لا يمكنك أن تكون قائداً ناجحاً دون امتلاك اليقظة الذهنية أو ما يعرف أيضاً بالوعي الذاتي. الوعي هو أساس الشخصية القوية، وهو ما يمنحنا القدرة على القيادة بصدق وانفتاح وثقة وتركيز على تحقيق الأهداف. وهو ما يفسر نجاحاتنا وإخفاقاتنا. فاليقظة الذهنية تجعلنا أقدر على فهم من نحن، وتسمح لنا بفهم أفضل لما نحتاجه أكثر من الآخرين، لنكمل النواقص والعيوب الموجودة في أسلوبنا القيادي.
كيف أرفع مستوى الوعي الذاتي لدي؟
وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكننا تحسين هذه اليقظة الذهنية وتطويرها؟ إليكم الاقتراحات الخمسة التالية:
• مارسوا التأمل لزيادة الوعي الذاتي والنفسي:
يعرف معظم الناس اليوم أن ممارسة التأمل تساعدهم على تحسين وعيهم بكل لحظة في حياتهم.
وتبدأ معظم أشكال التأمل بالتركيز على الشهيق والزفير، على بساطة هذين الفعلين. لكن التأمل لا ينبغي بالضرورة أن يتخذ طابعاً رسمياً أو طقوسياً – فامتلاك رؤية أوضح للأشياء يمكن أن يأتي من مجرد قضاء بضع لحظات عادية في التوقف والتدبر بهذه الأشياء.
• اكتبوا خططكم وأولوياتكم الرئيسة:
واحدة من أفضل الطرق التي تساعد في زيادة الوعي الذاتي وتحسين التيقظ الذهني هي كتابة ما تريدون فعله، ومن ثم تتبّع التقدم المحرز في إنجازه.
وارن بافيت، على سبيل المثال، معروف بحذره في التعبير عن أسباب دخوله في استثمارات معينة عندما يدخلها فعلياً. وتساعده ملاحظاته الشخصية اليومية المدونة، والتي تعتبر سجلات تاريخية، في الحكم على ما إذا كانت النتائج المستقبلية تُعزى إلى حكم سليم على الأمور أم مجرد ضربة حظ.
• شاركوا في اختبارات قياس الصفات الشخصية والنفسية لاختبار الوعي الذاتي:
من أشهر هذه الاختبارات، اختبار مايرز بريجز (Myers-Briggs)، واختبار الصدق التنبؤي (Predictive Index)، لكن تهدف هذه الاختبارات كلها إلى تقديم مجموعة بيانات تشكل نقطة انطلاق نحو زيادة الوعي الذاتي.
وثمة نقطة مشتركة في تصميم هذه الاختبارات أنه لا توجد إجابات صحيحة أو خاطئة. بدلاً من ذلك، فهي مصممة لتحفيز المشاركين في الاختبار على تحديد مجموعة من الخصائص والسمات الشخصية التي تصفهم بدقة أكبر مقارنة مع الأشخاص الآخرين
• استعينوا بأصدقاء موثوقين لتعزيز الوعي بالذات:
لا أحد منا يعلم على وجه اليقين كيف ينظر الناس إلى تصرفاته. بدلاً من ذلك، يجب أن نعتمد على ما يقوله زملاؤنا وأصدقاؤنا ومرشدونا في هذا الصدد. لمساعدة أصدقائك على التصرف مثل مرآة صادقة لك، أخبرهم أنك تريد منهم رأياً صريحاً ونقدياً وموضوعياً. اطلب من صديق أو زميل أن يعطيك رأياً غير رسمي وصريح. وثمة استراتيجية أخرى، وهي الطلب من أصدقائك مناداتك فوراً عندما تكون منغمساً في سلوك تعرف أصلاً بأنك تريد تغييره.
• احصل على التقييم في مقر العمل من أجل معرفة طرق تنمية الوعي الذاتي:
إضافة إلى الاستعانة بآراء الأصدقاء وأفراد العائلة بشكل دوري وغير رسمي، حاول الاستفادة من العمليات والآليات الرسمية الموجودة في مكان عملك. وإذا لم تكن هناك أي عمليات أو آليات من هذا النوع، فحاول تطبيق نظام جديد للتقييم. إذا سارت عملية التقييم على ما يرام وبأسلوب موضوعي وبنّاء، فإنها تسمح لنا برؤية نقاط قوتنا وضعفنا بطريقة أفضل.
في نهاية المطاف، نريد جميعاً أن نكون يقظين، ليتمكن المرء من قيادة الآخرين بفعالية كاملة. فوعي الذات فقط هو ما يقربنا أكثر من حالة "التطابق الذاتي"، وهي الحالة التي يكون فيها ما نقوله ونفكر فيه ونشعر به متسقاً في كل الأوقات والسياقات. لكن بناء الوعي الذاتي هو عملية تستمر مدى الحياة. ولا يمكن أن تزعم يوماً بأنك قد "انتهيت" منها. لكن هذه الممارسات العملية والبراغماتية الخمس ستساعدك في قطع مسافة أبعد وبسرعة أكبر في هذه الرحلة الطويلة نحو الوعي الذاتي.