ملخص: عادة ما تُبنى العلاقات المهنية على مصلحة معينة، ولكن بالنسبة لأغلب الأشخاص لا يعتبر هذا النوع من العلاقات طبيعياً، وبالتحديد الأشخاص الذين يشعرون بالارتباك أو الخجل بطبيعتهم. فإذا كنت تأخذ وقتاً طويلاً للانفتاح على الآخرين أو يتجمد عقلك في أثناء محاولتك ترك انطباع جيد أو تشعر بالحاجة إلى المبالغة في التعويض عن توترك بالحماس الزائف فكيف بإمكانك أن تساوي بين واجبك نحو بناء علاقات مهنية ورغبتك الشديدة بتجنب الشعور غير المريح حيال الأمر كله؟ جرّب هذه الطرائق.
- أعِد صياغة مفهوم بناء العلاقات المهنية لديك. لدى القصص التي غالباً ما يرويها عقلنا الباطن لنا عن بناء العلاقات المهنية القدرة على منعنا من أخذ خطوات تساعدنا في جعل مسيرتنا المهنية ذات مغزى. ولكن بمجرد ما ندرك هذه القصص، يمكننا إعادة صياغتها على نحو نستفيد منه.
- استكشف ما الذي يمكنك تقديمه للطرف الآخر. بدلاً من تجنب بناء العلاقات المهنية لأنك لا تريد أن تكون المستفيد الوحيد من العلاقة، فكّر في دورك كمانح في هذا التفاعل. إذ عندما تطلب مشورة مهنية أو دعماً مهنياً من شخص ما، فأنت تمنحه المجال ليساعدك، وهذا الأمر بالغ الأهمية لكثير من الناس.
- ابحث عن فضولك الحقيقي. يحبُّ أغلب الأشخاص التحدث عن أنفسهم، لذا قبل الالتقاء بشخص جديد، اقرأ قليلاً عنه ولتكن قراءتك عنه بدافع الفضول وليس بدافع حفظ الأسئلة "المناسبة" التي ستسأله عنها من أجل أن تترك انطباعاً إيجابياً. يعتبر هذا التحول في العقلية طفيفاً إلا أنّه سيصنع فرقاً شاسعاً.
- استغِلَّ نقاط قوتك وتقبّل ارتباكك. إذا لم تُجدِ كل الطرق المذكورة، ففكّر في التحدث عن عيوبك علانيةً، اعترف بأنك مرتبك أو قلق أو أنك قد نسيت اسم الشخص الآخر.
- بدلاً من أن تتظاهر بأنك شخص آخر، احرص على إيجاد طريقة لتقبّل ذاتك بكل تناقضاتها. إذ يقدّر الآخرون الضعف وروح الدعابة، لذا كن فخوراً بنفسك.
لربما اعتدت على السماع عن قيمة بناء العلاقات المهنية. فسواء كانت شبكة العلاقات تلك عن بعد أو وجهاً لوجه، تشير الأبحاث إلى تنوع الفوائد المهنية التي تجنيها من تطوير شبكة علاقاتك والتفاعل معها، كالرواتب الأعلى والرضا الوظيفي والقابلية الأكبر للترقيات.
ولكن التنفيذ ليس سهلاً كما الكلام، فرغم أهمية بناء العلاقات مهنية، فهذا لا يعني أنك ترغب في ذلك أو ستُقدم عليه. إذ تعتبر مشاغل الحياة والعمل قطرة في بحر الأسباب التي تجعلك تؤجل ذلك، ولكن غالباً ما نستخدم ذلك كعذر، ونتجنب بناء العلاقات لأنّنا ببساطة لا نشعر بالرغبة لأن نكون اجتماعيين.
بصرف النظر عن الشريحة الصغيرة من الأشخاص المنفتحين والواثقين في أنفسهم، يشعر أغلب الأشخاص أن الانخراط في سلوكيات مبنية على تبادل المصالح بشكلِ واعٍ أمر غير مريح ولا يخلو من تملّق. يعرّف بناء العلاقات المهنية بـ "محاولات الأفراد لتطوير علاقاتهم مع الآخرين والمحافظة عليها – بالتحديد مع الآخرين الذين لديهم القدرة على مساعدتهم في عملهم أو مسيرتهم المهنية". لا يعتبر هذا النوع من العلاقات طبيعياً بالنسبة لأغلب الأشخاص، وبالتحديد الأشخاص الذين يشعرون بالارتباك أو الخجل بطبيعتهم.
فإذا كنت تأخذ وقتاً طويلاً للانفتاح على الآخرين أو يتجمد عقلك في أثناء محاولتك ترك انطباع جيد أو تشعر بالحاجة إلى المبالغة في التعويض عن توترك بالحماس الزائف أو تشعر بأنك شخص ترتبك في المواقف الاجتماعية، فأهلاً بك هنا! يوجد نادٍ بأكمله لنا نحن مفرطو التفكير وقليلو الثرثرة و"المبالغون في الأمور" حسب وصف البعض.
إذاً، كيف بإمكانك أن تساوي بين واجبك نحو بناء علاقات مهنية ورغبتك الشديدة بتجنب الشعور غير المريح حيال الأمر كله؟
بصفتي أستاذة تكتب بحوثاً في مجال الإدارة المهنية وتقوم بالتدريس فيه، طوّرتُ مجموعة من الأدوات التي قد تساعدك على مواجهة هذا التحدي المشترك إذا كنت ترتبك مثلي.
أعِد صياغة مفهوم بناء العلاقات المهنية لديك
تعتبر الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي التوقف لوهلة والتفكير بإمعان في القصص التي ترويها لنفسك عن بناء العلاقات المهنية. هل تقول لنفسك أنّك ستُقدم على بناء هذه العلاقات عندما يقلُّ انشغالك؟ وأنّك لا تُقدم على بنائها لأنها غير صادقة ومزيفة؟ أو لأنك ليس لديك شبكة مؤثرة فلا جدوى من المحاولة من البداية؟
لدى القصص التي غالباً ما يرويها عقلنا الباطن لنا عن بناء العلاقات المهنية القدرة على منعنا من أخذ خطوات تساعدنا في جعل مسيرتنا المهنية ذات مغزى. ولكن من خلال تحديد مفهوم بناء العلاقات المهنية وإدراكه، يمكنك البدء بإعادة صياغته على نحو يُشعرك بأنه صادق.
استكشف ما الذي بإمكانك تقديمه للطرف المقابل
أحد الأسباب التي تجعل بناء العلاقات المهنية يبدو أمراً مربكاً للغاية هو أنّ أغلبنا يفضل ألّا يظن أننا نبني علاقات فقط لكي نكتسب مصلحة مهنية. كما يعد الشعور بعدم الارتياح حيال بناء علاقة معتمدة على المصلحة طبيعياً للغاية. ولكن يُبنى هذا الشعور على الافتراض الخفي أنك المستفيد الوحيد من هذه العلاقة وأنك لا تقدم شيئاً بالمقابل.
بدلاً من تجنب بناء العلاقات المهنية لأنك لا تريد أن تكون المستفيد الوحيد من العلاقة، فكّر في دورك كمانح في هذا التفاعل. وجدتُ أنّ الطلاب والعاملين في بداية مسيرتهم المهنية لا يدركون مدى مقدرتهم في أغلب الأحيان لأنهم لا يملكون النفوذ والمكانة والمعارف ذاتها مقارنة بالطرف المقابل. وقد يكون ذلك صحيحاً، ولكن عليك التفكير فيما تستطيع تقديمه.
إذ عندما تطلب مشورة مهنية أو دعماً مهنياً من شخص ما، فأنت تمنحه المجال ليساعدك، حيث تريه أنك مدرك لخبرته وتجربته وتمنحه فرصة استخدام تأثيره في مساعدة الآخرين. أعلمُ أنّ الناس لا يصدقونني دائماً عندما أقول إنّ هذه الفرصة تعتبر منحة للطرف المقابل في الحقيقة.
مع ذلك، فلديك ما تقدمه أكثر من تعزيز الأنا، فأنت تمتلك أسلوباً ومنظوراً فريداً قد لا يستطيع الوصول إليه بطريقة أخرى. لذا فتذكير نفسك بما تستطيع تقديمه للطرف المقابل بدلاً من التركيز على ما ستستفيد فقط قد يساعدك بالشعور بالارتياح حيال تطوير هذا النوع من العلاقات.
ابحث عن فضولك الحقيقي
سواء كنت تقوم ببناء علاقاتك المهنية في حفل ما أو إرسال رسالة على منصة لينكد إن، فأحد السلوكيات المعتادة التي تسبب الارتباك في أثناء هذا التفاعل هي التفكير المفرط بما ستقوله، إذ إن ما يدمر تفاعلنا مع الآخرين هو الخوف من الأحاديث الجانبية المتكلفة أو فترات الصمت الطويلة أو الأخطاء اللغوية في حديثنا.
بدلاً من تجنب هذه المواقف بأي ثمن، وجدتُ أنّ إعادة التركيز على الفضول يخفف من شعور الخوف حيال ما سبق، والجانب المضيء هو أنّ أغلب الأشخاص يحبون التحدث عن أنفسهم، لذا إذا بادأتهم بالكلام بفضول، غالباً ما سيشعرون بالرضا عن التفاعل معك.
لهذا السبب، قبل قيامك بالتواصل لبناء علاقاتك، احرص على أخذ قليل من الوقت لتسأل نفسك عمّا تودّ معرفته عن هذا الشخص وخبرته. إذ سيتيح الفضول الحقيقي المجال للمحادثة لأن تنساب بشكل طبيعي أكثر مقارنة بما إذا لم يكن فضولك حقيقياً. فاحرص على القيام بالقليل من البحث عند تحضيرك لفعالية بناء العلاقات.
إذ تستطيع قراءة السيرة الذاتية للشخص أو أحدث تغريداته على منصة تويتر أو البحث عن مهمة المؤسسة التي يعمل فيها وقيمها، ولكن افعل ذلك بدافع الفضول وليس بدافع حفظ الأسئلة "المناسبة" التي ستسأله عنها من أجل أن تترك انطباعاً إيجابياً. يعتبر هذا التحول في العقلية طفيفاً إلا أنّه سيصنع فرقاً شاسعاً.
استغِلَّ نقاط قوتك وتقبَّل ارتباكك
بينما تحوّل العقلية التي تتخذها حيال بناء علاقاتك المهنية وتبني مهاراتك، ستتعلم عن المواقف والاستراتيجيات الأفضل التي تفيد عاداتك الفريدة. فاحرص على أن تتعامل مع نجاحاتك وإخفاقاتك كمعلومات قيّمة ستساعدك على تكييف نهج بنائك للعلاقات وفقاً لمواطن قوتك.
إذا لم تُجدِ كل الطرق المذكورة، ففكّر في التحدث عن عيوبك علانيةً، اعترف بأنك مرتبك أو قلق أو أنك قد نسيت اسم الشخص الآخر. بدلاً من أن تتظاهر بأنك شخص آخر، احرص على إيجاد طريقة لتقبّل ذاتك بكل تناقضاتها. إذ يقدّر الآخرون الضعف وروح الدعابة، لذا كن فخوراً بنفسك.
قد لا يكون بناء العلاقات المهنية سهلاً أو ممتعاً أبداً، ولكن يوجد الكثير من الدلائل التي تشير إلى أنه مهم. فبدلاً من الانسحاب من بناء العلاقات أو تأجيله إلى أجل غير مسمى، اكتشف مدى صمودك واعمل على إيجاد طريقة للنجاح فيه. بعد ذلك، شجّع الآخرين في حياتك على أن يفعلوا المثل لأنك غالباً ما ستجدهم يشعرون بالارتباك مثلك.