كيفية الدفاع عن الشركة الجيدة من المستثمرين السيئين؟

5 دقائق
41957806 - new strategy and independent thinker symbol and new innovative thinking leadership concept or individuality as a group of people climbing ladders in confusing directions with one team of employees in a red balloon going up in a clear direction.

عندما بدأت شركتا "فاليانت" للمواد الصيدلانية (Valeant Pharmaceuticals) و"بيرشينغ سكوير كابيتال مانجمنت" (Pershing Square Capital Managemen) في أبريل/نيسان 2014 عرض الاستحواذ العدائي على شركة "أليرغان" (Allergan)، كان مضى 17 عاماً على تولي ديفيد بيوت (David Pyott) منصب الرئيس التنفيذي لشركة "أليرغان"، وكان ممثل الشركة الوحيد خلال مناقشات الاستحواذ. وحينما بات من الواضح عدم إمكانية تجاهل أو صد محاولة الاستحواذ، قام بيوت، بمباركة من مجلس إدارته، بالتفاوض على صفقة تستحوذ بموجبها "أكتافيس" (Actavis) على "أليرغان" على اعتبار أن "أكتافيس" تملك نموذج أعمال موجه نحو النمو، تماماً مثل "أليرغان".

هارفارد بزنس ريفيو: هلّا وصفت لنا مسار "أليرغان" في السنوات التي سبقت عرض الاستحواذ؟

بيوت: لقد حققنا نمواً كبيراً منذ عام 1998، وهو العام الذي تولّيت فيه منصب الرئيس التنفيذي الثالث لشركة "أليرغان" والأول من خارج طاقم المؤسسة. وعملنا خلال تلك السنوات على إعادة هيكلة الشركة مرتين: الأولى عندما توليت المنصب، والثانية بعد 10 سنوات تحديداً خلال فترة الكساد الاقتصادي. إذ أعطتنا عمليات إعادة الهيكلة هذه بعض القوة وقد استفدنا منها في التعافي من مرحلة الكساد الاقتصادي. وكنا نخبر المستثمرين أنه علينا توقع النمو المضاعف في الإيرادات بعد الركود ونسبة أرباح تتراوح بين 10 و20% للسهم الواحد.

يعني هذا أن علاقة الشركة مع مستثمريها ممتازة؟

إنها كذلك بالفعل. كما أفخر بالقول إننا نحقق ما نقوله في كل عام وذلك على مدار الأعوام الـ17 المنصرمة. حيث نلنا جوائز عديدة من مجلات شؤون المستثمرين. ونحن قطعاً لا ندير أنشطتنا التجارية سعياً للحصول على جوائز، لكن من الجميل تقدير العمل المميز.

تحدّث جوزيف باور ولين باين في مقالهما عن مقدار الضغوط التي تعانيها الشركات من المستثمرين الراغبين في الحصول على عوائد أعلى في المدى القصير. كنت قادراً على مواجهة تلك الضغوط حتى ظهر عرض "فاليانت" في الصورة. كيف قمت بذلك؟

يتشابه المستثمرون في الشركات التي تقدم عروض الاستحواذ والشركات المستحوذ عليها. كما يتشابهون مع أي مجموعة مستثمرين أُخرى. عليك دائماً الاستماع إلى ما يقولونه والإجابة عنه كلما كنت قادراً. وتذكر أن الأسئلة ستكون دائمة، وفي حال قالوا: "لكننا نريد المزيد"، عليك الاستعداد للإجابة قائلاً: "هذا ما يمكننا تقديمه. وإذا شعرت أن هناك أماكن أفضل لاستثمار أموالك فيها، فعليك التوجه إليها". لا أدري إن كان هذا أمراً جيداً أم سيئاً، لكنني من الشخصيات العنيدة.

اسمح لي بطرح سؤال ساذج: كانت "أليرغان" في موقف قوي، لم حاولت شركتا "فاليانت" و"بيرشينغ سكوير" الاستحواذ عليكم وإضعافكم؟ أفهم أنهما سيجنيان مالاً كثيراً، لكن ألن يكون تعزيز النمو على المدى الطويل أفضل؟

هناك نماذج أعمال مختلفة. بالنسبة لشركة "فاليانت"، يكون تطورها عبر الاستحواذ والاندماج مع شركات أخرى، ولا تريد التطور بشكل طبيعي مع الوقت. حيث يحب مايك بيرسون الرئيس التنفيذي لشركة "فاليانت" أصولنا، ويسعى دائماً لإيجاد شركات للاستحواذ عليها لكي يلبي نموذج عمل شركته. فإذا لم يواصل شراء شركات، فسيرى الناس أنه كان يشتري تلك الشركات فقط لتجريدها من أصولها وسيكون ذلك سيئاً حقاً.

وفي هذا السياق، لم يكن بيرسون قادراً على الاستحواذ على شركتنا وحده، نظراً لضعف ملاءته المالية، بالتالي جلب شركتي "أكمان" و"بيرشينغ سكوير" التي كانت تملك 9.7% من أسهمنا دون علمنا لمساعدته في عرض الاستحواذ. وتمثلت نيته في زيادة نسبة نجاح عملية الاستحواذ ضدنا انطلاقاً من مبدأ الكثرة تغلب الشجاعة. بمعنى آخر، عندما يكون حجم صناديق التحوط والمضاربين أكبر مما يمكنك مواجهته، ستفقد سيطرتك على شركتك.

لكن ما زلت أعتقد أن لدينا وجهة نظر قوية، وآمل أن أتمكن من الحصول على مساهمين يودّون شراء أسهمنا لرغبتهم في استثمار طويل الأجل، وهو ما سيخفف من نسبة الأسهم التي تملكها صناديق التحوط تلك. لكن لا وجود لأي جهة تقريباً تريد مواجهة ذاك التحالف لأسباب مختلفة منها ما كان وجيهاً. إذ شكّل ما سبق درساً قيّماً لي.

لا بد أن ذلك كان مخيباً للآمال؟

كان كذلك بالفعل. هناك الكثيرون ممن يقولون لي حالياً: "نفتقد أليرغان القديمة. لم نعد نجد أسهماً عالية النمو وذات ابتكار مرتفع بسهولة". يكون ردي فقط: "أتفق معكم بشدة".

أما الأمر الآخر الذي فاجأني وخيّب أملي، فكان عدم قدرتي على جلب أناس يؤيدون ما كنا نقوم به. بمعنى آخر، من يفهمون لماذا لم نقبل العطاء الذي قلل من قيمة شركتنا إلى حد كبير. كما أننا لم نتواصل مع الصحافة كفاية. وكان هناك الكثير ممن يناصروننا، لكن لم يكن مدراؤهم كذلك. وفي نفس الوقت، لم تكن الصحافة تعرف شركتنا جيداً، بينما كانت تعرف الكثير عن الشركات التي تريد الاستحواذ علينا. وبالتالي كانت التغطية أحادية الجانب وتميل لصالح تلك الشركات أكثر مما تميل لصالحنا.

هل سيكون المستثمرون الناشطون الاتجاه الذي سيعتمده السوق في نهاية المطاف؟

دفعت حملات الناشطين وحملات الاستحواذ العدائية إلى انخفاض أسعار الفائدة بشكل غير عادي، واستعداد البنوك لقبول نسب قروض عالية جداً. كما عاد اهتمام المستثمرين مؤخراً إلى امتلاك إدارات تعمل وفق أنظمة الإدارة القديمة، لكنني أعتقد أن أنماط الاستثمار تتغير مع مرور الوقت، حيث تأتي جديدة وأُخرى تختفي. ولم أكن أرى ذلك عندما كنت في كلية إدارة الأعمال.

هل تتفق مع باور وباين في أن المجالس والرؤساء التنفيذيين بحاجة إلى تقليل التركيز على إنماء ثروة المساهمين وزيادة التركيز على رفاه الشركة؟

لننظر إلى ذلك من وجهة نظر مجتمعية، إذ جاءت أغلب الاضطرابات التي شهدناها خلال العام الماضي من فكرة استفادة الأثرياء والنافذين من التغييرات التي تحدث في المجتمع بنسبة أكبر من البقية. وهناك الكثير من الشركات التي تظن أن عليها جعل نفسها أكثر ودية، ليس فقط للمساهمين، بل حتى لموظفيها والمجتمع. كما هناك هدف أوسع يتجاوز مجرد جني الأموال وهو تحقيق أرباح، وخلق ثقافة شركة قوية في الوقت نفسه.

ولا أعتقد مطلقاً وجود خلاف بين الأداء القوي وامتلاك الغاية، إذ تؤكد لي تجربتي أنه لكي يكون أداء الشركة مرتفعاً حقاً، عليه امتلاك غاية. وربما يهتم الموظفون بالمال إلى حد ما، لكنهم يريدون أن يؤمنوا بأهمية عملهم في تحسين حياة الناس. ووجدت أيضاً أن الموظفين يستجيبون بشكل إيجابي للغاية عندما تلتزم الإدارة بالسلوك الاجتماعي المسؤول. لقد اعتدت المزاح مع الموظفين حول توفير المياه والطاقة وإعادة التدوير قائلاً: "اسمعوا، أنا اسكتلندي، وأسكتلندا مشهورة بالبخل. بالتالي لا أحب النفايات، والتقليل منها سيوفر المال للشركة". لقد حفّز ذلك الموظفين جداً.

هل وصلت إلى هذه الأفكار عندما كنتم تمرّون بمحاولة الاستحواذ؟

إطلاقاً. بل كان ذلك قبل فترة طويلة. حتى إنني تركت رئيسنا دوغ إنغرام (Doug Ingram) يدير العمليات اليومية للشركة ذلك العام. وفي نفس الوقت، حققنا فيه نمواً وصل إلى 17% أي أكثر من مليار دولار، وكانت أفضل سنة تشغيلية في تاريخ الشركة البالغة 62 عاماً. وأتذكر قدوم قائد فريق البحث والتطوير إلي في موقف السيارات وسؤالي: "هل أنت بخير؟ هل هناك ما يمكنني القيام به؟"، أجبته حينها: "قم بعملك على أفضل وجه، ولا تتشتت بالهراء المكتوب في وسائل الإعلام". لقد تفوق موظفونا في كل الأقسام على أنفسهم لأنهم كانوا يؤمنون بالشركة.

ما التغييرات التي تود لو تطرأ على القواعد والأنظمة الحكومية والتي من شأنها تحسين النتائج للجميع؟

أرى أنّ أفضل إصلاح هو تغيير معدلات الضرائب. إذ تُعتبر نسبة 35% مرتفعة وباهظة في الولايات المتحدة مقارنة بباقي الدول. فلو تمكنا من جعلها 20%، سنُدهش بكمّ الاستثمار ومعدلات فرص العمل التي ستحدث بسبب ذلك. إذ تعني الضرائب المرتفعة أننا سنكون عرضة لعمليات الاستحواذ نظراً إلى أن تلك العمليات تقدم إعفاءات ضريبية كبيرة. حيث كنا ندفع 26% كضرائب في حين كانت تدفع "فاليانت" التي مقرها كندا 3%. وأعتقد أيضاً أنه إذا تمكنا من تغيير القوانين الضريبية على أرباح رأس المال، فيمكننا تحفيز الناس للاحتفاظ بالأسهم لفترة أطول.

لننتقل لموضوع مختلف: إذا أرادت شركة ما إعادة توجيه نفسها نحو النمو طويل المدى، ما الذي عليها فعله؟

أعتقد أنه من الصعب على الرئيس التنفيذي تغيير طريقة تفكيره. ربما يكون البعض قادراً على ذلك، لكن ليس الكل. بالتالي، أنت بحاجة إلى قائد جديد في معظم الحالات، وعلى مجلس الإدارة الاقتناع بذلك حقاً لأنه عندما تغيّر استراتيجيتك، تتغير نتائجك. كما أن عليك توضيح ذلك للجميع، كقولك مثلاً: "خلال السنوات الثلاث المقبلة، لن نقدّم عائداً على الأسهم مقداره 10%، بل سيكون 5% مع استثمار الباقي في أبحاث مستقبلية ربما لا تعطي نتائجها خلال 3 سنوات، بالتالي عليكم أن تكونوا صبورين". ويجب أن تكون واضحاً جداً حول الموضوع.

ثم سيرى الجميع، من مجلس الإدارة إلى المستثمرين مروراً بتقنيي المختبرات ومندوبي المبيعات، إن كنت جاداً. علماً أن الأمر يحتاج إلى الكثير من الثبات والعزم. إذ لا يُعتبر مستحيلاً، لكنه سيكون صعباً للغاية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي