لماذا تحتاج كل شركة إلى رائد أعمال ضمن المناصب التنفيذية العليا؟

5 دقائق
رائد أعمال ضمن المناصب التنفيذية العليا يساعد على تحقيق الابتكار وازدهاره

ملخص: لتمكين نمو حقيقي قائم على الابتكار يتعين على مجالس الإدارة وقادة الشركات هيكلة الأدوار العليا لمنح الجهود في مجال الابتكار الموارد والاهتمام اللازمين. من خلال عمل المؤلفين على ابتكار نماذج الأعمال مع أكثر من 100 شركة كبيرة ومتوسطة الحجم، وجدوا أن الشركات التي تسعى إلى إجراء تحول يمكنها الاختيار بين هذين الخيارين الجيدين: الرئيس التنفيذي الريادي أو رائد الأعمال الرئيسي الذي يمتلك السلطة والنفوذ. يشارك الرئيس التنفيذي الريادي في تطوير مجموعة من المشاريع الجديدة وإدارتها بفاعلية. فبينما يدرك معظم القادة أنهم بحاجة إلى إدارة الأعمال الحالية واستكشاف الفرص المستقبلية على حد سواء، يقضي الرئيس التنفيذي الريادي جزءاً كبيراً من وقته، عادة أكثر من ثُلث وقته، في قيادة جهود الابتكار. وإذا كانت الأعمال الأساسية للشركة تتطلب إيلاء مزيد من الاهتمام أو إذا كان الرئيس التنفيذي غير مهتم أو يفتقر إلى المهارات أو الخبرة اللازمة لدفع جهود الابتكار، ينبغي للشركة التفكير في تعيين رائد أعمال رئيسي يتساوى في السلطة والمرتبة مع الرئيس التنفيذي. يسمح ذلك لرائد الأعمال الرئيسي باتخاذ القرارات المتعلقة بتخصيص الموارد التي تتيح تنفيذ المشاريع الابتكارية.

 

يزدهر الابتكار عندما يتمتع بالقوة والمكانة داخل المؤسسة. لذلك ومن أجل تمكين نمو حقيقي قائم على الابتكار وللاستجابة السريعة للأزمات مثل أزمة "كوفيد-19"، يتعين على مجالس الإدارة وقادة الشركات هيكلة الأدوار العليا لمنح الجهود في مجال الابتكار الموارد والاهتمام اللازمين. من خلال عملنا على ابتكار نماذج الأعمال مع أكثر من 100 شركة كبيرة ومتوسطة الحجم، وجدنا أن الشركات التي تسعى إلى إجراء تحول يمكنها الاختيار بين هذين الخيارين الجيدين: الرئيس التنفيذي الريادي أو رائد الأعمال الرئيسي الذي يمتلك السلطة والنفوذ.

في كثير من الأحيان يكون لدى الشركات رؤساء لأقسام الابتكار الذين يعملون تحت إدارة أحد كبار نواب رئيس الشركة الذي يعمل تحت إدارة أحد كبار المدراء التنفيذيين كالرئيس التنفيذي للتكنولوجيا. ويُعد هذا كافياً لتحسين نموذج العمل الحالي للشركة، ولكن بالنسبة إلى شركة تسعى إلى إجراء تحول جذري فإنه لا يكفي.

عملنا مع رئيس لقسم الابتكار الذي كان يدير مختبراً للابتكار في بنك كبير في جنوب إفريقيا. وقد قدمت فِرقه عروضاً مبتكرة لاقت زخماً مبكراً من جانب العملاء، ولكنه لم يستطع توسيع نطاق هذه الأفكار دون إقناع قادته. وعلى الرغم من الجهود التي بذلها، تم جذب انتباههم إلى شيء آخر ولم يتم الالتفات إلى أي من أفكار فريقه في نهاية المطاف. هل يبدو هذا الموقف مألوفاً؟

الرئيس التنفيذي الريادي

الخيار الأول في هذا النهج هو تعيين رئيس تنفيذي ريادي، وهو قائد يشارك بفاعلية في تطوير مجموعة من المشاريع الجديدة وإدارتها. بينما يعرف معظم القادة أنهم بحاجة إلى إدارة الأعمال الحالية واستكشاف الفرص المستقبلية على حد سواء، يقضي الرئيس التنفيذي الريادي جزءاً كبيراً من وقته، عادة أكثر من ثُلث وقته، في قيادة جهود الابتكار. فمشاركة الرئيس التنفيذي في الابتكار بدرجة كبيرة تعطي إشارة واضحة لبقية الشركة حول أهمية الابتكار بشكل عام. كما أن له دوراً حاسماً في دفع جهود الابتكار لأنه يمتلك السلطة التي تتيح له اتخاذ القرارات الرئيسية وتخصيص الموارد الرئيسية، وهي سلطة في الغالب لا يتمتع بها رئيس قسم الابتكار الموجود في أسفل المخطط التنظيمي.

لنأخذ على سبيل المثال إرنست كو الرئيس التنفيذي الريادي بشركة "غلوب" (Globe) وهي شركة اتصالات فلبينية رائدة. ينظر كو إلى الابتكار على أنه "شريان الحياة" لشركة "غلوب" ويخصص أكثر من 30% من وقته للاجتماع مع فِرق الابتكار ومراجعة التقدم المحرز في مشاريع الابتكار والتأكد من توفير الموارد اللازمة لفِرق الابتكار.

وهذا الدور الفاعل الذي يؤديه كو، إلى جانب إبراز أهمية الابتكار في الشركة، يسمح له بإزالة العوائق التي تعترض طريق تنفيذ الأفكار الجديدة. على سبيل المثال، عندما كان أحد فِرق الابتكار في شركة "غلوب" يعمل على إطلاق تطبيق "جي كاش" (Gcash)، وهو محفظة إلكترونية للدفع من خلال الهاتف المحمول، اتضح أن الفريق بحاجة إلى الوصول إلى بيانات العملاء من مستخدمي تطبيقات الهاتف المحمول بالشركة البالغ عددهم 84 مليون عميل. وقد اكتشف كو أنه من الصعب على الفريق الحصول على هذا التصريح بالوصول إلى بياناتهم؛ إذ كان يُنظر إلى أعمالهم على أنها "أعمال صغيرة مزعجة لا تدر أي أموال فعلياً". ولهذا، أخذ كو قائداً من فريق الأعمال الأساسية على دراية بأعمال الشركة جيداً ونقله إلى فريق "جي كاش" لدفع نموه. وقد ساعد تلاقح المعارف هذا فريق "جي كاش" على الوصول إلى الموارد التي يحتاج إليها للتوسع والنمو. وأصبح تطبيق "جي كاش" الآن محفظة إلكترونية رائدة للمعاملات عبر الهاتف المحمول في الفلبين ويستخدمه أكثر من 20 مليون مستخدم. إذا لم يقضِ كو بعض الوقت لفهم ما كان يعيق "جي كاش"، لكان من غير الممكن أبداً أن يُعاد تخصيص الموارد التي يحتاج إليها الفريق للنجاح.

حتى الرئيس التنفيذي الريادي يمكن جذب انتباهه إلى اتجاهات أخرى. إذ يمكن لمجلس الإدارة التحكم في الرئيس التنفيذي الريادي من خلال مطالبته بتقديم تقارير حول محفظتين؛ واحدة للأعمال الأساسية والأخرى للابتكار. ويمكن لمجلس الإدارة أيضاً تعقُّب النسبة المئوية للإيرادات المتأتية من المنتجات والخدمات الجديدة التي أُطلقت خلال السنوات الثلاث الماضية. على سبيل المثال، وضعت شركة "ثري إم" (3M) أهدافاً ممتدة لقادتها تتطلب أن تحقق المنتجات الجديدة التي أُطلقت خلال السنوات الثلاث الماضية ما يصل إلى 30% من الإيرادات.

لذلك، حتى الرئيس التنفيذي الريادي لا يمكنه التركيز بنسبة 100% على الابتكار، إذ يتم دائماً توجيه الجزء الأكبر من اهتمامه صوب إدارة الأعمال الأساسية. كما أن العديد من الرؤساء التنفيذيين يفتقرون إلى المهارات الريادية. لذا في هذه الحالات ينبغي للشركة التفكير في تعيين رائد أعمال رئيسي.

رائد الأعمال الرئيسي

في عام 2008، رأى بيتر ما، مؤسس الشركة الصينية "بينغ آن" (Ping An) ورئيس مجلس إدارتها، أن أعمال شركته قد تتوقف وتضطرب إذا لم يحولها من تكتل مالي إلى شركة تقنية. ولدفع هذا التغيير، قام بيتر ما بتعيين جيسيكا تان في منصب الرئيس التنفيذي المشارك وقد أُسندت إليها مسؤولية دفع عجلة الابتكار تحت المسمى الوظيفي "المدير التنفيذي للمجموعة". ولكن في الواقع أصبحت جيسيكا تان رائدة الأعمال الرئيسية بشركة "بينغ آن".

وقد سمح هذا التغيير لشركة "بينغ آن" ببناء محفظة ابتكارية قوية تجاوزت حدود القطاع في 5 مجالات متميزة ذات صلة بالتكنولوجيا وبعيدة عن قطاعي الصيرفة والتأمين. على سبيل المثال، أطلقت الشركة منصة "غود دكتور" (Good Doctor) التي أصبحت أكبر منصة للرعاية الصحية في العالم وتضم أكثر من 300 مليون مستخدم. ومنذ عام 2010، انتقلت "بينغ آن" من المرتبة 383 في قائمة "فورتشن غلوبال 500" إلى المرتبة 21 عام 2020.

الأهم من ذلك، نعتقد من واقع عملنا أن رائد الأعمال الرئيسي ينبغي أن يكون متساوياً في السلطة والمرتبة مع الرئيس التنفيذي غير الريادي. فقد لاحظنا أن رؤساء قسم الابتكار الذين يعملون تحت إدارة رئيس تنفيذي غير ريادي يكونون أسوأ حالاً عند مقارنتهم بهؤلاء الذين يعملون تحت إدارة رئيس تنفيذي ريادي لأن في الحالة الأولى يظل الابتكار مواطناً من الدرجة الثانية. والمساواة في المرتبة تسمح لرائد الأعمال الرئيسي بأن يتمكن من اتخاذ القرارات المتعلقة بتخصيص الموارد بوصفه قائداً، كما حدث مع كو.

يتمثل العيب الرئيسي لهذا النهج بالطبع في احتمالية توتر العلاقة بين الرئيس التنفيذي ورائد الأعمال الرئيسي. وينطبق ذلك بصفة خاصة عندما تعتمد فِرق الابتكار على الموارد المتأتية من الأعمال الأساسية لتوسيع نطاق أفكارها. ويعمل هذا النهج بشكل جيد عندما لا ينظر الرئيس التنفيذي إلى رائد الأعمال الرئيسي على أنه عدو بل حليف. يمكن أن يساعد مجلس الإدارة في الحد من الاحتكاك بين الأدوار من خلال تحديد بداية ونهاية دور كل قائد بوضوح. وينبغي له أيضاً الحرص على تحديد عتبة النجاح التي يمكن عندها للأعمال الجديدة التي يقودها رائد الأعمال الرئيسي أن تتحول إلى أعمال أساسية يديرها الرئيس التنفيذي.

ستظل هذه التوترات بين إدارة الأعمال الأساسية والابتكار من أجل المستقبل قائمة على الدوام. ولكن لكي تأخذ الشركات النمو والتغيير على محمل الجد، فإنها تحتاج إلى وضع مسؤولية الابتكار في أيدي كبار القادة حتى يتمكنوا من معالجة هذه التوترات بشكل مباشر مع إيلاء الابتكار الاهتمام اللازم في الوقت نفسه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي