القدرة الشرائية للمشترين وأخذ القرار بشأن عدد الأكياس المنتجة التي ينبغي تصنيعها في كل مرة. نظراً لقاعدة المستهلكين الواسعة ومستويات الاستخدام العالية التي استُهدفت، كان ينبغي أن تكون حقائب "الجوت" في متناول الجميع.

في عام 2009، كان على جورجي تحمل عواقب الركود الاقتصادي، وبوجود مخزون من الحقائب لديها، قررت وقف إنتاج أكياس جديدة حتى تتمكن من تغيير نمط عملها، إذ عملت على إعادة تقييم القوة الشرائية لزبائنها وبدأت في إدارة العمليات أسبوعياً.

المبادرة المشتركة: تأسيس شبكة "هيلز آند ديلز" (Heels and Deals) أو اختصاراً (H&D)

في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2008، قُدمت كل من كلير وجورجي إلى بعضهما في مناسبة اجتماعية منظمة من قبل صديق مشترك، وفكرتا حينها في إنشاء مجموعة دعم لتسيير تبادل المعلومات بين رائدات الأعمال. انبثقت فكرتهما من تفسيرهما الخاص للظروف الشخصية لخلق معاني للعمل الريادي. وهكذا، خُلقت داخلياً فرصة تأسيس شبكة لرائدات الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد بُنيت اجتماعياً على ضوء تصورات وقناعات اثنتين من رائدات الأعمال.

في شهر أبريل/نيسان عام 2009، أطلقت كلير وجورجي شبكة رائدات الأعمال، وأنشأتا الموقع الإلكتروني، واتخذتا القرار بشأن موقع الفعالية، وقد أُرسلت دعوات إلى النساء من قواعد بياناتهما الشخصية، وتم وضع إعلان في مجلة "إيزي ليفينغ". أرادت كلير وجورجي البناء على حقيقة أن النساء رائعات في التواصل وجيدات في الجمع بين الناس. لقد تبنتا نموذجاً يشبه "حديث المصعد"، حيث كانت كل امرأتين تجلسان على طاولة، ولدى كل واحدة منهما دقيقتان للتحدث عن مشروعها، ثم يجري استبدال الشركاء. تعرضت كل امرأة إلى عدد كبير من النساء الأخريات، الأمر الذي حسن التواصل الاجتماعي بينهن، وعزز بناء الشبكة، وسرعان ما بدأ الحضور في الحصول على صفقات مهمة.

سعت كلير وجورجي إلى تعزيز جو بحيث يحفز عامل عدم وجود حواجز اجتماعية وثقافية بين المشاركات على مساعدة بعضهن الآخر ليصبحن سيدات أعمال أفضل. يمكن لجميع رائدات الأعمال المحتملات المشاركة في النشاط الاجتماعي، والتفاعل مع أعضاء شبكة "هيلز آند ديلز"، والحصول على الإلهام من قبل الآخرين للدفع بأفكارهن قدماً. كانت الشبكة لا تتوخى الربح بالكامل، مع وجود رسم عضوية سنوي، ورسوم أخرى لحضور الفعاليات التي تُستوفى لتغطية تكاليفها.

اقرأ أيضاً: بحث: فرص تمويلية أكبر لرائدات الأعمال الملتزمات بمهمات اجتماعية في مشاريعهن

أثبتت المحاضرات التي ألقاها المتحدثون الضيوف الخبراء أنها ذات قيمة كبيرة لأعضاء شبكة التعارف والحاضرات في الفعاليات. فقد ساهمت تلك المحاضرات في رفع الوعي حول وسائل التواصل الاجتماعي، والتركيز على الحلول التي قد تمكن رائدات الأعمال من حماية أعمالهن من الفشل، وإجراء النقاشات حول التفاصيل الخاصة بإنشاء شركة في دولة الإمارات. وتناولت جلسات أخرى مواضيع مجردة مثل الدافع والتشجيع والإلهام، التي تطال طبيعة المرأة الناقدة لنفسها، من أجل رفع تقديرها لذاتها وتعزيز ثقتها في مجال ريادة الأعمال.

مستقبل شبكة "هيلز آند ديلز"

لقد وصلت مؤسستا الشبكة إلى المرحلة التي يتعين عليهما فيها الاختيار بين الاستمرار في إدارة عملهما الخاص أو التركيز بالكامل على شبكة "هيلز آند ديلز" التي أمامها فرصة للتوسع خارج دبي للتحول تدريجياً إلى مجتمع عالمي كبير من رائدات الأعمال. ونظراً لأن المجموعة غير الربحية نمت للغاية، مع وجود العديد من المزايا التي تحتاج إلى إدارة من قبل كلير وجورجي اللتان تفكران في تحويلها إلى شركة، أصبح العمل في "هيلز آند ديلز" يأخذ الكثير من الوقت، وأصبحت كلير جورجي تريان الحاجة إلى وجود مردود.

اقرأ أيضاً: ما حقيقة التنافس بين النساء في العمل؟

بالنسبة إلى كلير، التي قد تؤدي ظروفها الشخصية إلى انتقالها من دولة الإمارات، سيكون من الصعب عليها نقل مجلة "إيزي ليفينغ" نظراً للمعطيات المختلفة في البلد الآخر، حيث ستحتاج إلى البدء برسم مخطط جديد. في المقابل، فإن شبكة "هيلز آند ديلز" يمكن المتابعة فيها في أي مكان في العالم لأنها تنطوي على مخاطر أقل، كما أن نفقاتها غير مباشرة. في حالة جورجي، كانت عاطفياً أكثر ميلاً إلى الإبقاء على حقائب "جوت كوتور". على الرغم من ضرورة الاسترشاد بالقلب عن الحديث عن قصص نجاح رائدات الأعمال، إلا أنها ترى أنّ "على الشخص تخطي كامل الارتباط العاطفي لمعرفة ما هو مناسب لعائلته ووضعه المالي ومستقبله".

ملاحظة: تنتهي دراسة الحالة بخيارات مفتوحة، ونرحب بآراء القراء ومقترحاتهم لأفضل الحلول من أجل دعم رائدات الأعمال الإماراتيات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي