كيف نجح الرئيس التنفيذي لشركة سيرفاي مونكي في خلق ثقافة الفضول؟

9 دقائق

في مايو/أيار 2015 سافرت إلى المكسيك لقضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة مع مجموعة من الأصدقاء والاحتفال بعيد ميلاد أحدنا. أمضينا بعد ظهر يوم الجمعة على حمام السباحة في أحد المنتجعات نلعب لعبة لوحية. قرر ديف غولدبيرغ، أحد أصدقائي المقربين، التوجه إلى صالة الألعاب الرياضية، فيما بقيت زوجته شيريل معنا.

بعد مُضي بعض الوقت، عدنا جميعاً إلى غرفنا للاستحمام وأخذ قسط من الراحة استعداداً لوجبة العشاء. عندما اجتمعنا مُجدداً لتناول مشروب سوياً، كانت شيريل تبحث عن ديف. وبمعاونة روب، شقيق ديف، وجدته في صالة الألعاب الرياضية فاقداً للوعي. وعند وصولي إلى المستشفى علمت أن قد فارق الحياة. كان الأمر فظيعاً ومُفجعاً.

كان ديف هو الرئيس التنفيذي لشركة "سيرفاي مونكي" (SurveyMonkey)، الشركة التي كانت تغير طريقة جمع الناس للأراء والتعليقات وردود الأفعال من خلال الاستبيانات الإلكترونية عبر الإنترنت. كنتُ أحد أعضاء مجلس إدارة هذه الشركة. عندما عدت إلى الفندق بعد منتصف الليل، اتصلت ببعض كبار المسؤولين في الشركة لإبلاغهم بالخبر الصادم. وفي وقت مبكر جداً من صباح يوم السبت، كتبت رسالة إلكترونية إلى جميع الموظفين البالغ عددهم 550 شخصاً. كان عنوان الرسالة: "صديقنا ديف غولدبيرغ". أبلغت الجميع أن ديف قد وافته المنية وأنه سيكون لدينا المزيد من المعلومات يوم الاثنين. اجتمع مجلس الإدارة مع فريق الإدارة العليا صباح يوم الأحد في مقر الشركة. وفي اليوم التالي، عقدنا اجتماعاً بين جميع الأطراف. تحدث مجلس الإدارة وفريق الإدارة العليا عن وفاة ديف وعن الخطة الفورية للشركة، ولكننا كنا نتناقش بصراحة حول معاناتنا الشخصية بعد فقدان ديف. كان من بين الحضور مستشارون نفسيون لتقديم المساعدة على تجاوز الأحزان. قلنا صراحةً أن من لم يجد في نفسه الرغبة في الاستمرار في العمل في ذلك اليوم يمكنه الذهاب إلى منزله.

لا يوجد دليل خاص يرشدك لما ينبغي فعله إذا ما توفي رئيسك التنفيذي بشكل مفاجئ وهو في السابعة والأربعين من العمر، بعد أن كان رجلاً محبوباً ومسؤولاً عن توظيف العديد من الأشخاص المجتمعين في تلك الغرفة. كان الكل في حالة صدمة وشعور بالضعف والحساسية المفرطة.

ومع ذلك، كان علينا مواصلة أعمال الشركة، مما تطلّب منّا الفصل بين الأمرين بعض الشيء. عقب وفاة ديف، كتبت زوجته شيريل من بين كتاباتها العديدة المستنيرة تقول: "إن القدرة على تحجيم أحزاننا هي أمر صحي كي نستطيع مواصلة العمل".

بالإضافة إلى أنني كنتُ عضواً في مجلس الإدارة، كنتُ أعمل بدوام كامل في مدينة لوس أنجلوس كنائب أول لرئيس شركة "جو برو" (GoPro) للتصوير، حيث أقوم بإدارة وحدة الترفيه. سألتني شركة سيرفاي مونكي إن كنت ُ على استعداد لتولي منصب الرئيس التنفيذي بشكل مؤقت ليكون لديّ هدفان رئيسان عليّ أن أحققهما وهما: قيادة عملية البحث عن شخص خليفة لديف في موقعه، ومساعدة الشركة على تنفيذ الخطة التي وضعها ديف سلفاً. طلبتُ من الرئيس التنفيذي لشركتي الإذن بتقسيم وقتي بين "جو برو" و"سيرفاي مونكي" في فصل الصيف، وقد أبدى تكرمه بالموافقة على طلبي. قلتُ للجميع أنني لستُ مرشحاً لأن أكون الرئيس التنفيذي بشكل دائم وتمسكتُ بما قلت. وفي شهر يوليو/تموز، وبعد بحث مكثف، قمنا بتعيين خليفة لديف.

ولكن، خلال بضعة أشهر، كان من الواضح أن استراتيجية الرئيس التنفيذي الجديد لم تكن متوافقة مع استراتيجية مجلس الإدارة. أدرك هو من جانبه أنه لم يكن مناسباً للمنصب فتطوع للتنحي، وطلب مجلس الإدارة مني النظر في إمكانية خلافته في المنصب. كان عليّ التفكير ملياً هذه المرة، فقد كان فريق شركة "جو برو" كريماً معي للغاية بعد وفاة ديف وشعرتُ بالولاء لهم. وخلال عملي في "جو برو"، قمتُ بتوظيف العديد من الأشخاص وكنتُ متحمساً لإدارتهم لكني رأيت في "سيرفاي مونكي" مرونة مذهلة، وكان استمرار نجاح الشركة مهماً للغاية بالنسبة لي لأنه كان جزءاً من إرث ديف. في الشهور التي تلت وفاته، اعتاد الموظفون على ارتداء قمصان تحمل شعار "اجعل ديف فخوراً"، وهو الشعار الذي يُلخّص شعوري أنا أيضاً. في شهر يناير/كانون الثاني 2016، توليت منصب الرئيس التنفيذي لسيرفاي مونكي.

العودة للهجوم

أول مرة سمعت فيها عن سيرفاي مونكي كانت في عام 2008. وقتها، كان ديف الذي عرفته لعقد من الزمان قد ترك وظيفته في شركة ياهو وكان ذلك خلال محادثاته مع صندوق أسهم خاص حول العثور على شركة يمكن أن يستثمر فيها ويديرها. أحاله المسؤولون في صندوق الأسهم هذا إلى شركة سيرفاي مونكي، التي كانت تعمل منذ 10 سنوات في مدينة بورتلاند بأقل من 10 موظفين وما زال مؤسسها آنذاك يديرها. قام ديف بالاستثمار في الشركة وأصبح رئيسها التنفيذي بعد ذلك وانتقل بها من بورتلاند إلى وادي السيليكون في ولاية كاليفورنيا. طلب مني ديف وقتها الانضمام إلى مجلس الإدارة، وقد فعلت لأشاهده يقفز بعائدات الشركة من 25 مليون دولار إلى 189 مليون دولار.

ونظراً لأني كنتُ عضواً بمجلس الإدارة لفترة طويلة، فإني لم أحصل على فترة شهر العسل النموذجية عند تقلدي المنصب كأي رئيس تنفيذي جديد. كانت الشركة تسير في مسار عظيم، ولكن بعد وفاة ديف لم يكن استمرار ذلك النجاح مضموناً. يظن الكثيرون أن وظيفة الرئيس التنفيذي تدور في الغالب حول التركيز على الاستراتيجية، لكنّي وعلى مدار عدة أشهر، قضيتُ الكثير من الوقت في مساعدة الموظفين على معالجة مشاعر الحزن والخوف والقلق. فكرتُ كثيراً أيضاً في كيفية الحفاظ على لُب ما ميّز قيادة ديف وأكسبها تلك الخصوصية بينما أؤسس لأسلوبي الخاص في القيادة.

كان التوقع السائد مني هو أن أبدأ في اتخاذ خطوات فورية ترتبط باستراتيجية العمل. أخبرتُ الناس أن الشركة بدت لي كأنها تتخذ وضعية دفاعية منذ وفاة ديف وهو أمر مفهوم، إلا أننا بحاجة للعودة إلى وضعية الهجوم حتى نتمكن من البقاء والمنافسة.

وهكذا وبسرعة كبيرة قررنا تغيير استراتيجيتنا إلى مجال عمل خلق الكثير من الاضطرابات وعانى من خسائر فادحة. قمنا بتسريح مائة شخص أي أكثر من %10 من قوة العمل لدينا. كان الأمر صعباً، لكنه أعاد الشركة للوقوف على أرض صلبة.

تعريف ثقافة الشركة

على الرغم من صحة هذه النقلة للشركة، إلا أنها مثّلت تغييراً كبيراً لفريق العمل. من جانبي، واصلتُ قضاء وقت يومي في دعم الموظفين عاطفياً والحفاظ على شفافية استراتيجيتنا. ولمّا كان موظّفونا موهوبين ولديهم العديد من الفرص، كان مهماً في بداية عام 2016 أن يبدو لهم العمل في سيرفاي مونكي مفيداً لمسارهم المهني ولنموهم الوظيفي.

كُنّا بحاجة لإيجاد طريقة لطي الصفحة. وبدأنا في تحديد ثقافة الشركة: من نحن وكيف ندعم بعضنا البعض. ولأننا شركة تكنولوجية تجعل إجراء الاستبيانات أمراً سهلاً، لم يكن مفاجئاً أن نرسل استبياناً لسؤال الموظفين عن رأيهم. كانت النتيجة الخروج بقائمة تضم خمس قيم للموظف هي: كن مسؤولاً، وثق في فريق العمل، واعط الأولوية لصحتك، واستمع إلى الزبائن، واحتفِ برحلة العمل. هذه كلها طموحات، ولكن كان من المهم أن تتوافق مع كيفية عمل الأشخاص سوياً وبشكل فعلي في سيرفاي مونكي. كان المطلوب هو أن تكون هذه القيم أكثر من مجرد شعارات نرسمها على جدران الشركة.

بتحقيق التوافق بين عملنا وقيمنا، بدأ الفريق في استعادة مكانته من جديد. قمنا بزيادة وتيرة عملية التوظيف لدينا، وتحديث خريطة الطريق الخاصة بمنتجاتنا. وبينما كنا ندرس تقديم حلول جديدة إلى السوق وإعادة تقديم أنفسنا كشركة، قررنا سؤال عملائنا عن أكثر ما يُقدّرونه في خدماتنا ومنتجاتنا وسؤال موظفينا عما يدفعهم ويثير حماستهم وهم قادمون إلى العمل كل يوم.

في هذه المحادثات، تكررت كلمة واحدة بشكل واضح وهي: "الفضول". الفضول هو ما دفع زبائننا للإجابة عن كل استبيان لمعرفة كيف يرانا الآخرون أيضاً. كذلك فإن كل ابتكار لأحد المنتجات التي قدمناها يرجع منشأه إلى بعض الأسئلة التي طرحها الموظفون أو جاء كنتيجة لاختلاف طريقة نظرنا إلى الأمور. بعد أن لاحظنا أن الفضول يقع في صميم كل عمل نقوم به، فقد جعلناه صيحة الاستنفار الجديدة للموظفين جميعاً في شركتنا. واليوم تتمثل رسالة شركة سيرفاي مونكي في "إثارة فضول الأفراد والمؤسسات لقياس الرأي وتطبيق المعايير في عملية القياس، والتصرف على أساس الآراء التي تدفع باتجاه النجاح".

في هذه المرحلة، ورغم تأسيس قيم للموظفين وتحديد الرسالة الجديدة للشركة، لم نرض بذلك فحسب وبدلاً من ذلك تعمّقنا أكثر. فقد كشفت استطلاعات رأي الزبائن والموظفين عن أن السلوكيات التي تحدد الفضول، مثل طرح الأسئلة الجيدة، والإصغاء بعمق، وانفتاح الذهن، وتقدير الخبرات الجديدة، وتحدي الوضع القائم، والبقاء في حالة وعي بأن لا أحد يملك كل الإجابات، كانت سائدة في أوساط أفضل الزبائن وأفضل الموظفين على حد سواء. بدأنا نفكر كيف يمكننا زيادة مستوى الفضول في إطار ثقافتنا لتقديم خدمة أفضل لزبائننا، فتعزيز هذه السمات لا يحدث بشكل تلقائي بل يجب العمل عليها بشكل حثيث.

الاحتفاء بالفضول

انتقلنا إلى مقر جديد للشركة في شهر ديسمبر/كانون الأول 2016، ما أتاح لنا فرصة للتقدم بقوة نحو زيادة الفضول. قمنا بتصميم المقر الجديد بدءاً من الكراسي إلى أسماء غرف الاجتماعات، اعتماداً على استبيانات الموظفين بشكل كلي تقريباً. كان هدفنا أن نجعل المساحة الجديدة مفتوحة وتعاونية لإطلاق الإبداع والابتكار.
بدأنا أيضاً تشجيع الفضول ومكافأته داخل الشركة، وكانت إحدى الطرق المساعدة على تحقيق ذلك هي إنشاء المنتديات الصحيحة للناس لكي يطرحوا أسئلة جيدة. على سبيل المثال، عقدنا اجتماعين في قاعات مجلس المدينة واحتفينا خلالهما بـ "أسئلة الأسبوع"، استجابة لما ورد في استبيانات الموظفين. أطلقنا برنامجاً لتقدير الزملاء من خلال مكافأة الموظفين الذين يتمتعون بالجرأة في التصريح بأفكارهم. وفي قنوات التواصل الخاصة بنا على منصة "سلاك"، يمكن أن تجد ملاحظات مصحوبة بإطراء مثل #سؤال جيد. كان هذا هو أحد أفضل المجاملات التي يمكن أن يحصل عليها المرء في سيرفاي مونكي.

ولتعزيز ثقافة الترحيب بطرح الأسئلة، يجب إظهار انفتاحنا على تلقي الأسئلة والإجابة عنها. أقوم بذلك خلال الاجتماعات المنتظمة التي لا تلتفت للمستوى الوظيفي مع أناس من مستوى أقل بدرجة واحدة من مستوى مرؤوسيّ المباشرين، وتكون هذه المحادثات مفتوحة ولكن ضمن حدود موضوع النقاش. كما أُظهر فضولي للفريق ككل كل شهر من خلال سلسلة حوارات المتحدث الذهبي (التي سميت باسم الرئيس التنفيذي الراحل ديف غولدبيرغ) وأدعو فيها قادة من مختلف القطاعات والخلفيات للتعرّف على نجاحاتهم، بدءاً من سيرينا ويليامز التي تحدثت حول ما يلزم للفوز إلى أندرو ويلسون الرئيس التنفيذي لشركة "إلكترونيك آرتس" (ElectronicArts) الذي تحدث عن بناء ثقافة تركز على الزبون. في هذه الاجتماعات، أحصل على توجيه وإرشاد آني من أشخاص يثيرون إعجابي في الوقت الذي أستعرض فيه للفريق لماذا يُعد طرح الأسئلة أمراً له قيمة.

مثل العديد من الشركات التكنولوجية، نرعى مسابقات "الهاكاثون" للبرمجة والتطوير التي يسهر فيها مهندسونا ومدراء منتجاتنا ومصممونا حتى أوقات متأخرة من الليل وهم يشربون الكثير من مشروب الطاقة "ريدبول"، لابتكار أفكار جديدة بشكل سريع في ظل بيئة تنافسية يمكن أن يحدث فيها أي شيء. ومؤخراً، قادتنا واحدة من تلك المسابقات بالإضافة إلى ميزة الفضول التي يتمتع بها فريقنا إلى إحداث نقلة هامة في أحد منتجاتنا. فبرمجياتنا تعمل على تسهيل إنشاء استبيان لأي شخص، لكن الاستبيانات يمكن تطويرها بمساعدة أشخاص لديهم خبرة عميقة في علم المنهج. على سبيل المثال، إذا تطلبت الأسئلة الثلاثة الأولى في استبيانك إجابات مفتوحة (بعكس الأسئلة ذات الاختيارات المتعددة)، أو إذا كان في استبيانك 75 سؤالاً، فإن العديد من الأشخاص سيخفقون في إكماله لأنه سيبدو أطول من اللازم. في مسابقة الهاكاثون، أنشأت إحدى الفرق خاصية أطلقت عليها "عبقري سيرفاي مونكي" لمساعدة الناس على تجنب هذه الأخطاء في تصميم الاستبيانات. تستخدم الخاصية تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتقييم الاستبيانات التي ينشئها هؤلاء الأشخاص وتمدهم بتوجيهات وإرشادات من خبراء حول كيفية تغيير التنسيق والهيكلية الخاصة بالاستبيان للحصول على نتائج أفضل.

أعتقد أن تنوع الناس يؤدي إلى ظهور أفكار أفضل كما يؤدي إلى مزيد من الفضول. يضم مجلس المدراء في الشركة خمس سيدات وخمسة رجال، بينما يضم أعضاء فريق الإدارة العليا خمس سيدات من إجمالي أحد عشر عضواً. تُمثل النساء قرابة نصف الشركة بما فيها منصب كبير مسئولي التكنولوجيا والكثير من مهندسينا.

في بعض الأحيان يقودك سؤال الناس عما يهمهم، وهذا هو لُب الفضول، إلى الحصول على إجابات غير متوقعة. شاهدنا مؤخراً مثالاً على ذلك، فشركتنا تنفق ملايين الدولارات سنوياً على المزايا التي يحصل عليها الموظفون. وللتأكد من توافق الإنفاق مع ما يعتبره الموظفون قيمةً بالنسبة لهم، نجري استبيانات حول الفوائد التي تهم غالبيتهم. في أحد هذه الاستبيانات، ظهر موضوع مثير للاهتمام، فمثل غالبية الشركات الأخرى لدينا متعهدون وبائعون، بما فيهم أناس يقومون بتنظيف مكاتبنا وآخرون يُعدون لنا طعاماً شهياً في ساحة تناول الطعام. نرى هؤلاء كل يوم لكنهم ليسوا موظفين رسميين. وقد أعرب بعض موظفينا عن قلقهم بشأن هؤلاء الأعضاء في الفريق لأنهم لم يحصلوا على مزايا مثلهم. بدأنا العمل مع الشركات التي توظفهم لجعل حزم المزايا التي يحصلون عليها أكثر قرباً من حزم مزايانا. لم يكن من الممكن أن نشارك في هذه المسألة دون فضول الموظفين وانشغالهم بها.

شركة عامة

موضوع آخر شعر فريقنا بالفضول نحوه كذلك هو ما إذا كنا سنصبح شركة عامة. ناقشت مع فريق الإدارة هذا الأمر أيضاً، وشعرنا أنه سيوفر فرصة كبيرة لتسليط الضوء على علامتنا التجارية، وعرض محفظة منتجاتنا بالكامل على جمهور أوسع، ودفع النمو قدماً. في سبتمبر/أيلول 2018، أي بعد ما يقرب من عشرين سنة من تأسيس الشركة، أصبحت شركة سيرفاي مونكي شركة مساهمة عامة. بالنسبة لجميع الأشخاص المشتركين في هذا الأمر، فإن العملية كانت بمثابة تذكير بمدى القوة التي يمكن أن يصل إليها الفضول. كتبنا 250 صفحة لشرح كل شيء يمكن معرفته عن الشركة وحاولنا الإجابة عن أي سؤال يمكن أن يخطر ببال المستثمر ويكون لديه الفضول للحصول على إجابته.

عندما تسعى وراء طرح أولي لشركتك للاكتتاب العام في البورصة، فإنك تضع عرضاً تقديمياً تقص فيه قصتك وتقدمه تقريباً 75 مرة على مدار أسبوعين. مع التكرار، يتحسن مستواك في توصيل المغزى من العرض، لكن السحر الحقيقي يحدث بعد ذلك عندما يطرح الأشخاص الأذكياء أسئلتهم. بالنسبة لي، فإن هذه العروض كانت فرصة لمعرفة آمال المستثمرين في شركتنا والنقاط التي تثير قلقهم بشأنها، كما كانت فرصة لمعرفة المخاطر التي يرونها ولا نراها والتعرف على الفرص التي أبدوا فضولهم بالسؤال عنها. باعتباري مصرفي سابق، أدرك أن الشركات تلعب دوراً في تحديد نوع المستثمرين الذين يمتلكون أسهمها. كما قال جورج سيرافيم، أستاذ الأعمال بجامعة هارفارد: "ستحصل على المستثمرين الذين تستحقهم".

لديّ ثلاثة أطفال صغار. يتعلم الآباء الجدد الكثير عن قوة الفضول ومن المحتمل أن يكون البشر في أقصى درجات فضولهم عندما يكونوا صغاراً، وذلك لأنهم يتوقون إلى التعلم ويفتقرون إلى الموانع والضغوط الاجتماعية التي تظهر مع مرور الوقت. في الآونة الأخيرة، أدلى كبير مسئولي الأبحاث بشركتنا بحديث في "تيد إكس" حول كيف يمكن للفضول أن يصبح قوتك العظمى. وكي تصبح فضولياً يحتاج ذلك لوقت، ويمكن نقل تعلم الفضول إلى أسفل قائمة أولوياتك عندما تكثر مشاغل الحياة، لكننا نعتقد أن الفضول يساعد الموظفين على الانخراط بشكل أعمق في عملهم، كما يساعدهم على خلق أفكار جديدة ومشاركة هذه الأفكار مع الآخرين.

يحتاج القادة إلى إيجاد طرق لمساعدة الموظفين على إظهار فضولهم. نريد أن يسأل الناس أسئلة كبيرة ونريد الاحتفاء بهم عندما يفعلون ذلك. نريد منهم التفكير في التجارب التي لم تتم من قبل. إذا لم يُخفق الناس، فهذا يعني أنهم لا يسألون أسئلة صعبة بالدرجة الكافية أو أنهم لا يخوضون مخاطر كبيرة بالدرجة الكافية. ويمكن للفضول أن يكون مثل العضلة التي تتآكل قوتها إذا لم تُستخدم في كثير من الأحيان. وعندما ينحسر الفضول، يسقط الناس في الروتين والرضا عن النفس، وهو ما يُعرّض الشركة إلى الزعزعة. ولمنع حدوث ذلك، ينبغي على المدراء التركيز باستمرار على أهمية الفضول ومكافأة الناس على تطويره لديهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي